نقل عبدالحليم خدام الملف السوري – اللبناني إلى مرحلة جديدة.. وأسند تعقيداً حين أعلن استقالته من منصبه كنائب للرئيس السوري أثناء مقابلة مع قناة العربية الفضائية مساء أمس الجمعة.
وقال خدام «تشكلت لدي القناعة ان عملية التطوير والاصلاح سواء كان سياسيا او اقتصاديا او اداريا لن تسير».
واضاف «فقررت الاستقالة وراجعت نفسي ووضعت نفسي امام احد خيارين فاما ان اكون مع الوطن واما مع النظام، واخترت الوطن لانه الحقيقة الثابتة والنظام حالة عارضة في تاريخ البلاد كغيره من الانظمة».
وقال خدام ان رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري تلقى «تهديدات» من سوريا، ومن الرئيس بشار الاسد.
وقال خدام «اسمع الحريري كلاما قاسيا جدا، اسمع كلاما قاسيا جدا جدا جدا من قبل الرئيس بشار الاسد».
واوضح ان ذلك تم قبل التمديد للرئيس اللبناني اميل لحود «باشهر». وتم التمديد في ايلول/سبتمبر 2004.
وردا على سؤال لتحديد مدى قساوة التهديدات قال «القساوة تكمن» في ان بشار الاسد قال للحريري «سأسحق من يحاول ان يخرج عن قرارنا، لا اذكر الكلمات بالضبط، لكن الكلام كان بمنتهى القسوة، خرج الرئيس الحريري (من مقابلة الاسد)، ارتفع ضغطه وبدأ معه نزيف في الانف، اخذه غازي كنعان الى مكتبه وحاول ان يهدىء الموضوع».
وقال خدام «في احدى المرات استدعي (الحريري) الى دمشق وهذا الكلام سمعته مباشرة من ثلاثة مصادر من الرئيس الاسد ومن الحريري ومن غازي كنعان (وزير الداخلية السوري السابق)».
واضاف خدام انه لام الاسد على توجيه «هذا الكلام بحضور ضباط صغار، عندئذ ادرك ان هناك خطأ جرى، وطلب الي الاتصال بالرئيس الحريري ولقاءه وازالة الوزمة التي تركت لدى الرئيس الحريري».
وكان خدام قال ردا على سؤال حول توجيه تهديدات للحريري، «نعم جرى توجيه تهديدات للحريري».
وعلى سؤال حول اذا كانت هذه التهديدات «بالقتل»، قال خدام: «يعني عندما يقول رئيس جهاز الامن لزواره وهو يلعب بمسدس سأعمل وأترك، هناك تهديدات كثيرة، سواء في دمشق او في (مكان آخر)».
وعلى سؤال حول ان كان رئيس الجهاز المعني هو رستم غزالي، رئيس جهاز الامن والاستطلاع في لبنان سابقا، قال خدام: نعم.
وحمل غزالي مسؤولية الاوضاع التي سبقت الانسحاب السوري في لبنان.
وقال خدام ان «رستم غزالي تصرف وكأنه الحاكم المطلق في لبنان»، موضحا انه «شتم في احدى المرات بما علمت الرئيس (رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق) الحريري وشتم نبيه بري وشتم وليد جنبلاط».
واوضح انه حاول اقناع الرئيس السوري بتعيين مسؤول آخر في مكان غزالي الذي اتهمه بالفساد لكن الاسد لم يفعل لا بل انه وسع مهامه.
وقال خدام انه ابلغ الاسد عن اهانة غزالي للمسؤولين اللبنانيين وانه «اخذ من بنك المدينة 35 مليون دولار»، مشيرا الى المصرف اللبناني الذي اعلن افلاسه ووجه مسؤولون لبنانيون اتهامات بأن اموالاً من هذا المصرف استخدمت في تمويل اغتيال الحريري.
من جهة اخرى، قال خدام انه يرجح انتحار كنعان. موضحا ان «الوضع اللبناني انعكس عليه (…) وحملوه مسؤولية التراكمات في الوضع اللبناني».
في حديثه ل«العربية» واتهم نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام في حديث لقناة العربية الفضائية الرئيس بشار الاسد بالانفراد بالسلطة وعدم السعي لتحقيق اصلاحات مؤكدا انه استقال لاقتناعه بان عملية التطوير والاصلاح سياسيا واداريا لن تسير.
وقال خدام بعد حديث عن الوضع في سوريا «تشكلت لدي قناعة ان عملية التطوير والاصلاح سياسيا واداريا لن تسير وقررت الاستقالة».
واضاف «راجعت نفسي (…) ووجدت انفرادا في السلطة وتمركزا في السلطة كبيرا بشكل غابت فيه المؤسسات الدستورية تماما وقيادة الحزب وقيادة المنظمات الشعبية واصبح دورها تغطية القرارات التي تصدر عن الرئيس».
واكد ردا على سؤال انه يعني «بالانفراد بالسلطة الرئيس السوري».
الا ان خدام اوضح انه يقيم حاليا في باريس لكتابة مذكراته بهدوء. وقال ردا على سؤال «لم اتعرض لاساءة او لتهديد وخرجت وعلاقاتي مع (الرئيس بشار الاسد) حسنة وودية، الخلاف في وجهات النظر لا يغير شيئا».
وقال خدام «قبل مغادرتي بيومين استقبلني وكان الحديث وديا وشاملا وبالتالي هناك اختلاف في وجهات النظر ولكن احتراما متبادلا».
واضاف «لست مبتعدا ولست مبعدا جئت الى باريس ليتسنى لي كتابة مرحلة هامة من تاريخ سوريا والمنطقة».
واتهم خدام القيادة السورية بانه ليست لديها سياسة. وقال انه قدم الى القيادة السورية «مجموعة من المقترحات» يمكن ان تشكل «استراتيجية لسوريا».
وقال «اعتقد ان الرئيس بشار الاسد لو تبنى هذه الاستراتيجية لما وقعت سوريا في هذه الحقول من الالغام ولما واجهنا الصعوبات الخارجية والداخلية لان المشكلة الكبرى هي ان الدولة عندما لا تكون لها سياسة تكون سائرة في طريق مليء بالالغام وفي ظلام دامس».
وقال خدام ان التقرير الذي اعده رئيس اللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري «جيد».
وقال خدام ان رئيس اللجنة قاضي التحقيق الالماني ديتليف ميليس «قاض مهني ومعروف وتقريره جيد (…) وتجنب تسييس التحقيق مع ان الجريمة سياسية»، مؤكدا ان «لديه ثقة باللجنة وكل الاطراف في لبنان لها ثقة باللجنة وما يصدر عنها».
ورأى خدام ان «من سيس التحقيق هم المشتبه بهم».
وكان ميليس اصدر تقريرين بعد تحقيقات استمرت حوالي ستة اشهر في اغتيال الحريري اشارا الى احتمال تورط مسوؤلين امنيين سوريين في العملية،ورأت دمشق ان التقريرين مسيسان.
وقال خدام ان «التقرير فني يعني انه اعطى خلاصة ما لديه وهو لا يستطيع ان يعطي ما لديه لان ذلك يضر بسلامة التحقيق».
من جهة اخرى، رأى خدام ان عملية اغتيال الحريري «كبيرة ووراءها جهاز ما (…) وتتطلب تقنية عالية وجهازاً عاملاً للرقابة لا يقل عن عشرين شخصا».
واضاف ان «طرح فرضية احمد ابو عدس (الذي تبنى الاغتيال في شريط تلفزيوني) غباء»، مشيرا الى ان «العملية تطلبت الف كيلوغرام ولا يستطيع ابو عدس ان يأتي بهذا النوع من المتفجرات (…) لا اعتقد ان يكون هناك عاقل يقبل ان يقال ان ابو عدس وراء الجريمة».
الا ان خدام رفض ان يتهم جهة محددة، مؤكدا ان «هناك لجنة تحقيق، انا شخصيا لي ثقة فيها. عندئذ نستطيع القول ان هذا الجهاز او ذاك (…) هذه العملية لا يستطيع القيام بها الا جهاز قوي ويتمتع بامكانيات كبيرة».
من جهة اخرى، وردا على سؤال عن احتمال تورط جهاز امني سوري في اغتيال الحريري، اكد خدام «علينا ان ننتظر التحقيق».
واضاف «لكن من حيث المبدأ لا يستطيع اي جهاز امني او غير امني في الدولة السورية ان يتخذ مثل هذا القرار وحيدا».
واشار الى ان «الرئيس السوري نفسه نفى في مقابلة مع صحيفة «دير شبيغل» التهمة عن سوريا وقال انه اذا كان هناك سوريون متورطون، هذا يعني انا متورط».
وكرر خدام ان «تورط جهاز امني منفردا امر غير ممكن وهل هناك جهاز امني متورط، هذا الامر يحدده التحقيق».