أدلى السيد عبد الحليم خدام بالتصريح التالي
كشفت عملية تحليق الطيران الإسرائيلي فوق قصر الرئاسة في اللاذقية والتي سبقها عشرات العمليات المماثلة في أوقات ومناطق مختلفة في سوريا ومنها قصف عين الصاحب بالقرب من دمشق منذ بضع سنوات كشفت الخلل الكبير في بنية النظام في سوريا كما كشفت الوضع الذي آلت إليه أحوال البلاد
أن المسؤولية الوطنية توجب على كل السوريين التساؤل عن الأسباب في حالة التردي والضعف واستباحة الأجواء السورية والاستهانة بكرامتها وعن الأسباب في نجاح لبنان الشقيق في تحرير جنوبه وعجز النظام في سوريا في استعادة الجولان المحتل وحماية أجوائه
إن الشعور بالمسؤولية الوطنية يدفعني إلى وضع الحقائق والوقائع التالية
1 – أن الانفراد بالسلطة وإلغاء دور الشعب ومصادرة الحريات العامة والفردية واستخدام القمع والتصفية بالقتل أو الاعتقال وعدم وجود مؤسسات ديمقراطية تحاسب المسؤول أدى إلى انهيار مفهوم الدولة ليحل محله مفهوم السلطة المستبدة ومع استمرا الاستبداد والقمع والفساد ضعفت سوريا وتصدعت وحدتها الوطنية
أن غياب الديموقراطية وغياب القدرة على محاسبة السلطة ومراقبتها وتغيرها كان السبب الرئيسي لحالة العجز والمعاناة التي تعيشها سوريا
وعندما يبقى صاحب القرار خارج المحاسبة ليس هناك حدود لأخطائه وأضراره في الوطن
2 – إن استبدال مفهوم الدولة بمفهوم السلطة شكل انعطافاً خطيراً في تاريخ سوريا الحديث وافرز أزمات حادة سياسية واقتصادية وأخلاقية في البلاد
إن انصراف أهل السلطة لضمان مصالحهم على حساب مصالح الوطن كان له دور كبير في الأزمات التي تعانيها سوريا والتي أدت إلى تراجع في النمو والتقدم وانخفاض في مستوى المعيشة وعجزً في توفير متطلبات الدفاع الوطني
المشكلة الكبرى التي تعاني منها سوريا أن سلطتها تفتقد الإحساس الوطني وتتبع سياسات أرهقت البلاد وأضعفت قدرتها على حماية نفسها والدفاع عن حقوقها
3 – ومن الأخطاء الكبرى التي تم ارتكابها بسبب الانفراد بالسلطة وتغيب دور الشعب القرار الخطير الذي اتخذ بعد الثامن من آذار والذي قضى بتحويل الجيش من جيش الوطن إلى جيش السلطة تحت عنوان الجيش العقائدي
لقد أدى هذا القرار إلى تحويل بنية الجيش سواء من حيث بنيته العسكرية أو الثقافية وتم استبدال الولاء للوطن بالولاء للنظام وبعد ذلك تم استبدال الولاء للنظام بالولاء للرئيس
لقد ظهرت نتائج ذلك القرار الخطيرة في هزيمة حزيران 1967 وفي حرب تشرين عام 1973 والتي وقعت خلالها أخطاء ووقائع عسكرية تمت تغطيتها بحملة إعلانية تعلن النصر في حرب لم يجرؤ احد على تقيمها عسكرياً وسياسياً
لقد تم تثقيف القوات المسلحة بالولاء لرئيس النظام مما أدى إلى إضعاف الإحساس بالخطر على الوطن ونمى الإحساس بالخوف من الرئيس بسبب تقرير أو وشاية يكتبها مخبر
والى جانب كل ذلك فقد أهملت السلطة مسألة تطوير القوات المسلحة وتأهيلها وتسليحها مما وضعها في موقع صعب وركزت اهتمامها على فرق الحراسة والأجهزة الأمنية وأهملت بقية الوحدات العسكرية ، كما أن كسر قواعد الانضباط العسكري أنتج حالة من التسيب في القوات المسلحة
في جميع دول العالم يبقى الجيش خارج إطار الو لاءات السياسية لأن ولاءه للوطن مما يحفظ للدولة قدرتها على حماية الوطن والمصالح الوطنية
4 – يتسأل الكثيرون عن أسباب نجاح المقاومة في لبنان بتحرير الجنوب واستمرار احتلال الجولان وعدم القدرة بحماية أجواء البلاد والجواب بسيط وهو
أن الحرية التي يتمتع بها اللبنانيون أعطتهم القدرة على دعم المقاومة وتحمل أعباء العمليات العسكرية الإسرائيلية
إن مشكلة الجولان ليست في اهتمام الأسرة الحاكمة وليست بين أولوياتها لأنها تفتقد الشعور بالمسؤولية الوطنية كما تفتقد الإحساس بالخطر الذي يهدد الوطن لان الوطن بالنسبة لها مجموع من المصالح يوفرها لها الفساد والقمع
5 – ستبقى سوريا مهددة في أرضها وكرامتها وأمنها طالما أن نظام الاستبدادي غافل عن الحقائق غير مدرك لمسؤولياته الوطنية لأنه يفتقد الشعور بالانتماء الوطني فالوطن في مفهوم السلطة الحاكمة مزرعة وهنالك فرق كبير بين الشعور بالانتماء للوطن والشعور بامتلاك المزرعة
أن الشعب السوري بكل فئاته وقواه السياسية والاجتماعية والثقافية يقف الآن أمام مرحلة تتطلب من جميع السوريين حفاظا على وطنهم ومستقبل بلادهم
أن يعززوا وحدتهم الوطنية وان يكافحوا لتغيير هذا النظام المستبد والفاسد وبناء نظام ديمقراطي يمكنهم من معالجة الأزمات التي أنتجها نظام الاستبداد والانطلاق نحو تحقيق أهدافهم الوطنية