خدام: نهدف إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة بغض النظر عن الدين أوالطائفة أو الجنس.
سلسلة “حوارات المعارضة السورية” – حوار مع نائب الرئيس السوري السابق الأستاذ عبد الحليم خدام
تحديت بشار الأسد أن يقدم إلى الرأي العام ملفاً واحداً يتعلق بفساد لي أو لأحد أولادي.
ليس لدي أي اعتراض على أن يتقدم أي مواطن سوري إلى القضاء بعد تحرير سورية بادعاء ضدي.
للجبهة امتداداً جيداً بين قياديين علويين في الداخل، ولكن لانعمل على كشف الأسماء، حتى لا يتعرضوا لأضرار كبيرة.
ليس للجبهة عمق طائفي، ولن يكون لها ذلك. وهي تعتبر الوحدة الوطنية قضية رئيسية في تحرير سورية.
السبب الرئيسي {للأزمة اللبنانية} يأتي من خارج لبنان، من التحالف القائم بين نظامي الحكم في سورية وإيران.
التفاصيل
إذا سمحت لنا أن نتحدث عنك قليلا. فقد كنت في السلطة لسنوات طويلة، وهناك البعض ممن يتهمك بأنك كشفت فساد آل الأسد ومخلوف ونسيت نفسك وأولادك، وهذه الثروة التي تعيشون بها؟
أتمنى أن تتعرف على هذا البعض، فتدرك أن حملته جزء من حملة النظام علي بعد إعلان موقفي في أواخر عام 2005.
تحديت بشار الأسد أن يقدم إلى الرأي العام ملفاً واحداً يتعلق بفساد لي أو لأحد أولادي أو احد أقربائي صلة به، ولو كان الأمر كما يزعم هذا البعض، فلينشروا مالديهم من ملفات. أما نشر الإشاعات والتهويش فهو يدل على خلفية مطلقيها.
طالبت بشار الأسد بالموافقة على تشكيل لجنة للتحقيق في قضايا الفساد برئاسة رئيس محكمة النقض في مصر، وأمين عام اتحاد المحامين العرب، ونقيب محامين مصر، وعضو من لجنة مكافحة الفساد في الأمم المتحدة.
ليس لأي ولد من أولادي نشاط له صلة بالدولة وبمؤسساتها، ومعظم نشاطاتهم خارج سورية. أصغرهم، دخل سوق العمل منذ أكثر من عشرين عاماً. أضف إلى ذلك، فإن وضعي المالي كان جيداً قبل السلطة. فقد مارست المحاماة فترة طويلة، بالإضافة إلى ماورثته من والدي وماورثته زوجتي. أتحدى أي كان، أن يتقدم بملف فيه إساءة لي أو لأحد أبنائي.
عند انسحابك من السلطة، بادر الكثير من المحسوبين على النظام ومن بينهم نواب في مجلس الشعب إلى توجيه الاتهامات لك بدفن مخلفات نووية في البادية، وبيع الجيش لحوم فاسدة، كيف ترى هذه الاتهامات؟
أنت تعلم أن خروجي من النظام قد هزه، وكانت ردة الفعل حملات موجه من الاتهامات والإساءات في مجلس الشعب وخارجه، بالإضافة إلى اتهامي بوجود صلة بيني وبين دولة أجنبية لتدبير عدوان على سورية. كما أحلت إلى المحكمة العسكرية، وجميع السوريين يعرفون تاريخي جيداً، وأني فخور بهذا التاريخ، وبكل ما عملته من أجل وطني.
أولاً، إليك قصة المخلفات الكيميائية المزعومة كما حدثت منذ حوالي 20 عاماً.
اكتشفت دورية من الجمارك بمرفأ طرطوس مواد كيمائية مشعة، فوضعت اليد عليها، فتبين أنها تعود لتاجر يملك بواخر من مدينة أرواد، اسمه محمد طبالو، والذي كان يساعده في عملياته ضابط في المخابرات العسكرية، اسمه أحمد عبود. عندما تم اكتشاف العملية، عمد أحمد عبود إلى الطلب من فروع المخابرات العسكرية بنشر إشاعة تقول، إن البضاعة لأولاد عبد الحليم خدام. وبالفعل، انتشرت كالنار في الهشيم.
طلبت من الرئيس حافظ الأسد تشكيل لجنة تحقيق، وبالفعل شكل لجنة من 5 وزراء ومدير الجمارك العامة ورئيس هيئة الرقابة والتفتيش، وذهبوا إلى طرطوس واجروا تحقيقاً مفصلاً، شمل سلطات المرفأ والجمارك، ووكلاء تخليص البضائع ورؤساء فروع أجهزة الأمن، وأحد رؤساء فروع أجهزة الأمن، قدم للجنة تسجيل مكالمة بين محمد طبالو وبين أحد أبنائي، طلب طبالو من ابني مساعدته في نقل البضائع خارج سورية إلى بلد عربي آخر، فشتمه ولدي بعبارات قاسية وأغلق الهاتف.
رفعت اللجنة تقريرها إلى الرئيس حافظ الأسد، الذي طلب من الحضور إلى منزله. وبعد حضوري قال لي، إن أولادك لا علاقة لهم في هذه العملية، وهم مظلومون والقصد الإساءة لك. أجبته كنت أعرف ذلك، وأعرف من نشر الإشاعة، وهو ضابط في الأمن، إذ جاءني ضابط صغير يعمل في شعبته، وأبلغني أن هذا الضابط هو الذي نشر الإشاعة سألني الرئيس حافظ الأسد عن اسمه قلت له لا استطيع أن أعطيك اسمه لأنك لاتستطيع أن تحميني؛ استغرب باندهاش وسألني: كيف تقول ذلك؟ أجبته، الأمن في البلاد أقوى مني ومنك.
بعد اكتشاف البضاعة، قامت السلطات الجمركية بإعادة تحمليها إلى الباخرة التي جلبتها، وتمت إعادتها إلى ايطاليا، وأفرغتها في المرفاء التي جاءت منه. وبالتالي، فهي لم تدفن في الأراضي السورية. كل هذه الوقائع مسجلة في ملفات مرفأ طرطوس، وفي ملفات الجمارك.
بذلتُ جهوداً مع الحكومة القبرصية، عبر السيد سليمان حداد، سفيرنا في بون، الذي كانت تربطه صلات قوية مع المسؤولين في قبرص منذ أن كان يعمل في سفارتنا هناك، وذلك من أجل استرجاع محمد طبالو الهارب إلى قبرص، وتسليمه إلى السلطات السورية. وفعلاً، تم استلامه، وحققت معه شعبة الأمن السياسي، ثم أحالت التحقيق إلى محكمة الأمن الاقتصادي وحُكم كما اعتقد بالسجن عشر سنوات.
تحديت السلطات الحاكمة في دمشق نشر ملف التحقيق، الذي قامت به شعبة الأمن السياسي ونشر الملف القضائي لهذه الجريمة، لكنها لم تفعل . فهي أثارت هذا الموضوع رغم علمها أن كل كلمة تحدثت بها كذب، ولكنها هدفت إلى الإساءة لي. هذه قصة المواد الكيمائية المشعة ( وهذه المواد عبارة عن براميل دهانات ). ومع ذلك، أتحدى أي إنسان أن يثبت عكس أي كلمة.
ثانياً، أما موضوع اللحوم الفاسدة، فهو جزء من حملة الافتراء؛ فلماذا لم يحيلوا الملف إلى القضاء آنذاك؟ أنت تعلم، أن ليس للنظام وسيلة للدفاع عن نفسه سوى القمع والافتراء، بالإضافة إلى ذلك، لم يسبق لأي ولد من أولادي التعامل، كما أشرت، مع المؤسسات الحكومية ومن بينها الجيش.
بكل صراحة، هل أنتم مستعدون لوضع ملفكم تحت تصرف القضاء السوري بعد تحرير سوريا من النظام المستبد؟
ليس لدي أي اعتراض، على أن يتقدم أي مواطن سوري إلى القضاء بعد تحرير سورية بادعاء ضدي، وليس هناك ما يقلقني من ذلك، لأني أعلم من أنا، ومن هي عائلتي، وماذا فعلنا لخدمة البلاد، كما يعرفها معظم السوريين.
جبهة الخلاص، قررت نقل عملها إلى الداخل السوري. كيف تسير أمور الجبهة منذ انتهاء المؤتمر إلى الآن. وكيف تقيمون عمل الجبهة؟
جبهة الخلاص الوطني في سورية حققت تقدماً جيداً في العمل من أجل تحقيق التغيير، وهي في هذه المرحلة تركز الجهود باتجاهين. الأول، التعبئة في الداخل استعداداً لتحرك شعبي شامل. والثاني، كشف النظام والعمل على رفع الغطاء العربي والدولي عنه، إضافة إلى العمل لتحقيق التعاون بين جميع قوى المعارضة.
سمعنا الكثير من الاتهامات إلى جبهة الخلاص، وخاصة بعد مؤتمرها الأخير، أنها تستبعد العلويين من صفوفها، وأنها تشكل تجمع سني بحت ………مارأيكم بهذا الرأي؟
جبهة الخلاص الوطني في سورية تضم تيارات وقوى وطنية قويمة ويسارية وإسلامية وليبرالية، وفي معظم هذه المنظمات تشكيل وطني يضم علويين. كُنْ على ثقة، أنّ للجبهة امتداداً جيداً بين قياديين علويين في الداخل، ولكن لانعمل على كشف الأسماء، حتى لا يتعرضوا لأضرار كبيرة.
ليس للجبهة عمق طائفي، ولن يكون لها ذلك. وهي تعتبر الوحدة الوطنية قضية رئيسية في تحرير سورية ونهوضها وتقدمها، وليس في الجبهة من ينطلق من منطلقات طائفية، يضعف الوحدة الوطنية. والطائفية العلوية، هي مكون رئيسي من مكونات الشعب السوري.
إن جبهة الخلاص الوطني في سورية، تعمل على بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن الدين أوالطائفة أو الجنس.
في ظل هذه الأزمة اللبنانية المستعصية، ومن خلال خبرتكم السياسية الطويلة. كيف ترون المخرج من الأزمة، والوصول إلى انتخابات ترضي الجميع، ولا تفضي إلى اقتتال داخلي لا سمح الله؟
الأزمة في لبنان بعناصرها الرئيسية ليست أزمة بين اللبنانيين، وليس سببها اختلاف على مرشح الرئاسة. النظام اللبناني نظام ديمقراطي، تختلف فيه القوى حول المرشحين للرئاسة، كما يختلفون حول المرشحين للانتخابات النيابية. هكذا كان الأمر منذ استقلال لبنان عام 1943.
المشكلة الكبرى، أن السبب الرئيسي للأزمة يأتي من خارج لبنان، من التحالف القائم بين نظامي الحكم في سورية وإيران. هذا التحالف، يريد رئيساً يخدم إستراتيجتهما من جهة، ويساعد في تعطيل المحكمة ذات الطابع الدولي لمقتل رفيق الحريري. وفي هذا الإطار، فإن توجه بشار الأسد، هو تعطيل الانتخابات الرئاسية لإحداث فراغ في لبنان، وفتنة داخلية يعتقد أنها تطيح بالمحكمة ذات الطابع الدولي، وتعيد نفوذه للبنان. لذلك، فهو يستخدم حلفاءه وعملاء أجهزة مخابراته لتعطيل الانتخابات الرئاسية.
كلمة أخيرة في نهاية هذه المقابلة
أملي، أن يتمكن القادة اللبنانيون، الذين يتعاملون مع بشار الأسد مِن تغليب مصالحهم الوطنية، ويساهموا في إجراء الانتخابات الرئاسية، وفي الحفاظ على أمن لبنان واستقراره ووحدته، عبر الاتفاق على برنامج وطني، وعلى رئيس للجمهورية.