خدام : وكان جواب بشار الأسد على مشاريع الاصلاح أن الأمر يتطلب مؤتمراً قومياً للحزب والظروف الآن غير ملائمة أدركت عندئذٍ أن الإصلاح غير وارد
س 1 – ما هو أهم ما سيأتي في مذكراتك التي تنوي إصدارها…؟
ج 1: مذكراتي ليست فقط عرض وقائع مجتزأة خلال الفترة التي كنت فيها مسؤولاً عن السياسة الخارجية في الفترة الممتدة بين تشرين الثاني عام 1970 إلى الفترة التي انتهت بعد استقالتي من مواقعي القيادية في الحزب والدولة في الخامس من حزيران عام 2005 وفي تلك المذكرات تاريخ تلك المرحلة بكل ما تضمنت من وقائع وأحداث ولقاءات واتصالات وهي موزعة على المحاور التالية :
أ – الصراع مع إسرائيل
ب – لبنان وأحداثه
ج – العلاقات السورية المصرية
د – العلاقات السورية العراقية
ه – العلاقات السورية الإيرانية
و- العلاقات السورية السوفيتيه
س – العلاقات السورية الأميركية
- س 2 – وما هو الصدى الذي تتوقع أن يحدث بعد نشرها…؟
ج2: حرصت على الدقة والمصداقية في كتابتي لهذه المذكرات والتي كتبت أحداثها ووقائعها في زمن وقوعها واعتقد أن القارئ سيرى وقائع وأحداث تعكس الحقائق وليس ما كان يقرأه في كثير من الأحيان .
- س 3 – سبعة وثلاثون يوما كنت فيها رئيساً لسورية بالوكالة ..وهي أكثر فترات التاريخ الحديث لسوريا حساسية …هل يمكنك أن تذكر لنا ما الذي حدث فيها…؟
ج3: في تلك الأيام بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد وتولي ولده مقاليد السلطة كان السوريون في حالة ترقب وتساؤل عما سيفعله الرئيس الجديد هل سيتابع مسيرة والده أم سيجري تغيرات سياسية واقتصادية في البلاد ؟
كان البعض متفائلاً إلى حد كبير وكان البعض الآخر متشائماً .
- س 4 – قلت أن سوريا متورطة في اغتيال الحريري ما هي دلائل ذلك ..؟
ج4: بعد تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وتعيين المحقق الدولي أصبحت القضية في عهدة القضاء الدولي وقد قطع المحقق الدولي شوطاً واسعاً ولا أرى من المفيد الحديث عن القضية بعد تشكيل القضاء الدولي .
- س 5 – كيف تعيش حياتك الآن في فرنسا …وبالتحديد بعد أن صدر في حقك 13 حكماً بالأشغال الشاقة مدي الحياة من المحكمة العسكرية الجنائية …؟
ج5: أعيش في فرنسا كما يعيش إي سياسي يقيم خارج بلده أما الأحكام التي تشير إليها الصادرة عن المحكمة العسكرية الجنائية فهي لا تساوي قشرة بصلة .
- س 6 – هل ترى أن اللواء غازي كنعان الذي تحول ملف العلاقات السورية اللبنانية إليه قتل أم انتحر…؟
ج6: ليست لدي معلومات حول وفاة اللواء غازي كنعان والذي كان مقرباً من الدكتور بشار الأسد وكان من الذين روجوا له وعينه وزيراً للداخلية ولكن في الأشهر الأخيرة أصبح مغضوباً عليه جداً وكثيرون فسروا قتله بأنه عملية اغتيال والحقيقة لا يمكن تحديدها إلا بتشريح جثته .
- س 7 – يقال أن لك علاقة وطيدة مع رفيق الحريري تتمثل في شراكة في أعمال اقتصادية ورابطة نسب … ما هي طبيعة علاقتك بالحريري..؟
ج7: تعرفت على المرحوم رفيق الحريري عام 1981 واستقبلته بطلب من السيد وليد جنبلاط وكان الحديث مركزاً حول الوضع اللبناني وكان شديد الاهتمام بما يجري في لبنان ، كان يتردد على سورية للاجتماع مع بعض القيادات اللبنانية وفي عام 1982 جاء إلى سورية حاملاً رسالة من المرحوم الملك فهد بن عبد العزيز إلى الرئيس حافظ الأسد حول الوضع في لبنان في إطار العمل لدعم عملية التوافق التي كان الرئيس سركيس سركيس يعمل على تحقيقها بدعم من سورية وتكررت الزيارات إلى دمشق من أجل الوضع في لبنان وساهم مع الأمير بندر بن سلطان في الجهود المبذولة بين سورية وبين الرئيس أمين الجميل وكان يتبنى خلال نشاطاته الموقف السوري .
ومع توتر العلاقات بين إيران ودول الخليج كان يحمل رسائل من الملك فهد بن عبد العزيز إلى الرئيس حافظ الأسد وكنا نعمل على احتواء تلك التوترات
كان الرجل مخلصاً لبلده وفي الوقت نفسه وفياً لكل من سورية والمملكة العربية السعودية وفي ظل تلك الأجواء نشأت صداقة بيننا وقدم خدمات لسورية سواء في المجال السياسي العربي والدولي وفي مجال العمران إذ بنا مجمعاً للمؤتمرات وفندقاً كبيراً تابع لقصر المؤتمرات .
لم تكن بيننا أية علاقات اقتصادية لا من قريب ولا من بعيد كما لم تقم أية علاقات نسب .
- س 8 – ما هو موقفك عندما كنت في سوريا وتشغل كل مناصبك من تغيير المادة 83 من الدستور …؟
ج8: عند وفاة الرئيس حافظ الأسد كنت خارج دمشق بإجازة في مدينتي على الساحل وكان بيني وبين الرئيس حافظ موعد للقائه يوم السبت ، وبالفعل غادرت مدينتي متوجهاً إلى دمشق بعد وصولي إلى منزلي في دمشق أبلغوني في المنزل أن القصر طلبني منذ ساعات فاتصلت بالقصر فقيل لي ينتظرونك في منزل الرئيس عندئذٍ أدركت أن الرئيس حافظ قد توفى لأني كنت أعرف حجم تدهور حالته الصحية فتوجهت إلى منزله ووجدت أمام المنزل سيارات أعضاء القيادة القطرية ولدى دخولي إلى صالة المنزل رأيت جميع أعضاء القيادة القطرية وبينهم الدكتور بشار الأسد فأبلغني الأمين القطري المساعد ( سليمان قداح ) أن القيادة القطرية قررت ترشيح الدكتور بشار الأسد لرئاسة الجمهورية وتعديل المادة 83 من الدستور وقد قام رئيس مجلس الشعب بدعوة مجلس الشعب لعقد جلسة عاجلة لإقرار تعديل الدستور .
أمر طبيعي أن لا اعترض فالرئيس حافظ الأسد منذ وفاة أبنه باسل الأسد وهو يحضر لتوريث ولده لا سيما في الجيش وفي أجهزة الأمن وفي الحزب
- س 9 – نشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية أن هناك تفكير أمريكي يسعى لتغيير نظام الحكم في سوريا بنظام آخر تكون أنت علي رأسه …ما تعليقك …؟ –
ج9: المعارضة السورية مجمعة على أن التغيير في سورية يجب أن يكون تغييراً وطنياً وليس عبر تدخل خارجي لأن لذلك أخطار كبرى على مستقبل البلاد
س 10 – ما هي التركيبة الأيدلوجية لأعضاء جبهة الخلاص الوطني التي قمت بتأسيسها لإسقاط النظام السوري..؟
ج10: التركيبة الأيدلوجية لأعضاء جبهة الخلاص الوطني في سورية كانت تضم مختلف ممثلي أيدلوجيات الموجودة في سورية غير أن انسحاب جماعة الإخوان المسلمين منها لم يعد فيها ممثل للتيار الإسلامي .
- س 11 – سهل صحيح أنك واحداً من اللذين ساعدوا في توريث بشار الأسد للرئاسة في سوريا …؟
ج11: كما أشرت فيما تقدم فإن الرئيس حافظ الأسد مسرح انتقال السلطة إلى ولده وكان ذلك قبل سنوات من وفاته إذ مارس الدكتور بشار الأسد سلطة القرار دون أن تكون له أية صفة سياسية كان عبر والده يمارس يساهم في تشكيل الوزارة وفي تشكيلات الجيش وهذا الأمر أصبح عادياً وكان يعطي توجيهات لرئيس الوزارء والوزراء .
س 12 – وما هي الأسباب الحقيقية التي أدت إلي انقلابك عليه …؟
ج12: في مطلع رئاسته حاولت مساعدته بالعمل على إجراء تغييرات سياسية واقتصادية وهذه المحاولة بدأتها مع الرئيس حافظ الأسد بعد الانهيار السوفيتي والأنظمة الموالية له وبعد إنفراد الولايات المتحدة الأميركية في قيادة العالم ونشرها نهج العولمة وكانت وجهة نظري آنذاك وجوب تطوير النظام السياسي والاقتصادي والانفتاح على الموطنين وإقرار قانون للأحزاب وآخر للأعلام وكنت اطرح تلك الأفكار في المؤتمرات والاجتماعات الحزبية وفي عدد من مقابلاتي مع بعض وسائل الإعلام .
بعد إجراء القسم الدستوري تقدمت إلى الدكتور بشار الأسد بتاريخ 22 تموز 2000 بمذكرة تضمنت اقتراحات حول الإصلاح السياسي كما تقدمت بمذكرة في الثامن من أيلول عام 2000 بمذكرة شاملة حول الإصلاح الاقتصادي شاملة كل فروع الاقتصاد الوطني بالإضافة إلى اقتراحات حول إصلاح الإداري والقضائي والتعليمي ، كانت وجهات نظره أن الإصلاح السياسي يجب أن يسبقه إصلاح اقتصادي ، أقرت القيادة القطرية مشروع الإصلاح الاقتصادي ونام في أدارج الدولة وبعد سنة وسؤال رئيس الوزراء أجاب أن المشروع لدى الرئيس ولدى سؤال الرئيس في اجتماع القيادة القطرية أجاب كيف يمكن تحقيق الإصلاح الاقتصادي بدون إصلاح إداري فتقدمت بمشروع للإصلاح الإداري كما سعيت لاستقدام مجموعة خبراء فرنسيين مضى عام وبالسؤال عن تقرير الخبراء الفرنسيين فكان الجواب لا نستطيع إجراء الإصلاح الإداري إذا لم نجري إصلاحاً في الحزب وبعد اشهر من الدراسات قررت قيادة الحزب مشروعاً للإصلاح الحزبي وكان جواب الدكتور بشار الأسد أن الأمر يتطلب مؤتمراً قومياً للحزب والظروف الآن غير ملائمة أدركت عندئذٍ أن الإصلاح غير وارد .
كما أن السياسة التي اتبعها في لبنان واستبدل التعامل السياسي مع لبنانيين بالتعامل الأمني كان امراً مؤذياً للمصالح السورية وللبنان في الوقت نفسه مع الإشارة أن في عهد والده كانت هناك لجنة سياسية تتعامل مع القضايا اللبنانية واستبدلت هذه اللجنة باللواء غازي كنعان ثم بالعميد رستم غزالي وكان الأمر الذي أقلقني قراره بالتمديد للرئيس أميل لحود رغم أني كنت متفقاً معه على عدم التمديد وقد أدى ذلك القرار إلى صدور القرار 1559 والذي زاد من مصاعب سورية .
كنت أخذت قراري بالاستقالة من موقعي في قيادة الحزب والدولة في أول مؤتمر للحزب أعرض خلال المؤتمر وجهات نظري في مختلف القضايا الداخلية والخارجية وهذا ماحدث وخرجت إلى خارج البلاد للراحة وبعد تفكير عميق أخذت قراري بمعارضة النظام .
س13 – الأستاذ عبد الحليم خدام ، إلى أين تتجه العلاقات السورية الإيرانية ، سيما وأنكم في صدد إصدار كتاب يتناول تاريخ التحالف الوثيق بينهما ؟.
ج13: العلاقات بين النظامين السوري والإيراني استقرت في مسارها الحالي وأن العلاقات بينهما علاقات مصيرية ويخطئ من يعتقد بوجود إمكانية لفصل هذه العلاقات .
س 14 – ماذا تقرأ في اللقاء الثلاثي الذي ضم إلى جانب الرئيسين بشار الأسد واحمدي نجاد أمين عام حزب الله حسن نصر الله ؟.
ج14: اللقاء الثلاثي أمر طبيعي بين الأطراف الثلاثة لمراجعة الأوضاع الإقليمية والدولية والاحتمالات المتوقعة وكيفية التعامل معها .
الرئيس الإيراني يمثل إيران والرئيس السوري يمثل سورية والشيخ حسن نصر الله يمثل لبنان وهو الممسك بالقرار اللبناني وبكلمة أخرى فإن الاجتماع كان إيرانياً سورياً لبنانياً وهذا التحالف هو الجبهة التي تحدث عنها الرئيس الإيراني .
س 15 – ما هي فروق الاختلاف بين الأسد الأب والابن على مستوى العلاقة مع إيران ؟.
ج15: هناك الفروق الأساسية التالية :
أ – كان التحالف مركزاً بصورة أساسية ضد نظام صدام حسين نظراً بالصراع الشديد بين النظام في سورية والنظام في العراق ز
ب – أبلغ الرئيس حافظ الأسد الإيرانيين أن سورية ستكون إلى جانب إي بلد عربي آخر تصطدم به إيران ولذلك عندما كانت تحدث توترات بين إيران وبين المملكة العربية السعودية والكويت كانت تسارع سورية إلى احتواء التوترات وقد تم إبلاغ الدول الشقيقة أن سورية ستكون إلى جانبها إذا تعرضت إلى أية عمليات عسكرية إيرانية .
ج – لم يكن يسمح للإيرانيين بالتدخل في شؤون سورية الداخلية وعندما حاولت بعثة إيرانية من رجال الدين نشر التشييع تم منعها وإخراجها من البلاد
د – رغم خلافاتنا مع الولايات المتحدة الأميركية ورغم عدائها لإيران فقد بقي الحوار مفتوحاً مع الأميركان وهذا الحوار أدى إلى قبول سورية المشاركة في مؤتمر مدريد وفي مفاوضات مباشرة مع إسرائيل رغم السياسة الإيرانية الصلبة ضد إسرائيل .
الأمر اختلف في مرحلة الابن إذ أن العلاقات مع النظام العراقي قد تحسنت ومن جهة ثانية فقد أصبح النفوذ الإيراني كبيراً وهاماً في سورية وفي قضايا أساسية ، كما انتشرت البعثات التبشيرية في عدد من المحافظات السورية .
س 16- كيف تقيمون التهديدات الإسرائيلية الأخيرة للبنان وسورية إثر ما تردد حول تزويدها حزب الله بصواريخ سكود بعيدة المدى ؟.
ج16: التهديدات الإسرائيلية غير جدية لأن تنفيذ التهديدات سيؤدي إلى حرب مع سورية ولبنان وهذا الأمر يتعارض مع إستراتجية الولايات المتحدة الأميركية التي تعطي الأولوية للملف الإيراني ولتسوية الملف الفلسطيني .
س 17- الأستاذ خدام ، بحكم موقعكم السابق في سوريا ، تربطكم علاقات طيبة بالمملكة العربية السعودية ، ماذا بقي منها في ظل التقارب السوري السعودي الراهن ؟ ألم ينعكس ذلك التقارب سلباً على أداء المعارضة السورية ؟.
ج17: المملكة العربية السعودية دولة مركزية في المنطقة ولها إستراتجيتها ومصالحها وكغيرها من الدول لا تربط سياساتها بعلاقات شخصية .
جبهة الخلاص الوطني في سورية تيار وطني معارض تعمل على تحقيق التغيير الوطني السلمي دون تدخل خارجي .
لا شك فإن النظام في سورية استفاد من الانفتاح الدولي والعربي وأصبح يركز جهوده لمزيد من القمع والضغط على الشعب السوري .
س 18 – هل كان لبنان السبب الرئيسي وراء التقارب السوري السعودي الأخير ، أم ثمة ملفات أخرى تتعدى الملف اللبناني ؟ وما هي آفاق هذا التقارب على المدى المنظور ؟ .
ج18: في الواقع ليست لدي معلومات دقيقة ولكني اقدر أن للوضع الإقليمي دورة في ذلك
س – 19 كيف تقيمون العلاقات السورية المصرية على المدى البعيد ؟.
ج19: العلاقات السورية المصرية جزء من تاريخ الشعبين الذين دافعا عن المصير العربي في مراحل من التاريخ قد تبرز بين وقت وآخر خلافات بين الحكومات ولكن التعاطف بين الشعبين كان دائماً أعمق من أية خلافات ومصر بالنسبة للشعب السوري هي الشقيقة الكبري والمحوري في مصير العرب .
س20 – قبل عام من الآن ، كنت لكم إطلالة دائمة على قناة زنوبيا ، ما مدى صلتكم بالقناة ، وما الأسباب التي حالت دون استمرارها ؟.
ج20: محطة زنوبيا كانت صوت المعارضة السورية لقد توقف بسبب التشويش وقد أعلمتنا هيئة الاتصالات الدولية التابعة للأمم المتحدة أن التشويش جاء من ثكنة عسكرية في دولة شقيقة هي ليبيا
إعداد : هدرا جرجس
صحافي في مجلة التلفزيون