رجّح ألا يسمّي براميرتس متهمين في تقريره المرتقب
خدام: بقاء نظام الأسد سيحوّل سوريا الى عراقِ جديد
توقع نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام ان يكون تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي سيرج براميرتس، المنتظر نهاية الشهر الجاري، “مهنياً ومتقدماً عن سابقه”، مرجحاً الا يسمي اي متهمين في هذه المرحلة” بسبب التأخر في تشكيل المحكمة الدولية”. وحمّل الرئيس السوري بشار الاسد مسؤولية اي خلل في لبنان، متهماً اياه بمحاولة احداث شرخ في المجتمع اللبناني الا انه لم يستطيع ذلك. وألمح الى ان عدم ذهاب الاسد الى كوبا قد يكون بسبب خشيته من تحرك شعبي في غيابه، معتبراً ان بقاء نظامه سيحوّل سوريا الى عراق جديد.
واشار الى احتمال ان يكون الهجوم الذي استهدف السفارة الاميركية في دمشق الاسبوع الفائت من عمل المخابرات، محذراً من انه “اذا كانت العملية ارهابية بالفعل فالوضع في سوريا ينذر بالمزيد في هذا الاتجاه”. ورأى ان الرياض “باتت تدرك ان استمرار النظام السوري هو استمرار لمعاناة الشعب السوري”.
وقال خدام لبرنامج “أحد الأسئلة” من قناة “الحرة” أمس، رداً على سؤال حول دعوة رئيس حزب “الاصلاح” السوري المعارض فريد الغادري للعلويين الى مغادرة دمشق وتركها للسنة ليتولوا الحكم: “أنا لست طائفياً بل مواطن سوري اعتزّ بانتمائي الى وطني، وهذا الكلام مدان ومن يتحدث به لا يمكن أن يكون سورياً. فالطائفة العلوية جزء أساسي من مكونات الشعب السوري ومن النسيج الوطني في سوريا، وكل من يحاول تصديع هذا النسيج انما يعمل ضد سوريا واستقرارها.
وفي كل الأحوال مثل هؤلاء لا يعرفون شيئاً من سوريا لا من قريب ولا من بعيد، فهناك طوائف ومذاهب متعددة ولكنهم جميعهم سوريون مخلصون لبلدهم. وجود أشخاص في السلطة أو أسرة تحكم البلاد أمرغير مسؤولة عنه الطائفة العلوية. “لا تزر وازرة وزر أخرى”. هذا مبدأ أساسي موجود في الاسلام وفي المنطقة، لذلك، قوبلت هذه التصريحات باستجهان شديد داخل سوريا وخارجها وأعتقد أن ليس هناك من يمكن أن يقبل بها”.
وعن حجم الدعم العلوي لنظام الرئيس بشار الأسد، أشار الى أن “المرتكزات في السياسة السورية ليست طائفية بل وطنية، نختلف مع النظام على اعتبار انه فردي ومستبد وفاسد ولسنا مختلفين معه لأن رئيسه علوي. لذلك، نشر هذه الأقوال هو تمزيق للوحدة الوطنية في سوريا، والسوريون مستحيل ان يقبلوا بهذه الافتراءات”.
أضاف: “المشكلة ليست أن يحظى بشار الأسد بالأكثرية هنا وهناك. العلويون جزء من الشعب السوري، وبشار الأسد ترفضه أكثرية الشعب بكل طوائفه. والأمر يأخذ فرزاً سياسياً وليس طائفياً، الخلاف ليس حول الانتماء الطائفي، وأذكر بأنه في عام الاستقلال 1943 جرت انتخابات وكان أول رئيس للمجلس النيابي من أقلية مسيحية صغيرة، فالسوريون ينظرون الى اخلاق الشخص وقيمه وسياساته”.
وعن التقارير الأخيرة التي تحدثت عن خشية الأسد مغادرة دمشق بسبب تصاعد حدة الخلاف بين أطراف الحكم السوري، قال: في الواقع لا أقيس الأمور بهذا الشكل، وأرجح ان بشار الأسد لم يذهب الى كوبا لأنه يخشى من تحرك شعبي في غيابه. فهو قلق وخائف ومضطرب لأنه ورّط نفسه في اجراءات على الأرض تتعارض مع مصالح البلد. هو عزل سوريا، وأصلاً هو معزول داخلياً، فأمر طبيعي أن يخاف من الذهاب الى خارج البلاد”.
وتوقع ألا يسمّي تقرير القاضي سيرج براميرتس نهاية الشهر الجاري متهمين في هذه المرحلة “لأن المحكمة الدولية لم تتشكل حتى الآن. وأتوقع ان يكون التقرير مهنياً ولكن متقدماً عن سابقه، وسيقدم وقائع وقناعات، ومؤشرات جديدة. ولا اعتقد انه يذكر أسماء، لأن من سيذكر الأسماء هو القضاء اللبناني، الذي لا يستطيع ان يصدر مثل هذه المذكرات، ولذلك اعتقد انه أجّل ذكر الأسماء الى حين تشكيل المحكمة الدولية”.
وعن محاولة اغتيال المقدم شحادة، وما اذا كان يتوقع عودة موجة الاغتيالات الى لبنان، قال: “أرجو التمييز بين سوريا والنظام فيها، وهو المسؤول عن اغتيال الحريري وما تبع ذلك. سمير شحادة معني بالتحقيق في ملف اغتيال الحريري والجهة التي قامت بمحاولة اغتياله بسبب علاقته بالملف، وأرجح ان تكون الجهة نفسها التي قامت بالاغتيالات السابقة، وأعني بذلك الأجهزة الأمنية وتوابعها المتبقية في لبنان. وهذا الأمر لا يتم الا من الرئيس بشار الأسد، لأن قرار الأمن في سوريا محصور بيد رئيس الدولة”.
وأشار الى وجود ترابط بين اتهامات الأسد للأكثرية النيابية بأنها صناعة اسرائيلية، وبين الحملة على حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وقال: هذه الحملة مطلوبة من بشار الأسد، وقرأتها تفسيراً للحرب التي جرت في لبنان ولعملية خطف الجنود الاسرائيليين الذي كان بقرار من بشار الأسد. لأنه يريد احداث شرخ في المجتمع اللبناني وكان يعرف ان هذه العملية ستؤدي الى حرب، ويتوقع ان يؤدي ذلك الى شرخ، وهذا سقط لأن اللبنانيين توحدوا.
والأمر الطبيعي بعد توقف الحرب ان يتساءل اللبنانيون عن دور الدولة، وهل من الممكن القبول بأن يكون في الدولة دولتان؟.. هو أراد ان يوظف هذه التساؤلات لإحداث فتنة فأعطى التوجيهات لأصدقائه وفي مقدمهم “حزب الله”. وأي خلل في لبنان يتحمل مسؤوليته المباشرة بشار الأسد. وجماعة 14 آذار أصدروا بياناً منذ فترة لا أوافقها الرأي لاصداره قبل لململة آثار الحرب، لكن الخطأ الكبير الذي ارتكبه (السيد حسن) نصر الله هو تلك الحملة الشعواء على فريق لبناني يمثل اكثرية اللبنانيين. واذا كان يعتقد ان الشعب السوري يقف معه في هذه الحملة فهو خاطئ، الشعب السوري وقف مع المقاومة ولكن عندما يتحول “حزب الله” الى هجوم وشن حرب داخلية ضد أطراف لبنانية، فلن يقف معه أي سوري وعربي.
الجميع وقفوا معه ضد العدوان ولا أحد يمكن أن يقف ضد جر لبنان الى الحرب الأهلية، وهذا لمصلحة بشار الأسد أو غيره”.
وعن الهجوم الذي استهدف السفارة الأميركية في دمشق أخيراً، وتوجيه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الشكر للسلطات السورية على احباط الهجوم، قال: “من الطبيعي أن تشكر الوزيرة رايس السلطات السورية التي احبطت الهجوم. ولو لم تفعل ذلك لكانت موضع انتقاد من جهات عديدة. أما الحادث نفسه فثمة مقولتان عن حقيقة ما جرى، الأولى ان هذه العملية تمّت بترتيب احد الأجهزة الأمنية على اعتبار ان المنطقة التي وقع فيها الحادث منطقة أمنية مئة بالمئة. فهي مكان وجود القصر الجمهوري وسكن رئيس الدولة وعدد من كبار المسؤولين. ولا يمكن أن تمر دجاجة من هناك من دون مراقبة الأجهزة الأمنية التي تراقب المنطقة، وخصوصا ان السيارات التي استخدمت لم تكن تحمل لوحات، هذه مقولة قد تكون صحيحة او غير ذلك. اما المقولة الثانية فتؤكد ان الهجوم عملية ارهابية، واذا كان الامر كذلك فهو مؤشر خطير جداً، ما يعني ان النظام في سوريا، بسبب سياساته الارهابية والقمعية وفساده وحالة الفقر التي نشرها في البلاد، اغلق الابواب امام الناس وبالتالي، هذا ادى الى حالة من الشعور بالاحباط وهو ما يقود الى التطرف. فاذا كان ما حصل عملية ارهابية فهو نتيجة لما اوصل النظام الحالي إليه البلاد”.
اضاف: “ان بقاء النظام هو الذي سيحوّل سوريا الى عراق آخر. وعندما تتم حماية النظام وتُسد ابواب التغيير، أؤكد ان سوريا ستشهد احداثاً كما يجري في العراق، فعندما تغلق ابواب التغيير ويغلق الامل بالنهوض في الحياة الكريمة وفرص العمل فماذا يفعل الناس؟”.
وعن تنويه المتحدث باسم البيت الابيض جو سنو بما قامت به الاجهزة الامنية السورية، ورد السفير السوري في واشنطن ان ما قامت به الادارة الاميركية غير كاف وان الكرة في ملعبها. قال: “هذا الكلام لا يقلق المعارضة السورية، فهي ستعمل على التغيير وستصل الى تحقيقه باداة وطنية وبارادة وطنية وليس بتدخل اجنبي، اما هل يستطيع بشار الاسد ان يستجيب للطلبات الاميركية فالمسألة ليست مسألة طلبات، هناك سياسات، فالاسد له سياسة وهو ربط نظامه بالسياسة الايرانية وبالتالي مشكلة النظام اصبحت جزءاً من مشكلة المنطقة وجزءاً من مشكلة الغرب مع ايران. والامر الآخر ان الاسد غير قادر على التخلي عن سياسته، لانه اذا فعل فسيكون اضاع الدين والدنيا”.
وعما اذا يوافق على القول ان سياسات الاسد حوّلت سوريا من حليف لإيران الى ورقة بيدها، قال “هذا هو الواقع تماماً، وهذا ما يقلق السوريين، لا سيما انه في خطابه الاخير قطع كل العلاقات مع الدول العربية ووضع سوريا في حالة من العزلة العربية والدولية. وانا اؤكد ان الشعب السوري اجمع على ادانة خطاب الاسد الاخير واعتبره خطيئة سياسية كبيرة. واعتقد ان ارتباطه باستراتيجية ايران وراء مثل هذا الخطابات والمواقف، لان الربط مع الدول العربية له متطلباته، والربط مع دولة اخرى له متطلباته ايضاً، وهو بخطابه هذا زاد عزلته الداخلية اضافة الى زيادة عزلته العربية. وليس هناك غطاء عربي لمثل هذه السياسة اطلاقاً”.
وعن تكرار الاسد مواقفه التي يتحدث فيها عن السلام واستئناف العملية السلمية، قال: “هو اراد ان يستخدم لبنان كمدخل للحوار مع اسرائيل، وعملياً وظف دماء اللبنانيين وما اصابهم من دمار. وعندما يتحدث عن السلام فاعتقد ان الهدف من ذلك هو محاولة تهدئة التيارات السياسية التي تهاجمه وتنتقده في الغرب. هو يقول انا اريد السلام وبالتالي اصفحوا عني. ليس ثمة اي جدية اطلاقاً في هذه المسألة بل ان ذلك كله جزء من مناورة سياسية”.
ونفى علمه بما دار خلال زيارة امير قطر لدمشق “ولكن كلنا يعرف وجود اتصالات بين الدوحة وتل ابيب، الا ان احداً لا يستطيع ان يحدد حجم هذه الاتصالات وخلفياتها الا القطريون انفسهم”.
وعن القول ان الزيارة مؤشر جدي الى انكسار العلاقة بشكل كامل بين دمشق والرياض، وان الاسد يناكف السعوديين، قال: “بشار الاسد اخطأ خطيئة كبيرة في مناكفاته للرياض. فالمملكة العربية السعودية لعبت دوراً كبيراً في دعم سوريا مع دول الخليج الاخرى، من خلال مساعدة كل مشاريع التنمية في سوريا. والامر الثاني: ان العلاقات بين السعودية وسوريا ليست جديدة، فهي موجودة منذ تأسيس المملكة، وبالتالي الإساءة الى هذه العلاقات ليست اساءة الى تاريخ سوريا، وانما اساءة لسوريا نفسها والى مصالحها. هناك مشكلة بين الدوحة والرياض، دور سوريا يجب ان يكون دور الشقيق الذي يسعى الى وأد الخلاف وليس اشعاله او ان تكون اداة في مثل هذه المشكلة”.
واعرب عن اعتقاده بأن “السعوديين اصبحوا مقتنعين بأن الشعب السوري مظلوم ويعاني، وان استمرار هذا النظام هو استمرار للمعاناة وللظلم. وهناك تعاطف بين السعودية وسوريا. ولم يكن الهدف في الماضي انقاذ النظام بل، على ما اعتقد الا تبدأ حركة التغييرات في المنطقة في وقت هي بحاجة الى التضامن والتعاون، لكن بشار الاسد كسر هذه القاعدة وهو الذي اخرج نفسه من المنظومة العربية”.
ورأى “ان بوليصة التأمين لأي نظام هي بيد الشعب نفسه، وفي سوريا بوليصة التأمين هي بيد الشعب السوري، وهذه البوليصة ستستخدم في وقت قريب بما يخدم مصالحه”، معرباً عن ثقته بأن “الشعب السوري سيتمكن من الانتقال من هذا النظام الى آخر ديموقراطي يستطيع من خلاله ممارسة حرياته ودوره في بناء السلطة وفي اختيارها”.