بدأ المهرجان بكلمة خدام، الذي اشاد بمزايا الرئيس الراحل كرامي. وقال: «منذ ايام احتفلتم بالذكرى الاولى لانتصاركم على العدو الاسرائيلي، وتحقق الانسحاب من معظم الاراضي اللبنانية، فكان هذا الانتصار انتصاراً لكم، وللعالم جميعاً. واليوم يحيي لبنان الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد رجل كبير اعطى الكثير من قلبه، ومن عقله ومن جسده. وكانت الشهادة آخر عطاء قدمه للبنان وقدمه للعرب وفي مقاومة المشروع الصهيوني. وبين الحدثين، حدث الاستشهاد وحدث الانتصار، يقف لبنان العربي شامخاً بوحدته الوطنية، معتزاً بانتصاره، مصمماً على متابعة الطريق حتى يتم الانتصار الكبير، والانتصار الكبير في نهوض لبنان، وبانطلاقه وبانتصار الامة العربية على المشروع الصهيوني. ان حدث الانتصار تحقق بفضل صمودكم وتضحياتكم وبطولة اولئك الذين نذروا انفسهم من اجل الوطن واختاروا ان ينطبق عليهم قوله تعالى «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون». واضاف: «اما حدث الاستشهاد فقد كان من اجل وحدة لبنان، ومن اجل تحقيق السلم الاهلي ووقف النزيف الدامي ومن اجل مواجهة المشروع الصهيوني في لبنان. لقد استشهد الرئيس رشيد كرامي وهو يتابع من اجل سلم لمواطنيه، ومن اجل عدالة ومساواة لمواطنيه، ومن اجل ان يرى لبنان متحرراً قوياً عزيزاً لا تدنس ارضه اقدام المحتل الاسرائيلي. وكان دوره كبيراً في اسقاط اتفاق السابع عشر من مايو (ايار)، الذي كان يعطي الشرعية للمشروع الصهيوني والذي كاد ان يمزق لبنان ويقضي على استقلال لبنان. وكان للشهيد مع قادة من العمل الوطني دور رئيسي في اسقاط هذا الاتفاق وفي تحرير لبنان من سيطرة مثل هذه الاتفاقات التي لا تقدم فيها اسرائيل الا الذل للعرب. وكل اتفاق لا ينطلق من حقوق العرب فهو اتفاق ذل لكل العرب»
واضاف: «ان الشهيد في استشهاده كان في القافلة الاولى من شهداء لبنان. وكانت الفتنة تطل وراء قتله. ولكن اللبنانيين بادراكهم لما وراء التسلل لاغتيال الشهيد، ادركوا خطورة الاعداء، وامسكوا بوحدتهم الوطنية. وبذلك يكون الرئيس رشيد كرامي قد ساهم بدمه في وقف حمامات الدم في هذا البلد الشقيق. … تصدى للتطرف بالاعتدال، وللقتال بالحوار فابعده التطرف عن مدينته التي احبها ولم يعد اليها الا بعد ان استعادت امنها، وقتله التطرف فخسر لبنان علماً من اعلامه. كان يرفض فكرة انتصار فريق على فريق لان المنتصر مهزوم، والمنكسر مهزوم، والبلد كلها مهزومة. ان انتصار فريق في الصراعات الداخلية معناه زعزعة الوحدة الوطنية في حرب تميزت بالعصبية والجهل واستعرت بالحقد.. كان لبنان العربي في ضميره، والعروبة في عقيدته، وسورية في قلبه. وورث عن والده المغفور له الرئيس عبد الحميد كرامي مبادئه الوطنية والقومية ونهجه في الاعتدال وصلابته في التمسك بالقيم والمبادىء في نضاله من اجل السلام الوطني. كان قوي التمسك بالمبادىء ومرناً في الحوار. وفي جميع الازمات التي شهدها لبنان منذ ان دخل الشهيد معترك الحياة السياسية، لم يكن طرفاً حاداً في هذه الازمات. وكان يغدق على موقفه الروح الوطنية، مدركاً ان تعميقها في الازمات سيؤدي بالبلد الى استقراره، كان صبوراً على الخصم، كي لا يقطع حبل الحوار والمودة، فالبلد لا يستقر ولا يتعافى في ظل المشاحنات والصراعات
وتابع خدام يقول: «ان الحديث عن مرحلة قضى فيها الشهيد لا يعني فتح ملف ماض مضى، وانما استخلاص للعبر والدروس، وتحصين الحاضر وانارة طريق المستقبل. وفي جميع الدول التي تعرضت لحروب داخلية تمزقت وحدتها الوطنية ولا تزال، ولبنان وحده استطاع النهوض واستطاع استعادة وحدته. وعليكم ايها الاخوة ان تكملوا مسيرة النهوض وتعزيز الوحدة الوطنية. احرصوا ايها الاشقاء في لبنان على وحدتكم الوطنية، وهي حصنكم وهي طريق نهوضكم. وناضلوا من اجل الخلاص من كل الموروثات الجاهلية. ويجب الا يكون الدين والطائفة سلاحاً يستغله المتسللون والمتسلقون والانتهازيون لحماية مصالح او كسب منافع. وليس من دين يدعو الى العصبية والتعصب. فاسلكوا طريق الايمان بالله وحب الوطن والاخلاص له ففي الايمان التسامح والمحبة والدعوة الى العدل والانصاف والمساواة، وفيه يستنير العقل ويعمل. وتجنبوا التعصب، لان التعصب يغيب العقل ويعمى البصيرة ويضل الطريق ويقود الى الهلاك. عدوكم وحده يكسب من الفرقة والتنازع بينكم فلا تقدموا للعدو هدية على حساب وحدة الوطن وامن البلاد»
قال خدام في الجزء الثاني من الخطاب الذي لم يستطع القاءه بسبب العارض الذي ألمّ به: «ليكن الحوار سبيلكم لأن التشاحن يولد التوتر والتوتر يعيق النهوض لا تدعوا خلافا يدفع بعضكم للكيد للدولة ظنا منه انه يكيد لنا فيخسر الجميع وتزداد المصاعب. ليكن حواركم .. احسن وارفضوا السيئ بالحسن فهذا ما اقوم به لإنجاح الحوار
وقال: «ان لبنان كان دائما في قلب سورية، وفي قلب الامة العربية فانهضوا ايها الاشقاء، وتعاونوا وتعاضدوا ففي ذلك خير لكم ولأمتكم، ساندوا دولتكم بمؤسساتها الدستورية فهي حصن لكم، واعلموا ان دولة فيها نقص او ثغرات، خير الف مرة من غيابها، لأن غياب الدولة يحول المجتمع الى غابة يفترس فيها القوي الضعيف، ويصبح المواطن مغتربا في وطنه او بعيدا عنه»
ودعا الى عدم فتح جراحات الحرب، وضمدوا ما بقي من جروح حتى لا تتقيح ويتسمم الجسد ويضعف ويفقد المناعة»
وقال: لقد حققتم نصرا على العدوان فانسحب من معظم الاراضي اللبنانية التي كان يحتلها، ولكن الصراع مستمر، ولاستمرار الصراع متطلبات، اولها تعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق النهوض وتحقيق اوسع اطر التعاون بينكم وبين سورية، هذا التعاون الذي كان له دور في تحقيق النصر
واضاف: لم يدرك الاسرائيليون حتى الآن ان خيار القوة لا يحقق السلام ولا يوفر الامن، واحداث التاريخ ملأى بالامثلة
وتابع: إن أهمية انتصاركم ضد اسرائيل، تكمن بانسحابها من معظم الأرض، كما أن هذا الانتصار خلق مناخاً في فلسطين عزز الشعور بالقدرة على المواجهة، وعزّز الأمل في تحقيق التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية
وقال: آن الأوان أيها الأخوة كي يقرأ العرب واقع الصراع العربي – الاسرائيلي قراءة صحيحة، وكي يدركوا أن الخطر يهدد الأمة بتهديده أجزاء منها وأن الوطن الكبير كله مستهدف»
وقال: «لا أريد أن أتحدث عن العلاقات السورية – اللبنانية ومركزيتها بالنسبة لسوريا ولبنان، ولا عن إنجازات هذه العلاقات، وفي مقدمتها تحقيق السلم الأهلي، واستعادة الدولة لدورها، وانتصار المقاومة وتحرير معظم الأراضي اللبنانية المحتلة، كما أنني لا أريد أن أتحدث عن آفاق هذه العلاقات في حماية مصالحنا المشتركة والمتبادلة وضمان هذه المصالح، ولا عن المزايا التي يمكن أن تعززها هذه العلاقات لصالح شعبينا. إن هذه العلاقات في ضمير الشعبين الشقيقين وستبقى كذلك لأنها إرادة الله
وأكد: ان هذه العلاقات أخذت منحى جديداً في ظل قيادة المغفور له الرئيس حافظ الأسد، منحى الحرص على لبنان وعلى وحدته الوطنية، وعلى أمنه واستقراره ونهوضه، فلبنان الشقيق التوأم، نعتز به كما نؤمن بأن ما يصيب أحدنا من خير يصيبه الآخر وما يصبه من شر لا ينجو منه الآخر
وفي العقود الثلاثة التي مضت في ظل قيادته، عمل على تقوية حبل المودة وأواصر الاخوة والتعاون بين جميع اللبنانيين، دون تفريق أو تمييز، وكانت قضية لبنان، وقضية السلم الأهلي، وبناء الدولة ومؤسساتها، من أهم القضايا التي شغلته. وفي ظل قيادة الرئيس بشار الأسد فإن سوريا ستتابع الطريق ذاته، طريق الاخوة والتعاون والتعاضد
وختم: «ان يد سوريا ممدودة لجميع اللبنانيين، من اجل خير لبنان وخير سوريا. إن سوريا اليوم، كما كانت بالأمس، ستكون دائماً مع لبنان ومع كل اللبنانيين، لا تميز بين شقيق وآخر، إلا بما يميز به نفسه في خدمة لبنان
«اقرأوا ايها الأشقاء سوريا جيداً، ستجدون فيها الشقيق المحب الحريص عليكم، وعلى نهوضكم وأمنكم واستقلالكم»
أيها الشهيد الذي جمعتنا في هذا اليوم لنحيي ذكرى استشهادك، ثق ان إخوانك ومواطنيك استلهموا معنى شهادتك فكافحوا لتحقيق اهدافك، فسلام عليك وأنت في جنات الخلد