خدام معارضاً حقيقياً

الناشر: الحوار المتمدن

الكاتب: ثائر الناشف

تاريخ نشر المقال: 2008-05-16

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp

مضى عامان ونصف العام ، على الخيار الهادئ والمدروس الذي اتخذه نائب الرئيس السوري السابق الأستاذ عبد الحليم خدام ، في رحلة الإصلاح والتغيير , التي حاول البدء بها من داخل النظام السوري نفسه , وعلى جميع المستويات بدءاً بمنظومة حزب البعث مروراً بالاقتصاد والإدارة .
الخطوات الإصلاحية التي حاول السيد خدام القيام بها داخل بنية النظام , وبتشجيع من إدارة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك , لم تلق آذاناً صاغية , بل وضرب بها بعرض الحائط , ما سبب حنقاً شديداً لشيراك نفسه , الذي كان استبشر خيراً في أول عهد الرئيس بشار الأسد , لكن سرعان ما كشفت الساحة اللبنانية الملتهبة عن الخلل وقصر النظر .
استحالة الإصلاح من الداخل , حتمت على خدام السير على طريق التغيير , رغم وعورته وخطورته , ودفعت به إلى الخروج من جلد النظام , فضرورة التغيير تبلورت في نظر خدام بالتزامن مع حركة المتغيرات الدولية , التي بدأت فعلياً بسقوط الاتحاد السوفيتي , بما كان له من قوة وثقل يوازي ثقل القوة الأميركية , التي انفردت بسياسة أحادية القطب , شعارها العالم الجديد , الذي لا يرحم الجمود , ولعل حرب الخليج الثانية من أبرز نتائج هذه السياسة الأميركية الجديدة , فكان خدام هو السياسي الوحيد الذي استطاع قراءة هذه المتغيرات المتسارعة , وفهمها فهماً عميقاً من موقعه السياسي والديبلوماسي , وللأسف لم يشاطره في هذا الفهم أي من أركان النظام فيما بعد , على الرغم من أهمية موقعه آنذاك .
وتبين لاحقاً أن التخبط في لبنان خلال السنوات الأربع الماضية , سببه الارتجال المحاط بوهم الممانعة , وانعدام القدرة على قراءة هذه المتغيرات , فكان زلزال القرار الدولي 1559 بالمرصاد , وتفاعلات هذه القرار لازالت مستمرة على الأرض , ولا يعلم أحد متى تنتهي , أو بماذا ستنتهي ؟.
باعتقادنا , كل هذه الأسباب الظاهرة وغيرها , شكلت أمام خدام جسر العبور إلى الضفة الأخرى , إلى المعارضة , وهو ما كان متوقعاً في أي لحظة , نظراً للهوة العميقة بينهما واختلاف رؤية خدام عن رؤية النظام للملف اللبناني , وازدادت عمقاً باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ,إضافة إلى سوء الفهم المتعمد وحملة التشويه الشعواء بسمعة خدام , وإلصاق كل تهم الفساد بظهره , لإظهاره بأنه المسؤول الوحيد عن الفساد في سورية ولبنان .
تهم الفساد وملفاته السوداء التي ألصقت بالسيد خدام , أثبت فشلها وبطلانها , فحتى الآن وحديث النظام عن ملفات الفساد لم يكن مقنعاً , لأنه غير قادر على فتحها , ولا نعرف لماذا , ربما لأن هذه الملفات ليست موجودة أصلاً , فحملة الاتهام المأجورة لم توفر خدام وهو ضمن صفوف المعارضة , بل وحتى داخل النظام , فالشائعات المغرضة لا زالت تسري إلى عقول عامة الناس البسطاء بطريقة جاهلة وغبية , للقول إن السبب الرئيسي للفساد وغياب الإصلاح , هو الحرس القديم الذي كان يرأسه خدام .
السؤال الآن , إذا كان السيد خدام بموقعه المعارض , لم يعد حرساً قديماً , فأين الإصلاح , ولماذا استمر الفساد , ومن هو الفاسد إذن ؟.
هذا التشويه لم يعدم خيارات السيد خدام , ولم يسر مفعوله على المعارضة التي دخل إليها بصدر رحب , معيداً لها بعض التوازن والثقة المفقودة , لأنها باتت تملك الإجابة عن السؤال الكبير , مَن هو الفاسد الحقيقي المسكون بحب الثروة ؟ إلا أن بعض المعارضة الرافض وغير المقتنع بمعارضة خدام , مهووس بدافع حب الذات والدوران في فلك الماضي .
على روافض المعارضة وحمقى النظام أن يكفوا عن هلوستهم , ويدركوا جيداً أن المعارضة الحقة , هي التي تنظر إلى المستقبل بعين الغد , رغم كل حملات التجريح والتشويه الباطلة .

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp

مقالات حديثة


مذكرات خدام …”رسائل غرام وتهديد” بين ريغان والأسد… أميركا تنسحب من لبنان وإسرائيل تتراجع وسوريا “تستفرد”

2024-10-28

دمشق تطلق سراح الطيار الأميركي وسط جولات مكوكية لرامسفيلد مبعوث البيت الأبيض… وواشنطن تفشل زيارة سرية لحكمت الشهابي   وسط تبادل القصف العسكري الأميركي–السوري في لبنان ومرض الرئيس حافظ الأسد وطموح العقيد رفعت في السلطة وتصاعد الحرب العراقية–الإيرانية، التقى وزير الخارجية السوري عبدالحليم خدام والسفير الأميركي روبرت باغانيللي في دمشق خلال شهر ديسمبر/كانون الأول عام […]

مذكرات خدام …صدام أميركي – سوري في لبنان… ومبعوث ريغان يطلب لقاء رفعت الأسد بعد مرض “السيد الرئيس”

2024-10-27

خدام يهدد سفير واشنطن بـ”الطرد الفوري”… وتبادل القصف السوري-الأميركي   حاول الرئيس رونالد ريغان احتواء الأزمة مع الرئيس حافظ الأسد بعد تفجير “المارينز” والقصف، وأرسل مبعوثه الخاص دونالد رامسفيلد إلى دمشق في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1983. كان رامسفيلد وزيرا سابقا للدفاع في عهد الرئيس جيرالد فورد، قبل أن يعود إلى المنصب نفسه في عهد الرئيس […]

مذكرات خدام …تفجير “المارينز” قبل حوار جنيف اللبناني… وأميركا تتهم إيران بالعمل “خلف خطوط” سوريا

2024-10-26

واشنطن تتهم طهران بالوقوف وراء هجمات بيروت وتنتقد دمشق لـ”تسهيل الدور الإيراني” عاد روبرت ماكفرلين نائب رئيس مكتب الأمن القومي في الولايات المتحدة الأميركيةإلى دمشق في 7 سبتمبر/أيلول، مكررا ما قيل في السابق، عن ضرورة الانسحاب السوري من لبنان بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي. وفي الثاني والعشرين من الشهر نفسه قدم إلى سوريا مجددا وقال إن […]