السيد الوزير.
بعد أن تم الاعلان عن اتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية على عقد مؤتمر دولي في جنيف لبحث الأزمة في سوريا ووقف نزيف الدماء والوصول الى حل تفاوضي سياسي بين المعارضة السورية وبين النظام القاتل رأيت من واجبي أن أضع الحقائق والوقائع التالية:
أولاً : ان التفاوض سيكون بين فريقين, فريق يمتلك كل وسائل القتل والتدمير والابادة وأدى عدوانه الى سقوط أكثر من مئة ألف شهيد ومثلهم من الجرحى والمعاقين, بالاضافة الى التدمير المنهجي للأبنية في سوريا وتهجير أكثر من خمسة ملايين سوري داخل البلاد وخارجها مستخدماً صكل وسائل القتل والتدمير والابادة وفي مقابل هذا الطرف الجانب ضحية العدوان يدافع عن نفسه وعن حقه في الحياة بوسائل محدودة في ظل صمت وتردد المجتمع الدولي في انخاذ قرارات واجراءات لانقاذ الشعب السوري.
أن التفاوض سيؤدي الى فشل المفاوضات لأن الفريق القوي مدعوم من روسيا وإيران والفريق الأخر مدعوم بالتصريحات فقط.
ثانياً : المشكلة ليست فقط مشكلة ترحيل السفاح بشار الأسد وإنما أيضاً ترحيل النظام القاتل بمؤسستي العسكرية والأمنية.
ثالثاً : أية حلول سياسية لا تكون عادلة لن تشكل حلا للأزمة الدامية في سوريا بل ستطلق مسألة الثئر لدى ملايين السوريين وهذا بحد ذاته أمر بالغ الخطورة.
رابعاً : روسيا لن توافق على ترحيل بشار الأسد عن السلطة حتى إنتهاء ولايته ولن توافق على مس القوات المسلحة وأجهزة الأمن لأي تغيير باعتبارها شريك تحقيقي في كل الجرائم التي ارتكبها النظام القاتل في سوريا.
خامساً : إن إيران وحزب الله الذي ينتمي اليه في كل جرائم القتل والإبادة ومع ذلك فإن المجتمع الدولي لم يتعرض لإيران التي تشكل خطراً كبيراً على الأمن والإستقرار في المنطقة.
سادساً : من الواضح أنكم إعتمدتم الإئتلاف الوطني ليكون مفاوضاً بإسم السوريين وأنتم تعرفون جميعاً أن الإئتلاف ليست له جذور في سوريا وليس له دور في الثورة القائمة ولن يستطيع تنفيذ أي إلتزام له وإعتماد الإئتلاف يمكن تشبيهه بمسار ليس واقعياً وهو تفويض الولايات المتحدة لقبرص في التفاوض على الوضع الدولي والمصالح الدولية للولايات المتحدة مع روسيا, الأزمة في مكان ومع الأسف أنتم في مكان آخر.
وإذا كان في نية أي فريق إستخدام القوة لتنفيذ إتفاق يرفضه الشعب السوري فسيكون لذلك إنعكاسات كثيرة لا نريدها لأنهاء ستدفع ملايين السوريين للتطرف وستصبح سوريا ملاذاً للمتطرفين في العالمين العربي والإسلامي وهذا الأمر لا يريده السوريون ولكنه سيفرض نفسه بسبب المعالحات الخاطئة لعدوان دموي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً.
سابعاً : الحكومة الإنتقالية لن تستطيع إتخاذ قرار بسبب طبيعة تشكيلها فأي إقراح يقدمه فريق المعارضة سيرفضه الفريق الآخر, إن هذا الوضع سينتج الحالات التالية:
أ) إزدياد الفوضى والصراع الطائفي بسبب الإحتقان الطائفي العميق الذي أنتجه النظام القاتل بإستخدامه أبناء الطائفة العلوية في عمليات القتل ةالإبادة والتهجير الذي تعرضت لها الأكثرية الصاعقة من السوريين والتي تشكل خمسة وثمانين بالمائة من السكان.
ب) إحتمال آخر هو أن تقوم مجموعة عسكرية بإنقلاب عسكري وطرح تحقيق الأمن ومحاسبة القتلة وبذلك تعود الدكتاتورية إلى سوريا ليقع المزيد من الآلام ومن الأخطار.
أرجوك أن تتمعن بخطورة الوضع فالوضع أخطر مما تراه بعض الحكومات.
تعلمون جيداُ أن الشرق الأوسط منطقة تقاطع مصالح دولية وإقليمية فلا تتركوا الفرص لتتحول هذه المنطقة الى منطقة صراع طائفي أو صراع مصالح دولية وأشير إلى هذه النقطة لأن الحكومة الروسية أرسلت قطع بحرية إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط تحت ذريعة حماية مصالحها في المنطقة وهذا يذكرنا باطماع روسيا القيصرية وبما تعرضت له دول آسيا وآفريقيا من حملات إستعمارية.
الآن منطقة الشرق الأوسط برميل بارود تساهم إيران وروسيا في زيادة حجم البارود دون أن تدركا خطورة ذلك على الأمن والإستقرار في العالم.
أخيراً لكم أطيب تحياتي.
عبد الحليم خدام.
النائب السابق للجمهورية العربية السورية