رسالة السيد عبد الحليم خدام حول مبادرة دي ميستورا

الناشر: وكالات

تاريخ نشر المقال: 2015-09-02

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
رسالة السيد عبد الحليم خدام حول مبادرة دي ميستورا
الحل السياسي للأزمة الدامية في سورية
لم يعرف العالم في العصر الحديث حاكما يقتل شعبه ويدمر وطنه ويشتت مواطنيه ويصادر الحريات العامة والفردية ويخرب الإقتصاد الوطني مثيلا للطاغية بشار الأسد الذي استخدم القوات المسلحة وأجهزة الأمن في قتل مواطنيه وتدمير البلاد وفتح أبواب السجون ونشر الفساد .
الظلم والقهر والتجويع عوامل أساسية في إثارة الأحقاد والكراهية ضد النظام الذي ارتكب جريمة أخرى باستخدام العصبيات الطائفية والعرقية وتحريض الأقليات وكل ذلك ينتج تمزيق البلاد والصراعات بين المواطنين دون أن يدرك الطاغية أنه وضع سورية في قلب دائرة الخطر .
في قلب الأحداث الدامية اتفقت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا على عقد مؤتمر لإيجاد حل للمأساة التي ارتكبها الطاغية بشار الأسد ,وبالفعل عقد مؤتمر جنيف في آواخر حزيران عام 2012 وضم عدد من الدول الأوروبية والعربية بالإضافة إلى منظمي المؤتمر .
بعد نقاش طويل اتفق المؤتمرون على وثيقة لحل الأزمة السورية وسميت وثيقة جنيف 1 .
تضمنت الوثيقة عدة مبادىء منها ما يساعد في حل الأزمة ومنها مايثير إعتراضات كثيرة ليس فقط من الشعب السوري وإنما أيضا من الدولتين المشرفتين على المؤتمر .
الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت أن الوثيقة تبعد بشار الأسد عن السلطة وتمسك الاتحاد الروسي ببقاء بشار الأسد .
المادة التي أثارة الخلاف هي التالية :
( إقامة هيئة حكم إنتقالية باستطاعتها أن تهيء بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الإنتقالية وأن تمارس هيئة الحكم الإنتقالية كامل السلطات التنفيذية ويمكن أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومن المجموعات الأخرى ويجب أن تتشكل على أساس الموافقة المتبادلة ).
هذا النص فيه غموض يجمده وهو :
أولا : أعطت الوثيقة للهيئة الإنتقالية كافة الصلاحيات التنفيذية ولكنها لم تتعرض لرئيس الدولة الذي وبموجب الدستور السوري يملك مطلق الصلاحيات التشريعية والتنفيذية , لاسيما أن هذه المادة إذا لم تتفق عليها كل الأطراف تعطل الوثيقة بكاملها .
ثانيا : لم يحدد المشروع كيفية إختيار ممثلي المعارضة وإختيار الطرف الثالث الوارد في النص وكيفية تحقيق التوازن في أعمال المجموعة .
كما ورد في المشروع الفقرة التالية :
( استمرار المؤسسات الحكومية والموظفين من ذوي الكفاءات , فمن الواجب الحفاظ على الخدمات العامة أو إستعادة سير عملها ويشمل ذلك فيما يشمل قوات الجيش ودوائر الأمن , ومع ذلك يتعين على كافة المؤسسات الحكومية بما فيها دوائر الإستخبارات أن تتصرف بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان والمعايير المهنية وأن تعمل تحت قيادة عليا تكون محل ثقة الجمهور وتخضع لسلطة هيئة الحكم الإنتقالية ).
بالتأكيد هدف الشعب السوري ليس إسقاط الدولة السورية لأن الدولة موضوع والنظام السياسي موضوع آخر , الهدف إسقاط النظام السياسي وإسقاط النظام السياسي لايعني حل مؤسسات الدولة وإنما يجب تطهيرها وتنظيفها , فإذا لم يحدث ذلك وبقيت أجهزة الأمن كما هي وأجهزة الجيش كما هي وأجهزة الإستخبارات كما هي فإن ذلك سيؤدي إلى عودة النظام بإنقلاب عسكري وليس من الضرورة أن يعود بشار الأسد وإنما أن يعين مثيلا له وهذا سيؤدي إلى إنهيار المؤسسة الجديدة وإنتشار الفوضى في البلاد ونمو التطرف .
هذا النص كان يجب أن يكتمل بمبدأ محاسبة الذين ارتكبوا جرائم القتل والتدمير والفساد لأن ليس كل من عمل في الدولة مسؤول عن سياستها ولكن في بنية الدولة أشخاص فقدوا قدرتهم في الإستمرار في الخط الذي يضمن مصالح البلاد وهذا الخط يحدده الشعب عبر إنتخابات حرة وإذا لم يكن ممكنا إجراء إنتخابات يعقد مؤتمر وطني شامل لكل أطراف الشعب السوري بمكوناتهم القومية والدينية والسياسية الذين عارضوا النظام المستبد وعملوا على إسقاطه .
بعد أربع سنوات ونصف من جرائم القتل والتدمير تحركت الدول الكبرى بهدف إيجاد حل للأزمة السورية ولكنها بقيت مقسمة , الولايات المتحدة أعلنت أن لاحل سياسي بوجود الطاغية بشار وروسيا أعلنت أن لاحل سياسي بغياب بشار الأسد , وفي هذه الأجواء برز موظف أممي السيد ستافان دي ميستورا الذي أوفده الأمين العام للأمم المتحدة للبحث عن حل سياسي وليس معروف عنه أنه عمل في الأمم المتحدة في ملفات الشرق الأوسط أو في الملف السوري , وقدم مشروعا تبناه مجلس الأمن الدولي بالإجماع دون مناقشته مع أن المشروع فيه ثغرات كثيرة لاتجعله صالحا للتطبيق .
الثغرات الكبرى في المشروع :
أولا : المشروع أبقى على بشار الأسد ونظامه وتجاهل دماء مئات الآلاف من السوريين كما تجاهل الدمار والمعاناة التي يعيشها السوريون .
ثانيا : المشروع يؤدي إلى تفكيك الوحدة السكانية والجغرافية لسورية وإقامة تنظيمات حكومية (كانتونات ) تدير كل قسم
ثالثا : ركز المشروع على وضع الأقليات .
بموجب هذا المشروع سيكون في سورية عدة دويلات ,دولة في الساحل , دولة في دمشق , دولة في حلب , دولة في المناطق الشرقية , ودولة في وسط سورية حمص وحماة .
أتوجه بنداء حار إلى أبناء سورية وإلى التنظيمات السياسية ومنها الإئتلاف الوطني أن يتمعنوا بخطورة هذا المشروع , الهدف النهائي هو إسقاط سورية التي حملت مبادىء العدالة والحق والمساواة التي أتى بها الإسلام والديانات السماوية ووصلت بجهود السوريين إلى حدود الصين وجنوب أوروبا .
وتميز السوريون عبر تاريخهم الطويل بالتعايش بين مكونات الشعب الدينية والطائفية والقومية والسياسية وهذا التعايش إرث عريق في قلوب وعقول السوريين .
تفكيك سورية ليس خطيرا على الشعب السوري فقط بل إنه سيمتد إلى دول عربية وإسلامية أخرى .
أيها الأخوة
يجب أن نكون حذرين من الذين يحاولون إنقاذ الشعب السوري ونواياهم في مكان آخر .
ليس من حق أي سوري أن يتصرف في قضايا وطنية منفردا لأن الخطأ في هذه الأمور له عواقب كبيرة على البلاد .
مشروع دي ميستورا هو لغم كبير علينا جميعا أن نتجنب السقوط في هذا اللغم , وطنكم أيها الأخوة المواطنون في خطر كبير وبحاجة إلى كل منكم أناشدكم أن تنبذوا خلافاتكم وأن توحدوا جهودكم لإنقاذ سورية الوطن وسورية الشعب .
أسأل الله أن يرشدنا جميعا إلى مافيه خير لشعبنا ولأمتنا .
عبد الحليم خدام
Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp

مقالات حديثة


مذكرات ووثائق خدام ..عرفات يستسلم ويغادر بيروت… ومبعوث ريغان يزور دمشق سرا ويلتقي الأسد (5 من 5)

2024-05-25

تنفيذ الخطة الأميركية… هكذا أسدل الستار على الوجود الفلسطيني في العاصمة اللبنانية المجلة بعد مفاوضات على وقف النار في بيروت ومفاوضات دبلوماسية في عواصم عربية وفي نيويورك، تبلورت الخطة الأميركية وحُلحلت “عقدها” بين أوراق وزير الخارجية السوري عبد الحليم خدام نص الخطة الأميركية لـ”رحيل قيادة ومكاتب ومقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية” من بيروت، وهي كالآتي 1 […]

مذكرات ووثائق خدام ..أول رسالة خطية من عرفات للأسد… والرئيس السوري يحذره: أنا لست الرئيس سركيس أو الملك حسين (4 من 5)

2024-05-24

خدام يكذّب رئيس “منظمة التحرير” ويقول إن إسرائيل تريد “تحويل المقاومة الفلسطينية من مشكلة لإسرائيل إلى مشكلة لسوريا” المجلة في 7 أغسطس/آب، أرسل رئيس “منظمة التحرير الفلسطينية” ياسر عرفات أول رسالة إلى الأسد بعد حملات إعلامية وعسكرية بينهما، هذا نصها: “السيد الرئيس حافظ الأسد، كما تعلمون سيادتكم، بناء على قرارات جدة، جرت بيننا وبين الحكومة […]

مذكرات ووثائق خدام ..”رسالة طمأنة” من بشير الجميل الطامح لرئاسة لبنان الى الأسد… و”عقد” أمام خطة المبعوث الأميركي (3 من 5)

2024-05-23

استمرت المفاوضات بين عرفات والإسرائيليين عبر المبعوث الأميركي والرئيس الوزان إلى أن تم التوصل إلى اتفاق في مطلع أغسطس 1982 المجلة تفاصيل رسالة من بشير الجميل، عدو سوريا اللدود، إلى الأسد لطمأنة دمشق خلال سعيه إلى الرئاسة، إضافة إلى تفاصيل خطة حبيب لإخراج عرفات ومقاتليه إضافة إلى التقارير التي كان يرسلها رئيس جهاز الاستخبارات السورية […]