أيها الأخوة
تحية طيبة وبعد
أولا- تشكل منطقة الشرق الأوسط بسبب موقعها بين القارات الثلاثة ومخزونها النفطي الهائل المنطقة الأكثر أهمية بالنسبة لاقتصاد العالم وأمنه
بعد الحرب العالمية الثانية أعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية هذه المنطقة الأكثر أهمية بالنسبة لمصالح العالم الحر وأمنه وبذلك كانت احدى مناطق الصراع مع الاتحاد السوفييتي
والى جانب الأهمية الاستراتيجية لمصالح الغرب فهي ذات أهمية كبرى بالنسبة للصين بعد تطورها الاقتصادي الهائل وحاجتها للنفط كما تشكل المنطقة أهمية خاصة لروسيا الناهضة باعتبارها منطقة مساومة مع الغرب لضمان مصالحها
ثانيا – في هذه المنطقة ثلاثة قوى تعمل على الامساك بزمام المنطقة وهي:
آ- الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبرز الدور العسكري المباشر للغرب إثر إجتياح نظام صدام حسين الكويت وبذلك فالمنطقة بالنسبة للغرب منطقة أمنية حمراء .
ب- اسرائيل ومشروعها العدواني التوسعي رغم ما يظهر من إنحصار في هذا المشروع ولكن هذا الانحصار كان بديله ظاهرة ضعف العرب وتفككهم واقامة علاقات مباشرة وغير مباشرة مع عدد كبير من الدول العربية الى جانب تراجع القضية الفلسطينية واتساع دائرة الاستيطان
ويمكن القول أن المشروع الاسرائيلي يقع في دائرة الدعم الغربي لاسرائيل وحمايتها
ج – المشروع الايراني الذي أسسه آية الله الخميني بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران والهادف الى بناء دولة قوية تكون مرجعية القرار في المنطقة وقد تعزز هذا التوجه بعد نهاية الحرب مع العراق عام 1988 وتمكنت ايران من تأسيس قوة كبرى عسكرية وأمنية وسياسية واعتمدت سياسة استخدام الفرص لتحقيق برنامجها فامتد نفوذها من لبنان شاملا قطاعا واسعا من الفلسطينيين بالاضافة الى تحافها ونفوذها في سوريا كما أنها استخدمت حلفائها من الأحزاب العراقية لتغطية الحرب الأمريكية على العراق وبذلك فقد ارتاحت من نظام صدام حسين كما خسر الأمريكان في العراق واليوم تعتبر ايران اللاعب الأساسي في العراق.
والى جانب كل ذلك فقد استخدمت ايران نمو العصبية المذهبية لدى المسلمين الشيعة الذين أصبح ولاء معظمهم الى ايران
ثالثا- ومن المؤلم والمخيف أن معظم هذه الصراعات في المنطقة وحولها تدور على أرض العرب وحول ثرواتهم ومستقبلهم وأمنهم في غياب أي مشروع عربي وفي ظل وضع عربي متفكك .
رابعا – يدور الصراع الآن عمليا بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية جهة وبين ايران من جهة ثانية :
آ- هدف الغرب تغيير النظام في ايران وقيام نظام جديد واعادة النفوذ الايراني الى داخل ايران وبعبارة أخرى المطلوب أن تتغير ايران الحالية لتقوم دولة ايرانية كبيرة لكنها محصورة في حدودها الوطنية كما هي الحال بالنسبة لمصر
ب- هدف ايران كما أشرت الامساك بالمنطقة من لبنان الى أفغانستان وتكون قائدة شعوب المنطقة ومرجعيتها وانهاء النفوذ الغربي مع استمرار حالة العداء لاسرائيل
تمكنت ايران من استخدام مسألة المقاومة فأسست حزب الله في لبنان ووظفت تحافها مع سوريا للامساك بالورقة الفلسطينية وبالتالي قدمت نفسها كأنها الجهة الوحيدة المعادية لاسرائيل وذلك لاستقطاب الرأي العام العربي وبالتالي نجحت عبر هذه السياسة بالامساك بلبنان وبقسم كبير من الورقة الفلسطينية بالاضافة الامساك بالنظام في سوريا والوضع في العراق واذا استعرضنا وضع ايران خلال حرب الثمانينات ووضعها اليوم نجد أنها امتلكت أوراقا أساسية في المنطقة العربية وفي أفغانستان وتستخدم هذه الأوراق في حماية مصالحها وأهدافها الوطنية
خامسا- السؤال المنطقة الى أين هل هي ذاهبة الى السلام الاقليمي والدولي ام الى استمرار الصراع واحتمال تحوله الى صراع عسكري؟
هذا الأمر يتطلب الوقوف عند الأهداف الرئيسية لطرفي الصراع هل ايران جاهزة للتنازل عن استراتيجيتها وأهدافها بعد أن أسست هذه القواعد ؟
أشك بذلك لأن أي تراجع في الأهداف الاستراتيجية الايرانية سيؤدي الى سقوط النظام لاسيما كما نعرف أن تصدعا برز في البنية السياسية الايرانية وهذا التصدع قد يكون سببا لاستمرار التشدد ولكن هل ايران ستشن حربا ضد الغرب وضد اسرائيل لتحقيق أهدافها ببساطة هذا لن يحدث فالقوة الايرانية قوة دفاعية ولن تقاتل خارج حدودها الوطنية الا في حالة الدفاع عن النفس ولكنها ستستمر باستخدام سياسة القضم .
السؤال الآخر هل الغرب مستعد للتخلي عن أهدافه الاستراتيجية في المنطقة وتسليم الأمر لايران ويتعامل معها في اطار المصالح أيضا أشك في ذلك لأن استراتيجية ايران لها بعدان بعد اقليمي وبعد دولي اسلامي وتسليمها المنطقة سيؤدي الى سلسلة من الاضطرابات في المنطقة وبالتالي فان أمن النفط سيكون مهددا .
عملية الصراع ستستمر وتشهد صعودا وهبوطا وستبقى المنطقة في حالة من عدم الاستقرار والاضطراب الى أن يتم حسم هذا الصراع من قبا أحد الجانبين
سادسا- التحالف بين النظام السوري وايران سيستمر لأسباب عديدة تتعلق بطبيعة النظام وبمجمل الأوضاع في المنطقة وبالتالي فان المحاولات التي بدأها الغرب وبعض الدول العربية لاحتواء النظام ستكون فاشلة لأن النظام يدرك أن فك الارتباط مع ايران سيفقده أوراقا أساسية تلعب دورا في حمايته بالاضافة الى ذلك المطلوب منه ليس فقط أن يتخلى عن الحلف مع ايران بل أكثر من ذلك أن يساهم في تصفية حزب الله وحركة حماس وبقية أطراف المعارضة الفلسطينية كما يعرف أن الغرب غير قادر أن يعيد له الجولان على أساس الشروط السورية وبالتالي سيصبح النظام نظاما هامشيا تزداد صعوباته الداخلية ومتاعبه .
الانفتاح الذي جرى باتجاه النظام ليس دائما بل مرتبط بتنفيذ المطلوب منه .
سابعا- في ضوء هذه المعطيات يجب التركيز على النشاط في الداخل لأن الهدف الرئيسي للمعارضة الخلاص من الوضع الشاذ ومن معاناة الشعب بغض النظر عن العوامل الخارجية وتأثيرها رغم أنها بالفعل مؤثرة في كثير من الأحيان فالمعارضة لم تنشأ لأسباب تتعلق بالخارج بل لأسباب وطنية وبالتالي يجب تركيز النشاط الى توسيع قاعدة المعارضة من جهة ومن جهة ثانية يجب العمل على توحيد صفوف المعارضة والتي كان من أكبر ثغراتها حالة التشرذم.
اني واثق أن شمس الحرية ستشرق في سماء سوريا باذن الله ولكن علينا عدم الوقوع باليأس تحت ضغط حدث هنا أو حدث هناك
عبد الحليم خدام