سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 نوفمبر 1977.. وزير خارجية سوريا يسأل عن مغزى إشارة الرئيس السادات للذهاب إلى القدس.. ونظيره المصرى «إسماعيل فهمى» يكرر نفيه القاطع للزيارة

الناشر: اليوم السابع

تاريخ نشر المقال: 2020-11-12

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
توجه عبدالحليم خدام، وزير خارجية سوريا، بسؤال إلى محمود رياض أمين عام جامعة الدول العربية، عن مغزى إشارة الرئيس السادات إلى إمكانية زيارته للقدس، فأجابه «رياض» إنها مجرد عبارة عابرة.. يتذكر «رياض» فى مذكراته «البحث عن السلام.. والصراع فى الشرق الأوسط»: «أجبته بأنها مجرد عبارة عابرة، وقلت متسائلا: هل تتخيل حقا أن هذا يمكن حدوثه؟».. يؤكد «رياض»: «ظل الشك يراود خدام حتى انضم إلينا إسماعيل فهمى وزير خارجية مصر، الذى أصر على أن كلمات السادات كانت مجرد تأكيد على رغبة مصر فى السلام، ولا تحمل إطلاقا معنى استعداده للذهاب إلى القدس، وعندما انضم إلينا آخرون من وزراء الخارجية، كرر فهمى نفيه القاطع للزيارة»
كان ذلك قبل بدء اجتماعات وزراء الخارجية العرب فى تونس لحضور اجتماعات مجلسهم الوزارى المقرر يوم 12 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1977، وكان بعد ثلاثة أيام من إعلان الرئيس السادات مفاجأته أمام اجتماع مجلس الشعب «البرلمان» يوم 9 نوفمبر 1977، بالاستعداد للسفر إلى إسرائيل وإلقاء خطاب فى الكنيست، وألقت هذه المفاجأة  بظلالها على الاجتماع لكن لم يتوقع أحد أن تتحول إلى حقيقة
يؤكد «فهمى»، فى مذكراته «التفاوض من أجل السلام فى الشرق الأوسط»، أن الاجتماع شارك فيه ولأول مرة واحد وعشرون من اثنين وعشرين من وزراء الخارجية العرب.. وأن الحديث كثر فى دهاليز المؤتمر حول نوايا السادات، وأشيع أنه لا شك ذاهب إلى القدس، لكن فهمى نفى كل ذلك، مؤكدا أن مصر ملتزمة بأن السلام إن لم يكن شاملا، وإذا لم يتحقق ذلك فإنها سترفض عودة سيناء حتى لو قدمتها إسرائيل على طبق من الذهب.. يؤكد: «أصررت على هذا الموقف طوال اجتماعات تونس»
ويكشف فهمى، عن المفاوضات التى دارت فى الكواليس والجلسات العامة، وخلافاته مع عبدالحليم خدام، وخلافات خدام مع وزير خارجية العراق سعدون حماد، مؤكدا أنه تم عقد اجتماع غير رسمى فى جناح وزير الخارجية الكويتية الشيخ الصباح، وكان «خدام» هو أول المتحدثين، وكان آخرهم فهمى الذى اقترح أن يجتمع وزراء الدفاع لدراسة الوضع الحربى مع إسرائيل، ووزراء الاقتصاد والمالية العرب لتجنيد مواردنا المالية لخدمة الاستراتيجية الحربية العربية، كما اقترح عقد قمة عربية بعد ثلاثة أشهر للتصديق على توصيات وزراء الخارجية، لكن خدام اعترض على موعد الثلاثة أشهر، مصمما على أن تكون بعد عشرين يوما فقط، وهدد بالعودة إلى دمشق قائلا، إن طائرته ما زالت مستعدة فى مطار تونس، ويذكر فهمى أنه رد على خدام مداعبا: «أفضل شىء لك يا عبدالحليم أن تركب الطائرة فعلا، وتعود إلى وطنك»، وضحك الجميع، وأضاف فهمى: «أكره أن يتركنا صديقى عبدالحليم، وتوصيتى له بعد أن نفترق، أن يهرع لينام نوما هادئا ويقابلنى الساعة السادسة والنصف فى الاجتماع الرسمى»
افتتحت الجلسة بكلمة ألقاها رئيس وزراء تونس، وترأس الاجتماع حبيب الشطبى وزير خارجية تونس، وألقى «رياض» خطابا، ثم أعلن «الشطبى» فتح باب المناقشة، وتساءل عما إذا كان هناك من يريد الكلام؟، وحسب فهمى: «لم يجد الشطبى تجاوبا وساد الاجتماع سكون تام، وكان هذا شىء جديد، وبعد مرور دقائق اتجهت الأنظار إلى عبدالحليم خدام لكن دون جدوى، وصار الجو غير عادى، فأعاد «الشطبى» سؤاله، لكن لم يطلب أحد الكلام، ويؤكد فهمى: «قاطعت السكون بدعابة قائلا: «جرت العادة، إذا لم يكن خدام أول المتحدثين، فلن يتحدث أى شخص آخر، ولن تكون على ذلك أى حيوية فى اجتماعاتنا
انتهى الاجتماع بقرارات مهمة أبرزها وفقا لرياض: «الالتزام بوحدة العمل العربى، وإسقاط محاولات العدو الإسرائيلى التى تستهدف تجزئة الصراع، ودعم منظمة التحرير الفلسطينية».. يكشف «فهمى» أن السادات طلبه مرتين أثناء الاجتماعات، وسأله فى الاتصال الأول عن جو الاجتماع والقرارات التى يحتمل أن يتخذها، وموعد عودته، أما فى الاتصال الثانى فيقول فيه عن السادات: «كان مضطربا وعصبيا، وتكلم عن مناحم بيجين «رئيس وزراء إسرائيل» بهلوسة ولغة شديدة، وكانت ثورته متجهة نحو الكلام الذى خاطب به بيجين المصريين يوم «11 نوفمبر»، ردا على استعداد السادات للذهاب إلى القدس، وحاول بيجين إقناع المصريين بأنه راغب فى السلام لكن بشروطه هو، كإعلانه صراحة أن «جوديا وسامرا» أو الضفة الغربية هى أرض إسرائيلية
طلب السادات من فهمى إعداد رد قوى على هذا الادعاء، ففعل فهمى مسرورا، وظهر فى الصحف المصرية على أنه مذاع من وزارة الإعلام
Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp

مقالات حديثة


مذكرات خدام …”رسائل غرام وتهديد” بين ريغان والأسد… أميركا تنسحب من لبنان وإسرائيل تتراجع وسوريا “تستفرد”

2024-10-28

دمشق تطلق سراح الطيار الأميركي وسط جولات مكوكية لرامسفيلد مبعوث البيت الأبيض… وواشنطن تفشل زيارة سرية لحكمت الشهابي   وسط تبادل القصف العسكري الأميركي–السوري في لبنان ومرض الرئيس حافظ الأسد وطموح العقيد رفعت في السلطة وتصاعد الحرب العراقية–الإيرانية، التقى وزير الخارجية السوري عبدالحليم خدام والسفير الأميركي روبرت باغانيللي في دمشق خلال شهر ديسمبر/كانون الأول عام […]

مذكرات خدام …صدام أميركي – سوري في لبنان… ومبعوث ريغان يطلب لقاء رفعت الأسد بعد مرض “السيد الرئيس”

2024-10-27

خدام يهدد سفير واشنطن بـ”الطرد الفوري”… وتبادل القصف السوري-الأميركي   حاول الرئيس رونالد ريغان احتواء الأزمة مع الرئيس حافظ الأسد بعد تفجير “المارينز” والقصف، وأرسل مبعوثه الخاص دونالد رامسفيلد إلى دمشق في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1983. كان رامسفيلد وزيرا سابقا للدفاع في عهد الرئيس جيرالد فورد، قبل أن يعود إلى المنصب نفسه في عهد الرئيس […]

مذكرات خدام …تفجير “المارينز” قبل حوار جنيف اللبناني… وأميركا تتهم إيران بالعمل “خلف خطوط” سوريا

2024-10-26

واشنطن تتهم طهران بالوقوف وراء هجمات بيروت وتنتقد دمشق لـ”تسهيل الدور الإيراني” عاد روبرت ماكفرلين نائب رئيس مكتب الأمن القومي في الولايات المتحدة الأميركيةإلى دمشق في 7 سبتمبر/أيلول، مكررا ما قيل في السابق، عن ضرورة الانسحاب السوري من لبنان بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي. وفي الثاني والعشرين من الشهر نفسه قدم إلى سوريا مجددا وقال إن […]