اعتبر نائب الرئيس السوري السابق والقيادي في جبهة الخلاص الوطني عبد الحليم خدام أن “النظام السوري بات يصارع سكراته الأخيرة”.
ورأى خدام في مقابلة مع وكالة أكي الايطالية للأنباء أن ” الحماقات والأخطاء التي ارتكبها حكام دمشق وطبيعة النظام نفسها لم تعد تتلاءم مع العصر الراهن، فهو نظام تكون وروض النفس على الاستبداد والقمع والفساد ونشر الأعمال التخريبية في الخارج والداخل”.
وعن الوضع الداخلي جدد النائب السابق للرئيس السوري تأكيده على أن “بنية النظام استبدادية وهذا واضح بجلاء من خطاب اليوم الذي انطوى على تدليل للهوية الشمولية من قبيل ماقاله بشار نحن فضلنا الاستقرار على الحرية لأن عدم الاستقرار يعني الفوضى وعدم التنمية في البلاد”
ثم تساءل مستغرباً “منذ متى تنتج الحرية الفوضى؟” وأضاف ” على العكس فالقمع هو الذي ينتج الفوضى مما يهيئ بيئة صالحة لنشوء وتطور المنظمات المتطرفة”. ولفت خدام إلى أن “الاستقرار الناجم عن قوانين الطوارئ المطبقة منذ 44 عاماً ومصادرة الحريات والاعتقالات التعسفية وزج الأحرار في السجون، مزعزع الأركان ومشوه”.
وأعرب المعارض السوري البارز عن دهشته من “ادعاء بشار الأسد ممارسة مايسمى الجبهة الوطنية التقدمية للديمقراطية” وأردف ” الجبهة الوطنية أشبه ما تكون بسيارة خردة لا تستحق سوى الشفقة فهل من سوري يصدق ما تحدث عنه بشار من إصلاحات؟ لا بل كيف يمكن التذرع بتأجيل الإصلاحات لوجود ضغوط خارجية؟ الجميع يعرف بأن الدولة تكون احوج من أي وقت مضى للإصلاحات الداخلية زمن الضغوط وذلك لتعزيز اللحمة الوطنية إذا من المستحيل التصدي للظروف الدولية الغير مواتية بينما يستشري الفساد وتعم الفوضى والمحسوبية أرجاء الإدارة العامة وتطبق الاجهزة الأمنية على أنفاس المواطن كما هو الحال الآن في سوريا” وأضاف “هذه هي النتيجة الطبيعية عندما يمارس شخص واحد مناصب الرئيس ورئيس الوزراء والوزير ومدير فرع المخابرات في آن معاً”. وعن التنمية الاقتصادية أشار خدام إلى أن ما قاله الرئيس السوري عن نمو 5،5% لم يستفد من الشعب السوري في سواده الأعظم” وأضاف ” دعنا نرى في ظل السياسة الاقتصادية للنظام ماذا حدث؟ لقد طفت على السطح طبقة طفولية جديدة في المجتمع قوامها الأسرة الحاكمة وحواشيها وأدواتها تم تحويلها فيما بعد إلى طبقة سياسية تكون قفازه في تسيير شؤون البلاد”.
وتطرق إلى ما قول الرئيس السوري بان “الفساد ناشئ عن التربية البيتية” وتساءل “هل يعني هذا أن أقرباء الرئيس السوري الذين تحولوا خلال سنوات قليلة من فقراء مدقعين إلى فاحشي الثراء قد تمكنوا من ذلك نتيجة عبقريتهم الخارقة او كفائتهم المهنية أم لأسباب أخرى؟”. وذكر خدام بالاسم كل من “جميل الأسد عم الرئيس السوري” الذي قال انه “كان ضابطاً لا يتجاوز راتبه الشهري الثلائمائة ليرة سورية في السبعينات لكن عندما توفي فاقت ثروته الأربع مليارات ليرة سورية” وأيضا خال الرئيس السوري “محمد مخلوف الذي كان راتبه كموظف في شركة طيران عبارة عن 300 ليرة سوري أما الآن فيملك ثروة بمليارات الدولارات” ثم ابنه وهو ابن خال بشار الأسد “رامي مخلوف الذي يمسك الآن بكل الخيوط الاقتصاد المحلي علماً أن كان عبارة عن طالب حديث التخرج يقول زملاءه عنه انه لم يكن مجداً ونجح كما ينجح أبناء الطبقة الحاكمة” وأردف متسائلاً “كيف أصبح رامي مخلوف إذاً من أكبر أثرياء العرب ؟” وعن الخطوات التي ستتخذها جبهة الخلاص الوطني دولياً وعربياً في المرحلة القادمة قال خدام “لدى الجبهة اجتماع قريب للأمانة العامة وستناقش جملة من المواضيع منها موضوع الخطاب وسياسة النظام وممارساته وستتخذ جملة من التحركات ستعلن في وقتها”
وسخر نائب الرئيس السوري السابق مما جاء على لسان الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه صباح اليوم حول القومية العربية قائلا: “إن الفكر القومي ليس كلمة تقال بل ثقافة وممارسة، فكيف يمكننا تصور أن هذا الفكر الذي عجز عن استيعاب الوحدة الوطنية وارتكب أخطاء كبرى أحدثت تصدعا وتشققاً في البنية الداخلية للوطن قادر على أن يفرز فكراً قوميا يبلور عملاً عربياً؟” وتساءل “هل الانسلاخ عن العالم العربي واستعداءه والارتماء في أحضان إيران هو منتج للفكر القومي؟؟”.
وحول الملف اللبناني لفت خدام الذي ظل مسؤولاً عنه لسنوات طويلة إلى أن ” هناك أدلة على تورط النظام في تأجيج التأزم الطائفي في لبنان ولاسيما قضية تنظيم فتح الإسلام الذي يقاتل الجيش اللبناني منذ شهرين” ثم تساءل “من أين لفتح الإسلام هذا الحجم من المتفجرات وبعض الأسلحة التي لا يحتكم عليها حتى الجيش اللبناني نفسه؟” مشيراً إلى أن “الأسلحة جاءت من النظام السوري لأن فتح الإسلام هو عبارة عن منظمة تم تأسيسها على يد المخابرات العسكرية السورية ويشرف عليها شخصياً آصف شوكت (صهر الرئيس السوري ورئيس الاستخبارات العسكرية السورية) وعدد من الضباط لا استطيع أن اكشف اسماءهم لضرورة التحقيقات الجارية”. وأكد خدام انه “لا يسع احد أن يقتنع بأن شاكر عبسي زعيم فتح الإسلام تمكن خلال خمسة أشهر فقط من تكوين منظمة تمتلك هذا الكم الهائل من الأسلحة المتطورة والرجال المتمرسين على القتال”.
وذكر خدام ب”تهديدات بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع ووزير خارجيته المعلم” الذين كرروا في أكثر من مناسبة أن “لبنان سينفجر في حال أقيمت المحكمة الدولية” حول اغتيال الحريري، وأضاف “هل هذه التهديدات صدرت عفو الخاطر؟”
واقر خدام أن “النظام قادر على تدمير لبنان فالتدمير امر سهل لكن تبعات وانعكاسات هذا التدمير ستشكل كارثة على سوريا نفسها لأن تشجيع هذه الأساليب واللجوء إليها يعطي مبررات لنمو واستشراء التطرف في سوريا ذاتها”.
وعن إمكانية تحقيق السلام بين سوريا وإسرائيل قال النائب السابق للرئيس السوري ” إن ما يتشدق به بشار مجرد محاولة يائسة للتعمية والتستر على الاتصالات الخلفية التي يجريها”. ولاحظ خدام أن ” بشار يوجه عملياً رسالة لبعض التيارات السياسية في الساحة العربية مفادها أن المفاوض السري إبراهيم سليمان (الطبيب الأمريكي السوري الذي زار إسرائيل بهدف إجراء مفاوضات سرية) مجرد أكذوبة وأنه متمسك بالثوابت”. وأكد خدام أن “نظام دمشق في الحقيقة غير جاد بل غير قادر على تحقيق السلام لان أي نظام فردي كذلك القائم في دمشق لا يمكن أن ينتج سوى سلاماً هشاً ضعيف الأركان” وأضاف ” بشار عاجز عن تقديم ما يريد الإسرائيليون وهذا يجعل من المستحيل على اولمرت وأي رئيس وزراء إسرائيلي آخر أن يقدم على السلام مع النظام”.
وعن حقيقة وديعة رابين لفت خدام إلى أن ” أحاديث كثيرة تم تداولها عن وديعة رابين إلا أن الأمر لا يعدو سوى كلاماً شفهياً صدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين للرئيس بيل كلنتون تضمن شروط أمنية منها عدم وجود قوات سورية وأخرى تتعلق بالرقابة على الحدود وحول المياه لو فعلها السوريون فستنسحب القوات الإسرائيلية من الجولان” واستنتج “أنا شخصياً أشك أن الرئيس الراحل حافظ الأسد كان بوسعه أن ينفذ الشروط التي وضعها رابين”.
واتهم النائب السابق للرئيس السوري النظام في دمشق بدعم الإرهاب في العراق فقال ” منذ أكثر من شهر ونصف تم الإعلان رسمياً في مدينة النجف العراقية عن اكتشاف سيارة فيها كمية كبيرة من المتفجرات وناقلة ترافقها كانت مفخخة. السيارتان قدمتا من الحدود السورية أي من داخل سوريا. طبعاً لا يمكن لهذه المنظمة أن ترسل من سوريا هذه الكمية من المتفجرات دون علم السلطات السورية، فالجميع يعلم كيف تحصي أجهزة المخابرات أنفاس السوريين” وضرب مثالاً على ذلك “إذا زار طالب موقع انترنت محجوب يحكم عليه أوتوماتيكيا بخمس سنوات سجن فكيف تستطيع أجهزة الأمن السورية مراقبة طالب وتعجز عن مراقبة منظمات تقوم بإعداد مثل هذه المواد التفجيرية”. ورأى خدام أن “هذه المتفجرات أرسلت إلى فصائل متواجدة في النجف على صلة جيدة مع النظام ولاسيما التيار الصدري” وأضاف “كل ما ذكرته ليس مجرد اتهام بل وقائع معلنة من قبل الحكومة العراقية منذ أكثر من شهر ونصف”.