دبي، الإمارات العربية المتحدة – عبد الحليم خدام، أحد الساسة السوريين الأكثر إثارة للجدل بسبب مواقفه التي يصفها البعض بـ”الجريئة” وانتقاله من ضفة إلى أخرى عبر انشقاقه عن حكم حزب البعث في بلاده عام 2005 يعد أن كان على مر عقود أحد أبرز رموزه ومن أكثر الشخصيات تأثيرا في السياسة الخارجية السورية منذ وصول حافظ الأسد إلى سدة الحكم. وبعد أن أكد صديق مقرب لخدام لـCNN وفاته صبيحة الثلاثاء في العاصمة الفرنسية، باريس، نستعرض نبذة عن حياة “أبو جمال” في عالم السياسة.

الخطوات الأولى في السياسة

كان أول منصب سياسي يتولاه خدام، الذي وُلد في 15 سبتمبر/أيلول من عام 1932 في مدينة بانياس التابعة إداريا لمحافظة طرطوس، منصب محافظ القنيطرة، عام 1963 ثم أصبح محافظا لحماة.

وفي عام 1969، تسلم “أبو جمال” حقيبة وزارة الاقتصاد والتجارة تحت حكم الرئيس السوري الأسبق نور الدين الأتاسي، قبل أن يتحول إلى مستشار لحافظ الأسد ثم وزيرا للخارجية في 13 نوفمبر/تشرين ثاني من عام 1970 بعد وصول الأخير لسدة الحكم.

نسج السياسة الخارجية السورية

بقي خدام في منصبه كوزير للخارجية أقل من 14 عاما بـ4 أشهر تقريبا، لعب خلالها دورا بارزا في السياسة السورية الخارجية، حتى أصبح نائبا للرئيس في 11 مارس/أذار من عام 1984.

وخلال هذه الفترة، توسع نفوذ خدام في لبنان حتى أُطلق عليه لقب “المبعوث السامي” إلى هذا البلد، وهو منصب غير رسمي، وذلك بسبب دوره في إخماد الحرب الأهلية اللبنانية.

37 يوما على كرسي الرئاسة

بعد وفاة حافظ الأسد في يونيو/حزيران من عام 2000، ترأس خدام لجنة للإشراف على عملية انتقال السلطة، وانتخبته لجنته رئيسا مؤقتا للبلاد ورغم الإشاعات التي أثيرت حول نيته البقاء على رأس السلطة، إلا أنه لم يستمر في المنصب سوى 37 يوما، أي حتى انتخاب بشار الأسد رئيسا في 17 يوليو/تموز من العام نفسه.

الانشقاق عن الحزب

تحول خدام بعد ذلك إلى أحد أبرز المعارضين لسياسات القيادة السورية في فترة حكم الأسد الابن، وأعلن استقالته من الحزب الذي انتمى له منذ أن كان يبلغ من العمر 17 عاما، في 5 يونيو/حزيران من عام 2005، اعتراضا على عدد من السياسات التي تنتهجها القيادة في بلاده وعلى رأسها مقتل من يُعتقد أنه كان صديقا مقربا له، رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري.

وقد أصبح “أبو جمال” كما كان يُعرف أول شخصية سورية بارزة تُعلن انشقاقها عن الحزب في مؤتمر عام للبعث، لينتقل بعد ذلك إلى باريس، ويكون آخر من انشق عن الحكم في سوريا من “الحرس القديم” لحافظ الأسد.

وقال خدام بعد خروجه من سوريا إن بشار الأسد هدد رفيق الحريري عدة مرات، ليرد مجلس الشعب السوري لاحقا بالتصويت لصالح توجيه تهم بالخيانة لخدام، قبل أن يجتمع بالمحققين الأمميين المسؤولين عن التحقيق باغتيال الحريري، في يناير/كانون ثاني من عام 2006، ويقول إن الأسد أمر باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق.

حوكم خدام في محكمة عسكرية بدمشق غيابيا، وحكم عليه بالسجن المؤبد والأشغال الشاقة بسبب “تشويه سمعة القيادة السورية والكذب” أمام المحكمة الدولية المسؤولة عن اغتيال الحريري.

الحياة السياسية في المنفى والأزمة السورية

أعلن خدام تأسيس حكومة في المنفى عام 2006، وأطلق عليها اسم “جبهة الخلاص الوطني في سوريا” وضمت أطياف المعارضة السورية من ليبراليين ويساريين وقوميين وديمقراطيين  وإسلاميين بما فيهم جماعة الإخوان المسلمين التي انسحبت لاحقا، لكن آخر اجتماع لهذه الجبهة كان في 16 سبتمبر/أيلول من عام 2007 وانتهت دون أن يكون لها تأثير حقيقي في الداخل السوري.

وقف نائب الرئيس السوري السابق مع ما يُعرف بـ”الثورة السورية” ضد حكم الأسد، وقدم دعما للمعارضين السوريين الساعين لإسقاط الحكم في سوريا قبل أن يتراجع دوره تدريجيا مع التطورات الميدانية للأزمة السورية.

وفاته

أكد مصدر مقرب من خدام لـCNN، نبأ وفاته، الثلاثاء، عن عمر يناهز 88 عاما، في العاصمة الفرنسية، باريس.

يناهز 88 عاما، في العاصمة الفرنسية، باريس.