كشف نائب رئيس النظام السوري السابق، عبد الحليم خدام، في مذكراته التي نشرتها صحيفة الشرق الأوسط، عن خمسة أسباب أدت إلى نكبة عام 1967. وأهم هذه الأسباب كان قرار تغيير بيعة الجيش. من الولاء للوطن إلى الولاء للنظام.
وبحسب خدام، فإن الدول العربية لم تتخذ بعد الخطوات اللازمة لتحليل أسباب "النكبة" والعوامل التي ساهمت في ضعف الموقف العربي. وكان القرار المتخذ هو التوقيع على "اتفاقية الدفاع العربي المشترك" التي، وإن كانت مفيدة في بنودها، إلا أنها ظلت راكدة لعدم قيام مؤسساتها وأدواتها، أسوة بالتطورات اللاحقة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). في الدول الغربية وحلف وارسو في دول أوروبا الشرقية.
ثانياً، أدت الانقسامات داخل الساحة العربية وتشكيل كتلتين سياسيتين إلى تفاقم الوضع. وتضم الكتلة الأولى السعودية ومصر وسوريا، بينما تضم الكتلة الثانية العراق والأردن. وزادت التوترات مع مشاركة العراق في "التحالف المركزي" الذي شكلته إيران وتركيا والعراق، بدعم ومشاركة بريطانيا العظمى. كان الهدف من إنشاء "التحالف المركزي" هو منع التسلل السوفييتي إلى دول الشرق الأوسط.
ثالثا، فشلت الكتلة المكونة من السعودية ومصر وسوريا في إنشاء هيكل دفاعي.
رابعاً، بينما احتضنت الولايات المتحدة والدول الغربية إسرائيل وقدمت لها المساعدات المالية والعسكرية، بقيت الدول العربية دون حليف يدعمها عسكرياً ويمكنها من حماية أراضيها والدفاع عن نفسها.
وأسفرت دعوة الاتحاد السوفييتي للرئيس شكري القوتلي لزيارة موسكو عام 1955 عن عقد صفقة أسلحة مع سوريا، تماماً كما حدث مع مصر. ومع ذلك، لم يتخذ البلدان قرارًا نهائيًا بشأن طبيعة علاقاتهما مع السوفييت. ولذلك، لم يتمكنوا من الحصول على دعم عسكري يعادل ما تتلقاه إسرائيل. وبقي البلدان على هامش الصداقة دون أن يجرؤا على تشكيل تحالف بسبب ضغوط بعض الدول العربية والغرب. وهذا الوضع غير مبرر، لأنه لو اتخذ البلدان مثل هذا القرار ودخلا في مفاوضات مع الاتحاد السوفييتي، لكان بإمكانهما الحصول على الدعم اللازم.
علاوة على ذلك، كان السبب المهم الآخر هو قرار تحويل ولاء الجيش من الولاء للوطن إلى الولاء للنظام. وأدى هذا الاختيار إلى إقالة العديد من الضباط في سوريا ومصر. وفي سوريا، ارتكب البعثيون خطأً فادحاً بتحويل حزب البعث إلى حزب شمولي يملك السلطة وسلطة اتخاذ القرار. ونتيجة لذلك، تم فصل الضباط الناصريين، على الرغم من توقيع الاتفاق الثلاثي بين مصر وسوريا والعراق، الذي نص على الاتحاد بين الدول الثلاث.
كما قامت اللجنة العسكرية التي تولت قيادة القوات المسلحة بطرد العماد زياد الحريري ومعاونيه من الجيش السوري، بالإضافة إلى عدد كبير من الضباط غير البعثيين، متهمة إياهم بـ "الرجعية". ونتيجة لذلك، وجد الجيش نفسه محروماً من الضباط الأكفاء، في حين تم استدعاء ضباط الاحتياط، الذين يعتبرون موثوقين فقط بسبب انتمائهم البعثي، للخدمة العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، تبنت قيادة الحزب نهجاً متشدداً على الصعيدين الداخلي والخارجي، خاصة مع الدول العربية الأخرى، مما أدى إلى عزلتها. وفي ظل هذه الظروف وقع العدوان الإسرائيلي على مصر وسوريا والأردن في 5 يونيو 1967.