رئيس “مجمع تشخيص مصلحة النظام” الايراني: “كل قتيل أو جريح أميركي بالعراق هو قنبلة في أميركا”
بعد انهيار نظام صدام حسين بسرعة على عكس ما توقع الأسد وخامنئي وخاتمي، ونشر المراحل السابقة للغزو والتنسيق بين دمشق وطهران لإفشال الأميركيين وإغراقهم بـ “فيتنام جديدة”، تنشر “المجلة” محضر الاجتماع الشهير بين وزير الخارجية الأميركي كولن باول والأسد في دمشق في مايو/أيار 2003، أي بعد سقوط صدام، التي تضمنت تسليمه “مطالب تعجيزية” و “التنازلات المؤلمة” التي اقدمت عليها دمشق بتجميد نشاط الفصائل الفلسطينية وإغلاق حدود العراق، إضافة إلى وثيقة لقاء خدام ورئيس “مجلس تشخيص مصلحة النظام” الإيراني هاشمي رفسنجاني الذي دعا المسؤولين السوريين الى “عدم الخوف” وقوله إن “كل جريح أو قتيل أميركي في العراق، قنبلة في أميركا”:
في الثالث من مايو/أيار 2003، التقى وزير الخارجية الأميركي كولن باول بالرئيس بشار الأسد في دمشق، في لقاء شهير لأنه تضمن تسليم قائمة مطالب على دمشق أن تنفذها، بعد سقوط صدام.
يكتب خدام في أوراقه الشخصية، أن الأسد استقبله في الساعة العاشرة صباحا لإطلاعه على نتائج زيارة باول، إذ “أبدى الرئيس ارتياحه لتلك الزيارة”.
ركز باول على المطالب التالية: “1- عدم التدخل في شؤون العراق وعدم استقبال أعضاء القيادة السابقة. 2- عدم عرقلة خريطة الطريق (على المسار الفلسطيني) وإغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية وخروجها من سوريا. 3- الانسحاب من لبنان”. كما أبدى “رغبة في تحقق لقاءات بين البلدين وأنه لم يأتِ ليبلغ سوريا إنذارا وإنما بعض المطالب الأميركية المتعلقة بسياستها الشرق أوسطية”.
من جهته، ركز الأسد ، حسب الوثيقة، على القول إن “هذه مطالب أميركية ولكن أين مطالب ومصالح سوريا؟ نحن لا نسعى لعداء مع بلادكم ولكنّ لنا حقوقا ومطالب ومصالح. ما يهمنا مصير الجولان والوثوق بوعودكم، وعدنا بوش الأب وذهبنا إلى مؤتمر مدريد (للسلام في 1991) ولم نصل إلى شيء. أنتم تحدثتم عن لبنان وقررتم بصورة عابرة عن سوريا ولبنان، نريد التزاما محددا”.
أجاب باول: “بعد الانتهاء من المشكلة الفلسطينية سنركز على تنظيمات إرهابية في سوريا ولبنان. وسبق للرئيس حافظ الأسد أن رفض إنهاء كافة الجولات التفاوضية مع إسرائيل”، فأجاب الأسد بالتركيز على الحل الشامل للسلام مع إسرائيل، قائلا: “نحن أغلقنا حدودنا مع العراق ولم نستقبل أيا من القيادات العراقية وأنتم اعتقلتم بعضهم وتعرفون الحقائق”.
وتناول باول بالتفصيل موضوع تهريب السلاح إلى العراق وعبور “الجهاديين” والمتطوعين للقتال ضد الأميركيين. وحصل نقاش طويل بين الأسد وباول حول هذا الأمر. وأكد الوزير الأميركي أن “أي حكومة جديدة في العراق يجب أن تكون على علاقات ودية مع سوريا. كما يمكن بحث إعادة ضخ النفط في مرحلة مقبلة”.
وعندما طلب الوزير الأميركي إغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية، قال الرئيس السوري إن هذا الأمر “سيناقش”
ويكتب خدام: “بعد أن استمعت إلى عرض الرئيس فهمت منه أن وزير الخارجية (فاروق الشرع) اجتمع بالمنظمات الفلسطينية قبل الزيارة، وأبدت استعدادها للقيام بأي عمل تطلبه سوريا من أجل إزالة الذرائع، فكانت وجهة نظري أن اجتماع وزير الخارجية بالمنظمات كان خاطئا، فالمناقشة يجب أن تتم مع بعضهم وهم يأخذون المبادرة للنقاش مع زملائهم وأن لا توضع سوريا في الواجهة، فوافقني على وجهة نظري وسأل من يمكن أن يقوم بهذا الأمر، فأجبته السيد طلال ناجي (الأمين العام الحالي للجبهة الشعبية- القيادة العامة) و(رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” وقتذاك) خالد مشعل، وهما متفهمان للوضع، فطلب مني اللقاء مع طلال”.
اجتمع خدام لاحقا مع طلال “فأبلغني أن وزير الخارجية (الشرع) سألهم رأيهم في الوضع فتحدث كل واحد مؤيدا وداعما لسوريا، فقال لهم: سياستنا ثابتة تجاه الأميركيين ولن نستجيب لمطالبهم. فسألوا إذا كان هناك شيء مطلوبا. أجابهم: لا يوجد هناك شيء مطلوبا، ورفضنا سياسة الإملاء وقبلنا بالحوار، طالبوا بإغلاق المكاتب الفلسطينية فرفضنا، وطالبوا بالانسحاب من لبنان وحل حزب الله فرفضنا،وموضوع المكاتب وحزب الله ولبنان خط أحمر”
(الثاني من اليسار) الأمين العام لـ”الجهاد الإسلامي” رمضان عبد الله شلح، رئيس “حماس” خالد مشعل، الأمين العام لـ”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة”، أحمد جبريل، خلال الذكرى العشرين لتأسيس “حماس” في دمشق، 4 يناير 2008
ويشير خدام إلى باول: “طلب انسحاب سوريا من لبنان فأجابه الرئيس: إننا أعدنا الانتشار ونحن موجودون في البقاع وأنت عسكري تعرف الأهمية الاستراتيجية لمواقع قريبة من دمشق، وقد وصل الإسرائيليون إلى مسافة 25 كلم عن العاصمة السورية”، في اشارة الى سهل البقاع اللبناني خلال الاجتياح بداية الثمانينات.
خدام لجبريل: أزيلوا اليافطات وتابعوا نشاطكم
كما يشير إلى أن الأسد أبلغه أن “الفلسطينيين اتصلوا باللواء آصف شوكت، واللواء حسن خليل (رئيسان سابقان لشعبة المخابرات العسكرية) وأبدوا استعدادهم لأي طلب، كما اجتمعوا ثانية بوزير الخارجية”.
كان “التوجه” بعد المناقشات هو “الاستجابة لوقف نشاط المنظمات الفلسطينية”، خصوصا أن باول أعلن أن “الرئيس أبلغه بإغلاق بعضها وسيطلب من البعض الآخر. كما أن التصريح الرسمي الذي صدر عن الرئاسة بعد الزيارة نص بوضوح على أن المفاوضات كانت إيجابية وبناءة”، حسب خدام. ويتابع أنه اجتمع مع الأمين العام لـ”الشعبية- القيادة العامة” الراحل أحمد جبريل، وطلال ناجي “مساء لمدة ثلاث ساعات وتركز الحديث حول خطورة الوضع وجدية التهديدات الأميركية لسوريا وضرورة عدم إعطاء المبررات في وضع دولي منهار ووضع عربي مهتز وأن من مصلحة الجميع عدم تعريض سوريا لأخطار غير قادرة على تحملها”
ويختم: “كان النقاش طويلا ومريرا ومؤلما، وحاول جبريل إيجاد المبررات لعدم إغلاق المكاتب، ورغم قناعتي بهذا فإن قلقنا من التهديدات الأميركية كان كبيرا، وأجبته: أزيلوا اليافطات وتابعوا نشاطكم وأوقفوا التصريحات من سوريا والأمر لن يطول أكثر من بضعة أشهر”. وافق جبريل على مضض ووعد بالعمل مع بقية المنظمات لإقناعها.
إذن بالفعل تم الإيعاز للمنظمات الفلسطينية بـ”وقف نشاطها الإعلامي في سوريا كما تم وضع قوات على الحدود السورية- العراقية لوقف التسلل والذي كان من الصعب إيقافه بسبب طول الحدود”.
في تلك المرحلة، تقول وثيقة أخرى إن دمشق عملت في اتجاهين: الأول دعوة وفود عراقية إلى سوريا وخاصة من العشائر وذلك للحض على الوحدة وتجنب الصراعات بين الأطراف العراقية نظرا لخطورتها على وحدة العراق وعلى استقراره ومستقبله. والاتجاه الآخر هو الاعتراف الواقعي بمجلس الحكم، وتم استقبال معظم أعضائه”
وأضافت: “مع تصاعد حملات الملاحقة للبعثيين في العراق من قِبل القوى الممسكة بمجلس الحكم والتي أخذت طابعا مذهبيا، تصاعدت حدة التوترات المذهبية الدموية وبدأت أعمال القتل والتدمير في كِلا الجانبين من العراقيين المسلمين السنة والمسلمين الشيعة من العرب، وراح ضحية تلك الأعمال أعداد كبيرة من العراقيين بالإضافة إلى تعميق هوة الانقسام بين الجانبين، وقد شكل هذا الوضع قلقا كبيرا في سوريا كما في البلدان العربية الأخرى، ولدى مناقشة هذه الحالة في العراق وخطورتها اتفقنا على سفري إلى طهران لمناقشة هذا الوضع وخطورته وبحث إمكانية وقفه واستعادة الحوار الوطني بين مكونات الشعب العراقي”.
فيتنام في العراق وقنابل في أميركا
في 29 سبتمبر/أيلول 2003 توجه خدام إلى طهران والتقى خاتمي. وحسب المحضر، قال الرئيس الإيراني: “إيران وسوريا يجب أن يبقيا على اتصال دائم. كنا دائما مع بعضنا في أيام الضيق. وفي هذه المرحلة الصعبة نحن بحاجة إلى أن نكون معا. أنتم الخط الأول في المواجهة. أميركا موجودة في المنطقة منذ فترة، وذلك بسبب سياسات صدام حسين الخاطئة. وعلى كل حال هذا الوجود خطر علينا وعليكم وعلى المنطقة كلها. لا بد من أن يقرر أبناء الدول مصيرهم الذاتي، ونحن أبناء المنطقة ودولها، لا نسمح بأن تكون هذه الدولة ركيزة للأجنبي ولأعداء العرب والمسلمين، ولا شك أن سوريا وإيران تتحملان في هذه الحالة ضغوطا أكبر. يجب أن نعمل معا ونتبادل الآراء مع دول المنطقة. هدفنا هو حرية العراق، واستقرار حكم شعبي فيه”
خدام لخاتمي: نحن وإيران عملنا كثيرا من أجل إسقاط صدام، هدف تغيير النظام كان هدفا ثابتا في إيران وسوريا
قال خدام: “إيران وسوريا واحد. يوجد احتلال أميركي لعدة دول في المنطقة. لا أخص هنا الاحتلال العسكري فقط، يوجد ثلاثة أنواع من الاحتلال: الاحتلال العسكري، واحتلال الموارد الاقتصادية، واحتلال الإرادة (…) كلنا كنا ضد الحرب على العراق، وهذا ليس بدافع الحرص على صدام، نحن وإيران عملنا كثيرا من أجل إسقاط صدام. هدف تغيير النظام كان هدفا ثابتا في إيران وسوريا. عام 1995 بدأت تحركات أميركية لتغيير نظام صدام وإقامة حكومة في العراق موالية للولايات المتحدة. جاء الرئيس حافظ رحمه الله إلى طهران، وحصل اتفاق على أن تمنع سوريا وإيران مجيء أي حكومة موالية للولايات المتحدة، لأنها إن نجحت تتشكل سلسلة من تركيا والعراق والأردن وإسرائيل. الآن لا يوجد في العراق حكومة موالية للولايات المتحدة، أميركا ذاتها موجودة في العراق. أميركا لم تقم بالحرب لاقتلاع صدام، لقد قدم صدام للأميركيين خدمات لا حدود لها من خلال حرب ضد إيران استمرت ثماني سنوات”.
علق خاتمي: “لا أرى أنه توجد خلافات جوهرية بين رؤيتنا ورؤيتكم. أميركا تُشكل دائما خطرا علينا، ويتزايد هذا الخطر عندما توجد في المنطقة. هناك عملان مهمان يجب القيام بهما: 1- إنهاء الاحتلال. 2- إقامة نظام حر في العراق”.
رفسنجاني لخدام: لا تخف
في اليوم نفسه التقى خدام مع هاشمي رفسنجاني رئيس “مجمع تشخيص مصلحة النظام”. وقال خدام: “الاستسلام معناه الموت. نحن نعلم أن لدى الولايات المتحدة مخططات في المنطقة، ولكن هذه المخططات لا يجب بالضرورة أن تنجح وتحقق أهدافها. لقد اتخذ الأميركان قرار الحرب على العراق وانتصروا على صدام، ووضعوا مخططات، ولكنهم اليوم في مأزق، وبالتالي فإن القوة ليست كل شيء، ويجب أن نعمل لدرء الأخطار. الأميركان في مأزق. والمهم هو استخدام المأزق من أجل الخلاص”. واقترح عقد مؤتمر وطني عراقي يضم كل شرائح المجتمع العراقي. وتشكيل لجنة سورية- إيرانية تدرس الموضوع وتحدد الأشخاص الذين سيحضرون المؤتمر كي يقرر “1- تعزيز الوحدة الوطنية. 2- الدعوة إلى خروج قوات الاحتلال من العراق. 3- الدعوة إلى تسلم الأمم المتحدة إدارة العراق، والإشراف عليه مؤقتا، ومن ثم إجراء انتخابات وتشكيل مجلس تشريعي يَنتخِب حكومة شرعية”
الخطأ الأميركي الكبير هو حل حزب “البعث” والاستخبارات، لقد كان هذا الحل لصالح الشعب العراقي، ولكنه خطأ ليس من السهل تفاديه
رئيس “مجمع تشخيص مصلحة النظام” هاشمي رفسنجاني
علق رفسنجاني: “أنا مطمئن إلى أن الأميركيين لن يستطيعوا البقاء طويلا في العراق. أعطى الأميركيون وعودا كثيرة، إن نفذوها وأعطوا للشعب حق إدارة شؤونه لن يبقى لهم وجود، وإن أرادوا أن لا يعطوا أي شيء، ستنشأ معارضة ضدهم، والأميركان على ما يبدو قرروا إدارة شؤون العراق عبر أصدقائهم من المرتزقة، مثل بعض أعضاء حزب البعث، وكان صدام أحسنهم. والخطأ الأميركي الكبير هو حل حزب البعث والاستخبارات، لقد كان هذا الحل لصالح الشعب العراقي، ولكنه خطأ ليس من السهل تفاديه (…) خلال هذه الفترة ستتشكل قوى جديدة ومجموعات أخرى، مثل الشيعة، وستعارض أميركا فيما بعد (…)
في الظروف الحالية يجب أن لا نقوم بأي عمل ينقذ الأميركان من المأزق الذي يعيشونه في فلسطين ولبنان وأفغانستان والعراق، ويكلفهم تمويلا كبيرا. يجب دفع الأميركان في المواطن الأربعة إلى مزيد من الضيق. على هذا الأساس يجب أن لا نخاف أبدا”
علق خدام: “نحن لسنا خائفين، لأننا نرى الصورة. نعرف تماما العقلية الأميركية. الموروث الأميركي هو الاستيلاء بالقوة، ولكن ماذا بعد ذلك؟ لا يفكرون (…) بإمكاننا انتزاع النصر من فم الوحش. نحن متفائلون وعلى هذا الأساس نتحرك. نحن لا نبحث عن مواجهة مباشرة، بل نبحث عن الاستفادة من الأخطاء الأميركية، يقلقنـا فقط تفجير الوضع الداخلي في العراق. إن استطعنا الحفاظ على الوحدة الوطنية في العراق ستكون هزيمة أميركا مضمونة 100 في المئة وهنا تأتي مسؤولية إيران وسوريا”.
أجاب رفسنجاني: “على الأميركيين أن يشعروا بالقلق، لأنهم مستهدفون في العراق، وكل واحد منزعج من الأميركان يجد في العراق ساحة لتصفية حسابه معهم، ويجب أن لا نخسر هذه الفرصة، وكل قتيل أو جريح أميركي في العراق هو قنبلة داخل الولايات المتحدة”.
خدام لخامنئي: هدف أميركا هو سوريا وإيران
ثم التقـى خدام خامنئي، وحسب المحضر قال نائب الرئيس السوري: “نحن دائما في الظروف الصعبة نُكثف الاتصالات بين دمشق وطهران. تعرفون أن الوضع معقد، ويوجد حالة من الخوف لدى معظم دول المنطقة، وبالتالي على إيران وسوريا تحمل مسؤولية أكبر (…) جاءت الحرب، وكما تحدثت مع الإخوة، لم يأتِ الأميركيون إلى العراق من أجل أسلحة الدمار الشامل؛ لأنهم يعرفون أن العراق لا يمتلك هذه الأسلحة، ولم يأتوا لتغيير نظام صدام حسين؛ لأن صدام هو أكثر رئيس قدم لأميركا خدمات كبيرة (…) بل يوجد لهم أهداف أخرى، وقد برزت هذه الأهداف بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول/2001)، وهي السيطرة على العالم والإمساك بخناقه من خلال الإمساك باقتصاده. أعلن كولن باول بعد الحرب مباشرة أن هدف الحرب هو تغيير الخارطة السياسية في المنطقة، ولكن أي خارطة؟ بتقديرنا أن التغيير سيكون في سوريا وإيران، باعتبار أن هاتين الدولتين متمسكتان بالمبادئ، للحرب أهداف استراتيجية، واستقرار الولايات المتحدة في العراق ستكون له نتائج خطيرة، وهذا لا يمكن أن يتم”
وتحدث مطولا، ومما قاله: “لدينا طرق وأساليب تساعدنا على إسقاط السياسات الأميركية في المنطقة (…) إن أكبر خطر يهدد العراق هو الصراعات الداخلية بين القوميات، كردية وتركمانية وعربية، أو صراعات مذهبية، سنة وشيعة، ولا بد من الحيلولة دون وقوع هذا الخطر. بالنسبة لما يتم في الساحة العراقية لدينا بعض الشكوك في بعض المسائل، ومنها اغتيال (رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية محمد باقر) الحكيم، ولدينا احتمال بأن يكون الجواسيس الإسرائيليون هم من قاموا بهذه العملية وبالتنسيق مع الأميركيين، والهدف هو إثارة الفُرقة والخلاف بين مختلف الجهات والأطراف. وإن شاء الله، سنكون قادرين على الحفاظ على الوحدة النسبية السائدة في العراق، ويمكن تعزيز هذه الوحدة في المستقبل”. وأشار إلى “ضرورة استمرار التنسيق بين البلدين”
وكتب خدام: “رغم موافقة المرشد خامنئي على موضوع عقد المؤتمر الوطني العراقي إلا أن هذا المؤتمر لم ينعقد بسبب الرفض المتبادل بين الأطراف المشاركة في مجلس الحكم وبين الأطراف المعارضة للحرب، ولذلك عملنا مع الأطراف المعارضة للحرب على عقد مؤتمر وطني حضرته مجموعات متعددة من العرب السنة والشيعة وبعض الشخصيات الكردية والتركمانية، وقد شكل المؤتمر أمانة عامة برئاسة الشيخ الخالصي والدكتور حارث الضاري نائبا له، وحاول هذا المؤتمر وقف التوترات المذهبية من جهة، ومن جهة ثانية التعبئة الوطنية من أجل الانسحاب الأميركي من العراق والحفاظ على وحدة العراق، ولكن نشاط هذا المؤتمر لم يدم طويلا بسبب ازدياد العمليات العسكرية الأميركية من جهة وعمليات المقاومة من جهة ثانية، بالإضافة إلى العمليات الإرهابية المتبادلة من أطراف المسلمين السنة والمسلمين الشيعة”.
دمشق وطهران واصلتا التنسيق عبر دعم فصائل عراقية متعددة وفتحت الحدود أمام “الجهاديين” لإنهاك الأميركيين وعدم استقرارهم في العراق. وحصلت تطورات كثيرة عبر السنوات اللاحقة. اغتيل رئيس وزراء لبنان في 2005. وانسحبت سوريا من لبنان في ذلك العام. كما تراكم العنف والعمليات والتفجيرات في العراق. وانسحبت القوات الأميركية في 2011، وعادت أميركا تحت مظلة التحالف الدولي لمحاربة “داعش” بعد 2014. وزاد الدور الإيراني فيه عبر وكلاء وشركاء في الشرق الأوسط ظهرت أدوارهم بعد حرب غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وبعد أكثر من عقد على اندلاع الاحتجاجات، باتت سوريا مقسمة إلى ثلاث مناطق نفوذ ودعمت طهران وموسكو حكومة دمشق، فيما تقيم قوات واشنطن شمال شرقي سوريا. توازنات الشرق الأوسط تغيرت كثيرا بعد سقوط صدام.