ما ان أعلن السيد عبد الحليم خدام أنشقاقه عن العصابة الحاكمة في دمشق وبدأ بفضح هذه العصابة المستبدة , حتى أنبرت بعض الأقلام والأصوات تجرد نفسها كالسيف البتار لتجعل منه ممسحة الزفر, وتحمله كل الجرائم التي حصلت في سورية طوال الفترة الماضية
ويقف الانسان حائرا فان طلب الموضوعية والعدل في تحميل كل شخص مايخصه وما قام به بالفعل فهناك من سيقول ولماذا هذا الدفاع عن عبد الحليم خدام ولمصلحة من يتم تبييض صفحته ولماذا هذه البراغماتية وغير ذلك مما أعتدنا عليه في مثل هذه المواقف
وان وافقت المنتقدين في كل شئ فأنت في نظرهم شجاع وجرئ ومنصف الى غير ذلك من مصطلحات الاطراء والمدح التي عادة مايستخدمها من توافقهم على كل شئ وهنا يحضرني قول يستحق الوقوف عنده وهو : من وافقني فهو قديس ومن خالفني فهو أبليس
لايعنيني في هذا المقام تلك الأقلام والأصوات النشاز والتي لاتستقر على قرار فهي متقلبة كما هو حال أي بورصة , فهؤلاء لايعول عليهم لأنهم أصحاب مصالح شخصية فهم يميلون مع كل صيحة
والذي يعنيني أولئك الذين لانشك في وطنيتهم وحرصهم فلقد أثبتو صدقهم بالأفعال لا بالأقوال فكانوا شجعانا أبطال عندما وقف كثر متفرجين على المهزلة الدائرة في سورية , الى هؤلاء أوجه كلامي
وفي مقدمة هؤلاء الأستاذ الفاضل هيثم المالح والذي كل يوم أزداد فيه اعجابا لشجاعته وجرأته في زمن أصبح أمثال هؤلاء عملة نادرة , وليتحمل مني نصحي المتواضع وليعتبره نصح تلميذ محب أضعه بين يدي المحامي القدير والقاضي النزيه العادل
أستاذي الفاضل قرأت لكم مقالا تحت عنوان : الديمقراطيات الحديثة …. عبد الحليم خدام مثالا , وقد نشرالمقال في عدة مواقع على شبكة الأنترنت
ولن أدخل في تفاصيل المقال ولكن مايهمني منه ثلاث نقاط رئيسية وهي
1- اعلان دمشق وموقفه من رجالات النظام
2- أحداث مدينة حماة لعام 1964
3- سقوط الجولان والقنيطرة
وقبل الدخول في توضيح كل نقطة أود أن أضع بين يدي الأستاذ الفاضل نقاط معينة علها تكون مدخلا لتقييم موضوعي وعادل لموقف عبد الحليم خدام وغيره ممن يفكر بالانشقاق عن العصابة الحاكمة في دمشق
– كل من يريد أن يكون منصفا في تقييم الآخرين لابد له أن يخرج من دائرة الجدال الى دائرة التأصيل لمثل هذه المواقف حتى لانقع في مطبات الغلو والتطرف
– ان الظلم والتعدي من أشنع الأمور حيث تدفع صاحبها الى التعصب وغض الطرف عن الظالم الحقيقي الذي هو سبب الداء والبلاء , وهنا يحضرني كلام رائع لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى نحتاجه جميعا في عملية تقييم الرجال والمواقف حيث يقول * ان العدل واجب لكل أحد على كل أحد في كل حال ,والظلم محرم مطلقا لايباح بحال *
– عند توجيه الاتهام لأي شخص أو جهة لابد من عملية التثبت وأنت أستاذي الفاضل رجل قانون وتعلم أكثر مني أهمية الدليل في حالات الأتهام , ان عدم التثبت يقود صاحبه الى أتباع الهوى وهذا يدفعه لانتقاء الشواهد التي تتناسب ورؤيته وموقفه دون أي معيار موضوعي
– لابد من تجنب أسلوب التهويل والتضخيم وأن نجعل من الحبة قبة وهذا السلوك عدول وأنحراف عن الاتزان والاعتدال , ويدفع أيضا نحو التوسع في الـتأويل مما يؤدي الى الانحراف عن الحق والموقف السليم
– ان نقد وتقييم الأشخاص أمر مطلوب وضروري والايصبح مرتكب الأخطاء بعيدا عن المساءلة والمحاسبة وأيضا نصبح قوما نكرر بعضنا بعض وتتكرر الأخطاء , لكن هذا النقد والتقييم لايعني أن نحمل شخصا ما كامل الجريمة أو الجرائم بل يجب تحميله الجزء الذي يخصه , وخاصة عندما تكون هناك أدلة واضحة بينة تثبت تورط جهات عدة كان لها الدور الرئيسي في تلك الجرائم والمفاسد
– حتى تكون عملية النقد والتقييم بناءة ومفيدة لابد أن تتوفر فيها شرطين أساسيين هما : العلم والعدل
– قبل الحكم على موقف ما لابد من استدعاء التاريخ حول كثير من المواقف المشابهة للموقف الذي هو محل نقدنا وتقييمنا حتى لانقع في التطرف بالحكم على الآخرين , وفي نفس الوقت أيضا يكون المؤيد لهذا الموقف على بينة من عدم الاطراء الزائد فيقع أيضا بالغلو والتطرف , اذا لابد من التوازن من قبل الفريقين المعارض والمؤيد فلا افراط ولا تفريط
– لقد ضرب لنا القرآن الكريم أروع مثال حول الموضوعية والعدل تجاه الآخر , وتجلى ذلك في سورة النساء من الآية 105- 113 , حيث وضعت لنا هذه الآيات الأسس والقواعد لانصاف الآخر حتى لو كان عدوا , وكانت مناسبة نزول هذه الآيات أن رجلا يهوديا أتهم ظلما بالسرقة من قبل رجل من الأنصار , ومعلوم مواقف اليهود تجاه الدعوة الاسلامية حيث أنهم لم يتركوا سبيلا الا وأستخدموه لمحاربة الاسلام والمسلمين , فاطلقوا سهامهم المسمومة ونشروا الأكاذيب وألبوا المشركين وشجعوا المنافقين وأطلقوا الاشاعات وحالوا تضليل الناس وطعنوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وشككوا بالوحي وحاولوا شق الصف المسلم , ورغم ذلك نزل القرآن ليعلمنا أروع دروس الموضوعية والعدل والانصاف فيبرئ ساحة اليهودي ويقف الى جانب المظلوم في هذه الحادثة , انه ميزان العدل الذي لايميل مع الهوى ولا يقف عند حدود العواطف وعلاقات القربى والعقيدة , ولكن الحق أحق أن يتبع ولابد للعدل أن يأخذ مجراه دون خفاء ولا مواربة ولا تمويه ولا مداهنة وبعيدا عن كل الاعتبارات الأرضية
أتمنى من الأستاذ الفاضل هيثم المالح وغيره من الغيورين على مصلحة سورية أن يضعوا هذه النقاط في حسبانهم عندما يتعرضون لتقييم موقف وماضي السيد عبد الحليم خدام
والآن ليسمح لي الأستاذ هيثم المالح أن أعود به الى النقاط الثلاثة والتي أو توضيح بعض الأمور حولها
1- اعلان دمشق وموقفه من رجالات النظام
حسب علمي أن الأستاذ المالح أحد الموقعين على هذا الاعلان وبالتالي فهو يعلم كل تفاصيل هذا الاعلان , وهنا أود أن يقرأ معي الفقرة رقم خمسة من الاعلان
- تمهيد الطريق لعقد مؤتمر وطني , يمكن أن تشارك فيه جميع القوى الطامحة الى التغيير , بما فيها من يقبل من أهل النظام , لاقامة النظام الوطني الديمقراطي بالاستناد الى التوافقات الواردة في هذا الأعلان , وعلى قاعدة ائتلاف وطني ديمقراطي واسع *
وهنا نقول من هم أهل النظام هل هم الموظفين أو العاملين في الدولة من الدرجة العشرين , أم هم تلك الشخصيات المؤثرة والمهمة ,أعتقد أن الأمر لايحتاج الى كثير عناء للتفسير فالمقصود هم تلك الشخصيات ذات الوزن الثقيل في النظام , فهل هذه الشخصيات كلها لم تتلوث أيديهم بأي فساد أو دعم للنظام ؟ فهل يعقل أن تقبلوا هؤلاء بينما تضعون الفيتو بوجه السيد عبد الحليم خدام , وهل السيد خدام هو الوحيد الذي يجب أن يحاسب ؟ فلماذا الكيل بمكيالين ؟ ومن هو المستفيد من هذا الفيتو ؟ أليس هذا النظام بالدرجة الأولى , وهل يعقل أن تشن هذه الحرب الضروس ضد خدام وكأنه الشخص الوحيد المسؤول عن كل شئ في سورية , وليعذرني الأستاذ المالح اذا قلت له هل يعقل أن نتحول الى داعمين للعصابة الأسدية بطريقة غير مباشرة عندما نحمل خدام كل شئ , وهذا مايريده النظام ومايحلم به , فلماذا لانفوت الفرصة عليهم ونستفيد من كل الطاقات , ونترك أمر المنشقين للقضاء فهو الذي يفصل فيما نسب اليهم من تهم وعليهم أن يتحملوا حكم القضاء اذا أدانهم بأي من هذه التهم , وهذا الموقف أكد عليه المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين في سورية الأستاذ على صدر الدين البيانوني في أكثر من تصريح بل زاد على ذلك أننا لانملك أن نعطي شهادة حسن سلوك لأي كان ولا نوزع صكوك الغفران على أحد وأمرهم متروك للقضاء , فأي وضوح في الموقف أكثر من ذلك
2- أحداث مدينة حماة لعام 1964
فهمت من كلام الأستاذ المالح أنه يحمل السيد خدام تلك الأحداث , وكم كنت أتمنى من الأستاذ المالح أن يكون أكثر موضوعية ودقة في توجيه الاتهام لأن هذه الأحداث عليها شهود عيان منهم أحياء ومنهم من تحدث عنها للآخرين , فيجب أخذ تلك الشهادات بعين الاعتبار عند توجيه الاتهام للسيد خدام وغيره , وأضع بين يديك بعض هذه الشهادت
– على مدار عدة حلقات نقلت قناة الجزيرة الفضائية في برنامج شاهد على العصر مع الرئيس السوري السابق أمين الحافظ , وقد تطرق بالحديث عن أحداث حماة لعام 1964 , حيث ذكر أسماء بعض الضباط والأشخاص الذين كانوا وراء تلك الأحداث الدامية ومنهم : صلاح جديد – حمد عبيد – سليم حاطوم – محمد عمران – اضافة الى ضباط وشخصيات أخرى , وليلاحظ الأستاذ المالح الى أي فئة تنتمي هذه الأسماء , وأيضا أكد تلك الرواية السيد أحمد أبو صالح في برنامج شاهد على العصر
– هناك شهود من مدينة حماة أكدوا أن أحداث حماة لعام 1964 وماجرى فيها من أحداث دامية , كانت بموجب أوامر من بعض ضباط الجيش وبعض ضباط المخابرات وكان القصد هو تدمير حماة كالتدمير الذي حصل عام 1982 , ونقل شهود عيان كلاما للشيخ محمود الحامد يؤكد الروايات السابقة وزادوا بأن عدة شخصيات من مدينة حماة وعلى رأسهم الشيخ محمود الحامد رحمه الله تعالى التقوا السيد خدام وطلبوا منه التدخل لوقف بطش السلطة ضد أهل حماة فقال لهم السيد خدام أعطوني مهلة 24 ساعة وفعلا ذهب الى دمشق عله يصل الى حل مناسب , ولكنه رجع فاشلا في حل المشكلة
مما يؤكد أن القرار الأمني لم يكن بيد المحافظ ولاغيره بل بيد فئة هي نفسها التي تحكم سورية على مدار أكثر من أربعة عقود , وهنا لابد أن نذكر الأستاذ المالح بمقولة لدكتاتور سورية حافظ الأسد في عام 1964 حيث قال بالحرف الواحد من على ثكنة الشرفة في مدينة حماة : سنصفي خصومنا الاسلاميين جسديا
فهل يريد الأستاذ المالح أن يقنعنا بأن السيد خدام هو المسؤول عن هذه الأحداث بينما هناك حقائق تؤكد غير ذلك
ونحن هنا لانريد تبرأة ساحة السيد خدام بل نطلب منه توضيح موقفه من هذه الأحداث
3- سقوط الجولان والقنيطرة
يفهم من مقال الأستاذ المالح أنه بطريقة غير مباشرة يريد تحميل السيد عبد الحليم خدام تلك الخيانة العظيمة , ويطلب من الباحثين أن يدققوا في الأمر
انني أحيل الأستاذ المالح الى أكثر من مرجع وثق تلك القضية ووضع النقاط على الحروف دون أي لبس أو محاباة ومنهم من دفع حياته ثمنا لقول الحقيقة , ومن هذه المراجع على سبيل المثال لا الحصر
– كتاب سقوط الجولان – لمؤلفه ضابط استخبارات الجبهة خليل مصطفى بريز
– كتاب كسرة خبز – لمؤلفه السيد سامي الجندي والذي كان يشغل منصب وزير الاعلام في ذلك الوقت
– كتاب الديمقراطية في الميزان – لمؤلفه الزعيم السوداني محمد أحمد محجوب
– مذكرات العقيد أحمد المير قائد الجبهة في ذلك الوقت
– تصريحات اللواء أحمد سويداني قائد الجيش في ذلك الوقت
– مذكرات وزير الصحة الدكتور عبد الرحمن الأكتع في ذلك الوقت
– مذكرات البعثي المعروف صائب بارودي
– كتاب المؤامرة ومعركة المصير – لمؤلفه رئيس وزراء الأردن في ذلك الوقت سعد جمعة
– كتاب كيسنجر والأسرائيليين والعرب – لمؤلفه ادوارد شيهان
– مذكرات الدكتور دريد المفتي وكان المفوض في السفارة السورية في مدريد في ذلك الوقت
لو قرأ الأستاذ المالح هذه المراجع لعرف بالدليل القاطع من وراء سقوط الجولان والقنيطرة ولعرف تلك الخيانة التي أرتكبها مجموعة من الضباط والشخصيات وفي مقدمتهم آنذاك وزير الدفاع حافظ الأسد
ولاندري لمصلحة من يتم تحميل السيد خدام كل تلك الخيانة
وانني أضع بين يدي الأستاذ الفاضل بعض التصريحات والوثائق ليعرف من وراء هذه الخيانة , ولكن قبل سرد ذلك أنقل هذه الأبيات من الشعر
حكام رجوناهم دروعا ……… فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهمو سهاما صائبات ……… فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا قد صفت منا قلوب ……… لقد صدقوا ولكن عن ودادي
وقالوا قد سعينا كل سعي ……… لقد صدقوا ولكن في فسادي
– يقول الدكتور سامي الجندي في كتابه كسرة خبز : بعد دراسة امكانياتنا وامكانية العدو وجدنا فرقا شاسعا بين قدرتهم وقدرتنا ووضع جيشنا لايسمح الا بالصمود لساعات أمام أي هجوم اسرائيلي , ويقول أيضا : ان وزير الدفاع والنظام السوري يقرعون طبول الحرب وهم يعلمون ضعف الجيش , انما يهدفان لتسليم العدو اليهودي جزء من الأراضي السورية
– يقول ضابط استخبارات الجبهة خليل مصطفى بريز في كتابه سقوط الجولان : يثبت أرشيف ووثائق وزارة الدفاع الكم الكبير من الضباط أصحاب الخبرة والكفاءة والذين تم تسريحهم واستبدالهم بضباط جدد لايملكون أدنى خبرة مثل رفعت الأسد – عزت جديد – سليم حاطوم , كما قامت القيادة بسحب المؤن والأغذية الاحتياطية للحالات الطارئة ولم يتم استبدالها بمواد جديدة , كما قامت القيادة بسحب كافة الألغام من خطوط المواجهة وخاصة في هضبة الجولان والقنيطرة
– في العاشر من حزيران عام 1967 وفي تمام الساعة التاسعة والنصف صباحا يصدر وزير الدفاع حافظ الأسد بلاغ عسكري رقم 66 يعلن فيه أن القوات الأسرائيلية أستولت على القنيطرة بعد قتال عنيف دار منذ الصباح الباكر
– وفي نفس اليوم وفي تمام الساعة الثانية عشرة وخمس دقائق يصدر وزير الدفاع حافظ الأسد بلاغا عسكريا قال فيه :ان قتالا عنيفا لايزال يدور على مشارف مدينة القنيطرة والعدو لم يتمكن من السيطرة على المدينة
– يقول رئيس وزراء الأردن السابق سعد جمعة في كتابه المؤامرة ومعركة المصير : زارني في مكتبي الدكتور دريد المفتي وهو المفوض في السفارة السورية في اسبانيا وقال لي قرأت ماورد في كتابك حول حرب عام 1967 وأود أن أزيدك بيانا : ان موافقة القيادة السورية على الانسحاب من القنيطرة والجولان كان بهدف الحفاظ على الحكم , وللعلم قامت المخابرات السورية باغتيال الدكتور المفتي في لبنان بسبب كشفه كل الوثائق التي تتعلق بقضية الجولان والقنيطرة
– ويذكر السيد سامي الجندي في تصريح لمجلة الحوادث اللبنانية في العدد رقم 608 بتاريخ 5-7-1968 أن الحكومة السورية كلفته للتفاوض مع أبا ايبان وزير خارجية اسرائيل في حينه , وكانت المفاوضات تدور حول انسحاب القوات السورية من القنيطرة والجولان
– يقول الدكتور عبد الرحمن الأكتع وزير الصحة عام 1967 : كنت في جولة تفقدية في الجبهة ومدينة القنيطرة بالذات عند اذاعة بيان سقوط القنيطرة وظننت أن خطأ ما قد حدث , فاتصلت بوزير الدفاع حافظ الأسد وأخبرته أن القنيطرة لم تسقط ولم يقترب منها جندي واحد من العدو وأنا أتحدث من القنيطرة , فراح وزير الدفاع يشتمني شتائم مقذعة ويهددني أن تحدثت عن ذلك , فعدت الى دمشق في اليوم الثاني وقدمت أستقالتي
– يقول ضابط استخبارات الجبهة خليل مصطفى بريز في كتابه سقوط الجولان : جرت اتصالات غير مباشرة بين اسرائيل ونظام دمشق , وكان المترجم ملازم أول في الجيش السوري , وبناء على ذلك عقد لقاء في مكتب رئيس الوزراء يوسف زعين وو زير الدفاع حافظ الأسد حيث تم الاتفاق على سحب القوات السورية من الجولان والقنيطرة بناء على نقاط حددها سابقا العدو , وفي صباح اليوم التالي صدر البلاغ العسكري رقم 66 والذي أعلن فيه وزير الدفاع عن سقوط القنيطرة
هذا غيض من فيض فهناك وثائق وشهود عيان على تلك المرحلة تؤكد أن حافظ الأسد وعصابة من ضباط الجيش كانوا وراء سقوط الجولان والقنيطرة
فهل يعقل بعد كل ذلك أن يتم تحميل السيد خدام تلك الخيانة وهل يعقل أن محافظ يستطيع القيام بمثل ذلك , فان صح ذلك فهذا يعني أن الدولة في ذلك الوقت كانت تدار من قبل صغار الموظفين , ولا أعتقد أن الأستاذ المالح القانوني والحقوق والقاضي يقبل بهذه الترهات
انني أدعوا الأستاذ المالح وغيره التريث والهدوء وعدم الانفعال عند التعاطي مع قضية السيد عبد الحليم خدام فكم من التسرع أوقعنا في مطبات نحن بغنى عنها
ولكن عندما نتحدث بذلك فاننا في نفس الوقت نطالب السيد عبد الحليم خدام بأمرين رئيسيين هما
– المزيد من الايضاحات عن الماضي ونقده بشجاعة وموضوعية حتى لو كان ذلك سينال من السيد خدام نفسه , وأعتقد أن السيد خدام قد بدا بذلك وخاصة في الرسالة التي وجهها الى البعثيين بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب فمما جاء في الرسالة : أيها البعثيون أقول لكم بكل صدق وصراحة وشعور بالمسؤولية أننا في قيادة الحزب عند مناقشة الدستور ارتكبنا خطأ فادحا في وضع نص المادة الثامنة التي تقول أن حزب البعث العربي الاشتراكي يقود الدولة والمجتمع وبذلك فقد أغلقنا الباب أمام بناء نظام ديمقراطي كثيرا ما ناضلنا لتحقيقه منذ تأسيس الحزب كما فتحنا الباب أمام تمركز السلطة لدى رئيس الدولة وهو الأمين العام للحزب فجمع السلطتين الحكومية والحزبية مما أدى عمليا الى تنمية نزعة الانفراد بالقرار وتعطيل المؤسسات الدستورية والحزبية وتحول الحزب الى واجهة للسلطة وليس قائدا لها
ان هذا التصريح يعد بداية جيدة من السيد خدام نطلب منه المزيد لتوضيح الأمور فليس عيبا أن يخطأ الانسان ولكن العيب هو الاصرار على الخطأ وعدم الاعتراف به
– نطلب من السيد خدام مزيد من التوضيح العملي حول المستقبل ولا نريد أن يندم الشعب السوري على فتح قلبه للسيد خدام , فيقوم بالانقلاب على مواقفه الأخيرة
آمل من الأستاذ هيثم المالح والآخرين أن تكون هذه السطور مفتاحا للدخول الى قضية السيد عبد الحليم خدام بعيدا عن المواقف العاطفية
وعلينا أن نغلب المصالح على المفاسد فمها كان التعامل مع السيد خدام مفسدة فان بقاء العصابة الأسدية بالحكم يعتبر مفسدة كبيرة ليس بعدها مفسدة