قال إن بشار الأسد والمحيطين به كانوا يبيضون أموال النظام العراقي في لبنان
داخل بيته القريب من قوس النصر، في قلب العاصمة الفرنسية باريس، التقت «المساء» عبد الحليم خدام..
أكثر العارفين بخبايا الملف السوري، فهو الذي لازم الرئيسين حافظ وبشار الأسد كنائب لهما ووزير لخارجيتهما، مكلفا باثنين من أكثر ملفات الشرق الأوسط خطورة وغموضا: الملف اللبناني والملف العراقي. اعترف عبد الحليم خدام، فوق كرسي «المساء»، بأسرار علاقته بنظام الأب والابن «المغرق في الفساد والاستبداد»؛ حكى عن هوس حافظ الأسد بتوريث الحكم لأفراد عائلته، وكيف سعى بشار الأسد إلى مجالسته، حيث بدأ ينتقد نظام والده، وهو يناديه «عمي عبد الحليم». كما استحضر اللحظة التي وجد نفسه فيها رئيسا للجمهورية بعد وفاة حافظ الأسد، وكواليس تعديل الدستور ليصبح بشار رئيسا للبلد، وكيف قرر الخروج من سوريا والتحول إلى أكبر عدو لنظام قال إنه يخطط لإقامة دويلة في الساحل، حيث الأغلبية العلوية التي ينتمي إليها آل الأسد. كما تحدث عبد الحليم خدام عن علاقته بالحسن الثاني والمهدي بنبركة وكيف تحول الموقف السوري من قضية الصحراء وقال بأن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لم يتخلص من فكر سالفه هواري بومدين.
– يقال إن إقامتك هذه (الفيلا التي أجري فيها الحوار في باريس) قايضتك إياها زوجة الراحل رفيق الحريري مقابل أن تدلي بشهادة أمام لجنة التحقيق الدولية بأن النظام السوري تورط في مقتله؟
هذا كلام لا صحة له، إن من قريب أو من بعيد. عندما اشترينا هذا المنزل لم أكن أعرف رفيق الحريري. كان ثلاثة من أبنائي يشتغلون في السعودية، مهندسان وطبيب، وهم الذين اشتروا هذا البيت سنة 1982.
– يروج أن ابنك جمال نصب على رجل أعمال سعودي وسلبه 5 ملايير دولار عبر شركة وهمية؟
هذا كلام غير صحيح، ابني جمال يعيش ويشتغل في السعودية التي لم يغادرها أبدا، كما أنه يحمل الجنسية السعودية. مثل هذا الكلام يروج له نظام بشار الأسد. وأنا أتحدى أي أحد داخل وخارج سوريا أن يأتي بهذا الرجل السعودي، أو أن يؤكد حيازة أي فرد من أفراد عائلتي قرش مال حرام.
– هل سبق لك أن التقيت بماهر الأسد، شقيق بشار، الذي ينسب إليه قمع الاحتجاجات وتقتيل المتظاهرين؟
لا أعرفه.
– كيف؟
لم يلتق بي ولو مرة واحدة. أنا نائب رئيس وهذا في سن أحفادي، وأنا لا أجالس أطفالا أو مراهقين. أنا بقيت أرفض استقبال بشار لسنتين لأنه ولد، وعلاقتي أنا بوالده، لذلك كنت أرفض استقباله.
– هو يسعى إلى لقائك وأنت ترفض؟
نعم، وتوسط للقائه بي كل من غازي كنعان (وزير الداخلية) وابراهيم صافي (نائب وزير الدفاع) وعز الدين ناصر (رئيس الاتحاد العام لنقابة العمال في سوريا)، وقد استقبلته واشترطت أن يكون ذلك في منزلي وليس في المكتب.
– لضمان السرية؟
لا، لكي لا يعطى للاستقبال طابع رسمي.
– كيف كانت علاقة أبنائك بأبناء حافظ الأسد؟
كانت لهم علاقة ببشار، كانوا زملاء. ابني الأصغر، باسم، كان زميلا له في الدراسة، وولداي جهاد وجمال كانا أيضا صديقين لبشار، لأنهم من جيل واحد.
– يحكى أن بشار كان ولدا طيبا وبسيطا في سنوات الطفولة وبدايات الشباب؟
– عندما كان بشار الأسد يزور أبناءك في بيتكم، وعندما استقبلته لاحقا، كيف كان يناديك؟
يا عمي.
– حتى بعدما اشتغلت معه كرئيس؟
نعم، كان يناديني يا عم، وأحيانا يا أبا جمال.
– هل تشك في طريقة موت باسل الأسد؟
لا، مات إثر حادثة سيارة.
– يقال إن شقيق الرئيس، ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة للدبابات، هو من يُملي على بشار الأسد سياسته الأمنية، وهو المسؤول الأول عن كل الفظاعات التي ترتكب في سوريا؟
لا، ليس هناك شخص يملي شيئا على بشار الأسد.. شقيقه ماهر يعمل تحت إمرته.– هل أنيسة مخلوف، والدة بشار الأسد، فعلا، هي التي تمسك بكل شيء في سوريا؟
مسكينة، امرأة ليست لها شخصية تخول لها حتى أن تمسك الأولاد.
– هل جالستها؟
طبعا مرارا، وأعرفها جيدا.
– ما هو تكوينها؟
هي كانت طالبة في مدرسة الراهبات في بانياس، تزوجت من ابن خالها حافظ. وهي مظلومة في اتهامها بكونها هي من يقود سوريا من وراء ستار.
– احك لنا عن قصة إطلاق ماهر الأسد النار عن آصف شوكت، زوج أخته بشرى؟
لا أعرف شيئا عنها.
– كيف وأنت كنت الرجل الثاني في سوريا.
عندما سمعت بهذه الإشاعة كنت قد غادرت سوريا بخمس سنوات، ثم إنني لا أود الخوض في هذه المواضيع السخيفة.
– إحدى وثائق «ويكيليكس» تحدثت عن كون بشار الأسد مستعد للتضحية بزوج أخته، آصف شوكت، في أي وقت للظهور بمظهر المغرر به؟
لا أستطيع أن أؤكد. أنا أعرف أن علاقة بشار بأخته بشرى وأخيه ماهر علاقته قوية. ثم إن الشعب السوري لا يهمه ما إذا كان بشار يحب زوج شقيقته أو يكرهه، بل يهمه أن يعرف كيف يمكنه أن يتخلص من هذا النظام بأكمله.
– هل، فعلا، كان ماهر الأسد يبرم عقودا مع عدي، ابن صدام حسين، لتهريب البترول العراقي وبيعه في السوق السوداء؟
كانت هناك مجموعة مرتبطة ببشار الأسد تقوم بإجراء عقود لتهريب البترول من العراق.
– بتنسيق مع عدي صدام حسين؟
مع عدي ومع النظام العراقي. صدام حسين أعطى تعليمات للمحيطين به بأن يشتروا البضائع السورية، وكان يقول لهم اشتروا السلع السورية وإذا وجدتموها فاسدة أتلفوها، وبالتالي فقد أتيحت للطبقة الحاكمة المحيطة ببشار الأسد فرص أن تشكل لوبيا تجاريا مع العراق، وبالفعل جنت ثروات طائلة.
– في هذه الفترة، كانت تتم عملية تبييض أموال عراقية في أبناك لبنانية بتغطية سورية؟
هذه معلومة كانت منتشرة، لكنني لم أتأكد منها. ثم إن عمليات تهريب الأموال وتبييضها في لبنان هي عمليات عادية، وكانت تشرف عليها المجموعة المحيطة ببشار الأسد وأقربائه.
– يقول رفعت الأسد، عم بشار، إنه لا يزال يحظى بتأييد الناس في كل قرية ومدينة في سوريا، وإنهم يطالبونه بالعودة لتسلم السلطة؛ ما قولك في هذا؟
رفعت الأسد يحلم، وأنا أعتقد أنه إذا ذهب إلى سوريا، بعد سقوط النظام، فسيحاسب ويوضع في السجن.