قال مسؤول يتولى منصبا رفيعاً في دولة عربية خلال اتصال هاتفي مع “إيلاف” أن نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام “كتب نهاية النظام الذي ساهم في بنائه”. وأضاف: “ليس بعد الحديث الذي أدلى به إلى قناة “العربية” الفضائية حدث” . وأوضح المسؤول العربي أن ظهور خدام الإعلامي الصاخب وتصريحه بما صرح به لم يأت عفواً وارتجالاً، بل استلزم وضع خطة عمل متعددة الأضلاع شاركت فيها قوى وحتى دول عربية وغربية وجدت في المسؤول البعثي الرقم اثنين طوال ما يزيد على عشرين عاما ، والركن الأبرز للنظام في ظل الرئيس الراحل حافظ الأسد، ضالتها المنشودة ليكون الحصان البديل من الحكم القائم في سوريا برئاسة بشار الأسد . إذ أن خدام تتوافر فيه كل المميزات والمواصفات المطلوبة لهذا الدور باعتباره الأقدم حتى الأمس القريب في التركيبة الحاكمة والأخبر والأعرف بتفاصيلها وخفاياها وأسرار رجالها. فضلاً عن أنه من الأكثرية السنية في سورية التي قيل أن جماعة “القاعدة” قد تحكمها في حال قرر المجتمع الدولي التخلي عن نظام الأسد أو إطاحته، وها أن اندفاعه إلى الواجهة يذكر بأن ثمة دوماً احتمالاً أفضل من السيىء القائم ، وليس ضرورياً أن يأتي بعده الأسوأ.
ويلفت المسؤول العربي إلى أن المقابلة- السبق بلا منازع مع “العربية” ، والتي ختمت السنة بهزة قوية زعزعت أركان النظام السوري الحالي، تضمنت كلاماً لخدام مفاده أن رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري كان له الحق في أن يجمع حوله الطائفة السنية ويقويها ويتقوى بها، على غرار ما هو حاصل مع زعماء الجماعات الأخرى في لبنان ذي التكوين الطائفي. وهي إشارة ذات دلالات في سورية بالنظر إلى الصيغة التي حكمتها منذ أكثر من 35 عاماً بأقلية علوية تستعين بشعارات الغالبية السنية التي تشارك في الحكم من مستوياته الأدنى. ولربما يرمز خدام الماهر في انتقاء الكلمات إلى حقها هي أيضاً في بلاده في أن تقوى وتتقوى كما هو الأمر مع غيرها. وعلى هذا تكون الأرض تمهدت ووُضعت عليها الأساسات اللازمة لتغيير لم يعد ينقصه لتكتمل عناصره سوى العثور على حليف علوي يكون من داخل النظام الحاكم ومحتفظاً بموقع مؤثر وفاعل فيه ولا يوافق أركانه المتحكمين فيه على خياراتهم وسياساتهم، مدركاً أن سورية- الأسد وصلت إلى المأزق التام الذي يسمى عنق الزجاجة ، وبالتالي لا بد من تحرك إنقاذي للدولة والشعب. فمن يكون المتقدم لشبك يده بيد خدام؟
شهادة خدام للجنة التحقيق
الأرجح أن أشهراً وليس أكثر قد تمر قبل أن تنكشف الأوراق . لكن الأكيد أن ثمة عناصر ستساعد وتعجّل في بروز البدائل منها إلحاحية الأوضاع المقبلة عليها سورية ، خصوصاً في ضوء ما تناهى إلى “إيلاف” عن أن وفداً من لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري توجه إلى باريس ليوثق شهادة خدام ، مما يعني أنه سيكون الشاهد الرئيسي في القضية والذي لا تدحض إفادته ولا تقبل تشكيكاً_ اللهم إلا أذا اعتبر حكام دمشق أن المحكمة الدولية تشبه من قريب أو بعيد مجلس الشعب السوري المسيّر بالإنشاء الركيك ، وإذا صدقوا أنه ما زال في إمكانهم عقد صفقة تنقذ حكمهم الذي لم يكن ليتحمل أصلاً ضربة قوية كالتي وجهها إليه خدام.
وبالعودة إلى المسؤول العربي الرفيع المستوى ، فقد ختم اتصاله بالتأكيد أن فرنسا ودولة عربية فاعلة مهتمة بتفاصيل ما يجري بين لبنان وسورية وفيهما كانتا على اطلاع على نية خدام إطلاق قنبلته الهائلة القوة في وجه نظام بشار الأسد ، وأنهما ساعدتا في إعداد الظروف الملائمة لها وحمايتها. واستبعد أن يكون نائب الرئيس السوري أوأحدا من أنجاله والدائرين في فلكه علناً في وارد العودة إلى سورية قبل حصول التغيير الحقيقي والجذري فيها. وأوضح أن خدام أذكى من أن يدعهم في دمشق يكررون معه ما فعل “البعث” الآخر العراقي بقيادة صدام حسين بصهره حسين كامل.
ولم يستبعد المسؤول في الختام أن ينضم رئيس أركان الجيش السوري السابق العماد حكمت الشهابي وفي طريقة مشابهة إلى خدام في مواقفه، باعتبار كانا ولا يزالان يشكلان ثنائياً تطابقت مواقفه حيال كل الأزمات والموضوعات والتحديات التي واجهت سورية. ومن شأن انضمام الشهابي إلى خدام أن يكمل على كل ما تبقى من أنقاض في بناء حكم الأسد المتزعزع.