وجه نائب الرئيس السوري السابق وعضو الأمانة العامة لجبهة الخلاص الوطني في سورية عبد الحليم خدام؛ نداء إلى البعثيين في سورية؛ يدعوهم إلى تحديد خياراتهم “في هذه المرحلة التاريخية”، حيث باتت البلاد “على أبواب تغيير جذري”. من جهة أخرى، وفي إشارة تصدر لأول مرة عن خدام وتلمح إلى أن وزير الداخلية السابق اللواء غازي كنعان تمت تصفيته ولم ينتحر (حسب الرواية الرسمية)، قال خدام إن كنعان قُتل لأنه يعرف الكثير من الحقائق، لا سيما حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.
وكان خدام قد ذكر في تصريحات سابقة أنه ليس هناك ما يشير إلى أن كنعان، الذي كان رئيساً لجهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان (مخابرات عسكرية) لعقدين من الزمن، قد تمت تصفيته. وقد أعلنت السلطات السورية انتحار غازي كنعان في تشرين الأول/ أكتوبر 2005، لكن الكثيرين يشككون في الرواية الرسمية، بما في ذلك عائلته التي صدرت عنها إشارات بهذا الخصوص.
وجاء في نداء خدام الذي خاطب أعضاء الحزب الحاكم في سورية: “أتوجه إليكم برسالتي الثانية والبلاد على أبواب تغيير جذري ينهي نظاماً فاسداً مستبداً خرج عن كل القيم الوطنية والسياسية والحزبية والأخلاقية التي عرفتها سورية منذ الاستقلال”.
ويشار الى ان عبد الحليم خدام الذي خرج من سورية قبل سبعة اشهر كان احد اركان النظام السوري ومخططا لسياسته على مدى اكثر من اربعة عقود
وأضاف في رسالته: “أتوجه إليكم بهذه الرسالة لأدعوكم لتحديد خياراتكم في هذه المرحلة التاريخية التي يمر بها الوطن. وأمامكم خياران: خيار الوطن والشعب وخيار آخر يضعكم مع الاستبداد والفساد”.
وقال خدام منبهاً البعثيين: “لا يخدعكم المتسلطون على الحكم بالقول لكم إن الحزب هو قائد المجتمع والدولة، وانتم تعرفون جيداً أن من يحكم الدولة هي الأسرة الوارثة وأجهزتها الأمنية، وان دور المؤسسات القيادية في الحزب القومية والقطرية تغطية الانحرافات والأخطاء وليس لها من الأمر سوى عبارتين واحدة “بالروح بالدم نفديك يا بشار وقبله يا حافظ”، وعبارة أخرى “أنت القائد الملهم يا سيادة الرئيس”. من يصدق منكم أن هذه الحفنة المتسلقة من البائسين في القيادتين القومية والقطرية صاحبة قرار ومن يصدق أن عبد الله الأحمر وزهير مشارقه ومحمد سعيد بخيتان وناجي العطري وزمرة القياديين الآخريين هم أصحاب القرار أو لهم شأن في إدارة الدولة؟” حسب تعبير خدام.
ودعا خدام البعثيين ليسألوا أنفسهم “هل انتم راضون عن الفساد المستشري في الدولة؟ هل انتم موافقون على الشلل في الأجهزة والمؤسسات الحكومية؟ هل انتم مرتاحون للقمع الذي يمارسه النظام ضد المواطنين؟ هل انتم راضون عن السياسة الاقتصادية التي زادت من ضعف البلاد وعجزها؟ اسألوا أنفسكم لماذا وصل الوضع في البلاد إلى هذه الحالة من الانهيار وتصدع الوحدة الوطنية. اسألوا أنفسكم في أي قرار من قرارات الحزب أو مبادئه يورث الرئيس حافظ الأسد الملك لابنه الذي يتصرف وأسرته بهذا الملك كما يتصرف إقطاعيون القرون الوسطى؟”.
وتابع خدام متسائلاً: “هل انتم مسؤولون عن القرارات السياسية الانفعالية والمغامرة التي ألحقت الأضرار الكبرى في البلاد، وهل هي من صنع قيادات الحزب ام من صنع وارث لا يدرك خطورة ما يفعل على البلاد؟ هل سألتم أنفسكم أيها البعثيون لماذا يستمر الاحتلال في الجولان في الوقت الذي تحرر فيه جنوب اللبنان، وهل يمكن لنظام مشحون بالفساد والظلم ومستبد في التعامل مع الشعب وفي نهب ثرواته وموارده أن يكون قادراً على التحرير؟”.
وتابع خدام نداءه إلى البعثيين قائلاً: “ألا تدركون أيها البعثيون أن ممارسات النظام أدت إلى تصدع الوحدة الوطنية والى نمو أمراض مؤذية للوحدة الوطنية؟ هل يمكن لشعب أن يتقدم وينهض وهو سجين نظامٍ امني يشل طاقاته وإمكانيته؟ هل يمكن لشعب أن يواجه الأخطار في ظل نظام مبني على ثقافة القتل بالموت أو القتل بالسجن والذي هو أسوء من الموت؟”.
وتحدث خدام إلى التصفيات والاغتيالات التي نفذها النظام السوري سابقاً، وتساءل: “هل تساءلتم (أيها البعثيون) لماذا تم اغتيال اللواء محمد عمران في طرابلس، ولماذا تم اغتيال الأستاذ صلاح البيطار في فرنسا، واغتيال زوجة الأستاذ عصام العطار في آلمانيا؟ ولماذا سجن صلاح جديد حتى الموت هو ورفاقه من قياديين الحزب دون تحقيق أو محاكمة؟ اسألوا أنفسكم لماذا تم قتل الآلاف من السوريين دون محاكمة، منهم من قتل في السجن ومنهم من قتل خارجه؟”.
وفي تحذير للبعثيين من ملاقاة مصير كمصير غازي كنعان، قال خدام: “هل تساءلتم أيها البعثيون لماذا تم قتل اللواء غازي كنعان وكان احد العسكريين الذين ساهموا في تنفيذ تعليمات الرئيس حافظ الأسد لنقل ملكية المزرعة (سورية) إلى ولده؟ لقد قتل غازي كنعان لأنه يعرف حقائق اغتيال المرحوم رفيق الحريري ولأنه يعرف من قتل مفتي لبنان السابق الشيخ حسن خالد والشيخ صبحي الصالح والأستاذ كمال جنبلاط ومن حاول قتل الدكتور حسن الرفاعي، ولأنه يعرف كذلك أسرار فضيحة بنك المدينة ولديه ملفات عدد من المسؤولين القريبين من مركز القرار والمتورطين بتجارة المخدرات”.
ودعا خدام البعثيين “عسكريين ومدنيين إلى تحمل مسؤوليتكم الوطنية والانحياز إلى الشعب والمساهمة في اقتلاع نظام أصبح يشكل استمراره خطراً كبيراً على مستقبل البلاد ووحدتها الوطنية وأمنها واستقرارها”.
ورغم تأكيده أن يعلم جيداً “حجم الخوف الذي زرعه النظام عبر أجهزته الأمنية”، لكن خدام أكد في المقابل “أن رئيس النظام وأعوانه هم أكثر خوفاً لأنهم يعرفون ماذا فعلوا ويعرفون أن يوم الحساب أصبح قريباً”.
وأضاف: “تقدموا الصفوف أيها البعثيون عسكريين ومدنيين في العمل على إنقاذ الوطن وتحرير الشعب من السجن الذي وضعه فيه النظام، فالوطن أمانة في أعناق كل المخلصين فحافظوا عليه، وشعبنا يستحق من البعثيين الإقدام على إنقاذه وبذلك يحققون انجازا وطنياً ويعيدون للحزب اعتباره الذي أسقطه النظام. كونوا شجعاناً في اختيار الحرية والكرامة والوحدة الوطنية وثقوا أن الفاسدين والظالمين جبناء لن يستطيعوا أن يصمدوا في مواجهة المناضلين من أبناء شعبنا” وفق ما جاء في نداء خدام إلى البعثيين في سورية.