أعلن زعماء معارضون سوريون يعيشون في المنفى انشاء جبهة موحدة أمس الجمعة تهدف الى تشكيل حكومة انتقالية لتحقيق “تغيير النظام” من الرئيس بشار الاسد الى حكومة ديمقراطية
وقال عبد الحليم خدام نائب الرئيس السابق الذي انشق على الاسد في العام الماضي بعد ان عمل مع والده الرئيس الراحل حافظ الاسد في مؤتمر صحفي ان جميع فصائل المعارضة السورية والناشطين توصلوا الى نتيجة مفادها ان النظام في سوريا يجب تغييره
وقال عبد الحليم خدام ان الاسد سيواجه خلال الشهور القادمة نفس مصير الدكتاتور الروماني نيكولاي تشاوشيسكو في عام 1989. واستقطع خدام وقتا من مفاوضات جرت حتى وقت متأخر من الليل مع تجمع لحركات معارضة من الاسلاميين الى الشيوعيين في قاعة مؤتمرات بفندق في بروكسل وتكهن بتمرد شعبي للاطاحة بالاسد قريبا.
وقال ان الفقر منتشر جدا والفساد متفش للغاية ايضا والاجراءات الامنية مشددة جدا وان الناس لا تتاح لهم حرية التعبير والوضع الاقتصادي في اسوأ حالاته
واضاف خدام المسؤول السابق في حزب البعث ان كل تلك العوامل متحدة تشبه كثيرا الموقف الذي قاد الى التمرد في رومانيا
ومثل الرجال الذين حكموا رومانيا بعد الاطاحة بتشاوشيسكو وزوجته اللذين اعدما رميا بالرصاص عقب محاكمة سريعة عام 1989 اعاد خدام طرح نفسه على انه ديمقراطي لتوقعه ان يتطلع الشعب السوري الى الاصلاحيين من الحزب الحاكم لحكمه بعد ثورة
وقال السياسي المحنك ضئيل الجسم ذو الصوت الهادئ الذي ظل في السلطة لمدة 35 عاما حتى وقع الشقاق بينه وبين الاسد في العام الماضي ان هناك قسما كبيرا من الاصلاحيين في حزب البعث يؤيدون تصرفاته تماما وانهم سيكونون شركاء نشطين في تغيير النظام دون ان تقع مذبحة
وقال خدام ان الرئيس الشاب الذي ورث السلطة عندما توفي والده حافظ الاسد في عام 2000 وجه صنع السياسة لمصلحة دائرة اسرية صغيرة مقربة
وقال ان ما يحدث فعليا هو انه يعطي لمصلحة الاسرة حوله الاولوية في القرارات التي تتخذ مضيفا انه يقصد الاسد نفسه وشقيقه ماهر الاسد وزوج شقيقته اصف شوكت وافراد الاسرة المقربين جدا
واضاف ان مصلحة هذه الاسرة هي التي تقود اتخاذ القرارات السورية
وتعتمد المعارضة على تحقيق تجريه الامم المتحدة في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري لتوجيه ضربة حاسمة الى الاسد
وقال زعيم الاخوان المسلمين علي البيانوني الذي كان الشخصية الرئيسية الاخرى بين 17 رجلا حول الطاولة في بروكسل لرويترز انه يتوقع ان يتهم تحقيق الامم المتحدة الذي ورط حتى الآن مسؤولين امنيين سوريين الرئيس السوري مباشرة
وقال خدام ان النظام يقوده الرئيس نفسه اساسا وبالتالي اذا سقط او انهار رئيس النظام فإن النظام بأكمله سينهار.
وردا على سؤال بشأن متى يتوقع اندلاع تمرد قال انه متأكد من انه سيحدث هذا العام خلال اشهر قليلة مضيفا ان الرئيس بشار الاسد يرتكب الكثير من الاخطاء ويحفر حفرة لنفسه.
وكان خدام يتحدث بعد اجتماع استمر يومين لجماعات المعارضة في بروكسل ضم الاخوان المسلمين والليبراليين والشيوعيين والأكراد صاغوا خلاله إعلانا مشتركا حول فترة انتقالية مدتها ستة أشهر لمرحلة ما بعد الأسد
إلا أنه ليس واضحا بعد حجم التأييد الشعبي الذي يمكن أن تحصل عليه جبهة المعارضة المتحدة في سوريا التي تخضع لسيطرة محكمة كما أن العقوبات التي يتعر ض لها المعارضون يمكن أن تكون كبيرة.
ويتعرض الأسد لضغوط دولية شديدة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في العام الماضي الذي أدى إلى مظاهرات حاشدة في لبنان أدت إلى سحب القوات السورية من لبنان
وظهر 14 سياسيا يعيشون في المنفى جميعهم رجال على المنصة في مؤتمر صحفي مشترك يتوسطهم خدام وعلي صدر الدين البيانوني المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين
وقال البيانوني لرويترز إن الأسد ما زال يتمتع بحماية دولية دبلوماسية وسياسية من الغرب وحث الولايات المتحدة وأوروبا على مقاطعة الحكومة السورية للتعجيل بسقوطها.
وقال حسام الديري زعيم الحزب الديمقراطي القومي الليبرالي السوري ومقره واشنطن “هذه هي المرة الاولى في التاريخ التي تجلس فيها جميع حركات المعارضة من داخل سوريا وخارجها إلى طاولة واحدة وتتفق على خطة مشتركة.” وقال خدام الذي يعيش في فرنسا إنه اختار عقد الاجتماع في بلجيكا لان القانون الفرنسي يلزمه كلاجئ سياسي بالامتناع عن الادلاء ببيانات ضد حكومات أجنبية
وأضاف أن له مؤيدين كثيرين في حزب البعث الحاكم والجيش
وقال لرويترز “انهم سيكونون شركاء نشطين في تغيير النظام ولن تكون هناك أي مذابح.” ورغم الضغوط الدولية والمظاهرات اللبنانية لم تظهر علامات تذكر على احتجاج شعبي داخل سوريا حيث تحكم أجهزة الأمن سيطرتها على البلاد
وقالت الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع إن الأسد ونائبه وافقا للمرة الاولى على التحدث في الشهر القادم إلى لجنة التحقيق التابعة لها
وقال البيانوني لرويترز إن المعارضة اتفقت على دستور مدني وإن حركته التي تعتبر نفسها معتدلة وقريبة من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا لن تسعى لفرض أحكام الشريعة الاسلامية في سوريا.
وتأتي الولايات المتحدة وفرنسا في صدارة الدول التي تمارس ضغوطا دولية على سوريا بخصوص قضية الحريري.
غير أن بعض الدبلوماسيين يقولون إن واشنطن وباريس ربما تكونان غير راغبتين في المخاطرة بإثارة اضطراب في دمشق في وقت يشهد فيه العراق المجاور صراعا طائفيا يزداد تدهورا وبعد فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات في المناطق الفلسطينية
ويشكل خدام والبيانوني رفيقين غريبين ويقول بعض ساسة المعارضة الآخرين ان تحالفهما يوضح مدى جدية المعارضة في الاتحاد للاطاحة بالاسدإنه ليس له أي قاعدة شعبية
وكان خدام وزيرا للخارجية عام 1982 عندما سحقت قوات الامن السورية انتفاضة اسلامية في بلدة حماه وقتلت 10000 شخص على الاقل وربما مثلي هذا العدد
ويقول النائب السابق للرئيس السوري الآن انه يشعر بأسف عميق لهذه الاحداث لكنه حرص على القاء اللوم على كلا الطرفين في المذبحة