أفادت آخر المعلومات الواردة ليلاً من العاصمة السورية ان الاجتماع الثالث الذي عقد بين نائب الرئيس السوري السيد عبد الحليم خدام ومساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط السيد ريتشارد مورقي، لم يتمكن من تذليل الخلافات بين الجانبين حيال الانتخابات الرئاسية في لبنان.
وعلمت «الديار» ان الخلاف يدور حول آلية الانتخابات في العمق، إذ ان الجانب الأميركي طرح مبدأ إطلاق حرية الانتخابات في مقابل التخلي عن طرح «الفيتو» حول اسم الرئيس سليمان فرنجية. أما الجانب السوري فأصر على ترشيح الرئيس السابق، أو إجراء إصلاحات سياسية شاملة في النظام اللبناني.
وقد رفض الوفد الأميركي هذا الشرط معتبراً ان الأولوية للانتخابات وبعدما تأتي الإصلاحات.
وتضيف المعلومات ان هذه العقدة دفعت بالمفاوضات إلى طرح الموضوع الحكومي، إذ أكد الجانب الأميركي انه في حال تشبث دمشق بشروطها، فان الرئيس اللبناني سيؤلف حكومة انتقالية، وستعترف واشنطن بهذه الحكومة، ولذلك فان الحل الأنسب هو في إطلاق حرية الانتخابات والقبول بالنتائج أياً يكن الرئيس المنتخب.
على ان الجانب السوري حذر واشنطن من ان انتخاب رئيس معادٍ لسوريا سيدفع دمشق إلى تحميل الولايات المتحدة مسؤولية انتخابه، وستكون العاصمة السورية في حل من أي التزام لدعمه أو لمساعدته في الحكم. وفي مقابل الطرح السوري أبدت دمشق استعدادها لإعطاء ضمانات حيال انتخاب الرئيس فرنجية، منها على سبيل المثال ضمان عدم دخول الجيش السوري إلى المناطق الشرقية.
وفي هذه المعلومات ان الرهان على إنقاذ المفاوضات بات محصوراً باللقاء المنتظر بين الرئيس الأسد ومورفي الذي لم يحدد موعده بعد في صورة رسمية.
وكان الاجتماع الثالث بين خدام ومورفي دليلاً إلى المخاض الي تمر فيه المفاوضات، إذ ان هذا الاجتماع المسائي لم يكن مقرراً وهو أعقب لقاءً ثانياً بين الرجلين قبل الظهر امتد لأربع ساعات متواصلة.
خدام ـ مورفي
وكان الاجتماع الثاني بين خدام ومورفي عقد في العاشرة قبل الظهر واستمر حتى الثانية بعد الظهر. وقال الإذاعة السورية ان الرجلين تابعا درس المواضيع التي تطرقا إليها في الاجتماع الأول ليل الأرعاء، وحضر اللقاء نائب وزير الخارجية السوري يوسف شكور والوفد الأميركي الذي يضم خصوصاً سفير الولايات المتحدة في دمشق ادوارد جيرجيان والمسؤول عن دائرة سوريا ولبنان والأردن في وزارة الخارجية ديفيد نيوتن.
وأوضح مصدر رسمي ان خدام أشار إلى «السياسة الثابتة لسوريا التي تعمل من أجل وحدة لبنان ومن أجل الوفاق بين اللبنانيين بغية إزالة أسباب الأزمة وإعادة السلام إلى هذا البلد».
وعقد الاجتماع الثالث بين خدام ومورفي في السادسة والنصف مساءً، استغرق الاجتماع ساعة كاملة. ولم تعط أي تفا2يل عن المحادثات السورية ـ الأميركية لا من جانب السفارة الأميركية، التي بحسب وكالة «فرانس برس»، التزمت صمتاً مطبقاً، ولا من أي مصدر رسمي سوري.
وبعد لقاءه الثاني مع خدام اجتمع مورفي بوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد العمادي.
وأشارت «رويتر» من جانبها إلى ان الاجتماع المسائي مع خدام لم يكن مقرراً، ونقلت عن دبلوماسيين غربيين في دمشق ان هذا يشير إلى ان مناقشاتهما في شأن لبنان لم تكن سهلة.
وأضاف الدبلوماسيون ان مورفي عقد محادثات استغرقت أربع ساعات مع خدام لمناقشة انتخاب رئيس لبناني جديد وكيفية إعادة الأمن والاستقرار إلى لبنان.
ورأى الدبلوماسيون ان تمديد المحادثات يشير إلى انها لم تكن سهلة وانه تعين إيضاح نقاط عدة قبل اجتماع مورفي مع الرئيس السوري حافظ الأسد.
وقال الدبلوماسيون، بحسب «رويتر»، ان سوريا لا تزال تؤيد الرئيس اللبناني السابق سليمان فرنجية الذي يرفض المسيحيون المتشددون في لبنان انتخابه خلفاً للرئيس أمين الجميل. وأضافوا ان المسؤولين السوريين أعربوا عن أسفهم لتراجع واشنطن عما قالوا انه اتفاق تم التوصل إليه في وقت سابق لقبول إصلاح سياسي في لبنان والاعتراف بدور لسوريا هناك. لكنهم رأوا ان زيارة مورفي لدمشق واستعداده لمناقشة مشكلات لبنان يعنيان اعترافاً بالدور السوري.
وعزت مصادر دبلوماسية في بيروت التكتم على المعلومات حيال المحادثات إلى اتفاق ضمني بين الجانبين سبق استئناف المفاوضات وتعهدا من خلاله بعدم الإعلان عن أي شيء إلا بعد التفاهم. وتوقعت هذه المصادر في حال حصول الاتفاق، ان تعقد جلسة الانتخابات في العشرين من الجاري، أي الثلثاء المقبل.
وأكدت أوساط مطلعة ان بداية المحادثات كانت في نيقوسيا على هامش اجتماعات مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز، حيث باشر وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع اتصالات بالجانب الأميركي، أدلى على أثرها بتصريحه إلى جريدة «لوموند» الفرنسية حول الموضوع الرئاسي في لبنان.