لا يمكنني أن أتخيل الطريقة التي ستنتهي فيها الحرب في سوريا.. أعتقد أنّ الإدارة الأميركية لم تعد قادرة ربما على إصلاح الوضع هناك”، بهذه الكلمات عبّر نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام عن رؤيته لما ستؤول إليه الأحداث في بلاده
في معرض حديثه، وصف خدام الحرب الدائرة في بلاده منذ العام 2011 بالصراع العالمي، لافتاً إلى أنّ المجتمع الدولي والدول العربية فوتت فرصاً عدة لمساعدة الثورة التي لم تحقق هدفها الأساسي، القاضي “بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد خلال أسابيع أو أشهر قليلة”. في هذا السياق، حمّل العدواة الروسية-الأميركية والخلافات العالمية حول استخدام القوة في البلاد مسؤولية تأجيج هذا الصراع، معتبراً أنّ واشنطن تتعاطى مع المعارضة بشكل “غير مفهوم”، بعدما طعنتها في ظهرها ورفضت مساعدتها عسكرياً وسمحت لروسيا بسحب البساط من تحت قدميها سورياً
على صعيد العلاقات الأميركية-التركية، رأى خدام أنّ واشنطن طعنت حليفتها في المنطقة بالظهر أيضاً، فساهمت في الانقلاب الفاشل في 15 تموز الفائت، ناهيك عن أنّها تسلّح الأكراد في مواجهتها، موضحاً أنّ موسكو بيَّضت صفحتها معها وأبلغتها بمعلوماتها في هذا الشأن قبل أيام، بعدما توترت العلاقة بينهما إثر حادثة إسقاط طائرة “السوخوي” في تشرين الثاني الفائت
وعلى ضوء تحميل الأمم المتحدة السلطات السورية مسؤولية هجومين كيماويين، الأول في العام 2017 والثاني في العام 2016، نفى خدام معرفته بـ”ترسانة بلاده الكيماوية جملة وتفصيلاً”، قبل استهداف “إسرائيل” المركز السوري للأبحاث العلمية في العام 2013، مؤكداً أنّ هذا الملف من اختصاص جهاز الاستخبارات والجيش. وفيما تحدث عن انشغال واشنطن وموسكو بهذه “الترسانة” في بداية الأحداث، قال خدام أنّ “هذه الظروف أفسحت المجال للأسد ليقتل بأسلحة أخرى”، مستنكراً تقبل بعض المسؤولين الأميركيين فكرة بقائه في الحكم لولاية ثانية
في ما يخص تدخل الولايات المتحدة في سوريا، وصف خدام استهدافها مواقع الجيش السوري في دير الزور عن طريق “الخطأ” بالغامض، مبرراً علمها بأماكن تواجد “النظام” والمجموعات الإرهابية على السواء. أمّا سياسياً، فأكّد أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما خيّب آماله بعد وصوله إلى السلطة، لا سيّما بعدما تصالح مع “إيران” على الرغم من “تدخلها في سوريا والعراق ولبنان واليمن”، متمنياً وصول مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون من بعده
عن “داعش”، رأى خدام أنّ ظروفاً عدَّة أدت إلى نشأته وامتداده إلى سوريا، مشيراً إلى أنّ إيران “غذَّت التنظيم”، في إطار العمل على “إنشاء قوة سنية لمحاربة السنة في المنطقة”. في هذا الصدد، شدد على الاختلاف الكبير القائم بين الأسد الأب وابنه، على مستوى العلاقة مع إيران؛ ففيما “سمح الأخير لطهران، التي أمست تعتبر نفسها وصية على دمشق، بالتدخل في الشأن السوري عبر الحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” ومجموعات أخرى تدعمها، كانت طهران تهاب الأسد الأب وتخشى العبث معه”
في هذا السياق، ربط خدام بين وجود “حزب الله” ووجود “النظام” في سوريا، زاعماً أنّ الأخير “لن يقوَ على الوقوف على قدميه، إذا ما قُطع شريان حياة إيران التي تزوده بالمال في سوريا، “فلا يساوي حزب الله” شيئاً من دون النظام السوري الحالي
في الختام، أكّد خدام أنّ الأزمة السورية لن تصل إلى خواتيمها إلاّ إذا اجتمع اللاعبون حول طاولة واحدة، وذلك يكون بعقد مؤتمر دولي لإنقاذ سوريا، بمشاركة القوى العالمية كلّها، من الغرب حتى الشرق، بما فيها إيران، ذات “القيادة المعتدلة حالياً”، مؤيداً تحرير سوريا وتشكيل قوة مسلحة دولية تعمل على سحب السلاح من الفصائل كافة
في المقابل، رفض خدام كل حل سياسي، محذراً من إمكانية “بقاء النظام أو رجالاته في الحكم بموجبه، ما سيؤدي إلى نشوب نزاعات جديدة في المستقبل من شأن نطاقها أن يمتد ليشمل أقساماً أخرى من المنطقة والعالم”، نافياً سعيه إلى تبوأ أي منصب سياسي في سوريا في مرحلة “ما بعد الأسد”، واصفاً دوره بالوطني