أعلن انشقاقه من باريس لأنه «اختار الوطن ولم يختر النظام» محذراً بأن لديه ملفات خطيرة جداً خدام: الأسد انفعالي ومتفرد بالسلطة وهو ما أوقع سوريا في حقل ألغام
حمّل نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام الرئيس السوري بشار الاسد مسؤولية تورط سوريا في حقل الالغام الذي تعيشه حاليا، بسبب تفرده بالسلطة ورفضه أي اصلاح وغلبة الانفعال عليه، كما كشف عن الكثير من التهديدات التي وجهها الاسد شخصيا، ثم مسؤول المخابرات السورية في لبنان رستم غزالة، لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري قبل عدة اشهر من اغتياله وقبل الاغتيال مباشرة. وحذر خدام من اي تعرض له ولعائلته لان «لدي الكثير مما أقوله ولا اقوله لمصلحة البلد ومن يحاول ان يفكر بذلك فعليه ان يعرف جيدا ما لدي.. وان لدي امورا وملفات كثيرة وخطيرة». وكشف ان عائلته جاءت الى باريس لقضاء اجازة الاعياد معه.
وتحدث خدام لفضائية «العربية» عن دور رستم غزالة وكيف شتم الرئيسين الحريري وبري ووليد جنبلاط، وكيف طالب الاسد باقالته لانه يسيء له فأجبره على الاعتذار بعد ان حمّل الرئيس السوري غازي كنعان مسؤولية تراكمات الوضع في لبنان، وكشف خدام للأسد ان غزالة سرق مبلغ 35 مليون دولار من بنك المدينة وهو «حرامي».
وقال انه طالب الاسد في 28 فبراير بعد اغتيال الحريري بسحب المجرم غزالة من لبنان وقطع رقبته لانه خلق هذا الوضع، فاجابه الاسد: «بكرا في تشكيلات وينشال» كما كشف انه دعا الاسد لتشكيل لجنة تحقيق بعد ان قال في مجلس الشعب ان هناك اخطاء ارتكبت في لبنان، ومحاكمة الضباط المسؤولين عن الوضع، ولكن الاسد سلم غزالة مسؤولية جديدة في ريف دمشق الذي يرتبط بوضع لبنان بعد الانسحاب منه رغم كل ما ارتكبه من موبقات.
تهديد قاس جدا
ونقل خدام عن زوار غزالة وهو يلعب بمسدسه ويقول «سأعمل واترك كذا وكذا» مشيرا الى كلام خطير قيل عن الرئيس الحريري. وفي احدى المرات استدعى الحريري قبل عدة اشهر من اغتياله الى دمشق وهدده الأسد بحضور غزالة وكنعان وعدنان خلوف بكلام قاس جداً جداً جداً.
وأشار إلى انه عاتب الأسد على «هذا الكلام مع رئيس وزراء لبنان أمام ضباط صغار، وعندئذ أدرك انه أخطأ وطلب مني الاتصال بالحريري لإزالة «الوزمة» التي تركت لدى الرئيس اللبناني.
ونقل خدام عن الأسد قوله انه لا يسمح لأحد بالخروج عن قراره في لبنان، مشيراً إلى أن الحريري ارتفع ضغطه بعد المقابلة وأصابه نزيف في الأنف، حيث أخذه كنعان إلى مكتبه وحاول أن يهدئ الوضع. وتحدث عن أجواء في القيادة السورية ضد الحريري مثل القول انه يعد لعمل غير مسبوق في لبنان وهو يجمع طائفته حوله وهذا ضد سوريا، ورد خدام على هذا المنطق: «هل نصر الله وبري خطر على سوريا لأنهما يجمعان طائفتهما وكذلك القوات وعون الخ؟».
وكشف انه طالب الحريري بمغادرة لبنان بواسطة محسن دلول (وزير لبناني).
سابق)، لأن وضعه معقد في سوريا قبل اغتياله بأشهر، مؤكدا انه لم يخطر بباله لحظة من اللحظات بأن تقوم سوريا باغتيال الحريري، ولذلك خلق هذا المناخ انطباعات معينة عند الناس، وما يثبت هذا المناخ هو نتائج تحقيق اللجنة الدولية برئاسة ميليس.
وكرر نائب الرئيس السوري عدة مرات أن «علينا ان ننتظر التحقيق»، مؤكدا انه لا يستطيع ان يتخذ أي جهاز في سوريا قرارا منفردا وهو ما قاله الرئيس بشار مع «ديرشبيغل» عندما قال «ان اتهام سوريين متورطين يعني انا متورط».
وتحدث عن مرحلة علاقة الرئيس الحريري بالرئيس الراحل حافظ الأسد الذي كان يعتبر ان سوريا ولبنان بحاجة الى الحريري، ويجب ألا يضعف، وكيف رفض الرئيس لحود طلبه بأن يكون رئيس حكومته وجاء بالرئيس الحص.
وحمّل نائب الرئيس السوري لحود وجميل السيد والاجهزة اللبنانية مسؤولية الحملات القاسية ضد الحريري، وكان يتأثر بها الرئيس بشار، مؤكدا ان الرئيس الراحل كان يتعامل في المقابل بكل ايجابية مع سوريا ويقدم بعض التنازلات حتى لا يغضب القيادة السورية.
وكرر بأنه جرى توجيه تهديدات كبيرة للحريري، وروى كيف جرى تلفيق تقارير تشير الى ان جان عبيد وزيرالخارجية الاسبق اجتمع سرا مع السفير الاميركي في سيارته مع ان عبيد صديق لسوريا، وجرى تصديق تقارير الاجهزة اللبنانية ومقاطعة عبيد. واشار الى سخف الاتهام لانه كان باستطاعة عبيد المجيء بالسفيرالى الوزارة.
وحمل الدائرة المحيطة بلحود مسؤولية كل هذاالتحريض.
ورأى ان طرح قضية ابو عدس غباء وكذلك قضية الحجاج الذين اتهموا بالتفجير، لان عملية التفجير احتاجت الى 1000 كيلوغرام من المتفجرات والى تقنيات للتشويش على الاجهزة التي كانت تحملها سيارات الحريري، وهل يستطيع ابو عدس القيام بعملية بهذا الحجم؟ وثانيا اين جسمه واشلاءه؟ كل ذلك يتطلب تقنية عالية وجهازا كاملا لا يقل عن 20 شخصا، وادارة لهذه العملية الكبيرة، وهذا اكبر من قدرة منظمة صغيرة، لا احد يستطيع ان يأتي بكل ذلك، لا احمد ابو عدس ولا احمد ابو حمص.. هذا وراءه جهاز كبير.. من هو؟ هذا ما سيكشفه التحقيق.
واستعاد تصريحات القيادات الموالية لسوريا (فرنجية، كرامي، قانصوه، وهاب) في حملتها الشعواء على الرئيس الحريري بواسطة حملات مسمومة.
ووصف تقرير المحقق الدولي ميليس بأنه مهني وتقني، مشيرا، بصفته محاميا، ان ميليس اعطى خلاصة ما لديه لانه لا يستطيع ان يكشف كل ما لديه لان ذلك يضر بسلامة التحقيق»، واتهم من قال ان التقرير مسيس بالقول: ان المشتبه فيهم هم الذين سيسوا التحقيق.
وأعاد التذكير بموقفه بأنه كان ضد اختيار لحود للرئاسة ثم ضد التمديد له، مشيراً إلى أنه أبلغ الرئيس الراحل حافظ الأسد بأن لبنان لا يتحمل حكماً عسكرياً، كما أن التهديد سيكون له انعكاسات خطيرة على سوريا، مشيراً إلى أن بشار الأسد أبلغه في 18 آب (أغسطس) بأن ليس هناك تمديد ثم أخبره الحريري أنه «جماعتك غيروا رأيهم، واستدعوني لمدة ربع ساعة وأبلغوني بذلك».
وقال إنه نصح الحريري بالقبول بالتمديد أو الاستقالة لأنه لا يستطيع أن يتحمل تداعياته، كما قدم جنبلاط النصيحة نفسها إلى الحريري.
سياسة الأسد
وتحدث خدام بالتفصيل عن أخطاء الرئيس بشار الأسد وتوقع أن يحرضه محيطه عليه خصوصاً ممن ضللوه، منوهاً بجهوده الطويلة لإعلاء كلمة سوريا وتعرضه لخمس محاولات اغتيال.
مشيرا الى انه جاء الى باريس لكتابة مذكراته، واشاد بأدب الأسد عندما يتحدث مع الآخرين، وكيف التقاه قبل مغادرته الى باريس، لافتا الى ان هناك خلافا في وجهات النظر، ولكن هناك احتراما متبادلا، وقال: تركت سوريا من أجل سوريا.
واستعرض مرحلة تعرفه الى الرئيس بشار منذ 1992 عندما كان يحضره والده لوراثته، قائلا انه اتفق معه على اصلاحات سياسية واقتصادية وافساح المجال للديموقراطية وانه وضع خبرته المتراكمة في خدمته، وقدم دراسة حول تطوير الحزب والنظام السياسي واقامة ديموقراطية، وحريات ومعالجة الازمة الاقتصادية، مشيرا الى «ان هذه المذكرة تشكل استراتيجية واعتقد لو ان الرئيس بشار الاسد تبنى هذه الاستراتيجية لما وضع سوريا في هذه الحقول من الالغام، ولما واجهنا هذه الصعوبات الداخلية والخارجية لان المشكلة الكبرى ان الدولة عندما لا تكون لها سياسية تكون سائرة نحو الالغام».
وتحدث كيف نامت كل مقترحات الإصلاح في أدراج مجلس الوزراء وكيف تم تعطيل خطة بعثة فرنسية طلبها من الرئيس شيراك لتحديث الإدارة. وكشف أنه قرر الاستقالة بسبب تعثر الإصلاح وأضاف: وجدت نفسي أمام خيارين اما أن أكون مع الوطن واما أن أكون مع النظام، فاخترت الوطن لأن النظام حالة عابرة.
وتوقف عند انفراد بشار بالسلطة وتمركز القرار عنده بشكل غابت فيه المؤسسات الدستورية والحزب، وأصبح دورها تغطية القرار الصادر عن الرئيس بالإضافة إلى توقف الإصلاح، وازدياد الفساد إلى درجة أن موظفاً من المقربين كان معاشه 200 ليرة في الشهر، وأصبح يملك ثروة تبلغ 4 مليارات دولار، وكشف عن موظف اخر من الاقرباء يملك 8 مليارات دولار في وقت يعيش نصف الشعب السوري تحت خط الفقر، ونصفه الآخر عند مستوى هذا الخط، بينما قلة من الأقرباء تستولي على موارد البلاد وفيما لا يجد السوريون ما يأكلونه وبعضهم يفتش في القمامة على الأكل، مؤكدا ان سوريا لا تستطيع مواجهة الضغوط فيما حرية الشعب مصادرة، وتتسلط عليه اجهزة الامن. واتهم خدام اجهزة الامن بالترويج بانه يعرقل الاصلاح وان يمثل الحرس القديم لتغطية رفض الرئيس الاصلاح.
واستعرض كيف ان القلة المحيطة بالرئيس الاسد زرعت في عقله ان الولايات المتحدة ستزحف لمفاوضته لانها تهتم بالعراق ولاتهتم بلبنان وهذه قراءة خاطئة اوصلت الى نتائج خطيرة واوقعت سوريا في مطبات خطيرة.
وحمل انفعال الرئيس وسلوك سياسة ردة الفعل، وهما صفتان سيئتان اذا لازمتا اي مسؤول لانه لا يستطيع ان يميز الخطأ من الصواب، مشيرا الى ان والده الرئيس الراحل حافظ الاسد لم يكن ينفعل ويضبط نفسه وهذه صفة مهمة لادارة بلده.
ونفى ان يكون له صلة مباشرةمع آصف شوكت أو ماهر الاسد، مشيرا الى ان فاروق الشرع ورط الاسد بالقرار 1559، ونفى ان يكون جرى أي سجال بينه وبين الشرع في اجتماع القيادة القطرية لان اللجنة السياسية في القيادة رفضت تقرير الشرع، واضاف: لا اريد ان اظلم نفسي واضع نفسي بمستوى فاروق الشرع واقول انه حدث ملاسنة معه.
وقال إن الوضع اللبناني انعكس سلباً على غازي كنعان من خلال تحميله مسؤولية تراكمات الوضع اللبناني.
لــقـــطـــــــــــــــــــات
قال نائب الرئيس السوري انه بعد اغتيال الحريري التقيت الرئيس بشار الأسد، وقلت له «هذا المجرم (رستم غزالة) أحضره من لبنان وأقطع رأسه، هو الذي عمل هذا في لبنان»، فرد الأسد على خدام بالقول «ان هناك تشكيلات عسكرية ستتم وسنسحبه من لبنان». وأضاف خدام أن الرئيس السوري بدل ان يعاقب رستم غزالة أعطاه المزيد من الصلاحيات، وأصبح عضوا في قيادة حزب البعث.
انتحار غازي كنعان
أشار نائب الرئيس السوري الى ان الظروف التي وضع بها وزير الداخلية السوري الراحل غازي كنعان والضغوط الكبيرة التي كان يتعرض لها قد تكون دفعته الى الانتحار، الا ان خدام لم يؤكد ذلك، وقال ان التحقيق الحقيقي والجدي هو الذي يستطيع كشف حقيقة وفاة كنعان.
رستم شتم الحريري وبري وفرنجية وميقاتي وجنبلاط
قال خدام انه علم في أحد الأيام ان رئيس المخابرات السورية السابق في لبنان العميد رستم غزالة شتم الرئيس الراحل رفيق الحريري والرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، وعندما طلب خدام من الرئيس الأسد ان يحاسب غزالة ويسحبه من لبنان، لأنه يتكلم بفظاظة مع المسؤولين اللبنانيين اجابه الأسد انه علم هو أيضاً ان غزالة شتم ايضا الرئيس السابق نجيب ميقاتي والوزير سليمان فرنجية.
بين الأسد وغزالة
نقل نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام عن الرئيس بشار الأسد قوله إن رستم غزالة حرامي وبنى قصراً في ضيعته وسوق، وأنه تطاول على نجيب ميقاتي وسليمان فرنجية، ورد عليه «إذا كان تطاول على أصحابك فلماذا لا تأتي به وتقطع رقبته»، فرد انه سينقله في التشكيلات الجديدة لكن ذلك لم يحدث.
أبو عدس أبو حمص
حول موضوع أحمد أبو عدس قال عبدالحليم خدام إن من طرح هذه الفرضية هو في غاية الغباء وكذلك من طرح فرضية الحجاج. وتساءل: أي منظمة تستطيع أن تأتي بألف كيلو من المتفجرات.. لا أحمد أبو عدس ولا أحمد أبو حمص، هذه عملية كبيرة وراءها جهاز وسنعرف ذلك عبر التحقيق.