طالب يهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي، انتقال المفاوضات مع نظام بشار الأسد إلى مرحلة أخرى، يقصد انتقالها إلى مرحلة المفاوضات المباشرة بين الطرفين، وهذا ما أكد عليه المعلم في زيارته لباريس بأنه لا يجد مانعا من انتقالها أيضا إلى مفاوضات مباشرة، ولكنه اشترط ضمنا أن تتم برعاية أمريكية أوروبية مباشرة، لأن عين النظام السوري على واشنطن.
يتحدث الطرفان عن حدوث تقدم في هذه المفاوضات، والتي يجمع المراقبون على أنها لا تتناول قضية الانسحاب من الجولان، وإن كانت حاضرة، بل تتناول إعادة صياغة تكتيكية للعلاقة الإسرائيلية مع النظام السوري، ورؤيتها لهذه العلاقة، في مستقبل منظور!
وبدأت تسريبات هنا وهناك تتحدث عن أن النظام في دمشق قد يبدأ بتنفيذ جزئي للمطالب الإسرائيلية والفرنسية في لبنان وغزة.
وبنفس الوقت يلعب النظام السوري على الوقت الإيراني، كما باتت إيران تلعب بالمستقبل السوري! لأنها تحولت إلى جزء عضوي من مستقبل سورية، عبر تراكم سياسيات تدخلية بدأت منذ أكثر من عقدين من الزمن
– مشاريعها السياسية والتبشيرية والاقتصادية في سورية لا تحتاج إلى براهين- وبرضا النظام السوري، المجبر من خلال حاجته لحليف قوي في المنطقة، يواجه به فشله الداخلي أولا، وحصاره ثانيا،
كما أننا لا بد أن نعترف كمعارضة سورية، بأن بعض السياسات الأوروبية، عادت لتتحدث عن تغير فيها من خلال، الحوار مع الموجود من الأنظمة، وغيرها، والسبب أنهم لا يرون البدائل الديمقراطية على حد زعمهم. مع ذلك لا بد لنا هنا أن نركز في تحليلنا على السياسة الإيرانية لأنها الأخطر في الواقع على مستقبل المنطقة.
الإيرانيون منذ مدة يتعاملون بنفس السياسة الإسرائيلية وهي كسب مزيد من الوقت، خاصة في تعاملهم مع الملف النووي، حيث يظهرون دوما مرونة في التعاطي مع مطالب هيئة الطاقة الذرية الدولية، ومع مطالب الدول الكبرى، ولكن دون أن يتراجعوا قيد أنملة عن المضي في برنامجهم النووي العسكري.
هل يستطيع النظام السوري التجاوب مع المطالب الإسرائيلية والفرنسية في لبنان؟
إذا كانت المطالب الإسرائيلية لا تريد سحب سلاح حزب الله، والفرنسية تريد نزع فتيل العنف كما تقول، فكيف يمكن التوفيق بين السياستين؟
ولهذا إيران ليست قلقة من هذه المفاوضات لأنها في النهاية تعرف: أن نظام بشار الأسد لا يملك سوى أن يعود مجددا إلى حضنها. لأنه بدون إيران لا يملك تأثيرا على حزب الله، وبدون إيران لا يستطيع المضي في سياسة البعثرة على الصعيد الفلسطيني، وبدون إيران يصبح في أية مفاوضات طرفا هزيلا مكشوف الظهر. وهذا ما تلعب عليه السياسة الإيرانية.
لن يمضي كثيرا من الوقت حتى يعود نظام بشار الأسد لكي يتنصل من كل أوهام من يريدون عزله عن نظام الملالي في طهران. لأنه في لنهاية المفاوضات التي تجري في الحقيقة، هي مفاوضات إيرانية- أوروبية – إسرائيلية