السيد خدام (الجمهورية العربية السورية) (ترجمة فورية من اللغة العربية):
سيدي الرئيس، يسعدني أن أهنئكم على انتخابكم لرئاسة الدورة الثامنة والثلاثين للجمعية العامة، وأتمنى لكم كل النجاح في مهمتكم.
وفي الوقت نفسه، أود أن أشيد بالسيد إيمري هولاي، الرئيس المنتهية ولايته، على جهوده، وكذلك بالأمين العام على كل ما قام به خلال العام الماضي.
وأود أيضا أن أهنئ سانت كريستوفر ونيفيس على استقلالهما وانضمامهما إلى عضوية الأمم المتحدة.
إن العالم اليوم يواجه مخاطر جسيمة ويتعرض لأزمات معقدة تهدد السلم والأمن الدوليين.
إنها تهدد الانفراج والتعاون الذي أعقب الحرب العالمية الثانية.
وبعيداً عن قضية فلسطين ومشكلة الشرق الأوسط، واحتلال القوات الإسرائيلية للبنان، فضلاً عن مشاكل جنوب شرق آسيا وناميبيا والجنوب الأفريقي، فإن القتال يحتدم في أمريكا الوسطى وحوض البحر الكاريبي.
إن حالة التوتر هذه في مختلف مناطق العالم يصاحبها الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن نزع السلاح الاستراتيجي.
إن محاولة نشر الصواريخ في أوروبا وأجزاء أخرى من العالم تشكل انتكاسة خطيرة للوفاق الدولي وأعادت العالم إلى أجواء التوتر، مما يبشر بعودة الحرب الباردة بما لها من آثار سلبية على الوضع الدولي وتهديدها المباشر بدفع العالم إلى مرحلة جديدة من المواجهة المباشرة بين القوى العظمى.
ولا بد من الإشارة بشكل خاص إلى الوضع الاقتصادي العالمي وتداعياته ليس فقط على رفاهية شعوب العالم المتقدم، بل أيضا على شعوب العالم الثالث التي تعاني أكثر من غيرها بسبب أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية وبسبب الهياكل الاقتصادية الموروثة من الحقبة الاستعمارية.
ولا بد أن تكون لذلك عواقب وخيمة على تطور الحياة الدولية ومستقبل جميع دول العالم.
أود أن أشير إلى عدد من المشاكل الكبرى التي تواجه الشعوب اليوم.
وعلى الرغم من قرارات الأمم المتحدة بشأن العنصرية في الجنوب الأفريقي، ومسألة ناميبيا، واستقلال شعوب الجنوب الأفريقي، فإن النظام العنصري لا يزال يحتل ناميبيا، ويهاجم أنغولا وموزمبيق، ويهدد دول خط المواجهة الأفريقية.
إن استمرار هذا الوضع لا يشكل مأساة لشعوب تلك المنطقة من العالم التي عانت طوال قرون عديدة من الظلم والقمع فحسب، بل إنه أيضا إهانة للعالم أجمع.
إننا نقف إلى جانب الشعوب الأفريقية في نضالها الثابت لإسقاط النظام العنصري وتحقيق استقلال شعوب الجنوب الأفريقي.
إن نضالهم هو جزء من نضال العالم الثالث من أجل التحرر والاستقلال والسيادة.
وفي جزء آخر من العالم، تظل مشكلة قبرص دون حل.
وقد أدى ذلك الوضع إلى استمرار معاناة الشعب القبرصي.
ولذلك من الضروري البحث عن حل سريع وعادل لتلك القضية، على أساس قرارات الأمم المتحدة، ومن خلال المفاوضات بين الطائفتين القبرصيتين وعلى أساس ضمان وحدة الجزيرة وعدم الانحياز.
ونأمل أن تستمر المفاوضات تحت رعاية الأمين العام.
كما ظلت القضية الكورية دون حل.
إننا نؤيد وحدة كوريا وتنفيذ البيان المشترك الذي وقعه شطرا شبه الجزيرة الكورية في عام 1972.
وفي أمريكا الوسطى، تتصاعد التهديدات ضد نيكاراغوا وكوبا وغرينادا يوما بعد يوم مع استمرار تزايد مشاركة الولايات المتحدة في تلك المنطقة، مما يجعل الحالة أكثر تعقيدا من أي وقت مضى ويطرح خطر نشوب صراع ستكون له عواقب وخيمة على الوضع الدولي.
ونحن ندعم نيكاراغوا وكوبا وغرينادا في كفاحها العادل للحفاظ على سيادتها الوطنية واستقلالها وضمان عدم التدخل في شؤونها الداخلية.
ولا تزال الجمعية العامة تنظر في بند يتعلق بأفغانستان. ونعتقد أن الحكومة الأفغانية يحق لها الدفاع عن استقلال أفغانستان ضد كافة أنواع التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية.
لدينا روابط تاريخية وثقافية قوية مع الشعب الأفغاني.
وأفغانستان أيضا عضو زميل في حركة بلدان عدم الانحياز، ونحن حريصون على أن تظل كذلك.
وللشعب الأفغاني الحق في اختيار نظام الحكم الخاص به. وبالتالي، فإننا نعلق أهمية كبيرة على ضرورة إجراء مفاوضات بين حكومة جمهورية أفغانستان الديمقراطية وجيرانها من أجل التوصل إلى حلول سلمية تضمن السلام والأمن في تلك المنطقة وتحافظ على وحدتها واستقلالها و عدم الانحياز لأفغانستان .
وفي مثل هذا الوضع الدولي المتوتر، تمثل حركة عدم الانحياز نهجا دوليا يسعى إلى تحقيق السلام والعدالة والتقدم والرفاهية وعدم المواجهة لجميع شعوب العالم.
وقد تناول المؤتمر الأخير لرؤساء دول و حكومات بلدان عدم الانحياز، الذي عقد في نيودلهي، المشاكل الدولية التي تواجه العالم.
وقد فعلت ذلك بإحساس عميق بالمسؤولية تجاه مستقبل البشرية وحق الشعوب في تقرير المصير.
إن القرارات التي اتخذت في نيودلهي تشكل أساسا هاما للحفاظ على السلام والأمن الدوليين والسيطرة على تطور الأوضاع الدولية.
كما قدم المؤتمر مقترحات للتعامل مع الوضع الاقتصادي العالمي.
إلا أن المشكلة لا تكمن في ذلك النهج العادل والشامل الذي تتبعه البلدان التي تشكل الأغلبية العظمى من أعضاء المجتمع الدولي.
بل يكمن في الموقف المتعنت الذي تتبناه قوى الإمبريالية والظلم والعنصرية والصهيونية.
إن الوضع في الشرق الأوسط من بين المشاكل الدولية الأكثر اضطرابا وتوترا.
وذلك بسبب موقع المنطقة وأهميتها الاستراتيجية والتاريخية والاقتصادية.
لقد وضعت الخصائص الفريدة للشرق الأوسط عبئا ثقيلا عليه عبر التاريخ، وكان هدفا للمخططات الاستعمارية لعدة قرون.
إن ما يتكشف اليوم في المنطقة ليس سوى نسخة حديثة من المرحلة الماضية من التطورات.
وفي القرن الحادي عشر تعرضت المنطقة لغزوات استعمارية تسمى بالحروب الصليبية.
وكانت الحملة النابليونية نسخة أخرى، أعقبها اللجوء المتكرر إلى التهديدات العسكرية في القرن التاسع عشر، خاصة خلال الأحداث التي شهدها لبنان بين عامي 1840 و1860.
أطل الاستعمار الغربي برأسه القبيح مرة أخرى خلال الحرب العالمية الأولى، جالباً إلى المنطقة مخططاً للاستيلاء على فلسطين وتسليمها إلى الحركة الصهيونية.
وتلا ذلك عدد من الأحداث، ونشأ في تلك المنطقة الكيان العنصري الذي رعته ودعمته الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون.
وبفضل ذلك الدعم في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية، تمكن ذلك الكيان من احتلال فلسطين وأجزاء من سوريا ومصر ولبنان.
ترجع خطورة الوضع في منطقة الشرق الأوسط إلى الأسباب التالية:
أولاً، اغتصاب الحركة الصهيونية لفلسطين وأجزاء من الأراضي العربية الأخرى، وإقامة كيان قائم على العنصرية والتمييز والاستبداد والهيمنة، وإظهار أيديولوجية تربط بطريقة أو بأخرى بين الأهداف الاستعمارية والتوسعية للحركة الصهيونية والأوهام الأسطورية. لتوفير الذريعة للجرائم الوحشية التي ارتكبتها إسرائيل وما زالت ترتكبها في فلسطين والأراضي العربية المعرضة للعدوان. إن سياسة التهجير والضم وتغيير التركيبة السكانية في فلسطين والأراضي العربية المحتلة، وانتهاك قرارات الأمم المتحدة وميثاقها والقانون الدولي، وإفشال كافة مبادرات السلام المطروحة عبر الأمم المتحدة، كافة تعكس تلك السياسات والأفعال طبيعة استراتيجية الحركة الصهيونية وأهدافها وأغراضها العدوانية والتوسعية.
ثانياً، هناك سبب آخر لحالة التوتر المتفجرة في المنطقة، وهو تجدد الأطماع الاستعمارية الجشعة على موارد المنطقة وموقعها الاستراتيجي.
إن تجارب منطقتنا في مختلف العصور التاريخية تتكرر اليوم.
وما حاملات الطائرات والسفن الحربية الأمريكية وغيرها إلا نسخة حديثة من الحملات الاستعمارية والحروب الصليبية التي تعرضت لها أمتنا العربية في مراحل مختلفة من تاريخها.
ونحن على ثقة بأن أمتنا العربية ستهزم الغزاة الجدد، كما هزمت كل الغزوات الاستعمارية عبر تاريخها الطويل.
ولم يبق من تلك الغزوات سوى آثار متفرقة، يقصدها السياح من أحفاد الغزاة السابقين.
إن التورط الأميركي في لبنان والتدخل المباشر لوحدات البحرية الأميركية في الحرب الأهلية دعماً لطرف ما يمثل خطراً على المنطقة ومؤشراً جدياً على بداية "فتنمة" لبنان.
وعلى الإدارة الأمريكية وحلفائها أن يقرأوا التاريخ القديم والحديث، وأن يتعلموا دروسه، وأن يكفوا عن توريط شعوبهم ومصالحهم في حروب لا يمكنهم أن ينتصروا فيها.
وإننا نحذر إدارة الولايات المتحدة من أن التدخل العسكري في الشرق الأوسط سيكون مشؤوما مثل تورطها في فييتنام.
ونذكّر حلفاءها الذين سارعوا بإرسال أساطيلهم وطائراتهم الحربية إلى تلك المنطقة بأننا طردناهم من الباب بعد صراع دموي طويل، ولن نمنحهم فرصة العودة من النافذة.
وليتأكدوا أننا بإصرارنا وقدرتنا لم نغلق الأبواب فحسب، بل النوافذ أيضا، في وجوه الغزاة.
ويمكنهم أن يتأكدوا من أن حاملات طائراتهم وأساطيلهم لن تخيفنا أو تضعف تصميمنا على الدفاع عن أرضنا ومستقبلنا وممارسة حقوقنا في الدفاع عن النفس.
إن الوجود العسكري الأطلسي في البحر الأبيض المتوسط يشكل تحديا ليس لنا فحسب، بل للمجتمع الدولي برمته، كما أنه يشكل تهديدا للأمن والسلام.
وهو تعبير عن تجديد الروح الاستعمارية العدوانية ضد الشعوب وحقها في تقرير المصير، وكذلك ضد الشعوب والحكومات المعنية.
إن أمتنا التي هزمت جميع الغزاة بنضالها وإصرارها عبر التاريخ، ستهزم الغزاة الجدد.
وفي الحديث عن أطماع الإمبريالية الأمريكية وبعض حلفائها الغربيين لا بد من الإشارة إلى الترابط بين أهداف ومصالح وطموحات تلك القوى وتلك التابعة للكيان الصهيوني الذي يعتبرونه جناحهم العسكري الشرقي ويستخدمونه. كقاعدة أمامية متقدمة. وهذا ما يفسر حجم المساعدات العسكرية والسياسية والاقتصادية المقدمة لإسرائيل.
إن خطورة الوضع ناجمة عن التعنت الإسرائيلي العدواني الذي يحظى بدعم ومساندة الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد الشروع في ضم الجولان والشروع في برنامج شامل لبناء المستوطنات في الأراضي المحتلة، اجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان. لقد خدم غزو لبنان المصالح الإسرائيلية التوسعية العدوانية.
ويجدر التذكير هنا بالمذكرة التي قدمها حاييم وايزمان إلى مؤتمر السلام العالمي في فرساي عام 1919، والتي حدد فيها الحدود السياسية لفلسطين، وليس لدولة إسرائيل.
وبحسب تلك الحدود المقترحة، فإن الحد الشمالي يبدأ من خط بالقرب من صيدا، ويعبر سلسلة جبال لبنان الشرقية ويمر عبر الأراضي السورية وصولاً إلى نقطة معينة في تلك الأراضي.
كما خدم الغزو مصالح الولايات المتحدة ضمن إطار استراتيجي يهدف إلى فرض الهيمنة الأمريكية على منطقة الشرق الأوسط، لكن هذه الهيمنة لا يمكن فرضها إلا من خلال قمع شعوب المنطقة.
وكان ينبغي للولايات المتحدة، باعتبارها قوة عظمى، أن تفي بمسؤوليتها الخاصة عن الأمن والسلام في العالم، وكان ينبغي لها أن تعارض العدوان وتتخذ التدابير المناسبة ضد إسرائيل.
لكنها بدلاً من ذلك، فرضت مع إسرائيل، تحت نيران العدوان أثناء حصار بيروت، اتفاقاً نفذه المبعوث الأميركي السيد فيليب حبيب.
في ظل الاحتلال وخلافاً لاتفاقات فيينا وميثاق الأمم المتحدة نجحت الولايات المتحدة في فرض اتفاق على لبنان يهدد وحدته الوطنية وينتهك سيادته ويقوض استقلاله الوطني ويعزله عن أمته العربية ويشكل تهديداً لأمن ومصالح ومستقبل سوريا والعالم العربي.
لقد كان هناك استغلال واضح وابتزاز واضح فيما يتعلق بالوضع المؤلم بشكل خاص الذي يعاني منه الشعب اللبناني الشقيق بسبب الحرب الأهلية والانقسامات الوطنية المفروضة عليه بهدف ضمان حصول إسرائيل على أكبر قدر ممكن، بغض النظر عن ذلك. المعاناة والمخاطر والأضرار التي لحقت بدولة عضو في الأمم المتحدة كانت دائما في طليعة الدول المحبة للسلام.
ورغم صعوبة الوضع في لبنان، الذي لا أريد الخوض فيه، إذ لا مجال هنا لبحث مثل هذه المواضيع، إلا أن المقاومة الوطنية اللبنانية واجهت الاحتلال الإسرائيلي ببطولة كبيرة، رغم الظروف الصعبة والمعقدة التي يعيشها إخوتنا في لبنان. كما أن الغالبية العظمى من الشعب اللبناني تعارض الاتفاق المفروض على لبنان ولا تعترف به.
وقد أعلنوا بحزم أنهم سيستمرون في معارضة الاتفاق حتى يتم إسقاطه.
إن موقفنا من كل هذه القضايا واضح ويرتكز على المبادئ التالية: أولا، وحدة لبنان واستقلاله وسيادته من المبادئ التي لا يمكن لسورية والدول العربية الأخرى أن تقبل بانتهاكها أو المساس بها.
وستواصل الدول العربية العمل من أجل تحقيق هذه الغاية ومساعدة الشعب اللبناني الشقيق على استعادة وحدته الوطنية واستقلاله وسيادته على كافة أراضيه.
وفي هذا الصدد، ساهمنا في تحقيق الاتفاق الذي أبرم قبل أيام بين الأطراف المتصارعة في الحرب الأهلية في لبنان.
ثانيا، يجب على إسرائيل أن تنسحب دون قيد أو شرط من لبنان، وفقا لقرار مجلس الأمن 509 (1982).
ثالثاً: يجب إلغاء الاتفاق الذي فُرض على لبنان، لأن هذا الاتفاق فُرض في ظل الاحتلال,وأي اتفاق يفرض في ظل الاحتلال أو باستخدام القوة أو التهديد بها يعتبر باطلاً.
وفي هذا الصدد، لا بد من الإشارة إلى أنه لا يمكن لأي محاولة من أي نوع لتنفيذ هذا الاتفاق المشؤوم أن تنجح, وسنقف إلى جانب أهلنا في لبنان في نضالهم حتى إفشال هذا الاتفاق.
رابعا، يجب على القوات المتعددة الجنسيات أن تغادر لبنان، لأنها تجاوزت أهدافها المعلنة وتشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن في المنطقة.
وهي تذكرنا بالحملات الاستعمارية في المراحل السابقة من تاريخ منطقتنا.
وعلى الرغم من هذا الوضع المعقد والخطير، ظل العرب ملتزمين بمبدأ إقامة السلام العادل والشامل على أساس ميثاق وقرارات الأمم المتحدة وفي إطاره، لأنهم يقدرون تداعيات هذا الوضع المتفجر على العالم وعلى الأمن والسلام العالميين، حيث يعتبرون سلامهم وأمنهم جزءا من سلم وأمن العالم أجمع.
وتقديرا لمسؤوليتهم الإقليمية والدولية، وافق رؤساء الدول العربية، في مؤتمر القمة العربي الثاني عشر، في فاس، على مبادرة سلام جديدة, لكن إسرائيل ردت برفضها وتكثيف عدوانها على الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 وفي لبنان.
ونؤمن بأن تحقيق السلام العادل يتطلب توافر الشروط التالية:
أولاً، يجب أن يتوقف التدخل الأميركي في الشرق الأوسط.
وعليهم أن يكفوا عن خطط الهيمنة الهادفة إلى السيطرة على موارد المنطقة أو موقعها الاستراتيجي.
إن العرب الذين يرفضون الهيمنة والعدوان الهادف إلى التهام ثرواتهم، يرفضون كذلك أن تستخدم ثرواتهم كعامل في تعقيد الوضع الاقتصادي العالمي، خاصة أنهم على استعداد للتعاون على قدم المساواة مع كافة الدول والشعوب في العالم.
وكما واجه العرب الاستعمار بكافة أشكاله عبر تاريخهم الطويل، فسوف يقاومون أيضاً محاولات فرض الهيمنة.
وبما أنهم مصممون على إبقاء بلدانهم حرة و ذات سيادة ومستقلة وناشطة في حركة بلدان عدم الانحياز، فإنهم يرفضون بنفس القدر التبعية والانحياز واستخدام بلدانهم كقاعدة للعدوان على الدول والأمم الأخرى.
ثانياً، يجب الحفاظ على التوازن الاستراتيجي في المنطقة بين أطراف الصراع، لأنه مع التفوق العسكري يظل الطرف المتفوق متعنتاً بينما يصبح الطرف الأضعف أكثر تعنتاً في مواقفه.
وفي هذا الصدد، ندعو الولايات المتحدة إلى وقف كافة أنواع المساعدات والدعم لإسرائيل، وخاصة في المجال العسكري.
ثالثا، لا بد من إعلان الالتزام بالميثاق والقرارات المتعلقة بقضية فلسطين والحالة في الشرق الأوسط.
وهذا يعني أن على الإسرائيليين أن يقبلوا ما يلي: الانسحاب الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967؛ الاعتراف بالحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف للشعب العربي الفلسطيني، بما في ذلك حقه في العودة إلى الوطن، وتقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، فضلاً عن الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد له. والانسحاب غير المشروط من لبنان وفقا لقرار مجلس الأمن 509 (1982).
وتشكل هذه الظروف الشرط الأساسي لوقف المزيد من تدهور الأوضاع، خشية أن يأتي وقت يخرج عن نطاق السيطرة، مع كل ما قد يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة ليس على المنطقة فحسب، بل على العالم أجمع.
إن أي مسح لتاريخ العدوان الإسرائيلي سيظهر أنه مليء بجميع أنواع الجرائم وانتهاكات ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الأمم المتحدة.
ولا أود أن أطيل الحديث عن القرارات التي انتهكتها إسرائيل أو رفضتها أو رفضت الاعتراف بها، ولكن لا بد لي من أن أطرح مرة أخرى السؤال الذي طرحناه في الدورات السابقة، وهو مسألة فرض عقوبات على هذه الدولة العضو، التي أصبحت إحدى خصائصها الأساسية انتهاك لميثاق الأمم المتحدة والاستخدام المستمر للقوة والعدوان.
ولذلك، نطرح مرة أخرى المسألتين التاليتين: عضوية إسرائيل في المنظمة العالمية، بعد انتهاكها للالتزامات التي تعهدت بها عند انضمامها إلى الأمم المتحدة، وقرارها بضرورة التزام إسرائيل بالميثاق والقرار 273. (III)، اعتمدته الجمعية العامة في عام 1949؛ وثانيا، فرض الدول الأعضاء عقوبات على هذا العضو، الأمر الذي أصبح ظاهرة غريبة وفريدة من نوعها في الحياة الدولية، لا تقل شهرة عن الظاهرة النازية.
إن خطورة الوضع في منطقتنا، مع كل مخاطر التورط المتزايد للولايات المتحدة وبعض حلفائها، تحتم على المنظمة العالمية اتخاذ مواقف حاسمة، ليس فقط لمصلحة الأمن والدول الأعضاء، ولكن أيضًا للحفاظ على أمن ومصالح جميع دول العالم.
وسنظل أوفياء لميثاق المنظمة وقراراتها.
إن هذا الولاء للميثاق والتزامنا بالسلم والأمن الدوليين يحتم علينا أن نستخدم دائما حقنا المشروع في الدفاع عن النفس لحماية مصالحنا واستقلال بلداننا وسيادتنا الوطنية.
وإننا ندعو جميع دول وشعوب العالم إلى إدراك خطورة الوضع والوقوف إلى جانبنا، فقضيتنا هي قضية الحق والعدالة.