الحدود اليمنية السعودية بين اتفاقية الطائف ومذكرة التفاهم.. سعيد عبد المسيح شحاتة

الناشر: يمنات

تاريخ نشر المقال: 2013-04-06

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp

ظهرت المشكلة الحدودية بين اليمن والسعودية عندما حاول الإمام يحيى حميد الدين أمام اليمن أن يستولى على أمارة عسير باعتبارها تابعة للمخلاف السليمانى التابع تاريخيا لحكم صنعاء، وذلك في الوقت الذى كان فيه اتفاق بين أمير عسير الإمام الحسن بن على الإدريسي مع الملك السعودي بوضع الإمارة تحت الحماية السعودية عام 1926 عرف ـ باتفاقية مكة ـ فتصدى له الأمير الملك فيصل بن عبد العزيز، وقامت الحرب بين الجانبين، وانتهت بانتصار السعوديين، واستعادتهم ـ نجران ـ ومرتفعات عسير ـ والتوغل داخل الأراضي اليمنية أسفرت المفاوضات بين الجانبين عن توقيع ـ اتفاقية الطائف ـ 1924 التي رسمت الحدود بين البلدين كما وتضمنت ثلاثا وعشرين مادة، كما نصت المادة الرابعة على تحديد الحدود بين نقطة ميدى والموسم على البحر الأحمر وحتى أطراف الحدود بين ـ من عدا يام بن زيد وائلى وغيره ـ وبين (يام) على أن يكون كل ما هو يسار هذا الخط للسعودية وكل ما على يمينه لليمن وتضمنت المادة الثانية اعترافا متبادلا وواضحا باستقلال كل من الطرفين، وان يسقط كل منهما أي حق يدعيه في تعديل هذه الحدود.

التطورات الحديثة للمشكلة الحدودية

المرحلة الأولى: ـبعد تحقيق الوحدة اليمنية، وتعاطف القيادة اليمنية مع صدام حسين أثناء حرب الخليج الثانية، وظهور احتمالات وجود النفط في المناطق المتنازع عليها، حيث اكتشفت شركة كندية النفط في منطقة الحدود المتنازع عليها بمقدار يبلغ 550 مليون برميل نفط فثارت المشكلة الحدودية من جديد.

فقامت المباحثات بين الطرفين في صورة لجنة للخبراء الثنائية بدأت في سبتمبر 1992، بعد أن جرت مشاورات ثنائية في جنيف في يوليو 1992 وعقدت سبعة لقاءات بالتناوب بين الرياض وصنعاء ، تأجل اجتماع لجنة الخبراء التي كان من المقرر أن تلتقى في الرياض أبريل 1994، بناء على طلب يمنى نتيجة الحرب التي اندلعت في اليمن بين الشمال والجنوب.

جدير بالذكر أن النزاع حول الحدود يستند في شق رئيسي منه على التباين فى تفسير مدى إلزامية معاهدة الطائف 1934، ومدى شمول ما جاء فيها من التزامات وتعهدات كل من الجانبين لخط الحدود بأكمله.

وأثناء جولات لجنة الخبراء السبعة تحددت الرؤية اليمنية في طرح إعادة ترسيم الحدود كليا، بأن عملية التفاوض سوف تأخذ وقنا طويلا، مما يتطلب توقيع اتفاق يضمن حقوق البلدين في منطقة الحدود المشتركة.

أما الرؤية السعودية فقد تضمنت شقين، الأول إلزامية معاهدة الطائف ولاسيما في الشق الوارد فيها وفى الملاحق المتصلة بها تفصيلا، وبالتالى العمل على تجديد العلامات المقامة على هذا الخط والتي اندثرت بفعل الزمن، والثاني البحث في علامات أو ترسيم ما بقى من علامات الحدود من جبل الثأر وحتى نقطة التقاء الحدود اليمنية العمانية السعودية، فضلا عن تعيين الحدود البحرية.

المرحلة الثانية: تمثلت هذه المرحلة في اتهام كل جانب للأخر باختراقات حدودية لا راضية وعبور الحدود المتفق عليها في اتفاقية الطائف وقيام المباحثات بينهما من أجل الوصول إلى التسوية.

وكان من المقرر أن تجرى مباحثات بين الجانبين ولكن هذا الحادث الحدودي أدى إلى تأجيل اللقاء بين الوفدين وهنا تدخلت الوساطة من قبل بعض الأطراف العربية لتهيئة الجو لتلك المحادثات، فقد أرسل الرئيس السوري حافظ الأسد نائبه السيد ـ عبد الحليم خدام ـ ووزير الخارجية السيد ـ فاروق الشرع ـ لأجراء مباحثات مع المسئولين في السعودية واليمن، وبالفعل جرت هذه المحادثات مع الجانبين السعودي واليمنى، كما أجرى الرئيس الأسد اتصالاته بالملك فهد والرئيس على عبد الله صالح.

 ومن ناحية أخرى قابل الرئيس مبارك الرئيس اليمنى في مطار القاهرة واجرى اتصالاته مع الملك فهد والرئيس السوري وقد أسفرت تلك الاتصالات من قبل سوريا ومصر عن صدور بيان سعودي ـ يمنى مشترك جاء فيه بأنه قد تم الاتفاق على إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه وعدم اللجوء إلى استخدام القوة بينهما وتطلعهما إلى استئناف المحادثات الثنائية بينهما لحل مشاكل الحدود المعلقة وعزمهما على توفير الأجواء المناسبة لنجاح المفاوضات الثنائية وعودة علاقاتهما إلى طبيعتها بروح من التفاهم والأخوة وحسن الجوار وبما يكفل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة المباحثات الثنائية.

 سافر وفد يمنى إلى السعودية برئاسة ـ الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر ـ رئيس البرلمان وعضوية السيد ـ عبد القادر باجمال ـ نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط، والسيد ـ عبده على عبد الرحمن ـ نائب وزير الخارجية، وذلك لأجراء مباحثات مع الجانب السعودي.

وتألف الوفد السعودي من الأمير ـ سعود الفيصل ـ وزير الخارجية رئيسا وعضوية كل من السيد ـ عبد العزيز الخويطر ـ وزير المعارف والسيد ـ على بن مسلم ـ المستشار في الديوان الملكي، وقد أكد الشيخ الأحمر بتأييد من الجانب السعودي وأن أجواء التوتر أزيلت أيضا، وأشار إلى عدم وجود أي حشود عسكرية من الطرفين على جانبي الحدود بعد سحب القوات إلى مواقعها قبل اندلاع الحادث الحدودي الأخير وجرت عدة اجتماعات بين الوفدين، وتم تبادل ورقتي العمل من الجانبين.

وأوضح مصدر يمنى أن نقاط التلاقي في الورقتين كثيرة، وأن الجانبين أبديا عزمهما على مواصلة الحوار للتوصل إلى ورقة عمل مشتركة.

ومن المناسب هنا في هذا السياق طرح التصريحات التي صدرت من المسئولين في البلدين إذ صرح الرئيس اليمنى ـ على عبد الله صالح ـ بأن بلاده غير مستعدة للدخول في حرب مع أشقائها العرب ـ وأن اليمن يؤمن بالحوار لحل أي مشكلة سياسية أو حدودية.

وأضاف أن ما بذلته الجمهورية اليمنية من جهود عبرت عن نيات حسنة ورغبة صادقة في حل قضية الحدود على أساس الحوار والتفاهم الأخوي وبما يضمن الحقوق المشروعة للطرفين ويجعل الحدود جسورا للتواصل والمحبة بين الشعبين الشقيقين.

وفى المقابل أكد الملك فهد ـ التزام بلاده بالسلام مع اليمن في نزاعها الحدودي ـ وقد صرح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ـ أن الملك فهد ـ اختار انتهاج سياسة ضبط النفس والتروي بالرغم من أن عددا من التجاوزات الحدودية بدا منذ شهر ديسمبر 1994 وأن السعودية تريد عدم تصعيد الأمور مع اليمن ولكنها لن تقبل بالأمر الواقع الذى يحاول اليمن فرضه وخصوصا أن الوعد الذى أعطى لنائب الرئيس السوري بالانسحاب اليمنى لم ينفذ بل أن اليمن عززت قواتها في المركز الذى احتلته.

وقد أدت الوساطة السورية إلى تكوين لجنة قانونية من الجانبين بحثت في مسألتين إجرائيتين هما، الخلاف القائم حول صيغة ترسيم الحدود التى لم تتناولها معاهدة الطائف الموقعة عام 1934، وتعيين خط الحدود البرية بين السعودية واليمن الجنوبي (سابقا) إضافة إلى ترسيم ما تبقى من خط الحدود الذى يبدأ من منطقة ـ رأس المعوج ـ على البحر الأحمر إلى وادى ـ جيزان ـ فجبل الثأر ـ وفى إطار هذه الخطوة من المباحثات، فقد تم رفع المستوى السياسي للمفاوضات بحلول السيد إبراهيم العنقرى المستشار الخاص للملك فهد محل السيد ـ على بن مسلم ـ بينما حل السيد إسماعيل الوزير المستشار القانوني للرئيس اليمنى محل السيد ـ عبده على عبد الرحمن ـ ناب وزير الخارجية وقد توصل الجانبان إلى تجاوز كل القضايا الإجرائية عن طريق تشكيل أربع لجان مشتركة تم التفاوض المبدئي عليها، وهى:ـ لجنة عسكرية تكون مهمتها مراقبة الأوضاع على الحدود بين البلدين والحيلولة دون أي نشاط عسكري قد يهدد الاستقرار فى المناطق الحدودية وكذلك وقف عمليات التهريب، ولجنة للحدود تنبثق منها لجان فرعية تعنى بقضايا تحديد الحدود وترسيمها ووضع علاماتها ولجنة ثالثة على مستوى وزاري مهمتها تطبيع العلاقات بين البلدين والأشراف على أعمال اللجان الثلاث، ولجنة رابعة عليا لم تحدد مهمتها بعد مذكرة التفاهم.

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp

مقالات حديثة


مذكرات خدام …”رسائل غرام وتهديد” بين ريغان والأسد… أميركا تنسحب من لبنان وإسرائيل تتراجع وسوريا “تستفرد”

2024-10-28

دمشق تطلق سراح الطيار الأميركي وسط جولات مكوكية لرامسفيلد مبعوث البيت الأبيض… وواشنطن تفشل زيارة سرية لحكمت الشهابي   وسط تبادل القصف العسكري الأميركي–السوري في لبنان ومرض الرئيس حافظ الأسد وطموح العقيد رفعت في السلطة وتصاعد الحرب العراقية–الإيرانية، التقى وزير الخارجية السوري عبدالحليم خدام والسفير الأميركي روبرت باغانيللي في دمشق خلال شهر ديسمبر/كانون الأول عام […]

مذكرات خدام …صدام أميركي – سوري في لبنان… ومبعوث ريغان يطلب لقاء رفعت الأسد بعد مرض “السيد الرئيس”

2024-10-27

خدام يهدد سفير واشنطن بـ”الطرد الفوري”… وتبادل القصف السوري-الأميركي   حاول الرئيس رونالد ريغان احتواء الأزمة مع الرئيس حافظ الأسد بعد تفجير “المارينز” والقصف، وأرسل مبعوثه الخاص دونالد رامسفيلد إلى دمشق في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1983. كان رامسفيلد وزيرا سابقا للدفاع في عهد الرئيس جيرالد فورد، قبل أن يعود إلى المنصب نفسه في عهد الرئيس […]

مذكرات خدام …تفجير “المارينز” قبل حوار جنيف اللبناني… وأميركا تتهم إيران بالعمل “خلف خطوط” سوريا

2024-10-26

واشنطن تتهم طهران بالوقوف وراء هجمات بيروت وتنتقد دمشق لـ”تسهيل الدور الإيراني” عاد روبرت ماكفرلين نائب رئيس مكتب الأمن القومي في الولايات المتحدة الأميركيةإلى دمشق في 7 سبتمبر/أيلول، مكررا ما قيل في السابق، عن ضرورة الانسحاب السوري من لبنان بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي. وفي الثاني والعشرين من الشهر نفسه قدم إلى سوريا مجددا وقال إن […]