لم أفاجأ ولم يفاجأ الكثيرون من الذين استمعوا أو قرؤوا ما ورد من حديثٍ له في مؤتمرٍ ضم أفراد عائلته وبعض العاملين معه والذي عقده في باريس وكذالك حديثه في بعض القنوات التلفزيونية لان مجمل ما ورد في أحاديثه احد الأمراض المصاب بها رفعت الأسد وهو مرض الوهم والاختلاق لاسيما التهرب من مسؤوليته عن جميع الأعمال التي ارتكبها و شارك بها ومن هذه الجرائم مجزرة حماه ومجزرة تدمر واصفاً نفسه انه كان ضابطاً عادياً في الجيش ولم تكن له علاقة بكل ما جرى في سوريا محملاً شقيقه وأخيرين مسؤولية تلك الجرائم.
ولا شك أن سياسة العزل والإقصاء والتمييز التي ارتكز عليها النظام أفرزت في البلاد أجواء من الاحتقان الطائفي بسبب حرمان الأكثرية الساحقة من السوريين من ممارسة حقوقهم الأساسية وإطلاق يد أشخاصٍ كرفعت الأسد وأشخاصٍ مثله في ارتكاب أكثر الأعمال وحشية وفي ممارسة جميع أنواع الفساد.
ومما زاد في الاحتقان الطائفي الجريمة البشعة التي ارتكبها ضابطٌ منظم لدى الطلائع المقاتلة التي أسسها مروان حديد وكان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين قبل ارتكاب الجريمة ثم انفصل عنها.
تركت تلك الجريمة ردود فعلً سيئة لدى جميع السوريين ولكن كان وقعها أكثر على عائلات طلاب مدرسة المدفعية وجميعهم من أبناء الطائفة العلوية. وكانت الجريمة قد وقعت في منتصف حزيران عام 1979 عندما أقدم ضابط مدرس على قتل أربعين طالبا في احد الصفوف الدراسية وأخرج جميع الطلاب الذين لا ينتمون إلى الطائفة العلوية.
لا بد من الإشارة أن النظام تعامل بصورةٍ غير مدروسة مع هذه الجريمة إذ سلط الأضواء على التيارات الإسلامية وبينها الإخوان المسلمين.
وكان من مفرزات تلك الأوضاع ملاحقة الإخوان المسلمين في البلاد وأدى ذالك إلى صدامات معهم وكانت من نتائج هذا الصِدام مجزرة حماه التي قام بها هذا النظام مما زاد في حدة الاحتقان الطائفي وكان بالإمكان إيجاد الحلول الأخرى لإنهاء اعتصام الإخوان المسلمين في حماه.
لعب رفعت الدور الأساسي في مجزرة حماه وكانت الوحدة 569 التي يقودها أول الوحدات العسكرية التي دخلت إلى حماه وارتكبت ما تحدث عنه الكثيرون من جرائم في تلك المدينة الباسلة.
يزعم رفعت الأسد انه لم يزور مدينة حماه وان مئات فقط من الوحدة التي يقودها ذهبت إلى حماه بأمر من قيادة الجيش أود أن أوضح ما يلي:
أولاً: لا صحة لإدعاء رفعت الأسد أن القيادة شكلت لجنتين, واحدة عسكرية والثانية سياسية تضم كل من حافظ الأسد وعبد الحليم خدام ورئيس الوزراء ووزير الداخلية وإنما فقط كانت المجموعة العسكرية الضيقة والقريبة من حافظ الأسد وبينها رفعت هي التي تدير المعركة بكل أبعادها الأمنية والسياسية, كما لم تتشكل أية لجنة سياسية لإدارة المعركة السياسية وكان أعضاء القيادة القطرية والبعثيون وأعضاء الجبهة الوطنية في أكثر الأحيان يتلقون المعلومات من الشارع التي تأتي من حماه بالإضافة إلى تسريبات تأتي من العسكريين ولم تعرف القيادة القطرية بمجزرة حماه إلا عندما طلبت منها الحكومة إقرار موازنة إضافية لإعادة بناء المدينة.
ثانياً: كانت قيادة الفرقة العسكرية التي شاركت في القتال مع سرايا الدفاع تتلقى تعليماتها من قيادة الجيش. اجتاحت حماه كانوا من إحدى فرق الجيش ولم اعد اذكر اسمه وكان صلتهم المباشرة مع حافظ الأسد والقيادة العسكرية وكانت المعلومات حول تطور الأحداث تأتي إلى قيادة الجيش وفي كل الأحوال فإن أسماء الذين تورطوا بأعمال القتل سيتم تحديدها عند تشكيل لجنة بعد سقوط النظام للتحقيق في جريمة حماه وإبعادها ونتائجها لان هذه الجريمة هي إحدى الجرائم الكبرى التي جرت في سوريا في هذه المرحلة ولا يجب بشكل من الإشكال طي هذا الملف لأنه يشكل دملة في جسم الشعب السوري.
ثالثاً: جريمة الإبادة الأخرى,جريمة سجن تدمر, التي ارتكبتها الوحدة 569 التي يقودها رفعت الأسد لان ضباطها لا يخضعون لأية تعليمات إذا لم تكون صادرة عن رفعت أو مباشرة عن حافظ الأسد وفي يوم الجريمة كان حافظ الأسد مصاباً في المستشفى وكان حاضرا عدة أعضاءٍ من لقيادة القطرية ولم يعطي أية توجيهات لأية جهة عسكرية فقد كان مشغولاً بجرحه وقلقاً من محاولة اغتياله.
لقد قتل في تلك الجريمة أكثر من ألف سجين لا ذنب لهم وليس بينهم من حاول الاغتيال لأن من حاول الاغتيال مجند في حراسة قصر الضيافة, وكذالك لا بد من فتح ملف هذه الجريمة.
رابعاً: تحدث رفعت الأسد على انه كان ضابط عاديا في الجيش وفي مقابلة تلفزيونية انه كان معارضا دائما وخرج من البلاد وليس لديه مال وإنما عمل أولاده بالمال الذي يدعي انه تلقاه من البرجوازيين السوريين وهذه كذبة لا يستطيع عاقل أن يصدقها فبعض البرجوازية في سوريا أعطوه هذا المال عندما كان في السلطة للحصول على صفقات من الدولة.
رفعت الأسد عملياً لم يمارس قيادة عسكرية بالمنى المهني وإنما كان يستخدم قيادته للفرقة 569 للهيمنة والتسلط على الدولة واستخدام مؤسساتها للحصول على الثروة وبقي عمليا يقود الفرقة رغم تعيينه رئيساً لمكتب التعليم العالي.
يقول رفعت الأسد انه لم يدعى مرة إلى اجتماعات القيادة القطرية فكيف كان يمارس رئاسة التعليم العالي وكيف وجه اتهامات بالتآمر في احد اجتماعات القيادة لكل من اللواء علي دوبا واللواء شفيق فياض واللواء إبراهيم صافي وطلب فصلهم من الحزب وكان ذالك بسبب دعمهم لشقيقه في الفترة التي كان يحاول الانقلاب والسيطرة على السلطة؟
عندما قرر شقيقه حافظ نفيه من البلاد منحه من خزينة الدولة مبلغ قدره أربع مائة مليون دولار ثلاث مئة مليون منها قرض من ليبيا تم دفعها في ما بعد.
كما يدعي رفعت الأسد انه كان معارض دائماً, فهل المعارضة تكون بتحكمه برئاسة مجلس الوزراء آن ذاك وتمكنه من تأمين الصفقات لأصدقائه من البرجوازيين السوريين؟
يقول رفعت انه كان معارضا وانه كان رئيسا لمكتب التعليم العالي فكيف تمكن من القيام بمحاولة انقلاب على شقيقه خلال إصابته بنوبة قلبية وكان في المستشفى؟
قال رفعت في مقابلة تلفزيونية له أن الجيش والشعب يريدانه رئيسا للجهورية لان كم قال رئيس الجمهورية يجب أن يكون احد أفراد عائلة الأسد فهل يصدق عاقل مثل هذا الوهم الذي يعيشه رفعت الأسد؟