مهما كانت حقيقة الدوافع وراء حديث عبد الحليم خدام الذي اكد بصورة لاتقبل الشك ماظل يتردد همسا في الشارع السوري منذ اماد طويله ويعرفه كل مراقب موضوعي، فأن الانظار يجب ان تبقي مركزة علي مغزاه الحقيقي وهو : ان الانظمة الاستبدادية تقليدية كانت ام حديثه ومهما كان تاريخ قادتها ونواياهم لايمكن الا ان تؤدي الي الخراب المعنوي والمادي الشامل. ومن المؤسف ان نظامي سوريا والعراق اللذان تطلعنا اليهما مع كثيرين اخرين في بدايتهما كأنظمة حديثه ستتفادي حتي نقاط ضعف الناصريه، اصبحت نتيجة الانفراد الطويل بالسلطه نماذج لهذاالخراب الذي تتمثل مفرداته في
اولا : العجز عن تحرير الارض ( شمال العراق وجنوبه خارج سيادة الدوله حتي قبل الغزوعام 2003 والجولان تحت الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 67 ) مع التغني بالوطنيه وهزيمة الامبرياليه ليل نهار
ثانيا : غزو اقطار عربية اخري ( الكويت والسيطرة السورية العملية علي لبنان ) بأسم الوحدة العربية وحزبها
ثالثا : استشراء الفساد والانهيار الاقتصادي ومطالبة الشعب بالصمود بينما تستمع قلة قليلة بمستوي معيشي خيالي
رابعا : تهميش الحزب ( حتي الحزب الواحد) وتحويل مركز القرار الي العائلة والعشيره
خامسا : تعريض المواطن العادي الي الاذلال اليومي بفعل الضغوط المعيشية والامنيه مع تكثيف الدعاية حول الكرامة والعزه
سادسا : دفع العقلية والنفسية للنخب والاوساط الشعبية للغرق في لجج التدين الخام وغير العقلاني بحثا عن السكينه والراحة النفسيه بسبب الضغوط الباهظه ( تحول العراق الي بيئة خصبة للتطرف الديني العنيف وظهور بوادره في سوريا )
هذا الواقع المزري كان ترافقه حملات دعايه ضخمه ومستمره تتغني بحكمة القيادات وتحمل المسئولية عن الانحرافات والكوارث لمؤامرات الاعداء الخارجيين وبالذات امريكا واسرائيل مستغلين في ذلك رصيد الكراهية العربية لهما لتاريخهما الاسود خاصة ازاء القضية الفلسطينيه. بكلام اخر كانت السياسات العملية للنظامين تؤدي الي اضعاف البلاد من كافة النواحي وجعلها فريسة سهلة لهؤلاء الاعداء انفسهم. ويعني ذلك ان اصحاب هذا النوع من التفكير والسلوكيات الاستبداديه سواء كانوا في السلطة او خارجها لايملكون الحق المعنوي والاخلاقي ولاالقدرة الفعليه في التصدي للاخطار الخارجيه وان الطريق الديموقراطي، مهما كانت صعوباته وتعرجاته، هو الوحيد المؤدي الي اهداف البناء والاستقلال الوطني والقومي
رد فعل السلطات السورية علي حديث خدام كان متوقعا وهو اتهامه بمساعدة التامر الامريكي- الصهيوني علي سوريا استمرارا للعبة تمرست فيها هذه النوعية من الانظمة والعقليات. وسيكون من دواعي الاسف العميق ان يظل بعض العرب متجاوبين بأي شكل من الاشكال ولاي درجة من الدرجات مع الافكار واسلوب العمل الذي تقول به قيادات مثل الاسد وصدام واشباههما في الاحزاب والايدولوجيات الاخري بعد الحقائق التي اكدها حديث خدام بصرف النظر عن دوافعه. بعد كل هذه التجارب المره التي تعرضت فيها الاوطان الي الخراب نتيجة ازمة الديموقراطيه فأن هذا التجاوب، حتي لو بدا انه من موقع مخالف لمواقع هذه القيادات، سيؤدي حتما الي النتيجة التي تريدها العقلية والانظمة والاحزاب اللاديموقراطيه وهي تحويل الانظار والجهود عن اولوية الديموقراطيه واهمية وضعها فوق كل الاولويات الاخري فهي هدف ووسيله وان كل مايتعارض معها وصفة مجربة للفشل والدمار سواء فيما يتعلق بالبناء الداخلي او مقاومة الاستراتيجيات المتناقضة مع مصالح شعوبنا واوطاننا.
كامل معروف
ناشط قومي من السودان