قبل أربع وعشرين ساعة من سفر الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران، ستبدأ في موسكو مباحثات بين نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام والمسؤولين الروس. ويبدو ان تكثيف التحرك السوري إقليميا ودوليا يعكس توجها بالتأثير على مراكز القرار الدولي من خلال: إيجاد تنسيق إقليمي قادر على تطويق الأزمة الحالية والتقليل من احتمالات الحرب، والبحث مع العواصم الدولية في سبل الممكنة لتجنب المنطقة كارثة أكيدة في حال توجيه ضربة عسكرية للعراق. وبهذا الصدد أوضح مصدر دبلوماسي روسي في دمشق أن خدام سيحاول البحث مع المسؤولين الروس الجهود السياسية الحالية وسبل تفادي الحرب
وقال المصدر في حديث مع الجزيرة إن دمشق مهتمة بتكثيف جهودها تجاه الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن من أجل تأمين غطاء دولي يحول دون انفراد الولايات المتحدة بأي عملية عسكرية ضد العراق، مبينا أن الموقف الروسي يرفض أي نوع من العمليات العسكرية دون قرار دولي، وهو في نفس الوقت يبحث عن حلول سياسية للأزمة الحالية مع العراق. وركز المصدرعلى أن دمشق تحاول مجابهة التصعيد العسكري بتكثيف العمل السياسي لأن المسألة اليوم لا تتعلق فقط بتوازن دولي يمكن ان يدفع مجلس الأمن لاتخاذ قرار بخصوص الموضوع العراقي، ولكنه أيضا يرتبط بالسلام العالمي لأن أي حرب محتملة ستدور في منطقة بالغة الحساسية والتعقيد وهو ما سيدفع الأمور إلى مزيد التوتر خصوصا مع عدم توافر معطيات التوافق الدولي الكامل في هذا الموضوع
وحول المخاوف السورية من الحرب المحتملة قال المصدر إن المسألة تتعدى الخوف او القلق، فهناك حالة واقعية على الأرض يمكن أن تحمل الكثير من المخاطرعلى الشرق الوسط والعالم ككل مبينا أن الجغرافية – الاستراتيجية للمنطقة تفرض الكثير من الحذر في التعامل مع موضوع الحرب، فسورية حسب نفس المصدر تعتبر ان الحرب ستشكل خرقا استراتيجيا للمنطقة ليس فقط على صعيد تسجيل سابقة بإسقاط نظام سياسي، بل أيضا بإعادة رسم موازين القوى وبشكل يتيح لإسرائيل موقعا خاصا ويمكنها من التحكم بالتوازن الإقليمي
وربط المصدر بين زيارة الرئيس السوري إلى طهران والمباحثات التي سيجريها خدام في موسكو لأن درء الحرب يحتاج إلى تنسيق إقليمي ودولي في آن، فإيران وتركيا وسورية هي أكثر الدول تضررا من حرب محتملة والمسألة لا تتعلق بشأن اقتصادي بل بالخلل الذي ستخلفه مثل هذه الحرب على خارطة المنطقة. لأن العراق حسب المصدر منطقة تداخل سكاني تاريخيا وهو ما يجعل أي أزمة فيها تنعكس مباشرة على دول الجوار الجغرافي. وهذا الأمر يفسر اهتمام سورية أيضا بالتباحث مع المعارضة العراقية
وأكد المصدر على ان سورية تتحرك بشكل سريع قبل السابع والعشرين من الشهرالحالي موعد تقديم لجنة التفتيش تقريرها لمجلس الأمن لأن المؤشرات توضح أن التحرك العسكري يسير بغض النظر عن عمليات التفتيش. وهو ما يدفع إلى تطويق هذا التحرك بعمل دبلوماسي يكون قادرا على تخفيف احتمالات الحرب بعد عرض تقريرالمفتشين على مجلس الأمن