شن نائب الرئيس السوري السابق عبدالحليم خدام المنشق عن نظام دمشق هجوما على إيران، مؤكدا أنها رأس أفعى، تقتات منها ميليشيات في العراق، وحزب الله في لبنان، والمتمردون الحوثيون في اليمن، عادا دعم الشعب السوري ضامنا لوضع حد للتمدد الإيراني.
وقال في حوار مع الوطن إنه لو فشلت إيران في سورية فلن يدوم بقاء حزب الله أكثر من شهرين، وستلقى الميليشيات التي تدعمها المصير ذاته، مجددا تأكيد علمه باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري قبل تنفيذ العملية بأسبوعين، متهما الرئيس السوري بتنفيذها.
وأثنى خدام على جهود المملكة في دعم الشعوب العربية، وقال السعودية هي الدولة التي بيدها مساعدة جميع الشعوب العربية ونرفض الإساءة إليها، مشددا على أن التقارب الأميركي الإيراني لن يجدي لأن طهران لا تلتزم ولن تقدم شيئا.
لم يخف نائب الرئيس السوري السابق عبدالحليم خدام، أنه كان على علم بنية النظام السوري الحالي اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، وأنه قد غادر إلى لبنان خصيصا لإبلاغ الحريري بأن الأسد ينوي اغتياله.
وفي حوار أجرته الوطن مع نائب الرئيس السوري المنشق عن نظام الأسد الابن من مقر إقامته في العاصمة الفرنسية باريس، طالب أن تجتمع مصالح العرب، ليكون شأنهم أقوى في العالم، رافضا في الوقت ذاته تسمية داعش بالمقاومة، ووصفها بـمنظمة القتل.
وعدّ خدام أن إسقاط إيران في سورية هو قطع لرأس الأفعى، وأن حزب الله لن يمكث في لبنان بعد سقوطه في الداخل السوري أكثر من شهرين. كل ذلك وغيره من تفاصيل في اللقاء، فإلى الحوار:
كنت أحد مَن سُمعت أقوالهم في اغتيال الرئيس اللبناني رفيق الحريري، بماذا انتهى ذلك الملف؟
لم يتم استدعائي وإنما حضر المحققون إلى هنا في باريس، وذكرت لهم حقيقة الاغتيال ومن يقف وراءه.
وما تلك الحقائق التي ذكرتها؟
أحد الأدلة والحقائق هي أننا كنا مجتمعين في مقر الحزب في سورية قبل مقتل الحريري بأسبوعين، وكان بشار الأسد يكره رفيق الحريري بشكل كبير، وأثناء الاجتماع تحدث بشار بأن الحريري عميل لفرنسا وأميركا وأن بقاءه يشكل خطرا على لبنان وسورية، ومنذ تلك اللحظة تأكدت أن هناك مؤامرة لتصفيته، اتجهت بعد ذلك إلى لبنان والتقيت الحريري سرا في منزله وتناولت معه وجبة غداء، وأبلغته أن النظام السوري يهدف إلى تصفيته وطلبت منه مغادرة لبنان فورا فقال لي الحريري ولكن ماهر الأسد طلب استضافتي أجبته بأن هذه مجرد تطمينات، ولكن لم يقتنع وبعد لقائي به بأسبوع تم اغتياله.
هل تم الجلوس مع بشار الأسد والتحقيق معه؟
جاء إليه محقق واحد وجلس معه بعض الوقت وتم سؤاله بعض الأسئلة الشكلية وغادر فورا، لأنه كان خائفا أن يتم اغتياله.
دعني أنتقل معك إلى الحديث عن الوضع في سورية. كيف تصف ما يحدث على الساحة هناك؟
في سورية شعب يتعرض للإبادة. في سورية بدأت نكبة أشد من أي نكبة أصيب بها بلد عربي تحت نظر المجتمع الدولي والأنظمة العربية. كما أن إيران وروسيا حشدتا كل القوى المقاتلة، إضافة إلى جيش السفاح السوري بشار الأسد، ومع ذلك صمد الشعب السوري وسقط الآلاف من الشهداء والمعوقين والمفقودين، ودُمرت معظم المناطق السورية.
هل كانت هناك بوادر أزمة سياسيه قبل رحيلك من سورية؟
منذ عام 2006 أي قبل الثورة بخمس سنوات تنبأت بأن البلد سيمر بأزمة، وأبلغت الدول العربية الكبرى ودول العالم أن الشعب السوري إذا لم يتم الالتفات إليه سيكون يوما من الأيام ملاذا لكل المتطرفين من بقاع العالم، ولم يقتنع أحد بكلامي وفي كل مقابلة كنت أكرر مثل هذا الأمر ولكن دون جدوى.
هل ما يجري في سورية مقاومة حقيقيه أم فصائل عسكرية ذات أهداف سياسية؟
أقولها صريحا، إن الفصائل التي تتحدث باسم المعارضة تتحمل مسؤولية كبيرة، لأنهم أرادوا مقاتلة نظام الأسد الفاسد وهم متفرقون، وهو يواجههم متحدا مع روسيا وإيران وحزب الله، لذلك أي شعب يحارب العدوان وهو متفرق لن يستطيع تحقيق أهدافه، وهناك تنازع بين بعض الفصائل للأسف، وأحد أسباب ذلك التنازع هو المساعدات التي كانت تصل من دول إلى فصائل معينة دون أخرى.
لكنك لم تجب عن سؤالي، هل تلك الفصائل لها أهداف سسياسية أم أنها فصائل مقاتلة فقط؟
هم لم يدركوا خطورة ما يحدث في البلد، واعتقدوا بأن المسألة استعراضية فقط. هناك مقاتلون حقيقيون ضحوا بأنفسهم وليسوا من الفصائل، قاتلوا لله ثم للوطن، وهناك من بحثوا عن دور البطولة والظهور عبر الصحف والتلفزيون، للحصول على زعامة سياسية ومصالح، وكانوا عبئا وحاجزا في تحقيق وحدة المقاتلين.
كيف ترى دور الجامعة العربية في مواجهة قضايا المنطقة؟
العرب شأنهم عظيم، وهم قوة عظمى ترعب العالم، ولكن لن يكون ذلك قبل إزالة الألغام في الساحة، وعدم وجود نظرات التشكيك والتخوين فيما بينهم كدول، ورؤساء العرب حينما أسسوا الجامعة العربية ارتكبوا خطأ وهو عدم توحيد المصالح، وجعلوا مصالح كل دولة مستقلة وهذا خطأ استراتيجي، ولذلك أرى أن دور الجامعة ما زال يحتاج إلى الكثير، وربما أن أحداث المنطقة تستوجب على الجميع النظر بنظرة المصلحة العامة.
هل ترى أن الحركات المسلحة مثل داعش أجهضت المقاومة السورية؟
داعش منظمة تمارس القتل للقتل فقط والتدمير تحت غطاء لا علاقة للإسلام به. هي تشكل خطرا حقيقيا على الدول العربية جميعا، كان يمكن السيطرة عليها من جهة عدم السماح بنشأتها لو حسنت تلك الدول ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لأن التطرف لا يأتي من السماء، ولكن تعيش هذه الجماعات وتبيد الشعوب لأنها تسللت وسط ظروف أمنية سيئة في سورية والعراق.
هل تؤمن أنها صناعة استخباراتية بشكل أكبر؟
قبل الإجابة هناك تساؤل: من أين تأتي هذه الأسلحة التي يملكونها؟ هناك تأكيدات أنها تابعة لدولة أو دول هدفها زعزعة أمن المنطقة.
هناك تذمر عربي وخليجي من تدخلات إيران في شؤون الدول الداخلية. كيف ترى مثل هذا الاتهام؟
إيران للأسف لم يأخذها العرب على محمل الجد بأنها دولة لها استراتيجية وأهداف كبرى. إيران تقدم نفسها على أنها الدولة الكبرى التي يجب أن تقود المنطقة، وبالتالي إيران في مطلع الثورة الإسلامية الإيراينة كان هدف الخميني قيام نظام إسلامي دولي في العالم تقوده إيران، ولكن هذا الهدف فشل بعد حرب العراق وإيران.
تغير توجهها بعد ذلك إلى الاعتماد على أمرين هما: إثارة العصبية المذهبية للشيعة في دول المنطقة، وجعل انتماءهم لـقم كتوجه ديني، لأن استخدام الدين كوسيلة ليس له دواء. والأمر الثاني هو تركيز الجهد على تقوية استخدام العلم، وبذلك استطاعت بمساعدة روسيا أن تنتج جميع أنواع الأسلحة.
والحل الوحيد ليس في مواجهة إيران مباشرة عسكريا، لكن بمساعدة الشعب السوري في مواجهتها، لأن إيران إذا سقطت في سورية ستسقط مباشرة في لبنان والعراق، ولن يبقى حزب الله بعد ذلك أكثر من شهرين متتاليين، وستنحصر ضمن حدودها الإقليمية وتواجه صعوباتها الداخلية، وبذلك يكون قد تم قطع رأس الأفعى.
ولكن السياسة الإيرانية تختلف من رئيس لآخر، فقد يأتي رئيس متصالح مع دول المنطقة ومن يخلفه يأتي بهدف التأجيج؟
هذه سياسة إيرانيه قديمة، فالرؤساء يأتي الأول ليمد يده، والذي بعده يمد خنجرا، ويتحدثون في اجتماعاتهم مع دول الجوار عن أهمية الأمن، ومع هذا عملهم يختلف تماما على أرض الواقع.
أحمد الجربا هل تراه مستقبلا للسياسة السورية؟
لا أعتقد أنه الشخص المناسب في الفترة المقبلة إن أُسقط الأسد، لأن السياسة ليست بهذه السهولة. البلاد تحتاج إلى أكفأ منه، وكذلك هو لم يقم بواجبه الوطني يوم أن كان في الائتلاف السوري، وأرى أن الحل هو عقد مؤتمر وطني سوري برعاية دولة كبرى مثل السعودية، يكون مؤتمرا مدعوما من جميع دول المنطقة، ويتم ترشيح شخصية متفق عليها من جميع الأطياف السورية. ولدى المملكة وزير خارجية مُحنك. فالأمير سعود صديق حميم ذكي جدا، لعب دورا كبيرا في رسم سياسات المنطقة العربية، وله تأثير في القرار الدولي، وله موقف لن أنساه ما حييت بخصوص القضية الفلسطينية، فقد كانت مواقفه في الأمم المتحدة مدافعا عن فلسطين أكبر من دور الممثل الفلسطيني آنذاك، وأنا معجب بأدب الفيصل ومصداقيته، ومن هنا يمكن أن تكون فكرة رعاية الرياض لمؤتمر كما ذكرت الدور الكبير.
على مدى عملك في المجال السياسي هل مرت علاقة السعودية وسورية بتوتر كما هي الآن؟
في الحقيقة منذ أن كنت وزيرا للخارجية في عهد حافظ الأسد، كانت العلاقات مميزة، ولكن بدأ التوتر منذ تولي بشار الأسد مقاليد الحكم، وهو لم يكن شخصا مؤهلا سياسيا، وتم اصطياده من إيران وأخذوه في صفهم، وفرضت عليه السياسة الإيرانية ألا يمد يده إلى الدول العربية، وأن يخرج بتصريحات مسيئة لتلك الدول.
أنا أعدّ السعودية الدولة التي بيدها مساعدة جميع الشعوب العربية وبالتالي الإساءة لها أمر مرفوض.
كثر الحديث عن مؤتمر جنيف ونتائجه كيف ترى ما تم اتخاذه من قرارات؟
مؤتمر جنيف عقّد الأمور ولم يحلها، وبعض قراراته كأنها تريد أن يكون هناك انقلاب عسكري عبر أحد ضباط الجيش ليحكم البلاد وسيكون سيناريو مشابها لبشار الأسد.
في الخليج هناك مقترح سعودي من الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز لإقامة اتحاد خليجي هل تتوقع نجاحه؟
أفضل قرارات الدول الخليجية أخيرا هو مصالحة الملك عبدالله لدول الخليج، واستضافته لتلك الدول واتفاقهم مع بعضهم بعضا، لأن مصيرهم واحد، ولا شك أن إقامة الاتحاد خطوة مهمة ومتقدمة ونتمنى أن تتم، وتتبعه الدول العربية الأخرى بمشاريع مشابهة.
التقارب الأميركي الإيراني في الفترة الأخيرة، ما آثاره على دول المنطقة؟
في وجهة نظري، أن أميركا أخطأت خطأ كبيرا بقدر حجمها كدولة عظمى، لأن اتفاقها مع إيران لن يجدي، والسبب أن إيران لن تقدم شيئا يخدم السياسات الأميركية، وهي تلعب على وتر القنبلة النووية الذي ليس موجودا أساسا لتستفيد أكبر وقت ممكن، فالهند وباكستان تملكان القنبلة النووية، ولم يتم استخدامها في صراعاتهما، وإيران لو هددت بالقنبلة النووية ستسقط على رأسها 200 قنبلة نووية تمحوها من الخريطة.
الأزمة اليمنية الحالية واستيلاء الحوثيين على السلطة، بصفتك سياسيا ضليعا، كيف ترى الموقف هناك وما صحة تورط علي صالح في تلك الأزمة؟
أولا علي صالح أعرفه جيدا، وهو يعدّ عملة باطلة حاليا، وليس بقوته كما كان رئيسا، وما يحدث حاليا هو عمل إيراني 100%. إيران سبق وأن صرحت أن مقاتليها في اليمن أكبر مما هو في لبنان، وكذلك الأسلحة التي تصل إليهم لا تصل إلا من إيران.
فمن يتحمل انفلات الأمور في اليمن إذن؟
أعتقد أن الرئيس عبدربه منصور أخطأ عندما لم يتخذ قرارا بالمواجهة مع الحوثيين، ويطلب بعد ذلك من العرب دعمه أو إبلاغهم بأنه سيتخلى عن السلطة للحوثيين. أما التفاوض مع الحوثيين فهو خطأ كبير مكنهم من الاستيلاء على الدولة كاملة.
سأطرح عليك عددا من الأسماء السياسية وأريد منك تعريفا عن كل شخص منهم؟
1- حسني مبارك: سياسي له إيجابيات كثيرة. خدم مصر في جميع النواحي. كان يعاب عليه عدم مصداقية الانتخابات الرئاسية في عهده كغيره من بعض الحكام العرب. كان عاقلا عندما تخلى عن السلطة وحفظ دماء المصريين مع أن الجيش كان في يده وتحت أوامره.
2 – علي صالح: رجل عصامي بدأ من الصفر وقفز قفزات متتالية حتى وصل إلى الحكم. لكنه لم ينتبه أن الشعوب تتطور واعتقد أنها تبقى كما هي.
3 – زين العابدين بن علي: عسكري وصل إلى السلطه واحتكرها له، وتخبط في السنوات الأخيرة، إذ سلم زوجته وأهلها الحكم بطريقة غير مباشره فتسبب في انفلات البلاد.