قال نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام إنه لم يخطر بباله أن سوريا يمكن أن تغتال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وإن نتائج التحقيق الدولي ستكشف من اغتاله
وأوضح خدام في مقابلة مع قناة العربية من باريس أن الرئيس السوري بشار الأسد وجه تهديدات قاسية للحريري قبل أشهر من اغتياله. وقال إن بلاده ارتكبت أخطاء متكررة في لبنان وإن الأسد كافأ من ارتكب هذه الأخطاء بدلا من معاقبته
وأشار إلى أن الأسد أبلغه بأنه قال للحريري إنه سيسحق من يحاول أن يخرج على قرار دمشق. وكشف أنه طلب من الأسد إقالة وزير الخارجية فاروق الشرع الذي تسبب -حسب قوله- في صدور القرار 1559
وأسقط خدام ادعاء مفجر انتحاري فلسطيني في شريط مصور قال فيه إن جماعة مسلحة قتلت الحريري, وقال في إشارة إلى هذا الفلسطيني “من طرح فرضية أحمد أبو عدس هو في غاية الغباء, فعملية التفجير تطلبت ألف كيلوغرام من المتفجرات وتطلبت أجهزة تقنية لتعطيل أجهزة التشويش بسيارات الرئيس، فهل يستطيع أحمد أبو عدس أن يأتي بهذا الحجم من المتفجرات؟ وإذا كان في السيارة فأين جسمه وأين أشلاؤه؟”
وأنحى خدام أيضا باللائمة على الرئيس اللبناني إميل لحود ومسؤولين لبنانيين آخرين في تحريض الأسد ضد الحريري الذي كان في الماضي حليفا وثيقا لدمشق، ولكنه أيد قرار الأمم المتحدة عام 2004 الداعي إلى انسحاب القوات الأجنبية من لبنان
رستم غزالي
وقال إن رئيس جهاز الاستخبارات السورية السابق في لبنان رستم غزالة تصرف وكأنه حاكم مطلق هناك، وإنه شتم رفيق الحريري وهدده وأهان مسؤولين لبنانيين آخرين بينهم نبيه بري ووليد جنبلاط
وأوضح أنه حاول إقناع الرئيس السوري بتعيين مسؤول آخر مكان غزالة الذي اتهمه بالفساد، لكن الأسد لم يفعل ذلك وإنما وسع مهامه
وقال إنه أبلغ الأسد بإهانة غزالة للمسؤولين اللبنانيين وأنه أخذ 35 مليون دولار من “بنك المدينة” المصرف اللبناني الذي أعلن إفلاسه، ووجه مسؤولون لبنانيون اتهامات بأن أموالا من هذا المصرف استخدمت في تمويل اغتيال الحريري. وأضاف أن الأسد وافقه الرأي ووعد باستبداله غير أنه لم يفعل ذلك
غازي كنعان
وقال خدام إنه يرجح انتحار رئيس جهاز المخابرات السوري في لبنان غازي كنعان, موضحا أن “الوضع اللبناني انعكس عليه, وحملوه مسؤولية التراكمات في الوضع اللبناني”. وقد استمعت لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري إلى كنعان الذي ترأس جهاز المخابرات بين عامي 1982 و2002, في سبتمبر/أيلول الماضي في دمشق
وأفادت السلطات السورية الرسمية أن كنعان الذي تسلم حقيبة الداخلية عام 2003 انتحر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بمسدسه الخاص داخل مكتبه. وفي ختام حديثه نفى خدام أن يكون تعرض لتهديد أو مضايقات حتى الآن, لكنه توقع أن يقوم بعض الذين ضللوه (بشار الأسد) بتحريضه” عليه
التفرد بالسلطة
وقال إن تفرد الأسد بالسلطة سببب الوضع المتردي لبلاده سياسيا واقتصاديا، مضيفا أنه استقال من منصبه ومن قيادة الحزب لكنه غير مبعد عن سوريا ولم يتلق تهديدات حتى الآن
وقال خدام الذي استقال من منصبه في يونيو/حزيران الماضي خلال مؤتمر لحزب البعث الحاكم في دمشق, إنه ترك كل مناصبه الرسمية في سوريا بعدما تشكلت لديه قناعة بأن عملية التطوير والإصلاح السياسي والإداري لن تسير
وأضاف أنه لاحظ تفردا وتمركزا في السلطة بشكل غابت فيه المؤسسات الدستورية وقيادة الحزب وقيادة المنظمات الشعبية، وأصبح دورها تغطية القرارات التي تصدر عن الرئيس”. وأوضح أنه يقيم حاليا في باريس لكتابة مذكراته بهدوء, ويستعرض فيها “مرحلة هامة من تاريخ سوريا والمنطقة”
وقال إنه لم يتعرض لإساءة أو لتهديد و”خرجت وعلاقاتي مع الرئيس الأسد حسنة وودية.. الخلاف في وجهات النظر لا يغير شيئا”
الحنكة السياسية
واتهم خدام القيادة السورية بأنها لا تتمتع بحنكة سياسية, موضحا أنه قدم لها مجموعة من المقترحات الإستراتيجية, وقال “أعتقد بأن الرئيس بشار الأسد لو تبنى هذه الإستراتيجية لما وقعت سوريا في هذه الحقول من الألغام ولما واجهنا الصعوبات الخارجية والداخلية، لأن المشكلة الكبرى هي أن الدولة عندما لا تكون لها سياسة تكون سائرة في طريق مليء بالألغام وفي ظلام دامس”
ووصف الرئيس السوري بأنه “انفعالي”، وقال إنه “يتحمس عندما يعطيه أحد خبرا ويتخذ قرارا وبعد فترة يكتشف أن ما نمي إليه غير صحيح فيبادر إلى تصحيح الخطأ الذي ارتكب”
وتحدث خدام عن “ازدياد التسيب وازدياد الفساد”, مشيرا خصوصا إلى “الدائرة القريبة من الأقرباء والأصدقاء”. وأكد أن “القانون غائب والحاضر هو الدائرة المغلقة التي تحيط بالحكم”
يشار إلى أن خدام اعتبر في ثمانينات القرن الماضي خليفة محتملا للرئيس الراحل حافظ الأسد، ولكنه أيد بعد ذلك بشار الذي تولى السلطة عام 2000. وعندما استقال قال إنه يريد إفساح المجال لدماء جديدة