من الواضح أن من الأهداف الرئيسية للذين تبنوا الدعوة لهذا المؤتمر تقديم مشروع للتسوية مع النظام وليس وضع مشروع لدعم الثورة الملتهبة في البلاد التي أجمع فيها الجميع على إسقاط النظام وبناء دولة ديمقراطية حرة يتساوى فيها المواطنون بالحقوق والواجبات و يبرز هدف التسوية من ما يلي
1- ورد في فقرة في البيان ما يلي ( يدعو المؤتمرون الرئيس بشار الأسد إلى الاستقالة الفورية من جميع مناصبه وتسليم السلطة حسب الإجراءات الدستورية إلى نائبه مؤقتا حتى يتم انتخاب مجلس انتقالي لوضع دستور جديد للبلاد وبناء عليه تتم الدعوة لانتخابات برلمانية ورئاسة حرة ونزيهة في فترة لا تتجاوز العام بدءً من استقالة الرئيس بشار الأسد).
إن ذلك يعني ما يلي
آ- الاعتراف بشرعية النظام الذي سيستمر مدة سنة بهيكليته الدستورية والمؤسساتية و كذلك استمرار القائمين على العمل الذين وضعهم النظام وهذه المؤسسات هي الحزب , الجبهة الوطنية , والممسكين بالجيش وأجهزة الأمن وبمفاصل الدولة الرئيسية والفرعية وبالتالي فان أية انتخابات ستفرز أكثرية ساحقة من أنصار النظام القائم .
ب- النظام ليس شخص الرئيس فقط وإنما الدستور والمؤسسات الدستورية والحكومية والدستور نفسه هو الذي أعطى رئيس الدولة صلاحيات شاملة بالقرار وبالتالي بقاء الدستور الحالي مع أي رئيس جديد سيدفع هذا الرئيس الى الانفراد بالسلطة وفي هذا الأمر بدأت أزمة البلاد منذ وضع الدستور الحالي
2- الملفت في هذا البيان غياب الحديث عن المادة الثامنة من الدستور بعد أن كان عنوانا في كل خطاب سياسي فهل هذا التجاهل للانسجام مع حديث الأمين القطري المساعد لحزب البعث الذي أعلن رفض تعديل المادة الثامنة من الدستور وبالتالي فهل الهدف من عدم الإشارة إليها تسهيل عملية الحوار المحتملة مع النظام؟
3- تحدث البيان عن الجرائم الوحشية التي ارتكبها النظام كعبارة عامة ولم يربط بين هذه الجرائم التي ارتكبها النظام وبين الذين أمروا بها وخططوا لها وأشرفوا على تنفيذها سواء جرائم القتل واجتياح المدن والقرى والتمثيل بأجساد الشهداء كما حدث للطفل الشهيد حمزة الخطيب كذلك تم تجاهل الإشارة إلى المعتقلين وتعذيبهم وهنا التساؤل هل تجاهل طلب محاكمة المسؤولين في ارتكاب هذه الجرائم هو جزء من مشروع التسوية ؟
4- تحدث البيان في فقرتين الأولى تضمنت رفض التدخل الأجنبي وفي الفقرة الثانية ناشد المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في وقف الانتهاكات لحقوق الإنسان ولم يوضح الفرق بين مضمون الفقرتين .
في هذا المجال هل يرى المؤتمرون أن النظام القائم في سورية نظام وطني؟ وهل النظام الذي يستخدم الجيش وأجهزة الأمن في اجتياح المدن والقرى بالدبابات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة نظام وطني؟ هل المدفع والدبابة اللتان تعودان للجيش وطنيان رغم أنهما يدمران الوطن؟.
ألا يعرف المشاركون بالمؤتمر حجم الدور الإيراني في عمليات النظام الدموية وهل في ذلك تصبح المشاركة الإيرانية مشاركة وطنية والسؤال لماذا تم تجاهلها؟
ألم يستعن النظام بإسرائيل عبر تصريحات رامي مخلوف إلى جريدة النيويورك تايمز التي طالب فيها الولايات المتحدة بوقف الضغط على رئيسه ثم توجه بالخطاب إلى إسرائيل يبلغها أن أمن إسرائيل مرتبط بأمن سورية وهل مثل هذا الموقف موقفا وطني ؟
النظام بقواته يقوم بذبح المواطنين ويحاول ازلالهم وهم يتظاهرون بمظاهرات سلمية هل يجب ترك النظام أن يستمر بجرائمه أم يجب البحث عن كل وسيلة تحمي هذا الشعب من القتل والقمع و الاضطهاد أليس علينا أن نتحمل المسؤولية الجدية في مطالبة المجتمع الدولي بتحرك جاد لوقف هذه المذابح وشل هذا النظام و تمكين الشعب من تحقيق طموحاته؟ أيهما أكثر عمقا وطنيا حماية الشعب السوري وإنقاذه أم شعارات وهمية مرفوعة دون إدراك ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع سواء عبر ازدياد القتل والتدمير أو ردود فعل تؤدي إلى تمزيق الوحدة الوطنية .
5- تجاهل البيان الحديث عن مسألتين مترابطتين الأولى قانون العفو الذي أصدره رئيس النظام المسألة الثانية الحوار الذي يعده هذا النظام فهل سبب ذلك أن ما ورد في البيان يشكل ورقة عمل للحوار ؟
6- جميع التصريحات التي صدرت عن المعارضة في الخارج أن مهمتها دعم الثورة وليس الحلول محلها ,مساندتها وليس إرباكها , ألا يشكل ما ورد في البيان خروجا على هذا الالتزام ومحاولة لتعطيل دور هؤلاء الأبطال الصامدين الذين يتلقون بصدورهم العارية رصاص وقنابل أجهزة النظام ؟
أخيرا حمى الله سورية وحفظ شعبها وصان ثورتها ورحم شهدائها .
03-06-2011