عن العلاقات المصرية ـ السورية

الناشر: الاهرام

الكاتب: د. جمال زهران

تاريخ نشر المقال: 2017-06-29

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp

شاركت فى مؤتمر اتحاد المحامين العرب فى دمشق صيف 1989 ـ فى هذه الآونة منذ 28 عاما بالضبط، بعدة صفات كباحث لى ورقة علمية فى المؤتمر عن مستقبل موازين القوة فى المنطقة العربية فى إطار الصراع العربى الصهيونى، وبصفتى مستشار الاتحاد ومشاركا فى إعداد المؤتمر، ومسئول الوفد الإعلامى المشارك فى المؤتمر، وقد كانت العلاقات المصرية ـ السورية مقطوعة، وبالتالى لا توجد خطوط طيران مباشرة، وتم تدبير السفر عن طريق الطيران،حتى مطار عمان بالأردن ثم السفر برا حتى دمشق، رحلة استغرقت بالبر نحو (10) ساعات بخلاف الطيران، رغم أن السفر من القاهرة لدمشق لا يستغرق ساعة وربعا تقريبا، ولكنها السياسة التى تضر مصالح الشعوب بحجة الدفاع عن أفكار وسياسات

المهم وصلنا إلى دمشق، وسط ترحيب الشعب السورى بالمصريين دون بقية الوفود، ولمسنا ذلك فى الشارع وفى المحلات، وليس فى فندق الشام (فحسب)، واحتفى الرئيس حافظ الأسد بدعوة جميع المشاركين فى حفل عشاء بقصر الشعب الرئاسى، ومن شدة حفاوته بوفد الإعلام المصرى أن كلف النائب عبدالحليم خدام بمقابلة خاصة استغرقت 4 ساعات كاملة وسط حوار عاصف شمل كل شىء، وكانت ردود نائب الرئيس على كل شىء واضحة وحاسمة، وفيها رؤية استراتيجية يتحركون فى إطارها، وكانت من أهم التساؤلات ما يتعلق بالعلاقات المصرية ـ السورية، وأسباب استمرار القطيعة، وموعد عودتها مرة أخرى، وكذلك الوجود السورى فى لبنان وأبعاده وأهدافه وبرنامجه الزمنى، وباعتبارى قد شاركت فى هذا اللقاء، فقد سجلته كاملا عندى، فما كان من النائب أن أصدر تعليمات فورية بتجهيز طائرة هليكوبتر تنقل الوفد الإعلامى المصرى إلى لبنان، ومقابلة جميع الفعاليات السياسية، ومنهم بعض رؤساء لبنان السابقين وقيادات الشيعة فى الجنوب (بعلبك)، واختتم اللقاء فى إطار برنامج استغرق نحو (24) ساعة بلا نوم، بمقابلة رئيس المخابرات السورية فى لبنان (العميد غازى كنعان) واستغرق الحوار معه نحو ساعتين، ثم رجعنا بالطريق البرى وهو محفوف بالمخاطر، وتعرضنا لاعتداء بالرشاشات، وتم إنقاذنا، وهو يوم لا ينسى، ولكن الفائدة الكبرى أننا أدركنا الواقع اللبنانى، وأهمية الوجود السورى، ترجمة للنقاش الجاد الذى أداره الوفد الإعلامى مع نائب الرئيس خدام، وكان وفدا إعلاميا شبابيا متحمسا للعروبة وقضايا الأمة والوحدة العربية.. الخ

أما عن الجانب الآخر، والذى استغرق جزءا كبيرا من وقت اللقاء مع نائب الرئيس، فقد أخبرنا بأن سوريا والرئيس حافظ الأسد، ليس لديهم أى مانع من عودة العلاقات، وأن المشكلة لدى القاهرة والرئيس مبارك، فقلنا له: لقد حيرتمونا أيها السياسيون؟ ماذا نفعل؟ فى القاهرة يقولون أنتم السبب؟ وفى دمشق تقولون إن مبارك هو السبب؟، فقال بحسم: سأنسق مع الرئيس حافظ الأسد، اقتراحا عمليا يتم بمقتضاه اختبار من هو السبب فى ذلك، واستأذن دقائق وعاد بسرعة، ليقول إنه خاطب الرئيس ووافق على تخصيص طائرة الرئاسة السورية لنقل جميع أعضاء الوفد المصرى المشارك سواء إعلاميين أو محامين، ومعهم مسئولو اتحاد المحامين العرب، وأنه سيطلب من الرئاسة المصرية فتح المجال الجوى لاستقبال الطائرة، والمسئولية عليهم إذن وليس على سوريا

فماذا حدث؟ بعد يومين أو ثلاثة من هذا اللقاء، تم إخطار جميع أعضاء الوفد المصرى بإقلاع الطائرة الرئاسية السورية إلى القاهرة مباشرة، وهى تقل الجميع، ووسط فرحة الجميع لما عاناه الجميع فى رحلة السفر إلى دمشق، وعمان الأردن، تساءلنا: هل عادت العلاقات المصرية السورية؟ وماذا لو لم توافق القاهرة على استقبال الطائرة السورية، هل سترجع مرة أخرى لتبدأ رحلة العودة برا من عمان؟، ما الذى حدث ويحدث؟ تساؤلات عديدة.. ووسط ذهولنا من القادم، أمر الرئيس حافظ الأسد بإقلاع الطائرة للقاهرة، وكلف المسئولين بالاتصال بمكتب الرئيس مبارك بما حدث، وحمله مسئولية عدم استقبال الطائرة والتى تقل الوفد المصرى، وعليها وفد سورى بصحبتها سيعودون مرة أخرى بصحبة الطائرة الرئاسية، برئاسة د.أحمد حلوانى ـ نائب وزير الإعلام السورى آنذاك، فما كان من القاهرة إلا أن ردت بفتح المجال الجوى للطائرة السورية، وتعود العلاقات المصرية السورية فى اليوم التالى، على خلفية لقاء الوفد الإعلامى المصرى بنائب الرئيس وفقا لتعليمات الرئيس حافظ الأسد. تلك هى صفحة من دفتر ذكريات العروبة عندى، ويتأكد أن العلاقات السورية المصرية هى العمود الفقرى للأمة العربية، متمنيا مبادرة مصرية عاجلة بإلغاء قرار مرسى والإخوان، بقطع العلاقات بين البلدين، وعودتها فورا وإرسال السفير المصرى إلى دمشق!

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp

مقالات حديثة


مذكرات خدام …”رسائل غرام وتهديد” بين ريغان والأسد… أميركا تنسحب من لبنان وإسرائيل تتراجع وسوريا “تستفرد”

2024-10-28

دمشق تطلق سراح الطيار الأميركي وسط جولات مكوكية لرامسفيلد مبعوث البيت الأبيض… وواشنطن تفشل زيارة سرية لحكمت الشهابي   وسط تبادل القصف العسكري الأميركي–السوري في لبنان ومرض الرئيس حافظ الأسد وطموح العقيد رفعت في السلطة وتصاعد الحرب العراقية–الإيرانية، التقى وزير الخارجية السوري عبدالحليم خدام والسفير الأميركي روبرت باغانيللي في دمشق خلال شهر ديسمبر/كانون الأول عام […]

مذكرات خدام …صدام أميركي – سوري في لبنان… ومبعوث ريغان يطلب لقاء رفعت الأسد بعد مرض “السيد الرئيس”

2024-10-27

خدام يهدد سفير واشنطن بـ”الطرد الفوري”… وتبادل القصف السوري-الأميركي   حاول الرئيس رونالد ريغان احتواء الأزمة مع الرئيس حافظ الأسد بعد تفجير “المارينز” والقصف، وأرسل مبعوثه الخاص دونالد رامسفيلد إلى دمشق في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1983. كان رامسفيلد وزيرا سابقا للدفاع في عهد الرئيس جيرالد فورد، قبل أن يعود إلى المنصب نفسه في عهد الرئيس […]

مذكرات خدام …تفجير “المارينز” قبل حوار جنيف اللبناني… وأميركا تتهم إيران بالعمل “خلف خطوط” سوريا

2024-10-26

واشنطن تتهم طهران بالوقوف وراء هجمات بيروت وتنتقد دمشق لـ”تسهيل الدور الإيراني” عاد روبرت ماكفرلين نائب رئيس مكتب الأمن القومي في الولايات المتحدة الأميركيةإلى دمشق في 7 سبتمبر/أيلول، مكررا ما قيل في السابق، عن ضرورة الانسحاب السوري من لبنان بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي. وفي الثاني والعشرين من الشهر نفسه قدم إلى سوريا مجددا وقال إن […]