تنفيذ الخطة الأميركية… هكذا أسدل الستار على الوجود الفلسطيني في العاصمة اللبنانية
بعد مفاوضات على وقف النار في بيروت ومفاوضات دبلوماسية في عواصم عربية وفي نيويورك، تبلورت الخطة الأميركية وحُلحلت “عقدها”
بين أوراق وزير الخارجية السوري عبد الحليم خدام نص الخطة الأميركية لـ”رحيل قيادة ومكاتب ومقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية” من بيروت، وهي كالآتي
1 ـ الفكرة الأساسية: ستغادر قيادة ومكاتب ومقاتلو “منظمة التحرير الفلسطينية” لبنان إلى أماكن في بلدان أخرى تم ترتيبها مسبقا وفق جداول وترتيبات الرحيل المحددة في الخطة. إن الفكرة الأساسية في هذه الخطة تتماشى مع هدف حكومة لبنان بأن تنسحب جميع القوات العسكرية الأجنبية من لبنان
2 ـ وقف إطلاق النار: يحترم الجميع في لبنان وقفا لإطلاق النار احتراما تاما
3 ـ مراقبو الأمم المتحدة: سوف تسير مجموعة مراقبي الأمم المتحدة في تلك المنطقة
4 ـ الضمانات: القوات العسكرية الموجودة في لبنان سواء كانت لبنانية أو إسرائيلية أو سورية أو فلسطينية أو سواها لن تتدخل بأي حال من الأحوال في رحيل قيادة منظمة التحرير ومكاتبها ومقاتليها رحيلا آمنا ومضمونا وفي الوقت المحدد. إن غير المقاتلين من الفلسطينيين والذين ينصاعون للقانون والباقين في بيروت بما في ذلك أسر أولئك الذين سيخضعون للقوانين والأنظمة اللبنانية، تقدم حكومتا لبنان والولايات المتحدة ضمانة السـلامة الملائمة (لهم) على النحو التالي
ـ تقدم الحكومة اللبنانية ضماناتها بناء على التأكيدات التي تكون قد حصلت عليها الفئات المسلحة والتي تكون على اتصال بها
ـ تقدم الولايات المتحدة ضماناتها استنادا إلى تأكيدات حصلت عليها من حكومة إسرائيل ومن زعامة بعض الفئات اللبنانية التي هي على اتصال بها
5 ـ يوم الرحيل: هو اليوم الذي تنتشر فيه العناصر المتقدمة (طلائع القوة المتعددة الجنسيات في منطقة بيروت وفقا لترتيبات أعدت مسبقا بين جميع الأطراف المعنية، وهو اليوم الذي تبدأ فيه المجموعة أو المجموعات الأولية من عناصر “منظمة التحرير الفلسطينية” الخروج من بيروت وفقا للجدول المحدد المرفق)
6 ـ القوة المتعددة الجنسيات: يكون قد تم تشكيل قوة متعددة الجنسيات مؤقتة من وحدات من فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة، بناء على طلب من الحكومة اللبنانية لمساعدة القوات المسلحة اللبنانية في تنفيذ مسؤولياتها في هذه العملية، وتضمن القوات المسلحة اللبنانية رحيل قيادة ومكاتب ومقاتلي “منظمة التحرير الفلسطينية” من أي تنظيم في بيروت على النحو التالي
أ. تضمن سلامة أفراد “منظمة التحرير” الذين سيرحلون
ب. تضمن سلامة الأشخاص الآخرين في منطقة بيروت
ج. تعزيز إعادة سيادة وسلطة الحكومة اللبنانية على منطقة بيروت
7 ـ مواعيد المغادرة وترتيبات أخرى: إن جدول الرحيل المرفق عرضة للتعديل حسب ما يلزم بسبب المستلزمات اللوجستية (الإمدادية) وبسبب أي تغير ضروري في تحديد يوم الرحيل، وسيتم تقديم تفاصيل تتعلق بالجدول إلى قوات الدفاع الإسرائيلية بواسطة لجنة الارتباط والتنسيق، وسيتم تحديد أماكن تجمع الأفراد المغادرين باتفاق بين حكومة لبنان و”منظمة التحرير”، وستكون “منظمة التحرير” على اتصال بالحكومات التي ستستقبل العناصر من أجل تنسيق ترتيبات الوصول وغيرها من الترتيبات هناك، وإذا استلزم الأمر مساعدة ما، ينبغي على “منظمة التحرير” إبلاغ حكومة لبنان
8 ـ مهمة وولاية القوة المتعددة الجنسيات: إذا لم يتم رحيل أفراد “منظمة التحرير” من لبنان المشار إليهم أعلاه وفقا للجدول المتفق عليه والمحدد سابقا، فإن ولاية القوة المتعددة الجنسيات تنتهي ويغادر أفرادها لبنان فورا
9 ـ أمد بقاء القوة المتعددة الجنسيات: يتم الاتفاق بصورة مشتركة بين حكومة لبنان والحكومات المساهمة بقوات في القوة المتعددة الجنسيات على أن تغادر القوة المتعددة الجنسيات لبنان في موعد أقصاه 30 يوما بعد وصولها أو في وقت أقرب بناء على طلب حكومة لبنان أو توجيه من الحكومة المعنية أو وفقا لانتهاء انتداب القوة المتعددة الجنسيات المشار إليه أعلاه
رئيس “منظمة التحرير الفلسطينية” ياسر عرفات عشية مغادرته بيروت في 30 أغسطس 1982
10 ـ تكون قيادة منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولة عن تنظيم وإدارة تجميع ورحيل أفراد “منظمة التحرير” نهائيا من البدء حتى النهاية، وبحيث يكون الزعماء قد غادروا جميعا في ذلك الوقت وسيتم تنسيق ترتيبات الرحيل بحيث يتم الرحيل من بيروت بخطى ثابتة يوما بعد يوم
11 ـ مساهمة قوات الجيش اللبناني: سيساهم الجيش اللبناني في العملية بما يتراوح بين 7 و8 كتائب، وتتألف الكتائب من 2500 إلى 3500 رجل، إضافة إلى ذلك فإن قوى الأمن الداخلي ستقدم الرجال والمساعدة حسب الحاجة
12 ـ لجنة الصليب الأحمر الدولي: إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ستكون قادرة على تقديم مساعدة لحكومة لبنان وقوات الجيش اللبناني بطرق متعددة بما في ذلك تنظيم وإدارة إجلاء الجرحى والمرضى من العناصر السورية والفلسطينية إلى أماكن ملائمة والمساعدة في استئجار سفن تجارية تستخدم في الرحيل بحرا إلى دول أخرى، وستضمن لجنة الارتباط والتنسيق بأن يتوفر تنسيق ملائم مع أي نشاطات يقوم بها الصليب الأحمر في هذا المجال
13 ـ الرحيل جوا: في حين أن الخطط الحالية تدعو إلى الرحيل بحرا وبرا، فإن الرحيل جوا ليس محظورا (مستبعدا)
14 ـ الارتباط والتنسيق: تكون قوات الجيش اللبناني نقطة الاتصال الرئيسة للارتباط مع “منظمة التحرير” وكذلك مع الجماعات المسلحة الأخرى، وستقدم ما يلزم من المعلومات
وتكون قوات الجيش اللبناني والقوة المتعددة الجنسيات قد شكلت إلى يوم الرحيل لجنة ارتباط وتنسيق من ممثلين عن الحكومات المساهمة في القوة المتعددة الجنسيات وعن قوات الجيش اللبناني، وستقوم اللجنة بارتباط وثيق وفعال وتقدم معلومات مستمرة ومفصلة إلى قوات الدفاع الإسرائيلية، وستستمر قوات الجيش اللبناني نيابة عن اللجنة في إجراء وثيق وفعال مع “منظمة التحرير” والمجموعات المسلحة الأخرى في منطقة بيروت، ومن أجل حسم العمل سيكون للجنة الارتباط والتنسيق عنصران أساسيان
أ. ارتباط للإشراف
ب. ارتباط وتنسيق عسكري وفني
وسوف تعمل لجنة الارتباط والتنسيق على نحو جماعي غير أنه يجوز لها أن تعين واحدا أو أكثر من أعضائها من أجل الاتصال الرئيس والذي يعمل بالطبع نيابة عن الجميع
خدام: بعد خروج عرفات من بيروت استمرت أميركا بالعمل لترتيب أوضاع لبنان ضمن ترتيب أوضاع الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها
وستتم ترتيبات الارتباط والمشاورات على نحو يقلل من سوء التفاهم ومنع حدوث مصادمة وسيتم استنباط طرق ملائمة للاتصال بين اللجنة والجماعات الأخرى
وتظل لجنة الارتباط والتنسيق ترصد باستمرار وتبقي جميع المعنيين على إطلاع بتنفيذ الخطة بما في ذلك أي تعديلات قد تطرأ على جدول الرحيل بسبب المستلزمات الإمدادية
15 ـ فترة الرحيل: تكون فترة الرحيل أقصر ما يمكن ولن تتجاوز بأي حال من الأحوال فترة أسبوعين
16 ـ المرور عبر لبنان: كجزء من أي نية لترتيبات الرحيل، فإن جميع تحركات القوافل التي تنقل عناصر “منظمة التحرير” يجب أن تتم في وضح النهار، وعندما تتحرك القوافل برا من بيروت إلى سوريا ينبغي على القوافل أن تجتاز الحدود داخل سوريا دون توقف في الطريق، وفي هذه الحالات عندما تمر القوافل التي تحمل عناصر منظمة التحرير المغادرة عبر مواقع لقوات الدفاع الإسرائيلية سواء في منطقة بيروت أو سواها في لبنان، تخلي قوات الدفاع الإسرائيلية الطريق للفترة المؤقتة التي تمر فيها القافلة، وتتخذ خطوات مماثلة من قبل جماعات مسلحة أخرى توجد في المنطقة التي تمر فيها القافلة
17ـ الأسلحة التي تحملها عناصر “منظمة التحرير”: يسمح لعناصر “منظمة التحرير” عند رحيلها بأن تحمل معها سلاحا فرديا (مسدس، بندقية، أو مدفع رشاش) وذخيرة
18 ـ الأسلحة الثقيلة والإضافية والذخائر: تسلم “منظمة التحرير” إلى قوات الجيش اللبناني بمثابة هدايا جميع الأسلحة الأخرى المتبقية في حوزتها بما في ذلك الأسلحة والمعدات الثقيلـة والإضافيـة والتي تديرها طواقم مع كل الذخائر المتبقية في منطقة بيروت ويجوز لقوات الجيش اللبناني أن تطلب مساعدة من أفراد القوة المتعددة الجنسيات من أجل الحصول على المعدات العسكرية والتصرف بها، وتساعد “منظمة التحرير” قوات الجيش اللبناني بأن تقدم لها قبل رحيلها معلومات كاملة ومفصلة بشأن موقع ومكان هذه المعدات العسكرية
19 ـ الألغام والأفخاخ: تقدم “منظمة التحرير” و”قوة الردع العربية” إلى قوات الجيش اللبناني والقوة المتعددة الجنسيات (عن طريق الجيش اللبناني) معلومات كاملة ومفصلة حول مواقع الألغام والأفخاخ
20ـ رحيل قيادة منظمة التحرير: سيتم بحيث يرافق عناصر “منظمة التحرير” المغادرة قسم متناسب من القيادة العسكرية والسياسية في جميع مراحل عملية الترحيل
21 ـ تسليم الأسرى ورفات الجثث: تسلم “منظمة التحرير” عن طريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى قوات الدفاع الإسرائيلية جميع الإسرائيليين الذين هم في حوزة المنظمة ورفات جميع الجنود الإسرائيليين أو معلومات كاملة ومفصلة عن أماكن وجود الرفات، وتسلم “منظمة التحرير” كذلك إلى قوات الجيش اللبناني جميع الأسرى الآخرين الذين هم في حوزتها ورفات جميع الجنود الآخرين ومعلومات مفصلة وكاملة حول موقع ومكان الرفات، وتتم جميع ترتيبات التسليم مع الصليب الأحمر حسب ما يلزم قبل يوم الرحيل
22ـ القوات العسكرية السورية: من الملاحظ أنه قد تمت ترتيبات بين حكومتي لبنان وسوريا لانتشار جميع الأفراد العسكريين التابعين لقوة الردع العربية من بيروت خلال فترة الرحيل، ويسمح لهذه القوة باصطحاب معداتها عدا تلك التي تسلم إلى قوات الجيش اللبناني باتفاق مشترك بين الحكومتين، وتنسحب من لبنان جميع عناصر جيش التحرير الفلسطيني سواء كانت مرتبطة الآن أو في السابق بـ”قوات الردع العربية”
الجدول الزمني لرحيل عرفات ومقاتليه من بيروت عام 1982
2 أغسطس 1982- يوم المغادرة
– تنزل القوات المتقدمة التابعة للقوة المتعددة الجنسيات 350 رجلا تقريبا في مرفأ بيروت حوالي الساعة الخامسة صباحا، وتنتشر في منطقة مرفأ بيروت استعدادا لعملية المغادرة الأولية لجماعات “منظمة التحرير” بحرا
– في غضون ذلك تنتشر قوات الجيش اللبناني في مواقع متفق عليها سابقا بمنطقة بيروت أساسا، في منطقة ما يسمى الخط الفاصل من أجل المساعدة في مغادرة أفراد “منظمة التحرير”، وتأخذ قوات الجيش اللبناني المواقع التي ترابط فيها “منظمة التحرير”
– تتأكد منظمة التحرير من أن قوات “الحركة الوطنية” التي كانت تحتل هذه المواقع، بالاشتراك مع “منظمة التحرير”، ستنسحب أيضا
– ومع مرور الوقت في ذلك اليوم، تتخذ قوات الجيش اللبناني مواقع أخرى لها تراها ضرورية للمساعدة في مغادرة أفراد “منظمة التحرير”
– وفي غضون ذلك تتجمع المجموعة الأولى من عناصر “منظمة التحرير”، استعدادا للمغادرة بحرا، في وقت لاحق من اليوم أو في 22 أغسطس، وتصل السفينة أو السفن التي ستستخدم لهذه الغاية إلى الرصيف في 21 أغسطس
– تتألف المجموعات الأولى من الجرحى والمرضى الذين سينقلون وفقا لترتيبات متفق عليها برا بحرا أو كليهما إلى أماكن توجههم في دول أخرى
– تنتقل المجموعات الأولى من أفراد “منظمة التحرير” المتجهين إلى الأردن والعراق من نقطة تجمعهم إلى سفينة أو سفن تجارية منتظرة من أجل نقلهم بحرا
22 أغسطس 1982
– تكون المجموعات المتجهة إلى الأردن أو العراق قد صعدت إلى السفينة وأبحرت من بيروت. وتكرار الطريقة نفسها التي تم اتباعها يوم 21 أغسطس بحيث تتجمع مجموعات “منظمة التحرير” المتجهة إلى تونس وتتجه إلى مرفأ بيروت من أجل المغادرة بحرا
23 أغسطس 1982
– تكون جميع عناصر “منظمة التحرير” المتجهة إلى تونس قد أتمت تجمعها وصعدت إلى سفينة تجارية تونسية. وعناصر “منظمة التحرير” المتجهة إلى اليمن الجنوبي تتجمع وتنتقل إلى سفينة من أجل المغادرة في ذلك اليوم أو يوم 24 أغسطس
24-25 أغسطس 1982
– تتجمع عناصر “منظمة التحرير الفلسطينية” المتجهة إلى اليمن الشمالي وتغادر بحرا
– وشريطة إتمام جميع ترتيبات الإمداد الملائمة، تتجمع المجموعة الأولى من عناصر “منظمة التحرير” المتجهة إلى سوريا وتنتقل برا على طريق بيروت- دمشق إلى سوريا
– تكون العناصر الفرنسية المتقدمة التابعة للقوة المتعددة الجنسيات والموجودة في منطقة المرفأ قد أخذت مواقع متفقا عليها على الطريق البري في منطقة بيروت حسب ما يلزم مـن أجل المساعدة في رحيل عناصر “منظمة التحرير” برا إلى سوريا
– تنضم قوات الجيش اللبناني إلى القوات الفرنسية المرابطة في هذه المواقع
– إذا توجب الاتفاق بأن تغادر هذه المجموعات الأولى إلى سوريا بحرا بدلا من المغادرة برا فإن جدول مواعيد المغادرة هذا سيكون عرضة للتعديل من أجل التأكد من تلبية المستلزمات الإمدادية
26-28 أغسطس تقريبا
تصل القوات المتبقية من القوة المتعددة الجنسيات (من الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا) إلى منطقة بيروت وتنتشر في مواقع متفق عليها تحدد بواسطة لجنة الارتباط والتنسيق ويجوز أن يرافق هذا التحرك انتقال العناصر الفرنسية المتقدمة في منطقة المرفأ سابقا وغيرها من المناطق إلى مواقع أخرى في منطقة بيروت
26-27-28 أغسطس 1982
– تستمر مجموعات “منظمة التحرير” المتجهة إلى سوريا في الانتقال إلى سوريا بحرا وبرا
22 أغسطس إلى 4 سبتمبر 1982
– تسلم إلى قوات الجيش اللبناني أسلحة “منظمة التحرير” ومعداتها العسكرية وذخيرتها على نحو متواصل ومنتظم
29-30-31 أغسطس 1982
– إعادة انتشار العناصر السورية في قوة الردع العربية خارج بيروت1-4 سبتمبر 1982
انتهاء مغادرة جميع عناصر “منظمة التحرير” أو “جيش التحرير الفلسطيني” المتجهة إلى سوريا برا وبحرا
2-3 سبتمبر 1982
– تتجمع جميع عناصر “منظمة التحرير” المتجهة إلى السودان وتغادر بحرا. وكذلك تتجمع جميع عناصر “منظمة التحرير” المتجهة إلى الجزائر وتغادر بحرا
4-21 سبتمبر 1982
– تساعد القوات المتعددة الجنسيات قوات الجيش اللبناني في الترتيبات، حسب ما يتفق عليه بين الحكومات المعنية، من أجل ضمان أمن مناسب ودائم في سائر منطقة العملية
21-26 سبتمبر 1982
مغادرة القوة المتعددة الجنسيات
وفي المواعيد المحددة تم تنفيذ الاتفاق الذي “فرضه الإسرائيليون والمبعوث الأميركي فيليب حبيب وبشير الجميل”، حسب ورقة بخط خدام
وهكذا أسدل الستار عن مرحلة الوجود الفلسطيني العسكري والسياسي والإعلامي في بيروت. عرفات الذي كان قد تعهد لـ”رفاق السلاح” بالقتال، خرج من بيروت إلى تونس. عرفات الذي تبادل الرسائل مع الأسد، رفض الخروج عبر دمشق، رغم تعهد الرئيس السوري باستقبال القياديين في طريقهم… إلى المنفى الجديد
بعد خروج عرفات من بيروت “استمرت أميركا بالعمل لترتيب أوضاع لبنان ضمن ترتيب أوضاع الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها”، حسب قول خدام. وكلف الرئيس رونالد ريغان حبيب بالقيام بجولة شرق أوسطية لـ”لبنان الأكثر إلحاحا، ومشروعه (ريغان) للسلام بالشرق الأوسط”
وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1982، زار حبيب دمشق ورفض الأسد لقاءه، فالتقاه خدام. كما قام وزير الخارجية الأميركي جورج شولتز بزيارة العاصمة السورية في 7 مايو/أيار 1983، وعقد محادثات عن لبنان والمنطقة. غير أن الخطوة الأبرز، كانت “الزيارة السرية” التي قام بها مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت ماكفرلين إلى دمشق للقاء الأسد يوم 17 يوليو/تموز 1983، لعقد صفقة تخص عملية السلام ووضع الشرق الأوسط والوجود السوري في لبنان
وحسب المحضر السري للقاء الأسد– ماكفرلين، فإن الأخير قال: “يرى ريغان أنه يمكن تحقيق المبدأ الأول (مبدأ الأمن في لبنان) بالاتفاق على سحب جميع القوات الأجنبية من لبنان، في وقت واحد وبشكل متزامن. أما المبدأ الثاني فيتحقق عندما يتم تحديد علاقات المستقبل بين لبنان وجميع جيرانه ضمن شروط يتفق عليها بشكل ثنائي بين لبنان وبين كل من هؤلاء الجيران”
مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، في عهد الرئيس رونالد ريغان، روبرت سي ماكفرلين
وقال: “إذا كان باستطاعة سوريا أن توافق على هذه المبادئ فإن الولايات المتحدة تقنع إسرائيل بالموافقة عليها، علما أن الأميركيين لا يعرفون كيف سيكون رد إسرائيل، ولكن إذا تأكد ريغان من أن هذه الأمور معقولة فسيسعى بالفعل لإقناع إسرائيل بها”
عاد ماكفرلين وسأل الأسد: “ما إذا كان يعتقد في حالة تسوية كافة الأمور، بأن فكرة انسحاب جميع القوات من لبنان ممكنة ومقبولة”، فرد الرئيس السوري: “إننا مع رفضنا من حيث المبدأ للربط بين وجودنا ووجود الإسرائيليين في لبنان، أبلغنا أميركا بأننا نوافق على الانسحاب من لبنان إذا انسحبت إسرائيل بلا قيد أو شرط وبلا أية مكاسب”
وسأل ماكفرلين الأسد: “هل يمكن تصور أي ظرف يمكن الاعتراف فيه بأمن إسرائيل؟”. فأجاب الرئيس السوري: “الاعتراف شيء والترتيبات الأمنية التي يجري الحديث بشأنها شيء آخر، فالأخيرة نناقشها في ضوء محتواها، والمطلوب الآن أن تنسحب إسرائيل من أراضينا بلا شروط مسبقة”
بعد الزيارة السرية، وصل ماكفرلين في زيارة علنية إلى دمشق، بعد أن تم تعيينه مبعوثا خاصا للرئيس ريغان في الشرق الأوسط وفي لبنان بصورة خاصة
وعلى وقع هذه الاتصالات، كان الطريق يمهد لعودة القوات السورية إلى بيروت التي خرجت منها مع عرفات
وبعد معارك وصفقات تعزز الوجود العسكري السوري في بيروت ولبنان، بعد اتفاق الطائف في 1989 وبقي الوجود مستمرا إلى حين انسحاب القوات السورية من لبنان في أبريل/نيسان 2005، بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في فبراير/شباط 2005