* بعد ان غادر كيسنجر المنطقة، اثر التوقيع على اتفاقية سيناء في الاول من ايلول [سبتمبر] الماضي، عائدا الى نيويورك، اجتمع ببعض الشيوخ الاميركان، وصرح لهم ان ثمة اتفاقات سرية، بالاضافة الى الاتفاقية التي اعلنت. وفي اليوم الثاني، صدر تكذيب مصري يتحدى وجود اي اتفاق سري غير ما اعلن. وتتابعت الاحداث، وسربت الادارة الاميركية الاتفاقات السرية لبعض الصحف الاميركية لتحقيق الاهداف التالية:
1 – التأكيد ان هناك اتفاقات سرية، والربط فيما بينها وبين الاتفاقات المعلنة
2 – ان الادارة الاميركية تريد ان تحول التعهدات المعطاة بموجب الملاحق السرية، الى اتفاقات دولية، لذلك سربت هذه الاتفاقات، ودفعت الموضوع للمناقشة في الكونغرس تمهيدا ليتحول تعهد الادارة الاميركية الى تعهد الدولة الاميركية بعد موافقة الكونغرس، لا سيما وان المستشار القانوني للخارجية الاميركية قد اعلن ببيان ان هذه التعهدات هي بمثابة اتفاق دولي، كما ان الهيئة القانونية في الكونغرس قد اكدت ذلك. ومن هنا، فالهدف، كما قلت، هو تحويل الرسائل الموجهة من الادارة الاميركية الى تعهدات دولية تلتزم بها الادارة الاميركية
في الحقيقة، اعلن بعض هذه الملاحق وبعضها لم يعلن، لان وزير الخارجية الاميركية عندما طلب منه الكشف عن جميع الاتفاقات السرية، طلب من اعضاء الكونغرس الاكتفاء بما نشر حتى لا يحرج الرئيس السادات امام العرب. ومما يلفت النظر ان هذه الاتفاقات السرية بين الحكومة المصرية و ” اسرائيل ” واميركا، ليست الاولى من نوعها، فقد كان هناك عدد من الاتفاقات التي لم تعلن مع اتفاقية الفصل الاولى، وهي التالية
1 – تعهد الحكومة المصرية بفتح قناة السويس امام الملاحة
2 – السماح بمرور الشحنات “الاسرائيلية” في قناة السويس، وهذا ما ورد في الاتفاق السري الذي اعلنه الكونغرس والذي ورد فيه ما يلي
” لن تتوقع حكومة الولايات المتحدة من ” اسرائيل ” ان تبدأ بتنفيذ الاتفاق قبل ان تنفذ مصر تعهدها بموجب اتفاق
كانون الثاني [يناير] لعام 1974، لفك الارتباط الثاني، بالسماح بمرور كل الشحنات – الاسرائيلية – الى الموانئ – الاسرائيلية – ومنها عبر قناة السويس “
3 – تعهد الحكومة المصرية بالعمل على رفع حظر النفط عن اميركا
4 – تعهدات سياسية اخرى تتعلق بمنظمة التحرير، وبالحملة السياسية ضد ” اسرائيل “
في الحقيقة، تأتي هذه الملاحق لتشكل الضمان الاميركي لتنفيذ اتفاقية سيناء، اذ ان هذه الملاحق السرية اولا حولت الالتزام الاميركي بمساندة – اسرائيل – والذي كان يعبر عنها بتصريحات او بيانات الى تعهد قانوني تعهدت به الولايات المتحدة بجملة التزامات تتعلق بالامور الاقتصادية والعسكرية والسياسية. وهكذا فقد سقطت حجة اولئك الذين كانوا يتصورون امكانية الفصل بين السياسة الاميركية والسياسة الاسرائيلية، فجاءت هذه الملاحق السرية لتربط السياسة الأميركية مع السياسة – الاسرائيلية – وليس العكس. في المجال الاقتصادي، مثلا، تعهدت الولايات المتحدة الاميركية في تقديم مساعدات اقتصادية على النحو التالي
اولا: مساعدات مالية
ثانيا: مساعدات نفطية تتعلق بالنفط والطاقة، منها التزام بتأمين النفط، ومنها التزام بتأمين ايصال النفط
ثالثا: مساعدات بانشاء احتياطي نفطي، وذلك ببناء خزانات تستوعب احتياجات ” اسرائيل ” لمدة سنة، علما بأن الحد الاقصى المعروف للاحتياطي النفطي في دول العالم هو لمدة ستة اشهر
وهناك التزامات عسكرية. فقد تعهدت الحكومة الاميركية بأن تلبي، بصورة كاملة وعلى اساس متواصل طويل الامد، حاجات ” اسرائيل ” من الاعتدة العسكرية والاسلحة والتجهيزات، لا سيما الاسلحة الاستراتيجية بالغة التعقيد كصواريخ – بيرشينغ – التي يبلغ مداها 750 كم، وطائرات ف 16 التي لم يسلح بها حتى الآن الجيش الاميركي، بالاضافة الى تعهد الولايات المتحدة باقامة جسر لامداد – اسرائيل – بالسلاح والعتاد في حالة الطوارئ. لقد بلغ مجموع التعهدات الاميركية، خلال الخمس السنوات القادمة، 15 مليار دولار، مما دفع بعض اعضاء الكونغرس للقول ان الولايات المتحدة الاميركية اذا كان عليها ان تدفع من اجل الانسحاب من مساحة تبلغ خمسة بالمائة من مجمل مساحة سيناء، فماذا يترتب عليها ان تدفع ثمنا لانسحاب شامل؟
وهناك التزامات سياسية، حيث ان مجمل الالتزامات الواردة في الملاحق السرية يعتبر كضمان لامن – اسرائيل – اذ تعهدت الولايات المتحدة ان تتشاور مع “اسرائيل” في حال حدوث خرق مصري لاي من مواد الاتفاق، وان تمارس العمل التصحيحي دون ان تحدد كيفية فهم الخرق، اذ يكفي ان تزعم – اسرائيل – ان هناك خرقا ما وتقبل به الولايات المتحدة، وبالتالي تلتزم بعمل ما ضد مصر
كما تعهدت الولايات المتحدة، بموجب الملاحق السرية، بمنع صدور اي قرار من مجلس الامن يعتبر ضارا بالاتفاق او معدلا له. وبالتالي، فالولايات المتحدة قد التزمت باستعمال حق الفيتو لمنع تدخل المجتمع الدولي، الممثل بمجلس الامن، من تصحيح اي غبن يلحق بالعرب. وبالتالي، فان الولايات المتحدة، بموجب هذا الاتفاق، قد وضعت نفسها الى جانب ” اسرائيل ” لمواجهة المنظمات الدولية
وتعهدت الحكومة الاميركية، ايضا، بأنها لن تشترك بأي عمل او اقتراحات ترى ” اسرائيل ” انها ضارة بمصالحها، وستعمل لمنع جهود الآخرين في هذا الاتجاه. وهذا ضمان جديد تلتزم به الولايات المتحدة لتأمين الحماية السياسية والاقتصادية “لاسرائيل” تجاه اي تحرك دولي لمعاقبتها بسبب عدم تنفيذ قرارات الامم المتحدة
ان هذه الاتفاقية جعلت من ” اسرائيل ” عضوا غير مباشر في الحلف الاطلسي، اذ ان الولايات المتحدة، بالتزامها، بموجب الملاحق، بضمان امن – اسرائيل – تجاه اي تهديدات – لاسرائيل – اذا كانت هذه التهديدات من دولة كبرى، وطبيعي فتوسط الولايات المتحدة سيؤدي بالضرورة الى تورط حلف الاطلسي الذي تقوده. ومن هنا يأتي الالتزام الاميركي ليضع العالم امام احتمال حرب عالمية اذا تعرض امن – اسرائيل – للخطر. وهذا الالتزام لم تقدمه الولايات المتحدة حتى لاقرب حلفائها
ان اي نزاع ينشب بين – اسرائيل – واي بلد عربي آخر، ليس من حق حكومة مصر التدخل فيه، وهذا خلاف لما كانت ترويه الحكومة المصرية بأنها في حال توقيع اي اتفاق مع العدو، ستضع نصا يتضمن الغاء الاتفاق في حال نشوب نزاع بين ” اسرائيل ” وبين احدى الدول العربية
طبيعي، قد يقول بعض المسؤولين في مصر ان هذا تعهد اميركي ولا علاقة لنا به. ويمكن الاجابة على ذلك بأن الولايات المتحدة التي كانت وسيطا وضامنا لتنفيذ الاتفاقية، هي التي تقوم بتفسير النصوص التي يجري الخلاف عليها. ونشر هذه الملاحق، بعد الاعلان عن الاتفاقية مباشرة، هو لتأكيد الارتباط بين الاتفاق والملاحق. وقد عبر عن ذلك وزير الخارجية الاميركي في مؤتمر صحفي عقد قبل ثلاثة اسابيع، بأن ” اسرائيل ” لم تكن لتوقع على الاتفاق مع مصر لولا التعهدات التي التزمت بها الادارة الاميركية تجاهها
وان هذا النص قد اسقط التزام الحكومة المصرية في معاهدة الدفاع العربي المشترك، وجاء تأكيدا لاخراج الحكومة المصرية من حلبة الصراع مع العدو ” الاسرائيلي ” تأكيدا لاتفاق سيناء
وهناك نقطة هامة هي ان الولايات المتحدة التزمت، بموجب الاتفاق، بالفهم ” الاسرائيلي” لحقوق الشعب الفلسطيني عندما عبرت عن ذلك بالفقرة – 13 – التي تقول
” تشارك حكومة الولايات المتحدة في الموقف ” الاسرائيلي ” بأن المفاوضات ستوجه نحو الاردن من اجل تسوية سلمية شاملة”
وهذا يتنافى مع جميع قرارات الامم المتحدة، لا سيما القرارات التي صدرت في الدورة التاسعة والعشرين في العام الماضي، كما يتناقض مع المزاعم التي طرحها بعض المسؤولين في مصر حول تعهدات مزعومة اخذوها من الجانب الاميركي بالاعتراف بمنظمة التحرير وبتأمين حقوق الشعب الفلسطيني
كما اعطت الملاحق ” لاسرائيل ” حرية الملاحة البحرية والجوية من مضيق جبل طارق الى مضيق باب المندب، وهذا تأكيد لما ورد بالبند الثاني من اتفاقية سيناء من ان الطرفين يتعهدان برفع الحصار العسكري عن بعضهما البعض. وهذه الميزة الاستراتيجية التي منحتها الملاحق والاتفاقية ” لاسرائيل “، تتعارض مع حق السيادة لكل الدول المطلة على البحر الاحمر، لا سيما دولتي اليمن الشقيق، بالاضافة الى المغرب الشقيق. وهنا يتساءل المرء السؤال التالي: اذا كانت الحكومة المصرية ترى ان من حقها التصرف في سيناء معتبرة بذلك ان هذا التصرف امر مصري، فكيف جاز لها التصرف بالمساس بسيادة اقطار عربية اخرى
مما ورد في الملحق الاول السري، يتبين ان الولايات المتحدة والحكومة المصرية و “اسرائيل” قد التزمت، جميعا، بأمور لا تتعلق فقط بتطور الصراع العربي – الاسرائيلي، بل تتعلق بمجمل هذا الصراع. وبذلك، تكون ” اسرائيل ” قد تقاضت ثمنين بموجب اتفاقية سيناء: الثمن الاول، دفعته الامة العربية من خلال النتائج المترتبة على الاتفاقية والملاحق؛ والثمن الثاني، دفعه الشعب الاميركي من خلال الالتزامات التي تورطت بها الحكومة الاميركية. واذا كانت الحكومة المصرية غير موافقة على هذه الملاحق والتي اعتبرها وزير خارجية اميركا جزءا من الاتفاقية كما اعتبرتها ” اسرائيل ” والكونغرس، فعلى حكومة مصر ان تبادر الى الغاء اتفاقية سيناء. لقد احتج بعض المسؤولين المصريين على تزويد ” اسرائيل ” بصواريخ – بيرشينغ – ويتساءل المرء عن قيمة هذا الاحتجاج طالما انه لم يقترن برد مادي اقله الغاء الاتفاقية
* كان واضحا منذ نهاية الحرب، ان ثمة مساعي اميركية واسرائيلية تبذل لنسف نتائج حرب تشرين [الاول (اكتوبر)].
وأهم هذه النتائج، ذلك التغيير في الرأي العام العالمي كقوة ضابطة لالزام ” اسرائيل ” بتنفيذ قرارات الامم المتحدة. لقد كان ” الاسرائيليون ” يدركون ان انعقاد مؤتمر جنيف في ظل نتائج حرب تشرين [الاول (اكتوبر)]، سيؤدي الى اجبار ” اسرائيل ” بالالتزام بالانسحاب من جميع الاراضي المحتلة، وبالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني. ومن هنا برزت المناورة الاميركية ” الاسرائيلية ” لمنع عقد هذا المؤتمر في ظل ظروف مواتية للعرب، ولجأت الولايات المتحدة الى سياستها المعروفة خطوة خطوة لتمزيق الموقف العربي خطوة خطوة، ولخلق خطوة خطوة ظروف مواتية ” لاسرائيل ” عسكريا وسياسيا واقتصاديا. وقد اكد هذه الحقيقة الملحق الثاني للاتفاقية السرية، حيث ورد في الفقرة الاولى
” يعاد عقد مؤتمر جنيف للسلام في موعد يجري تنسيقه بين الولايات المتحدة و ” اسرائيل “
ويعني هذا الكلام التزام اميركا مسبقا بالموقف الاسرائيلي، كما يعني تحويل مؤتمر جنيف الى مؤتمر ” اسرائيلي “. وهنا نتساءل: هل اصبح من الممكن قبول رئاسة الولايات المتحدة لاي مؤتمر كهذا المؤتمر؟ وهل من المقبول، بالنسبة للعرب، بعد هذا النص، المشاركة في مؤتمر تقرره الولايات المتحدة و ” اسرائيل “؟
لقد تعهدت الولايات المتحدة بالفقرة الثانية من الملحق برفض الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية تأكيدا لما ورد بالملحق الاول بالفهم الاسرائيلي لحقوق الشعب الفلسطيني، فهل من الممكن التصور ان هناك اية نوايا نحو السلام مع استمرار تجاهل الشعب الفلسطيني وممثليه الشرعيين. وقد نسفت الولايات المتحدة، ايضا، مؤتمر جنيف – الفقرة الثانية – عندما تعهدت بالعمل لضمان اجراء المفاوضات الاساسية خارج المؤتمر على اساس ثنائي، وهذا يعني انه اولا تفريغ المؤتمر وانهاء مهماته، كما انه يعني ايضا تبني النظرية ” الاسرائيلية ” بالمفاوضات الثنائية التي تستفرد من خلالها العرب، وتستطيع ان تحقق المكاسب. فاستراتيجيتها في الحرب كما في العمل السياسي: في الحرب، تقوم استراتيجيتها على استفراد الجبهات العربية؛ وفي العمل السياسي تتحرك كذلك. وقد استطاعت، من خلال هذا الاسلوب، تحقيق انجازات كبيرة، برزت في اتفاقية سيناء وفي ملاحقها
واستمرارا لسياستها، تعهدت الولايات المتحدة بالاقتراع ضد كل مبادرة في مجلس الامن لاجراء تعديل لبنود قيام مؤتمر جنيف للسلام، او لتعديل قراري مجلس الامن 242 و 338. وهذا يعني ان الولايات المتحدة ستقف بوجه التطور الذي برز في المنظمات الدولية والمجتمع الدولي، والذي ابرز الشخصية الفلسطينية واهمية موقع الشعب الفلسطيني في السلام، محاولة بذلك طمس القضية الفلسطينية وعزلها، وتحويل الصراع بين ” اسرائيل ” والعرب من صراع قومي الى صراع حول الحدود
- يستخلص من كل هذه الامور، ما يلي
1 – ان اتفاقية سيناء وملاحقها قد ادت الى اخراج الحكومة المصرية من ساحة الصراع الدائر مع العدو الصهيوني. وضمنت الولايات المتحدة، بموجب هذه الاتفاقية وملاحقها، هذا الخروج
2 – تحول التحالف الصهيوني الاميركي الذي كان يقوم عبر مصالح متبادلة، الى التزام اميركي يضمن “لاسرائيل”، ولمدى بعيد جدا، امنها واحتياجاتها العسكرية والاقتصادية ودعمها السياسي. وهذا الالتزام سيسقط كل الادعاءات التي تبرز امكانية تحقق تحويل اساسي في الموقف الاميركي تجاه الصراع العربي – الاسرائيلي
3 – اعطت هذه الملاحق “لاسرائيل” كميات ضخمة من الاسلحة البالغة التعقيد لفرض مرحلة جديدة من الاستسلام على العرب، محاولة استئصال مجرد التفكير بامكانية استخدام القوة في الصراع او استخدام الطاقات الاقتصادية المتوفرة ضدها
كان المسؤولون في مصر يصرحون، بين وقت وآخر، ان الاتفاقية هي نصر للقضية العربية، ويتساءل المرء أين يكمن هذا النصر؟ هل يكمن في هذا الحجم الضخم من المساعدات التي التزمت الولايات المتحدة بتقديمها ” لاسرائيل ” خلال سنوات طويلة، ام يكمن في رفع الحصار المفروض عليها من مضيق جبل طارق الى مضيق باب المندب، ام يكمن في تلك التعهدات الاميركية بالدفاع عن امن ” اسرائيل ” وحمايتها سياسيا والالتزام بمفاهيمها المتعلقة بالقضية الفلسطينية؟ ثم أين يكمن موقع ما ورد في الاتفاقية وملاحقها العلنية والسرية من قراري مؤتمري القمة في الجزائر والرباط؟
لقد ورد في مقررات الرباط ما يلي
تنسيق العمل العربي لعزل ” اسرائيل ” سياسيا وعسكريا واقتصاديا وفي المجالات المختلفة، ” فهل ينطبق هذا على ما ورد في البند الثاني من الاتفاقية؟ ” في التعهد في الحصار العسكري، ومع ما ورد في الملاحق بالسماح بحرية ” اسرائيل ” في الملاحة البحرية والجوية من جبل طارق الى باب المندب؟ وهل ينسجم مع ما ورد في الفقرة المشار اليها اعلاه مع السماح للشحنات ” الاسرائيلية ” بالمرور في قناة السويس؟ وهل يعتبر نصرا للقضية العربية ان تتعهد الولايات المتحدة وتلتزم بهذا الحجم من المساعدات ” لاسرائيل “؟
نحن دائما نتمنى ان يكون جيش مصر قويا. وانا اشارك الفريق الجمصي ما قاله من ان الجيش المصري قوي وقادر على ممارسة مهماته، وكأنني بالفريق الجمصي يقول للعرب ان الجيش المصري ليس مع هذه الاتفاقية، وان ما يقوله كبار المسؤولين المصريين من ان مصر غير قادرة على الحرب ولم تستعوض اسلحتها كلام غير صحيح.
لقد اراد الفريق الجمصي ان يعطي موقفا متميزا للجيش المصري من هذه الاتفاقية، وكأني به يريد ان يقول نحن مع خط المواجهة المسلحة، ونحن جاهزون، ولكن الامر ليس بيدنا. ولا يستطيع الانسان ان يفسر هذا الكلام بغير هذا المعنى، لانه مع قوة جيش مصر، ومع استعداد الجيش المصري للقيام بالمهام التي يمكن ان يكلف بها، لا يمكن تفسير قبول اتفاقية سيناء وملاحقها
* نعم، تستطيع مصر ان تلغي هذه الاتفاقية في حالة واحدة، هي قبل التنفيذ. ولكن بعد ان يتم التنفيذ، ستصبح هذه الاتفاقية سارية المفعول بموجب المادة التاسعة من الاتفاقية التي تقول
تسري هذه الاتفاقية بعد توقيع البروتوكول، وتبقى سارية المفعول حتى تحل محلها اتفاقية جديدة
وبالتالى، فالحكومة المصرية تكون قد كبلت نفسها، وكبلت الاجيال القادمة بالتزامات بمنتهى الخطورة
وفي هذا المجال، لا بد من الاشارة الى ان كبار الخبراء القانونيين ” الاسرائيليين ” والاميركان قد وضعوا النصوص بصورة محددة ودقيقة لا مجال للتفسير فيها او للتهويل، وبصورة ضمنوا معها تحميل مصر التزامات محددة وواضحة، وتحميل الشعب الاميركي التزامات محددة وواضحة