ذكر النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام في رسالته للرئيس الاميركي الأسبق جيمي كارتر بمساعي كارتر لنصرة المظلومين ونهجه الذين أعلنه للوقوف بصفهم، وتساءل عن عدم تطابق النظرية مع الممارسة في نشاطه حيال الشعب السوري.
وكان عبد الحليم خدام يحمل حقيبة الخارجية السورية حين كان كارتر رئيسا للولايات المتحدة.
ونصت الرسالة على الاتي:” السيدُ الرئيس جيمي كارتر
قرأت في جريدة الشرق الأوسط الصادرة بتاريخ الرابع عشر من شهر كانون الأول لعام ألفين وثمانية مقالاً بقلمك حول حقوق الإنسان ورد فيه:
إن تعزيز حقوق الإنسان والديموقراطية أمرٌ ضروري، من أجل الاستقرار العالمي، ويمكن تحقيقه فقط من خلال جهودٍ محلية، غالباً نضالية، ومن خلال أفراد يعارضون الظلمَ والقمع علناً، وهي المحاولات التي يجب على الولايات المتحدة الأميركية، تولي دفتَها، وليس عرقلتها، ولو تم الانتباه للتحذيرات الأولى التي أطلقها المدافعون عن حقوق الإنسان، وحُشِدَت المساعي الدبلوماسية والتدخل في الوقت المناسب، فكان من الممكنِ تجنب العنف المريع والمستمر، في بعض الحالات .
وأنا اقَلِّبُ صفحاتِ الجريدةِ أدهشني موقفك، الذي أعلنته في دمشق بعد لقائك ديكتاتور سوريا، وخلاصته، أنك تأملُ بإعادة العلاقات الديبلوماسية، وقيامِ صداقةٍ قوية بين دمشق وواشنطن في وقت قريب …
السيدُ الرئيس جيمي كارتر
أنت تعلم أن نظامَ الحكمِ في سوريا ديكتاتوري شمولي، وأن الشعبَ السوريّ مسلوبُ الحرية، ويمعن النظامُ بالقمعِ والاعتقال كوسيلةٍ لإحكامِ قبضته على البلاد، وكما تعلم – وأنت المتابع لقضايا حقوقِ الإنسان – أن سجلَّ النظام السوري في مجال حقوق الإنسان سجلٌ أسود.
تحدثت في مقالتك عن وجوب دعم المناضلين من أجل الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، وطلبت من حكومةِ بلادك أن تقود الدفة في هذا الاتجاه وعدمِ عرقلتها، فهل سألت رئيسَ النظام السوريّ، عن المناضلين السوريين الذين زجّهم في السجن بسبب مُطالبتِهِم بالحرية، والديموقراطية، واحترام حقوق الإنسان!
لقد زرتَ لبنانَ واجتمعت إلى عددٍ من السياسيين اللبنانيين، وكما نعلم حدثوك عن معاناتهم من أجهزة أمن النظام السوري، وحدثوك عن قلقهم من تكرار تدخلاته بشؤونهم.
كما زرتَ ضريحَ الرئيس رفيق الحريري، وأنت تعلمُ جيدا، أن النظام السوري هو المتهمُ الرئيس في عملية اغتياله، وغيره من السياسيين اللبنانيين .
إن معرفتي بك منذ عقود، حينما كنت رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، وأنا كنتُ وزيراً للخارجية في سوريا. من خلال متابعتي لجهودك بعد انتهاء ولايتك الرئاسية، في مجال دعم الديموقراطية، والحرية، وحقوق الإنسان، والحوار بين الثقافات، مما رسخ في ذهني صورةً جميلةً عن رئيسٍ يكرِّسُ جهودَهُ بعد انتهاءِ ولايته، للدفاعِ عن الديمقراطيةِ والحريةِ وحقوق الإنسان، وشكل ذلك انطباعاتٍ إيجابية، لدى الكثيرين في مختلف أنحاءِ العالم.
السيدُ الرئيس
كما تعلمُ إن قضايا الحرية، والديموقراطية ومَصونيةِ حقوقِ الإنسان، لا يمكن أن تلتقي على صعيدٍ واحد مع الديكتاتورية، التي تُحْكِمُ سيطرتَها بالقمعِ والاستبدادِ والفساد.
أتمنى عليك أيها السيد الرئيس، أن تصححَ الموقف من أجل صِدقيةِ نهجك، ومسعاكَ من أجل ملايين الذين يتعرضون للقمع في مختلف بقاع العالم .
وأذكرك بأن أكثرَ ما يُضْعِفُ القادةَ السياسيين، التناقضَ بين مبادئهم وبين ممارساتهم.
أتمنى أن أقرأ لك ما يعززُ موقفَكَ الوارِدِ في مقالتِكَ المنشورةِ في جريدةِ الشرق الأوسط، ولا أن تكون جسراً لنظامٍ ديكتاتوري، على حسابِ حريةِ وأمنِ واستقرار سوريا.
إني أشاركُكَ الرأيَ الذي أوردتَهُ في مقالتِكَ بأن غيابَ الحريةِ والديموقراطية، وانتهاكِ حقوقِ الإنسان هي عواملٌ أساسية، في نمو التطرف .
أخيراً أبعث إليك بتحياتي وتمنياتي لك بالصحة”.