خدام: معاناة العراق المستقبلية أخطر ما سيواجهه العرب في السنوات القادمة

الناشر: الراية

الكاتب: تابع المحاضرة: العزب الطيب الطاهر وأسامة سعد الدين وهناء صالح الترك وعلي بدور

تاريخ نشر المقال: 2004-12-06

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp

طالب دولة السيد عبدالحليم خدام نائب الرئيس السوري بوضع عقد عربي جديد من أول متطلباته ان تقتنع الدولة القطرية بالتنازل عن جزء من سيادتها لصالح الكل لافتا الي ان السيادة القطرية ستكون مضمونة بحكم الضمان القومي والترابط والتساند الذي يحققه العمل العربي المشترك وأشار في هذا الصدد الي الهيكلة الجديدة لهذا العقد العربي والمتمثلة في استحداث مؤسسات شعبية لها حق الرقابة وحق المتابعة وهي التي تشرع لمتطلبات النظام العربي الجديد

وقال دولته ان التطوير القادم من الخارج يعني ان شعوب المنطقة قاصرة عن تطوير ذاتها وتأمين مصالحها

ودعا الي الحداثة من خلال تحرير العقل وتحديث الدولة والقوانين وأنظمة العمل وكل جوانب الحياة مشيرا الي ان الحداثة لا تعني بأي شكل من الاشكال انها متناقضة مع القيم والتراث مؤكدا علي ضرورة ان تضع الدول في قائمة أولوياتها برامج التنمية الاقتصادية في اطار الوصول الي الوحدة الاقتصادية العربية مطالبا في ذات الوقت بإعادة النظر في برامج التربية والتعليم ومراجعة للسياسة القائمة تنطلق من ان العرب أمة واحدة وان مصالح هذه الدول العربية مرتبطة بمصالح الأمة مع ضرورة الإيمان بأن التعاون والتكامل خيار يوفر للأمة الكرامة والمستقبل والتحرر من الهيمنة السياسية والاقتصادية الخارجية المفروضة من هنا وهناك

وأوضح دولة نائب الرئيس السوري ان معاناة العراق ونتائجها المستقبلية هي أخطر ما سيواجهه العرب في السنوات القادمة كما انه اخطر من كل ما واجهوه في الماضي

ويرى دولته ان العولمة ستؤدي الي تغير الثقافات والي استبدال التراث والي اضعاف القوي فالعولمة تكون جيدة عندما تكون بنيتنا قوية نستطيع ان نأخذ ونستطيع ان نعطي 

وخلال تطرقه الي الأوضاع بعد احداث 11 سبتمبر قال نائب الرئيس السوري ان العالم الآن في حرب مجهولة الهوية ومجهولة الزمان والمكان.. ولكن هذه الحرب بمفرزاتها توجهت نحو العربي والإسلامي 

جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها دولة السيد عبدالحليم خدام حول الوضع السياسي العربي الراهن صباح أمس في قاعة ابن خلدون بجامعة قطر وتقدم الحضور سعادة السيد محمد بن عيسي المهندي وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء رئيس بعثة الشرف المرافقة لدولة السيد خدام والدكتورة نورة خليفة تركي السبيعي نائب رئيس الجامعة للشؤون الاكاديمية وسعادة السيد هاجم إبراهيم السفير السوري لدي الدولة ونواب رئيس الجامعة والعمداء والمساعدون ورؤساء الأقسام وأعضاء هيئة التدريس وحشد من رجال الصحافة والإعلام وطلبة الجامعة

وفيما يلي تفاصيل المحاضرة..

بداية رحبت الاستاذة الدكتورة نورة خليفة تركي السبيعي بدولة السيد عبدالحليم خدام في رحاب جامعة قطر وقالت: انه لشرف لنا في الجامعة ان نحظي بهذه الزيارة المباركة من قبل فخامتكم وصحبكم الكرام، وهو أمر نقدره لكم ونعتز به حيث يأتي هذا اللقاء تجسيدا لدعمكم المتواصل للعلم وأهله وخطوة مباركة في توثيق الروابط الأخوية بين البلدين الشقيقين وفي هذا الوقت بالذات، وقف التعاون والتضامن ولم الشمل بين دول أمتنا العربية جمعاء

وأضافت: انه لمن دواعي السرور والاعتزاز تلبيتكم لدعوتنا وتشريفكم للجامعة ومشاركتكم لأسرتها بهذه المحاضرة والتي تتناول موضوعا بالغ الأهمية وهو موضوع الساعة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ الا وهو الوضع السياسي العربي، ثم قدم الدكتور حسن الانصاري نبذة عن سيرة دولة السيد خدام

أثر ذلك تفضل دولته بالقاء محاضرته حيث استهلها بتوجيه الشكر للاستاذة الدكتورة شيخة المسند لدعوته لهذا اللقاء مع نخبة من أساتذة جامعة قطر وطلبتها

وقال: الحديث حول الوضع العربي ومعاناة الأمة العربية لن يتناول الاحداث لأنها في متناول الجميع وانما اسبابها ونتائجها وما يمكن ان يؤول اليه وضع الأمة في حال الاستمرار في الحالة الراهنة

وأضاف: هناك اسئلة كثيرة يطرحها المواطن العربي يتساءل لماذا كل الأمم اتيح لها ان تستعيد وحدتها والأمة العربية بقيت ممزقة حتي الآن؟ ينهش بها من كل جانب في داخلها ومن خارجها، لماذا تضييع الحدود بين الحرية والاحتلال، بين الحق والباطل بين العدل والظلم، لماذا ولماذا هناك أسئلة كثيرةلكن يمكن اختصارها بسؤال واحد العرب الي أين؟

وأجاب: لمعاناة الأمة العربية اسباب كثيرة.. أسباب داخلية ومن داخلها واسباب خارجية وان ضعف الداخل هييء ويهيأ للخارج بان يزيد من أسبابه ويزيد من معاناة هذه الأمة

بواكير الوعي القومي

وتناول بداية أسباب الداخل في مطلع القرن العشرين برزت بواكير الوعي القومي، عندما نشأ في الدولة العثمانية حزب الاتحاد والترقي العربي كان يدعو الي تتريك الشعوب غير التركية الي الخلافة العثمانية، وقبل سنوات قليلة نشأت الحركة الصهيونية في مؤتمر عقد في سويسرا 1897 نشأ المشروع الصهيوني وانطلقت مشاعر الوعي القومي عند العرب، انطلقت مشاعر وطموحات ولكن لم ينطلق مشروع عربي، نشأت جمعيات عربية واحزاب عربية وتنظيمات كثيرة تدعو للوحدة العربية ولكنها كانت تنظيمات اقرب الي الأندية الثقافية منها الي الاحزاب السياسية كانت هناك طموحات ولكن لم تكن هناك مشاريع، كانت هناك افكار ولكن لم يكن هناك منهج للعمل إلي أن دعا رئيس وزراء مصر المرحوم مصطفي النحاس الدول العربية السبع انذاك لعقد مؤتمر لمناقشة قضية الوحدة العربية، المناقشات انتهت الي ميثاق الجامعةالعربية وكانت الدول العربيةالتي لها استقلال نظري سبع دول معظمها كانت القوات البريطانية والفرنسية موجودة فيها.

ميثاق عربي

كان الاستقلال شبه نظري والنفوذ الاجنبي موجودا وعندما تأسست الجامعة العربية لم تتأسس بهدف اطلاق مشروع عربي ينتهي بالوحدة العربية ولكنه تأسس بين دول مزروع فيما بينها الشك والخوف. آنذاك لبنان خائف من سوريا، وسوريا خائفة من العراق والأردن والسعودية قلقة من الأسرة الهاشمية ومصر قلقة من العراق وهكذا فالذين اجتمعوا ووقعوا ميثاق الجامعة العربية لم يوقعوا علي مشروع عربي بهدف الوصول الي الوحدة العربية في مرحلة من المراحل.

ونصت المادة الثانية من الميثاق بالتعاون في مصالح الدول تضمن السيادة وبطبيعة الحال هذا الامر كان قاعدة النظام العربي الراهن. واشار دولته انه مع قيام دولة اسرائيل بدأت مرحلة جديدة في التاريخ العربي وفي تاريخ المنطقة واضطرت الحكومات العربية الي توقيع معاهدة الدفاع العربي المشترك، هذه المعاهدة بنصوصها والتزاماتها متقدمة جدا ومن الصعب ان يجد الانسان نصوصا افضل من نصوصها، ثم في عام 1957 تم التوقيع علي الاتفاقية الاقتصادية وايضا كانت الاتفاقية بنصوصها جيدة جدا

الطموح العربي

ولكن ماذا حدث؟ حدث ان الطموح العربي كان يقوم علي أساس الوصول الي دولة عربية واحدة وعندما نقول الوحدة العربية لايعني الوحدة الاندماجية وانما يعني التكامل والتكافؤ وصولا الي حالة يكون العرب فيها في دائرة الوحدة

كان الطموح في تحقيق الدولة الواحدة واصبح لدي العرب 22 دولة

وتساءل ماذا ترتب عن ذلك؟

اولا: الانقسامات الحادة بين الدول العربية وتجذر المصالح القطرية وبروز التناقضات في هذه المصالح مما خلق مناخا للمنازعات وصلت الي استخدام السلاح في العلاقات العربية كما نعلم في اماكن عربية من الوطن العربي

واصبحت المصالح الضيقة اقوي من المصالح القومية المشتركة. ورأي دولته: هذا الوضع افرز حالة فريدة من نوعها وهي عدم الالتزام، لو اخذنا الاتفاقات العربية وقرأناها لوجدنا فيها كل مايطمح له المواطن العربي، لو أخذنا القرارات العربية في كل المستويات لوجدنا فيها افضل مايطمح فيه المواطن العربي، لكن الازدواجية في العقل السياسي العربي كانت هي الاساس، سهولة اتخاذ القرار وسهولة التوقيع وسهولة في عدم الالتزام والتهرب من الالتزامات

إلي ماذا ادي ذلك؟ ادي ذلك الي زيادة حالة التفسخ بالوضع في الوطن العربي اذن التجزئة ونمو المصالح الضيقة لدرجة ان التناقض بينبعض الدول العربية كان اوسع من التناقض بينها وبين اعداء هذه الدولة او تلك من خارج الوطن العربي

التفكك

التفكك وعدم الالتزام وضع العدو في موقع الصديق واحيانا وضع الشقيق في موضع العدو وكلنا يعلم ما كان يجري ومايجري الآن في الساحة العربية

بمعني ان الحس الأخوي، والحس بالمسؤولية القومية او الوطنية تراجع الي مادون الصفر، ونري مايجري في فلسطين والعراق ولكن مايجري كأنه يجري علي سطح المريخ، لماذا؟ لأن التجزئة والتفكك اضعفا الشعور بالمسؤولية تجاه الشقيق وتجاه الوطن نفسه

هل يعقل ان تجتمع الدول الأوروبية مجموعة صغيرة في روما عام 1958 وتوقع اتفاقية روما وتصل الي مرحلة الاتحاد الأوروبي والعرب وقعوا اتفاقية الوحدة الاقتصادية عام 1957 ولازالت الحواجز والتناقضات حتي في الناحية الاقتصادية هي السمة البارزة في العلاقات الاقتصادية العربية

هل يعقل ان نبحث عن الشراكات مع الخارج ونحن نعجز عن قيام الشراكة العربية. ايضا هذه ظاهرة بارزة وهي نتيجة لحالة التجزئة القائمة

هذا السبب ادي الي التناقض والصراع والي تجذر المصالح القطرية وغالب الاحيان هذه المصالح ليست مصالح الشعوب، هي مصالح شرائح معينة في ذلك المجتمع أو ذاك سواء كانت هذه المصالح اقتصادية أو سياسية

الهيمنة الأجنبية

واضاف دولة السيد خدام: والآن اذا تساءلنا هل استطاعت الدولة القطرية في الوطن العربي ان توفر لنفسها الأمن أو ان توفر لمواطنيها النمو والاستقرار، هناك دول عربية غنية في مواردها وهناك دول عربية غنية في عدد سكانها وهناك دول عربية بين بين.. ولكن هل استطاعت دولة من الدول العربية، ان توفر لنفسها الأمن، وماذا ادت الانقسامات العربية، ادت الي انتشار الهيمنة الاجنبية في الوطن العربي والي مصادرة القرار العربي.. دائما الدولة القطرية تتخذ القرارات تحت عنوان السيادة الوطنية هل امنت السيادة الوطنية في ظل القرارات التي كانت تتخذ تحت عنوان السيادة.. بل هل هناك سيادة حقيقية في معظم اقطار الوطن العربي؟السبب الرئيسي هو ان النظام العربي السياسي واصحابه لم يدركوا ان الجزء عاجز عن تحقيق ما يحققه الكل الجزء جزء معطَّل ومعطَّل والكل هو الذي ينتج لم يدرك النظام العربي السياسي ان قوة الامة في تضامنها وتكاملها وتوحدها وان ضعفها يؤدي الي حالة العجز ويزيد في ضعفها الابتعاد عن الاتجاه الذي اطلقه القوميون العرب في مراحل مختلفة وهو الوصول بالعرب الي حالة التوحد ادي الي مانراه اليوم من تآكل ومن تراجع وضعف فالقطرية الضيقة لم توفر الامن لاحد ولم تحقق النهوض لاية دولة اطلاقا

رغم ماتمتلك هذه الدولة او تلك من موارد مالية وبشرية هامة

الخوف

والي جانب التجزئة والتي هي سبب اساسي بالضعف عندما تتمزق الامة تتشت وتصبح في حالة عجز عن الدفاع عن وجودها ونفسها وتاريخها ومستقبلها السبب الاخر في حالة الامة الراهنة هو الخوف الموروث لدي المواطن العربي خوف موروث منذ قرون كثيرة خوف من المجهول خوف من الحاكم خوف من الاخر وبطبيعة الحال الخوف يشل العقل ويشل القدرة علي الرؤية الصحيحة وعلي الاختيار الصحيح

وترافق الخوف مع الجمود ساعة العرب بصورة خاصة والمسلمين بصورة عامة توقفت منذ قرون كثيرة وبقي علينا بحكم الواقع ان نتعاطي ونتعامل وفق ما كان في تلك العصور التي وقفت بها ساعة العرب والمسلمين

هذا الجمود ادي الي جمود العقل والفكر واحتل النقل والتقليد مكان الابداع والتجديد فبقينا نعيش في ماض يختلف بطبيعته وظروفه عما نحن عليه اليوم

حالة انهزاميه

ونتج عن ذلك نمو حالة انهزامية في العقل العربي تلقي بكل ما يصيبنا علي القضاء والقدر كل شيء مكتوب وبالتالي علينا الاستسلام لما هو مقدر لنا والله سبحانه وتعالي قال في كتابه الكريم إن الله لايغير بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم اذن الله يقول لعباده انتم مسؤولون عن تغير احوالكم والله لايكتب للناس الانهزامية والاستسلام في واقع مر.الله سبحانه وتعالي وضع قاعدة الثواب والعقاب واعفي من هذه القاعدة القاصر في السن او القاصر في العقل اذن الانسان مسؤول عما يعمل وبالتالي هو عندما يتكاسل ويتكسل وعندما هو يحاسب وعندما يقوم بالخير يثاب عما يقوم به من خير وبالتالي هذه الاستسلامية خلقت ايضا حالة نفسية وانتشرت امثال شعبية كثيرة منها مايقول العين لاتقاوم المخرز وامشي الحيط الحيط وقول ياربي الستره هذه دعوة لتعطيل العقل وشل الارادة والامم التي تتعطل عقولها وتشل ارادتها تبقي في اخر سلم الامم وهذه مشكلة كبيرة في الوضع العربي والوضع الاسلامي

وابان ان حالة الجمود فرضت تقيد العقل ولذلك في مراحل متعددة اذا اطلق انسان رؤيتة نتيجة جهد عقلي نجد الحملة علي هذه الرؤية والحملة علي هذا الشخص ما ان يتحرر العرب من جمودهم ويحكموا العقل لماذا خلق الله عقل الانسان خلقه ليستخدمه وليس ليشل الانسان عقله

ضعف التنمية الاقتصادية

واضاف دولة نائب الرئيس السوري: ان السبب الثالث في وضع الامة العربية: يتعلق بضعف التنمية الاقتصادية وانتشار الفقر والبطالة والامية والفساد هذا العامل يلعب دورا كبيرا فيما تعانيه هذه الامة ثم هناك سبب اخر وهو مناهج التربية والتعليم في الوطن العربي صحيح حدث تقدم كبير في هذه المناهج ولكن هذه المناهج لاتقوم بشكل علمي وموضوعي علي تربية الطالب لان يمتلك القدرة علي التفكير الحر، وعلي البحث والاستكشاف والسؤال والاستنتاج وهذا اهم ما يمكن ان يكون مطلوبا في عملية تحديث الامة وتطويرها هناك سبب اخر وطبيعة النظام السياسي للاقطار العربية بمعني ان النظام السياسي العربي لم يرتكز ويعطي الشعوب دورها في المشاركة في صنع مستقبلها وفي صنع مصيرها

وهذا الامر فرض بكثير من الاحيان حالة التعسف في السلطة هذا ضد الافراد وضد الجماعات الي جانب هذه الاسباب التي هي من داخل الامة هناك اسباب من خارجها

اول هذه الاسباب الاستعمار الذي دخل الوطن العربي في مطلع القرن التاسع عشر وتوسع بعد الحرب العالمية الاولي جزأ الوطن وفرض حالة من الجهل ونهب موارد البلاد وبعد الحرب العالمية الثانية بدأت حركات التحرر الوطني في معظم الاقطار العربية وتحقق خلال عقد الستينات استقلال جميع اجزاء هذا الوطن ولكن هل فعلا تحقق الاستقلال كان يمكن ان يتحقق الاستقلال لو فهم علي انه نهوض وتقدم وتكافل وعمل لاعادة بناء الامة لكن الاتجاه نحو تعزيز وتجذير المعالم القطرية خلق حالة ضعف ما في الامة وفي كل قطر عربي

النزاعات العربية

وهذا سهل امام الاجنبي للهيمنة وتحقيق اطماحه ولاشك فان النزاعات العربية لعبت دورا كبيرا في هذا المجال، الوطن العربي يحتل موقعا استراتيجيا هاما بالنسبة لما قبل انتهاء الحرب الباردة موقع استراتيجي بين القارات الثلاث اطلالة علي محيطين وثلاث بحار ومرور اهم طرق مواصلات دولية في الوطن العربي جعلته في قلب مصالح الغرب كما جعلته في قلب طموحات الشرق وبالتالي المصالح الغربية مع الضعف العربي زادت الضعف وزادت حالة البؤس والمعاناة التي يعيشها العرب. وشدد دولة السيد خدام انه في ظل الحرب الباردة كانت امام العرب فسخة للتحرك لكنهم لم يستخدموا هذه الفسحة هناك من تعاون مع الغرب لاسباب عديدة لاسباب يعتقد ان الشيوعية معادية للدين او انها تشكل خطرا علي نظامه وهناك من تعاون مع الاتحاد السوفيتي لاسباب تتعلق في الصراع

الإسرائيلي واحتياجات هذا الطرف للدعم السوفييتي والمساعدة العسكرية والاقتصادية. لكن السؤال لو أن العرب اجتمعوا وناقشوا مصالحهم ألم يكن بإمكانهم آنذاك أن يفاوضوا هذا الجانب أو ذاك وأن يحققوا حجماً من مصالحهم لاسيما فيما يتعلق في ساحة الصراع العربي- الإسرائيلي. عوضاً عن أن تشكل هذه المصالح ضغطاً علي الغرب لعدم مساعدة إسرائيل شكلت ضغطاً علي الدول العربية حتي لا تتخذ المواقف الجدية في ساحة الصراع العربي- الإسرائيلي، انتهت الحرب الباردة أيضاً بدأ عامل جديد في إضعاف العرب، انهار الاتحاد السوفييتي وأصبح في العالم قطب واحد هذا القطب أخذ علي نفسه قيادة العالم بالقوي العظمي الواحدة، فطرح ما سمي بالعولمة والعولمة فيها فوائد للبنية الصحيحة ولكنها خطرة بالنسبة للبنية الضعيفة والمريضة. العولمة إزالة الحدود أمام انتقال الأفكار والسلع والمال وتحويل العالم إلي قرية واحدة واعتماد التنافس من يمتلك قوي المنافسة فكرية أو علمية أو اقتصادية هو الذي يأخذ أو يدير هذه القرية، في مثل هذه الحالة العولمة ستؤدي إلي تغير الثقافات وإلي استبدال التراث وإلي إضعاف القوي، العولمة تكون جيدة عندما تكون بنيتنا قوية نستطيع أن نأخذ ونستطيع أن نعطي. لكننا في ظل الأوضاع الراهنة علينا أن نعطي من دون أن نأخذ

السؤال الذي يطرحه كل منا إذا كانت هذه الأسباب وإذا كان الوضع في تفاقم ما هو العمل؟ إلي أين نحن؟

هناك حقيقة يجب أن ندركها جميعاً أن كل حدث مفصلي في التاريخ يفرض كيانه ويفرض معادلات جديدة في العلاقات الدولية، وفي مصالح الدول والشعوب، الحرب العالمية الثانية أفرزت الحرب الباردة، الحرب الباردة أفرزت انقسام الفكر العالمي وانقسام السياسة العالمية إلي يمين ويسار.. هذا الأمر أثر علي المفاهيم وأثر علي القيم وعلي حركة الشعوب وتفاعلاتها واتصالاتها فيما بينها وعلي تطورها هذه الحرب الباردة أفرزت صراعاً بين الشرق والغرب وهذا الصراع أفرز التقدم العلمي الهائل الذي حققه الإنسان خلال نصف قرن يعادل مجموع ما حققه خلال عشرات القرون في الماضي

انتهت الحرب الباردة في هذه المرحلة لها افرازاتها حتي الآن لم تبرز جميع هذه الافرازات أهم هذه الافرازات هو أن الدول الكبري بحاجة دائماً إلي عدو تشاغله ويشاغلها من أجل أوضاعه الداخلية والاقتصادية والسياسية،. وجاءت أحداث أيلول سبتمبر وأطلقت الإدارة الأمريكية سياسة كونية جديدة تعتمد استخدام القوة في الدفاع عن أمن ومصالح الولايات المتحدة في العالم وانطلقت نظرية الحروب الاستباقية وتكرس ذلك بقرار مجلس الأمن عندما اتخذ قراراً حول مكافحة الإرهاب

حرب مجهولة

إذن الآن العالم في حرب مجهولة الهوية، مجهولة الزمان والمكان ولكن هذه الحرب بإفرازاتها توجهت باتجاه العربي والإسلامي من نتائجها أن حكومة شارون وظفت هذه الحرب لاتخاذ إجراءات والقيام بأعمال تجاه الشعب الفلسطيني صمت العالم عنها، وفي ظل هذه الحالة الدولية الجديدة وقعت الحرب ضد العراق ويعاني العراق ما يعاني ومعاناة العراق ونتائجها المستقبلية هي أخطر ما سيواجهه العرب في السنوات القادمة وأخطر من كل ما واجهوه في الماضي

إذن الاستهداف قائم بسبب حجم المصالح الموجودة في المنطقة قائم بسبب الاحتمالات الدولية المقبلة خلال العقدين القادمين، الوضع الدولي لم يبق كما هو عليه الآن

التطوير حاجة ملحة

وتساءل نائب الرئيس السوري ماذا علي العرب أن يفعلوا؟ العالم يتغير وانتهاء الحرب الباردة فرضت قيام عالم جديد له قيمه ومفاهيمه المختلفة.. كان هناك اليمين واليسار الآن أصبح المنطق مختلفاً تماماً، فبرز في مرحلة ما يمين يسار لكن طبيعة التطورات الدولية تبرز مفاهيم أخري إذا لم يغير العرب في مفاهيهم وتوجهاتهم فإن الأمور لن تكون في صالح أحد منهم لا أقطار ولا مجموع الأقطار، إذا استمر هذا القهر وهذا الظلم وهذا الشعور بالمذلة وهذا الفقر هل هذا سيشكل بيئة للتغير المفروض التطوير حاجة ملحة ليس فقط لكل دولة عربية ولكن لكل مواطن عربي، ولندرك أن التطوير إذا لم تجر مراجعة عربية سينمو مناخ سلبي وسينمو التطرف، الوضع العربي الراهن الشعور بالاضطهاد والاهانة كلها تفرز حالات نفسية تشكل اما اندفاعاً نحو المواجهة أو الاندفاع نحو الاحباط، والاحباط يفرز حالتين أما الانكفاء وإما الخروج عن المألوف أي الخروج للعنف، الوضع الراهن في الوطن العربي هو وضع متطرف خارج عن المألوف ليس هناك أمة في العالم لديها المعاناة التي لدي العرب فهل هذا أمر طبيعي أليس خروجاً عن قواعد الحياة وعن المألوف؟ وهو تطرف سيؤدي إلي بروز تطرف آخر وبالتالي إعادة التوازن تتطلب المراجعة في كل من جوانب الحياة عند العرب في توجههم القومي، في تنفيذ ما التزموا به من قرارات واتفاقيات، لو تم تنفيذ اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية عام 1957 لكنا اليوم وصلنا إلي اقتصاد عربي متكامل. حتي الدول التي كانت ولاتزال تخشي من تنفيذ اتفاقياتها الاقتصادية العربية كانت ستجني فوائد أكثر بكثير من وضعها الحالي. هناك دول آنذاك عطلت خوفاً أو نتيجة ضغوط خارجية أو خوفاً من منافسة دولة عربية أخري تأتي إليها

لكن هذه الدول كان لديها صناعات وتعاني مشاكل في التسويق، أي أفضل لها التقوقع أو السوق الكبيرة كيف يمكن أن يري الإنسان صورة المستقبل؟

لا يمكن الحديث عن تطوير النظام العربي بدون الحديث عن تطوير الدولة القطرية في الوطن العربي، الدولة القطرية يجب أن تراجع، العرب منذ استقلالهم موضوعياً لم يبنوا دولاً بالمعايير الموضوعية للدولة العصرية. ولذلك يستطيع النظام السياسي أن يخلق حالة يطمئن البعض للبعض الآخر وأن يتعاون مع البعض الآخر

دولة عصرية

ودعا دولة السيد عبدالحليم خدام إلي بناء الدولة العصرية مؤسسات دستورية مشاركة الناس في إدارة شؤون البلاد عندما يأتي وفد أجنبي لبلد عربي وهذا البلد يطلب من هذا الوفد أو عندما يزور وفد عربي بلد أجنبي يطلب منه الضغط علي إسرائيل، ماذا يكون الجواب؟ الجواب أن هناك ديمقراطية في إسرائيل وأنهم ملتزمون بالرأي العام، المسؤول العربي عندما يتحدث، يتحدث وكأنه هو صاحب القرار بل يكون أقوي عندما يقول لا أستطيع أن أتصرف وأخرج عن الرأي العام وتوجهاته كلما كان دور الشعوب دورا حقيقيا كل ما قويت الدولة، وكلما ضعف دور الشعوب كلما ضعفت الدول وعجزت واصبحت في مهب الريح

الحداثة

وقال دولته ان الامر الثاني يجب ان تعتمد الدولة الحداثة والحداثة ليست استخدام منتجات العلم فحسب علي اهمية هذا الاستخدام وانما الحداثة تحرير العقل ليستطيع الدخول في مكنونات العلم وفي تطوير العلم وابداع منتجاته. اي ان نتحول من النقل الي الابداع وهذا لا يتم الا في تحرير العقل وفي اطلاقه وفي بناء الانسان علي اساس انه ليس مفروضا عليه هذا وذاك

قد يظهر بعض الناس يخطئون لكن خطأ الافراد يعالج ولكن عندما يكون القيد معمما علي الجميع فنتائج هذا الأمر هي الأخطر. الحداثة تتناول كما اشرت تحرير العقل، تحديث الدولة.. تحديث القوانين وانظمة العمل وكل جوانب الحياة، ولا تعني الحداثة بأي شكل من الاشكال انها مناقضة للتراث وللقيم، لدينا قيم هي جزء من أولوياتنا فالحداثة تعزز هذه القيم ولا تلغيها ولا تعطلها. يجب ان يكون للدولة برامج التنمية الاقتصادية باطار الوصول الي الوحدة الاقتصادية العربية، بمعني ان الدولة القطرية يجب ان تضع باعتبارها انها ليست امة بل هي جزء من امة وان كل برامجها وسياساتها يجب ان تصب في مجري الوصول الي تحقيق وحدة هذه الأمة وتكافلها وتضامنها وتعزيز مسارها. يجب اعادة النظر في برامج التربية والتعليم بمعني تحقيق الحداثة في التعليم ووسائله. والتعليم يجب ان يرتبط ببرامج احتياجات ونمو المجتمع.

اما في المجال القومي العربي لا بد من مراجعة للسياسة القائمة تنطلق من ان العرب امة واحدة، وان هذه الدول العربية مصالحها مرتبطة بمصالح الأمة

يجب ان نؤمن ان التعاون والتكامل خيار يوفر لنا الأمن ويوفر لنا الكرامة والمستقبل والتحرر من الهيمنة السياسية والثقافية والاقتصادية الخارجية المفروضة هنا وهناك

عقد عربي جديد

وطالب دولة السيد خدام بوضع عقد عربي جديد، هذا العقد اول متطلباته ان تقتنع الدولة القطرية بأن عليها ان تتنازل عن جزء من سيادتها لصالح الكل اي هذا العقد يجب ان يتضمن تنازلا تدريجيا عن اجزاء السيادة القطرية لصالح العمل الجماعي.. السيادة القطرية ستكون مضمونة بحكم الضمان القومي والترابط والتساند الذي يحققه العمل العربي المشترك

ثانيا: يجب أن يكون بالعقد العربي الجديد هيكلية جديدة، الآن الهيكلية الحالية مؤتمرات القمة مؤتمرات الوزراء النوعية وهناك جهاز اداري للأمانة العامة للجامعة العربية. وبالتالي السلطات التنفيذية هي الموجودة في هيكلية النظام العربي السياسي الراهن، من يراقب من يحاسب اذن لا بد من احداث مؤسسات شعبية اي مؤسسات لها حق الرقابة وحق المتابعة ويجب ان تشرع هذه المؤسسات لمتطلبات النظام العربي الجديد

تطوير الشرق الأوسط

اعتقد ان هذه الأسس اصبحت تشكل حاجة ضرورية هناك حديث اطلق من قبل الولايات المتحدة ثم من قبل الدول الثماني الصناعية حول تطوير الشرق الأوسط الكبير يجب ان نعي الفارق بين التطور والتطوير الذاتي وهذا الامر يجب ان يذكرنا بمؤتمر السلام الذي عقد في فرساي عام 1919 واطلق نظرية الوصاية والانتداب

التطوير من الخارج يعني ان شعوب هذه المنطقة قاصرة عن تطوير ذاتها وعن تأمين مصالحها يأتينا تطوير من الخارج علي مقاس مصالحة ومصالح انماط حياته مما يتعارض مع بنيتنا الاجتماعية والسياسية وبنيتنا العقائدية والفكرية

ولا اعتقد ان عاقلا واحدا في هذه الأمة يمكن ان يستنتج ان بقاء الحال علي ما هو عليه فيه غير الشر للجميع

عندما بدأت الانتفاضة في فلسطين خرجت الجماهير العربية للشارع ولكن دعونا نري ماذا يحدث الآن؟ اصبح خبر القتل والدم خبرا عاديا وكأن فقد الجسد العربي حدود الدنيا من الشعور بألم الجراح. وكذلك ما يجري في العراق وكذلك ما يمكن ان يجري في اي مكان في هذا الوطن ولا خيار اطلاقا لأي عربي سواء كان في مراكز الدولة او في الشعب الا وان يري الحاجة الملحة لاعادة اللحمة العربية ولاعادة صياغة العمل العربي المشترك ضمن برمجة اهداف واضحة، وهذا يجب ان يترافق مع التطوير الذاتي في كل بلد عربي، هل يجب ان نتفاءل؟ نعم.. يجب ان نتفاءل لأنني اعتقد ان من لا يري احتمالات المستقبل فهو أعمي البصر والبصيرة.. دعونا نري عندما كان هناك حالة من التضامن العربي في مطلع السبعينات، هل كانت حالة الأمة في مثل هذا السوء؟ اطلاقا الأمل بالله كبير ان يعي الجميع الحاجة للتخلص من الأوهام بأنه يستطيع ان يكون له مكان في زمان ليس فيه مكان لغير القوة بكل مكوناتها والقوة لا تتوفر لأحدنا الا في اطار وحدتنا وتعاوننا وجهدنا في النهوض بهذه الأمة

في ختام المحاضرة رد دولة السيد نائب الرئيس السوري علي أسئلة واستفسارات الحضور

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp

مقالات حديثة


مذكرات ووثائق خدام ..عرفات يستسلم ويغادر بيروت… ومبعوث ريغان يزور دمشق سرا ويلتقي الأسد (5 من 5)

2024-05-25

تنفيذ الخطة الأميركية… هكذا أسدل الستار على الوجود الفلسطيني في العاصمة اللبنانية المجلة بعد مفاوضات على وقف النار في بيروت ومفاوضات دبلوماسية في عواصم عربية وفي نيويورك، تبلورت الخطة الأميركية وحُلحلت “عقدها” بين أوراق وزير الخارجية السوري عبد الحليم خدام نص الخطة الأميركية لـ”رحيل قيادة ومكاتب ومقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية” من بيروت، وهي كالآتي 1 […]

مذكرات ووثائق خدام ..أول رسالة خطية من عرفات للأسد… والرئيس السوري يحذره: أنا لست الرئيس سركيس أو الملك حسين (4 من 5)

2024-05-24

خدام يكذّب رئيس “منظمة التحرير” ويقول إن إسرائيل تريد “تحويل المقاومة الفلسطينية من مشكلة لإسرائيل إلى مشكلة لسوريا” المجلة في 7 أغسطس/آب، أرسل رئيس “منظمة التحرير الفلسطينية” ياسر عرفات أول رسالة إلى الأسد بعد حملات إعلامية وعسكرية بينهما، هذا نصها: “السيد الرئيس حافظ الأسد، كما تعلمون سيادتكم، بناء على قرارات جدة، جرت بيننا وبين الحكومة […]

مذكرات ووثائق خدام ..”رسالة طمأنة” من بشير الجميل الطامح لرئاسة لبنان الى الأسد… و”عقد” أمام خطة المبعوث الأميركي (3 من 5)

2024-05-23

استمرت المفاوضات بين عرفات والإسرائيليين عبر المبعوث الأميركي والرئيس الوزان إلى أن تم التوصل إلى اتفاق في مطلع أغسطس 1982 المجلة تفاصيل رسالة من بشير الجميل، عدو سوريا اللدود، إلى الأسد لطمأنة دمشق خلال سعيه إلى الرئاسة، إضافة إلى تفاصيل خطة حبيب لإخراج عرفات ومقاتليه إضافة إلى التقارير التي كان يرسلها رئيس جهاز الاستخبارات السورية […]