خدام يصف الرئيس العراقي بـ”المجنون والعنيد”… والرياض تتجاهل الاستفزازات… وطهران تشترط لوقف هجومها وقف الخليج مساعداته لبغداد
تناولت الحلقة الأولى من “حرب الناقلات” في الخليج خلال الحرب العراقية- الإيرانية في الثمانينات وساطة الرئيس السوري حافظ الأسد بين الرياض وطهران، واقتراحات الرئيس الإيراني وقتذاك علي خامنئي. تتناول الحلقة الثانية احتدام “حرب الناقلات” في الخليج ورد فعل الرئيس صدام حسين. ماذا قال الإيرانيون؟ كيف ردت السعودية؟
كان الوضع يزداد دقة وحراجة مع تصاعد الحرب بين بغداد وطهران بعد أكثر من سنتين، إثر تركيز الإيرانيين عملياتهم العسكرية الهجومية وإخراجهم القوات العراقية من معظم أراضيهم وتمكنهم من قلب المعادلة والتوغل في مناطق عراقية. ومع اشتداد الضغط العسكري الإيراني على العراق، رغم تفوق آلته العسكرية، كان القلق يزداد في العراق ودول عربية، وكان الضغط على سوريا يتعاظم لاتخاذ موقف ضد طهران.
بات وضع العراق العسكري صعبا عام 1983 ومطلع 1984، ولذلك لجأ إلى ضرب منشآت اقتصادية إيرانية، ولاسيما النفطية، مستخدما طائرات فرنسية مزودة بصواريخ دقيقة، فقصف مصب جزيرة خرج الإيراني. كما أعلن تلك المنطقة منطقة عمليات عسكرية، وأخذ الطيران العراقي يضرب الناقلات المتوجهة إلى المصبات النفطية الإيرانية.
وإثر هذا الحصار الجوي على إمكانات إيران وطاقاتها التصديرية والمالية، وهي التي تواجه مصاعب الحصار الاقتصادي الذي فرضه الغرب بالإضافة إلى أعباء حربها الضروس مع العراق، قامت إيران بالهجوم على ناقلات النفط القادمة إلى المرافئ الكويتية.
وفي مايو/أيار 1983، وصل الشيخ عبد العزيز التويجري حاملا رسالة إلى الرئيس حافظ الأسد حول “هذا الوضع ومخاطره، والخشية من توسع رقعة الحرب، لأن استمرار العمليات الإيرانية سيؤدي إلى وصول قوات عسكرية من الدول الكبرى لحماية مصالحها، وهذا الأمر إذا حصل سيؤدي إلى سقوط النفط بأيدي هذه الدول وإلى سيطرتها على المنطقة، وليس في ذلك مصلحة لدول الخليج، أو سوريا أو إيران”.
الرئيس حافظ الأسد و “المرشد” الإيراني علي خامنئي في طهران عام 1990
تضمنت الرسالة دعوة الأسد للتدخل لدى إيران. وافق الرئيس على الوساطة وطلب من خدام- الذي أصبح في مارس/آذار نائبا للرئيس- مع وزير الخارجية فاروق الشرع، السفر إلى طهران. وعرض الوضع على الرئيس الإيراني علي خامنئي، ومخاطر توسيع الحرب واحتمالات لجوء دول خليجية إلى دعوة قوات أميركية بكل ما في ذلك من خطر يهدد كلا من إيران وسوريا.
حسب وثيقة سورية، تحدث الرئيس الإيراني عن “الرغبة في عدم توسيع الحرب”، ولكن الإيرانيين يرون أن “دول الخليج تقدم مساعدات كبيرة إلى العراق، فهم يقدمون المال والتسهيلات العسكرية والدعم السياسي، والمطلوب منهم أن يقفوا على الحياد، لأنهم بمساعدتهم للعراق إنما يطيلون أمد الحرب، وهذا ليس في مصلحتهم ولا مصلحة المنطقة كلها”. وأبدى استعداده للتعاون طالبا من دمشق أن تطلب من الدول العربية الخليجية وقف مساعداتها للعراق.
وبعد عودة خدام والشرع من طهران توجه الاثنان إلى جدة يوم 26 مايو 1984 لإطلاع القيادة السعودية “على مجرى المحادثات مع القيادة الإيرانية” بناء على طلب السعودية بالتوسط، لكن فاجأ صدام الجميع أنه “بمجرد وصول الوفد السوري إلى طهران بإلقاء خطاب تصعيدي، وقصف باخرتين إيرانيتين في الخليج”. وعندما ذكر ذلك المبعوثان السوريان علق الجانب السعودي: “خطاب صدام لم يكن في وقته ولا في محله وكان يجب أن لا يقوم بعمل يعرقل مساعيكم”.
خدام ناقلا كلام خامنئي: لولا دعم الخليج لصدام لما استطاع التنفس وطائراتكم “أواكس” ساعدته لضرب ناقلاتنا
وحسب محضر اجتماع خدام مع القيادة السعودية، فإن نائب الرئيس السوري أبلغ “الرئيس خامنئي رسالة الأسد، ومضمونها أن سوريا تنظر بخطورة كبيرة لتطور العمليات القتالية في الخليج، وترى فيه ضررا كبيرا لدول المنطقة وإيران، وأن إسرائيل وأميركا سوف تستغلان هذا الوضع، ومهمتنا هي وقف انتشار الأعمال القتالية بين إيران والعراق وعدم تجاوزها مناطق أخرى”.
وقال خدام ردا على سؤال: “قال (الإيرانيون) إنهم يريدون بشكل جدي أن تكون علاقاتهم مع دول الخليج جيدة وهم مستعدون لكل شيء لتحسين هذه العلاقات، لكن الدول الخليجية تقدم مساعدات لصدام، ولولا هذه المساعدات لما استطاع التنفس. وهو يحاربهم بهذه المساعدات. وهم يعتقدون أن ضرب صدام لجزيرة خرج (الإيرانية) يتم بالاتفاق مع الدول العربية الخليجية. إذن هم يعتبرون أن هذه الظواهر مساعدة لصدام: المساعدات، ضرب الناقلات، بذل المساعي مع الدول الأخرى لعدم شراء النفط الإيراني مثل الوفد الذي ذهب إلى اليابان في سبيل هذا الهدف. يعتقدون أيضا أن تسهيلات تقدم مع السعودية للطائرات العراقية لتهبط فيها ثم تضرب الناقلات. كما أن السعودية بواسطة طائرة (رادار الأواكس) تساعد العراق في جمع المعلومات”.
سعود الفيصل: ليس صحيحا، طائرة “أواكس” مصممة لمراقبة الطيران المنخفض ولا تكشف الناقلات
رد الجانب السعودي: “هذا غير صحيح”. وتدخل وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، قائلا إن الطائرة “أواكس” مصممة “لمراقبة الطيران المنخفض ولا تكشف الناقلات”، فقال خدام: “نعرض عليكم وجهة نظرهم (الإيرانيين) حتى نعرف كيف يمكن معالجة الموضوع، كما لاحظنا أنهم لا يعتقدون أن هناك احتمالا كبيرا للتدخل الأميركي والغربي، حتى إذا حصل هذا التدخل فلا مانع أن يقاتلوا الأميركيين في إيران. قلنا لهم: هناك مشكلة بينكم وبين العراق، ولا علاقة لدول الخليج بهذه الحرب سوى المساعدات”.
تابع خدام العرض: “قال (الإيرانيون): إننا نوافق على وقف كل ما يتعلق بناقلات النفط، أي إن أمن بواخر النفط للجميع، والدول الخليجية قادرة على الضغط على صدام لوقف ضرب ناقلاتنا في الخليج، فقلنا لهم إنكم تقولون إن صدام مجنون وجبار وعنيد، فإذا لم يستجب للضغط ما الحل؟”.
تابع خدام : “قلت: هنا كان في ذهننا الحديث الذي دار بين السيد الرئيس والتويجري بأن المملكة مستعدة لوقف المساعدات. فقلنا لهم: إذا لم يستجب صدام للضغط لوقف ضرب الناقلات الإيرانية فيمكن عندئذٍ قطع المساعدات عنه، ويصدر موقف شجب لضرب السفن في الخليج”.
الموقف من المساعدات
وكان الرد السعودي: “نحن نقدم المساعدات لأن سياسة إيران وإذاعتها كانت موجهة ضد دول الخليج وليس ضد العراق فقط، إنهم يريدون تغيير سياسة دول الخليج، ومن لا يريده الخميني يجب أن يزول، لقد أخطأوا بأن جعلوا دول الخليج تفكر بأن العراق يقاتل إيران بآلاف الجنود، وأن هذا هو الطريق لمنع إيران من القدوم إلى (غزو) الخليج”.
وأكدت القيادة السعودية لمبعوثي الأسد، “أن صدام بدأ الحرب ضد إيران دون استشارتنا، يبدو أن الخلاف بينهما بدأ على تنفيذ اتفاقية 1975 حول الأراضي وكان من الممكن تلافي الأمور عن طريق هيئات أو محكمة العدل الدولية”.
وتابع الجانب السعودي: “ادعاء صدام بأنه قاتل إيران بسبب تحرشها بحدوده وتفجير بعض المتفجرات داخل العراق، قد يكون هذا صحيحا أو غير صحيح. في ميثاق الجامعـة العربية هناك نص بأن على الدول العربية مساعدة أية دولة عربية تتعرض للاعتداء، وعلى الرئيس الذي تم الاعتداء على دولته أن يشاور رؤساء الدول العربية في المشكلة قبل أن يبدأ الحرب، وبعد ذلك يقول ساعدوني، وصدام لم يستشرنا في السعودية عندما بدأ الحرب”.
السعودية: “صدام شن الحرب ضد إيران دون استشارتنا”
لقد كان هناك انطباع يروجه العراق بأن إيران تريد احتلال العراق أولا، ثم الدور على دول الخليج العربي بعد ذلك. المسؤول السعودي الكبير كما ورد في وثائق خدام، قال: “خطأ إخوتنا في إيران أنهم بدأوا يهددون دول الخليج. في إيران يقولون إن المقصود صدام، صدام هو نفر في العراق، من يقول إن المسألة تتوقف على صدام؟ هل تعتقد أنت كعربي أن المشكلة مع العراق هي في شخص صدام؟ أعتقد أن سبب قوة صدام هو تحدي إيران له، عندما دخل صدام داخل أراضي إيران، ربما كانت إيران ضعيفة بسبب ظروفها الداخلية. أما الآن فمقدمة الجيش الإيراني في الأراضي العراقية، وقد بذلت وساطات دولية وإسلامية كثيرة دون جدوى، والآن الحرب تدور على الحدود العراقية”.
الرئيس الأميركي رونالد ريغان مع الأمير سعود الفيصل ونائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام في البيت الأبيض، في 20 أغسطس 1982
كما تضمنت الوثيقة شرحا بأن “العراقيين لا يدافعون عن صدام وإنما عن بلادهم، لأنه إذا افترضنا أن إيران احتلت المدن الرئيسة في العراق فهل تكتفي إيران بأن تأخذ صدام ثم تنسحب؟ أعتقد أن إيران سوف تفرض تنظيما معينا مناسبا لها في العراق، لأن إيران إذا احتلت العراق فسيصبح عندئذٍ محتلا ويفعلون فيه كما يشاءون، كما حصل في ألمانيا عندما احتلها الحلفاء. المشكلة العميقة التي تنعكس على الخليج وسوريا وعلى كل عربي، هي إذا احتلت إيران العراق بشكل عسكري فالمشكلة لن تنتهي بإسقاط صدام، الشعب العراقي يقول الآن المشكلة ليست مشكلة صدام وإنما احتمال احتلال إيران للعراق. آمل أن تنتهي الأمور، والعراق يتبصر في أموره، وإيران تتبصر في أمورها”.
وأكمل: “البلدان تحطما، هل من الممكن أن تنتهي هذه الحرب وكل دولة تستعيد أراضيها؟ إن وضع صدام وكأنه المشكلة ليس إلا عذرا، لأنه عندئذٍ لا يمكن وضع حد لمشكلة صدام إلا بحلين: احتلال العراق من إيران وإسقاطه عسكريا،ـ أو أن يقتل صدام من قبل جيشه أو شعبه. صدام الآن يريد أن يدافع، ولا يهمه سواء تهدم العراق أو تحطم… صدام مستمر”.
وفند الجانب السعودي مزاعم طهران، قائلا: “لا توجد طائرة عسكرية عراقية هبطت في السعودية، ولم يتم تزويد أية طائرة عراقية بالوقود في الجو، وكذلك لم يسمح لأية طائرة عسكرية عراقية بالهبوط في مطارات سعودية، ونتحدى الأقمار الصناعية أن تثبت غير ذلك. يبدو أن وجهة نظر إيران أن تضرب ناقلاتنا الخليجية لكي نضغط على صدام لوقف ضرب الناقلات الإيرانية”.
وتابع: “إيران لا تستفيد بضرب البواخر في الخليج، وإلى متى ستبقى إيران تضرب هذه السفن التي تحمل البترول لدول مختلفة في أوروبا وغيرها، وبعضها صديقة لإيران؟ ربما تستطيع إيران منع السفن من المرور في الخليج ولكن ما النتيجة؟ إذا وجدت دول الخليج نفسها مهددة بالموت، فعندئذٍ لا معنى للحياة، وبذلك تخلق إيران عبئا على نفسها بالإضافة إلى عبء صدام، لأن هذه الدول قد تلجأ للمساعدة الأجنبية، أو يساعدها غيرها لمساعدة صدام”.
وأضاف: “لا نزال نقاوم وسوف نقاوم أي تدخل أجنبي، وسنحافظ على سيادتنا، نحن قلقون من الدول الكبرى، ونقول هذا بصراحة، إننا نقاتل بأرواحنا أي أجنبي شرقي أو غربي يأتي لاحتلالنا، ليس لدينا سوى النفط، ويريدون احتلاله، إذا حدث هذا الاحتلال ستكون خسارتنا كبيرة، وإذا حصل تدخل أجنبي في الخليج فهذا سيكون مساعدة وحماية لإسرائيل، أنا أقول لا توجد عواطف لدى الدول الكبرى، بل لها مصالح، إذا تعارضت مصالحها مع مصالحك”.
وينقل خدام أنه تبلغ من القيادة السعودية بأن “كل الطائرات الموجودة عندنا من طراز (إف-16)، و(إف-15)، و(إف-6) والتي اشتريناها بمليارات الدولارات هي لسوريا، وستثبت الأحداث ذلك، إذن لماذا نضطر للدفاع عن أنفسنا أمام إيران، إن كل بياناتنا التي صدرت حول أحداث الخليج مليئة بالتعقل، وهذا ليس خوفا من إيران، ولكن لا نريد خلق مشـكلة. الباخرة الليبيرية التي ضربت مؤخرا في منطقة الخفجي بين السعودية والكويت، كان بامكاننا مطاردة الطائرة الإيرانية وضربها، ولكننا لا نريد خلق مشكلة”.
وقال الأمير عبد الله: “أردنا ضرب الطائرة الإيرانية ولكن جلالة الملك أوقف ذلك”، حسب قول خدام، ونقل عن الملك فهد قوله: “نعم أوقفت العملية ولم نعلن أننا طاردنا الطائرات الإيرانية. الذي فعلناه أننا أنقذنا ركاب السفينة المضروبة.
“نتصرف بتعقل ولا نريد مشكلة مع إيران”
وكشف للمبعوثين السوريين: “لجأ طيار إيراني إلى المملكة مع طائرته فلم نحدث ضجة وطلبنا من إيران تسلم هذه الطائرة. نحن لا نهاجم إيران في إذاعتنا أو صحفنا، ونعتب على الكويت لقيامها بذلك، نحن نملك القوة ونستطيع مطاردة الطائرات الإيرانية، ولكن لا نريد خلق مشكلة. قبل أيام دخلت طائرة إيرانية محملة بالصواريخ أراضي المملكة فطار فوقها الطيران السعودي وأنذر الطائرة بالعودة خلال دقيقتين فعادت، لم نكن نريد أن نخلق مشكلة وإلا كنا نستطيع ضربها، وأبلغنا هذه الحادثة للقائم بالأعمال الإيراني، فقال إن الطيار أخطأ. كيف يخطئ وهو يحلق لمسافات واسعة فوق المملكة، لدينا صواريخ تضرب من الطائرة المقاتلة على بعد 100 كم ولا تخطئ شبرا واحدا، ولكن لا نريد استعمال هذه الأسلحة ضد إيران”.
الرئيس حافظ الأسد بين “المرشد” الإيراني علي خامنئي والرئيس هاشمي رفسنجاني في طهران
وأشار إلى أن شركات التأمين رفعت أقساط التأمين على البواخر القادمة إلى الخليج، متسائلا: “ماذا تستفيد إيران من ذلك؟ إذا أغلق الخليج بشكل نهائي فسوف تدخله البوارج (الأجنبية) وتحتل المنطقة، ومن يستطيع عندئذٍ محاربتها؟”. وتحققت نبوءة الملك فعلا بعد استمرار ضرب الناقلات النفطية الكويتية ودخلت القوات البحرية الأميركية مياه الخليج.
يكتب خدام: “أجبت جلالة الملك: الشرح الذي تفضلت به جيد، وسياسة المملكة القائمة على الحكمة أثبتت نجاعتها، كلنا في مستنقع ولا نعرف كيف نخرج منه، وأكبر مثال على ذلك المستنقع الذي وقع فيه صدام، إن هذه المشكلة تؤثر علينا جميعا”.
وأضاف خدام: “هناك مسألتان: الحرب العراقية-الإيرانية. والوضع المتفجر بين دول الخليج العربي وإيران. الحديث عن المسألة الأولى يجب أن يسبقه تهدئة الوضع بين إيران ودول الخليج، وهذه العلاقات فيها مسألتان:ـ الشكاوى بتدخل إيران في الخليج، يقابله رغبة إيران بتحسين العلاقات، وشكوى إيرانية من المساعدات التي تقدم لصدام”.
قال الجانب السعودي: “هذه المساعدات قديمة”.
فقال خدام إن الأسد “فهم من الشيخ عبد العزيز أنكم على استعداد لإيقاف المساعدات، فإذا قلنا للإيرانيين لن تعطي السعودية مساعدات لصدام”، فإن الرد السعودي كان أنه “على الإيرانيين التهدئة أولا”.
واستمر النقاش حول وقف المساعدات وإصدار موقف ضد قصف الناقلات، وظهر تباين في الموقف. وبين ما قاله الجانب السعودي: “منذ مدة لم نقدم للعراقيين مساعدات، ولكن إذا رأينا العراق يدفع دمه فسوف نقدم له المساعدات. نرجو أن يقول لهم السيد الرئيس الأسد: اهدأوا، خاصة وأنهم أعادوا لكم طائراتكم، ولم يتهموكم بشيء، فلماذا تضغطون عليهم؟ إذا هدأت الأمور وارتاحت نفوس دول الخليج عندئذٍ نفكر بالتصرف”.
في المقابل، فإن “السياسة الإيرانية منذ قيام الثورة لم ترتكز على خطوات جدية لتهدئة الوضع من الناحية العملية مع دول الخليج، فعدد من كبار الساسة الإيرانيين وفي مقدمتهم قائد الثورة آية الله الخميني، كانوا يشنون الحملات على تلك الدول الخليجية، رغم أن الحكومة الإيرانية كانت تبدي رغبة في التصالح وتهدئة الوضع”.
ورغم مرور فترات من الهدوء في العلاقات بين السعودية ودول الخليج من جهة، وإيران من جهة ثانية، بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها سوريا، رغم ذلك فإن أجواء التوتر بقيت مستمرة والحملات الإعلامية لم تتوقف”.
وحسب وثيقة أخرى، فقد قدم الجانب السعودي يوم 16 يوليو/تموز 1985، إلى الجانب السوري “وثائق (سرية) موقعة من قادة إيران حول مخططاتهم لإرسال عشرين ألف مقاتل في موسم الحج إلى الحرم لإثارة المشاكل في المملكة”.
وحسب تخطيطهم “يريدون إرسال مائة ألف حاج إيراني لمحاربة مليوني مسلم في موسم الحج”. وعلق مسؤول سعودي: “ما مصلحة المسلمين في ذلك؟ هل يقبلون أن تقوم مظاهرات ضدهم في شوارع إيران، حتى يطلبوا منا السماح للحجاج الإيرانيين بالتظاهر أثناء موسم الحج؟ هناك خمسون دولة ترسل حجاجا إلى المملكة، وإذا كنا سنسمح لكل دولة بتنظيم مظاهرات، فإن الأمن يصبح فوضى، وخاصة أن بين الحجاج سياسات كثيرة”. وأرسلت الوثائق إلى الأسد مع طلب بـ”متابعة الموضوع مع الإيرانيين”.