الملخص
شغل الصراع العربي الاسرائيلي للعام 1973- 1974حيزا واسعا واهتمام كبير من قبل الحكومة السورية التي تبوأت الصدارة في مواجهة الكيان الصهيوني فرسمت الخطة السياسية والعسكرية لمحاربة اسرائيل وتحرير الاراضي العربية المحتلة وفق ما رسمته السياسة الخارجية السورية المتمثلة بوزير خارجيتها عبد الحليم خدام الذي تمركز عمله خلال هذه المدة بجعل مسألة خوض حرب التحرير للأراضي العربية وازالة اثار العدوان الاسرائيلي على الامه العربية واعادة الحقوق الفلسطينية تحتل الصدارة في اطار السياسة الخارجية السورية وفقا لما تفتضيه التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لما للمخططات الإسرائيلية من تأثير واضح ازاءها.
المقدمة
تأتي دراسة الشخصيات السياسية كجزء مهم في سجل الدراسات الحديثة والمعاصرة لما للفرد من دور في رسم وتغير معالمها ومسايرتها وفق ما تقتضيه افكاره وآماله , اذ أنّ مثل تلك الدراسات تفتح فضاءً واسعاً على مجمل التطورات السياسية التي تشهدها الدول في ظروف داخلية وإقليمية ودولية
لذلك كان الهدف من دراسة البحث الوقوف عند ماهية الموقف السوري من الصراع العربي الاسرائيلي لعام 1973-1974ومساعي عبد الحليم خدام تجاه هذا الصراع ودوره في التطورات والتغيرات التي تركها هذا الصراع
وضح البحث معالم التضامن العربي وتكاتف الدول العربية في مواجهة اسرائيل الذي تمثل في حرب تشرين الاول 1973-1974 ولاسيما سوريه ومصر في صدارة دول المواجهة التي لعبت دورا بارزا في خوض حرب التحرير وتهيئة جميع الظروف خدمة للمعركة ,ناهيك عن الاتصالات والاجتماعات المستمرة للحصول على تأييد الدول الاخرى لنصرة قضيتهم ,فضلا عن توثيق العلاقات من اجل الحصول على السلاح والذخيرة والامدادات الاخرى لتحقيق الانتصار على اسرائيل وتحرير الاراضي العربية المحتلة من قبلها ,ونصر القضية الفلسطينية واعادة الحقوق للشعب الفلسطيني, وفقا لهذه التطورات رصد البحث تحركات عبد الحليم خدام ومساعيه في حرب تشرين الاول 1973التي خاضتها سورية الى جانب مصر ,فكان حلقة وصل بين بلاده والبلدان العربية والاجنبية الاخرى لنقل قضية بلاده وما يدور على الساحة العربية الى مختلف انحاء العالم وايضاح مظالم إسرائيل نحوها وهذا كان ضمن اطار عمله في السياسة الخارجية السورية الذي جعله ينصب لخدمة بلاده والبلدان العربية الاخرى
وكذلك وضح البحث مواقف عبد الحليم خدام من التحولات التي طرأت على الصراع العربي الاسرائيلي بعد حرب تشرين الاول , اذ بين رفض سوريه حضور مؤتمر السلام في جنيف الذي رفض حضور منظمة التحرير الفلسطينية للمؤتمر, كما تنامت مساعيه في تشجيب الاتفاقية المنفردة التي عقدتها مصر مع اسرائيل في بداية كانون الثاني 1974 وذلك لتناقضها الى ما يدعو اليه في التسوية الشاملة ونظرا لاشتراك الدولتين في الحرب ,اضافة الى مطالبته في مناصرة القضية الفلسطينية والمطالبة بجعل منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا عن الشعب الفلسطيني فتكللت مساعيه بتصريحاته وورقة العمل التي طرحها في مؤتمر وزراء خارجية العرب الذي مهد لعقد مؤتمر القمه في الرباط عام 1974 والتي وافق عليها المجتمعون فكانت عباره عن مجموعه من المطالب والقرارات التي انصفت العديد من مطالب الشعب الفلسطيني جامعة الدول العربية بها والتي طالبت مجلس الامن الدولي للنظر بها والتي على اثرها اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 3236 الذي أكد على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للصرف في فلسطين ,فضلا عن تأكيده على حقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها واقتلعوا منها ويطالب بإعادتهم
تضمن البحث محورين الاول دور عبد الحليم خدام في حرب تشرين الاول لعام 1973,اما الثاني موقف عبد الحليم خدام من تحولات الصراع العربي الإسرائيلي 1973 – 1974
1973 اولا ا: دور عبد الحليم خدام في حرب تشرين الاول لعام
بعد خروج سوريه عن عزلتها بعد الحركة التصحيحية عام 1970 وثقت علاقاتها مع البلدان العربية ولاسيما مصر التي تم الاتفاق معها على عدة أمـــور منها إزالة اثآر العدوان الإسرائيلي الذي وقع في حزيران 1967 ونصر القضية الفلسطينية وتحرير الأراضي العربية المحتلة والأعداد للحرب وتكللت تلك الجهود في قيام اتحاد الجمهوريات العربية بينها وبين مصر وليبيا في 26 نيسان عام 1971ليحقق تلك المساعي الذي عده عبد الحليم خدام المرتكز الرئيسي في تحقيقها تلك المساعي و ينطلق من رؤية أن سورية لن يقع على عاتقها وحدها مسؤولية الدفاع وتحرير الاراضي المحتلة وخوض معركة التحرير لابد أن تكون الدول العربية مجتمعة في خوضها معركة التحرير.
وبذلك اعطى موضوع تحرير الأراضي العربية المحتلة أهمية كبرى لدى الحكومة السورية بسبب ما وجه اليها من اتهام وتقصير في حرب حزيران 1967 لذلك عملت على إيجاد مخرج لها من المأزق الذي وقعت به وهذا يتفق مع ما اتخذته مصر من سياسة وأهداف وهي ان لا تتنازل عن أي جزأ من الأراضي التي احتلت في حرب 1967
وعلى غرار ذلك كان الاستعداد للحرب هدفاً استراتيجيا لدى سورية خاصة وان الرئيس حافظ الأسد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية عبد الحليم خدام ,كانا يعتقدان أن أي عمل سوري منفرد غير محمود العواقب لابد من عمل عربي مشترك يكون لمصر دور رئيسي فيه , اذ ان سورية رفضت الاعتراف بإسرائيل ألا أنها عدت السلام العادل هدفاً استراتيجيا وعدت تحرير ارض الجولان هدف لا بد من تحقيقه ويرافقه هدف طويل الأمد وهو القضاء على إسرائيل واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني , وضمن الهدف الآني التقت سياستها مع مصر التي ركزت على استعادة ارض سيناء
وجراء ذلك تم الاتفاق بين الرئيسين حافظ الأسد وأنور السادات على زج الطاقات العربية في الحرب المقبلة والاستعانة بالجامعة العربية وتكثيف الاتصالات بالاتحاد السوفيتي من أجل توفير الدعم العسكري, لذلك أعلن عبد الحليم خدا م ان سورية أعدت عدتها كاملة من اجل المعركة وان التعاون بين مصر وسورية وثيق ومتبادل
لذلك كان موقف عبد الحليم خدام اتجاه الاستعداد لحرب التحرير يرتكز على توحيد الجهود نحو العمل لتوفير متطلبات المعركة واتخاذ الخطوات الأولى لتوثيق علاقات سورية التي كانت مقطوعة مع السعودية والمغرب وتونس والأردن وتطبيع العلاقات مع العراق, اذ كان يرى ان للسياسة السورية هدف مرحلي مركز هو تحرير الأرض واستعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وذلك يتم من خلال بناء العرب لقوتهم الذاتية وتحقيق التوازن العسكري بينهم وبين إسرائيل
كان للصراع العربي الإسرائيلي أبعاداً دولية لوقوف أحدى الدول العظمى ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب إسرائيل مما جعل العرب وحدهم عاجزين عن مواجهه إسرائيل وما يتوجب عليهم البحث عن حليف دولي يوازن حليف إسرائيل , وفي هذا الجانب أتضحت سياسة عبد الحليم خدام قبل نشوب الحرب بتوثيق علاقة بلادة مع الدول الأخرى للوقوف إلى جانب سورية في عدوانها ضد إسرائيل وتحرير الأرض المحتلة
فاخذ يعمل وفق ما يطلبهُ عملهُ السياسي كونهُ وزيراً للخارجية ونائب لرئيس مجلس الوزراء لنقل ما تم الاتفاق عليه بين سوريه ومصر على خوض حرب التحرير ضد إسرائيل إلى مختلف الدول من اجل كسب تأييدها ومساندتها في حربها ضد العدو المشترك للامه العربية اجمع , ولم يقتصر تنقله إلى البلدان العربية فحسب بل الأجنبية أيضاً ففي 30 أيلول 1972 توجه عبد الحليم خدام إلى بلجيكا وكانت سبب الزيارة ضمن أطار التحرك السياسي السوري الى العالم الخارجي وناقش الوضع القائم في المنطقة العربية والعدوان الإسرائيلي على العرب ونتائجه على الدول الأوربية
كما تابع عبد الحليم خدام تحركاته , فتوجه في نهاية عام 1972 نحو الصين وأجتمع برئيس وزرائها شوان لاي وفي هذه الأثناء كانت العلاقات الصينية السوفياتية في غاية التوتر, حيث ناقش مع القيادة الصينية تقديم المساعدة لسورية من أجل مواجهة العدوان الإسرائيلي وخلال استعراضه أوضاع الشرق الأوسط ,قال له رئيس الوزراء الصيني أننا نتفهم علاقاتكم مع الاتحاد السوفياتي وننصح ان تحافظوا عليها فليست هناك دولة بديلة بالنسبة لكم وان الصين لا تستطيع ان تقدم لكم ما يمكن ان يقدمه الاتحاد السوفيتي اذ كان عبد الحليم خدام متوقعا لهذه الإجابة
وفي 11 شباط 1973 استقبل عبد الحليم خدام وزير خارجية تشيكو سلوفا كيا وتباحث معه حول أوضاع سورية الداخلية والخارجية وما تعانيه من اعتداءات إسرائيلية واحتلال لأراضيها وفي نهاية المباحثات صدر بيان مشترك أدان العدوان الإسرائيلي على سورية والمحاولات الإسرائيلية لتغير معالم الأرض المحتلة سكانياً وأكد البيان شرعية المقاومة الفلسطينية
وخلال المدة من 23-26 آذار 1973 زار وفد فيتنامي دمشق واجتمع معه عبد الحليم خدام وناقشا الأوضاع القائمة في البلدين اذ أصدر بيان سوري فيتنامي , أدان فيه إسرائيل على ما تقوم به من أعمال ضد السكان العر ب في الأراضي المحتلة وأن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من أعمال يعد خرقاً لاتفاقيات أنهاء الحرب وايد الطرفين دون تحفظ كفاح الشعب الفلسطيني
ان خطورة المشروع الصهيوني ومواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية المدعومة من الغرب تفرض العمل لحشد الطاقات العربية وزجها في الصراع لذلك لابد من البحث عن مصدر آخر لتوفير الاحتياجات العسكرية ولاسيما ان أسواق الغرب مغلقة بوجه سورية ومصر وان الاتحاد السوفياتي الأكثر إمكانية في توفير متطلبات الجيش المصري والسوري وبهذا تم التركيز على هذا الجانب
وهكذا بدأت اللقاءات المشتركة بين المصريين والسوريين مع الاتحاد السوفياتي وتم تنشيط توريد المساعدات العسكرية إلى البلدين وكان اللقاء الأهم في 6آيار 1973 بعد ان اتفقت سورية ومصر على تحديد موعد بدء العمليات العسكرية وخوض الحرب ,وكان لابد من إبلاغ الاتحاد السوفيتي وطلب الدعم السياسي من جهة وتوفير الاحتياجات العسكرية من جهة ثانيه لذلك توجه الرئيس حافظ الأسد يرافقه عبد الحليم خدام وبصورة سرية إلى موسكو , اذ التقى بالقيادة السوفيتية وعلى رأسها ليونيد بريجنيف الذي صعق من قرار الدولتين – سوريا ومصر – في شن حرب التحرير في موعد قريب , وبدأ الارتباك واضحاً على وجه برجنيف بعد أن وجه الأسئلة الى الأسد وعبد الحليم خدام حول كيفية اتخاذ مثل هكذا قرار, وهل سوريا ومصر مستعدين لذلك , فأجابهم الرئيس قائلاً ليس أمامنا غير هذا الخيار ولابد من أخباركم لتوفر متطلبات الحرب
أمام هذا رفضت القيادة السوفيتية ما جاء به الرئيس السوري عندما أكد ليونيد برنجيف للرئيس حافظ الأسد ما يصفه ان هذا القرار سينهي اللقاء بينه وبين الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في شهر حزيران القادم وذلك سيكون خسارة لنا ولكم ولسياسة الانفراجا لدولي ,
لذلك أشار عبد الحليم خدام اتجاه ذلك قائلاً: ان الموقف كان محرجاا للقيادة السوفييتية ولسورية فاعلان الحرب دون موافقة السوفييت مشكلة كبيرة بالنسبة للجانب العربي والتراجع عنها مشكلة أكبر فأن ذلك يعني صعوبة الخروج عن دائرة الاتحاد السوفياتي وبالتالي وضع المنطقة العربية تحت تصرف الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي
وأزاء تأزم المباحثات بين الطرفين تصرف الرئيس حافظ الأسد بمسؤولية كبيرة وأصر على ان الحرب مسألة محسومة وليست قابلة للنقاش الا ان يمكن تأجيلها إلى شهر آب أو أيلول القادم وفق ما يحقق مايرنو اليه الاتحاد السوفيتي وبالتالي الحصول على الدعم العسكري السوفيتي لكلا للبلدين , فوافق الاخير على هذا القرار
من جانب آخر تخوف الرئيس حافظ الأسد من استمرار الاشتباكات الدائرة في بيروت بين المقاومة الفلسطينية والجانب اللبناني والتي تعمل على تعكير ما يرنو اليه في خوض حرب التحرير ضد
إسرائيل , لذلك أرسل عبد الحليم خدام أملاً منه في إيقافها , فتوجه عبد الحليم خدام إلى بيروت في أيار 1973 يمثل الرئيس حافظ الأسد وحضر الاجتماع الذي عقده الرئيس سليمان فرنجية ومحمود رياض ممثلاً للرئيس أنور السادات ودارت المباحثات حول الأسباب التي أدت إلى تأزم الأوضاع بين الطرفين وتم مناقشة الحلول الواجب وضعها من أجل أنهاء الاشتباكات
واصل عبد الحليم خدام مباحثاته مع الجانب اللبناني والفلسطيني بقصد أعادة الثقة الكاملة بينهما وعودة الأوضاع الطبيعية إلى ما كانت عليه وخلال الاجتماع أكد ” ان استمرار الاشتباكات بين
الطرفين تعمل على تعطيل الجهود السورية المصرية في خوض الحرب ضد إسرائيل التي لا بد من قيامها وتحرير الأراضي المحتلة ” , ونتيجة لهذه الجهود التي بذلها عبد الحليم خدام ومحمود رياض مع المسؤولين اللبنانيين تم التوصل إلى وقف أطلاق النار في 10 آيار 1973 , باستثناء بعض الحوادث التي وقعت خلاف ذلك
أستمر عبد الحليم خدام في مباحثاته من اجل نزع فتيل الأزمة في لبنان حيث توجه الى بيروت يوم 17 آب 1973 وعقد اجتماعاً مع وزير خارجيتها فؤاد منفاع تناول فيه توثيق العلاقات الأخوية بين الفلسطينيين واللبنانيين والعلاقات بين سورية ولبنان وتم الاتفاق على عدة مرتكزات تتعلق بالوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلدين
وكانت الخطوة الحاسمة باتجاه الحرب هو الاجتماع السري للغاية الذي عقده أنور السادات في 21 آب 1973 للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية والسورية وتم خلاله توقيع كل من رئيس الأركان السوري يوسف شكور وسعد الدين الشاذلي وثيقة رسمية تتضمن خوض الحرب , حيث كانت الخطة السورية تضمن الاشتراك المباشر مع مصر في محاربة إسرائيل وأنهاك قدراتها العسكرية وتدمير الجزء الأكبر من القوات المعادية المرابطة في الجولان من أجل تحريرها
لذلك قام الرئيس أنور السادات بجولة في عدد من البلدان العربية للحصول على الدعم , فبدأ بزيارته إلى المملكة العربية السعودية وتباحث مع الملك فيصل بن عبدالعزيز قطع أمدادات النفط عن الدول التي تساند إسرائيل في الحرب المقبلة , ثم توجه نحو سورية وأجتمع بالرئيس حافظ الأسد وعبد الحليم خدام وحددا ساعة الصفر لموعد بدء الحرب في 6تشرين الثاني 1973
وبعد مرور عدة ايام من توقيع وثيقة اعلان الحرب على اسرائيل توجه عبد الحليم خدام في 27آب 1973إلى القاهرة واستقبله الرئيس أنور السادات وتناقشا حول الوضع القائم, وكان هذا اللقاء على هامش انعقاد مؤتمر الدفاع العربي الذي أعدته الجامعة العربية وحضرة عبد الحليم خدام ممثلاً عن الرئيس الاسد إلى جانب ممثلين عن مصر ولبنان والمغرب وقطر, وأهم ما أصدره المؤتمر الذي عقد في 29 آب 1973 هو تحديد الخطة العسكرية الموحدة لمعركة تحرير الأراضي المحتلة , وكيفية تقديم الدعم المالي والمعنوي لهذه المعركة
وهكذا بدأت الحرب في 6 تشرين الأول 1973 أذ شن الجيشان السوري والمصري هجوماً مشتركاً تمكن فيه السوريون من استرداد نصف مرتفعات الجولان , وعلى أثر ذلك وجه الرئيس حافظ الأسد رسالة إلى الشعب السوري يبلغهُ فيها نبأ الانتصارات , داعياً جميع الدول العربية إلى مشاركتها في المعركة التي قال عنها عبد الحليم خدام ان هدف سورية من دخول الحرب هو رد
العدوان وتحرير الأراضي العربية المحتلة واستعادة الحقوق الوطنية المشرعة للشعب الفلسطيني
أوجدت حرب تشرين الأول مناخاً من التضامن والتقارب العربي أنعكس بدوره على العلاقات السورية اللبنانية التي تأزمت بمطلع عام 1973 وتجاوز حالة الخلاف بينهما اذ سمحت لبنان لسورية بجلب أسلحة سوفيتية تم نقلها عن طريق البر اللبناني إلى الأراضي السورية , ناهيك عن مشاركة العراق والأردن بقواتهما في حرب تشرين الأول ,اذ أرسل العراق قواته إلى أرض الجولان السورية يوم 10 تشرين الأول 1973,كما أرسلت الأردن قواتها إلى سورية بعد تطور الأحداث على الجبهة السورية لذلك شكلت جبهة من العراقيين والأردنيين والسوريين تعمل جنباً إلى جنب في الحرب
مما تجدر الإشارة اليه ان عبد الحليم خدام اعتبر حرب تشرين الأول حرباً عربية قاعدتها الأمامية مصر وسورية ودعامتها العرب في مختلف أقطارهم , كما دعا الرئيس حافظ الأسد توحيد القوات العربية معتبراً ذلك الوسيلة الوحيدة لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وقد توافقت سياسة القيادتين الأردنية والسورية فيما يتعلق بتقوية الجبهة الشرقية التي أعتبرها الرئيس حافظ الأسد الوسيلة الوحيدة لمواجهة إسرائيل , أما مصر فأصرت على استمرار الحرب حتى تحرير كامل التراب المصري أو تتخلى إسرائيل عن الأراضي التي أحتلتها عام 1967
من جانب آخر كانت التقديرات الإسرائيلية تؤكد دائماً بان استعدادات مصر وسورية غير كافية لإعلان الحرب وكانت تعتقد قيامهما مجرد مناورة , اذ أكد الجنرال الإسرائيلي جارين في شهادته أمام لجنة التحقيق بأن احتمالات نشوب الحرب ضعيفة وإنما تجري ليس الا مجرد محاولات ومناورات
أثناء الحرب حققت القوات السورية والمصرية الانتصارات الواحدة تلو الأخرى وتقدمت في الأراضي المحتلة )41( , ويعود سبب تلك الانتصارات إلى التعاون العربي المشترك وتوحيد الجهود , وكذلك كان الجيش الإسرائيلي في بداية الحرب في حالات عدم الانضباط واللامبالاة التي سادت أفراده ولاسيما القادة الكبار لانتصارهم في حرب 1967
هاجمت إسرائيل أهداف استراتيجية واقتصادية داخل سورية بهدف تفكيك وحدة سورية الجغرافية وألحاق الضرر بأمن سورية وانتقاماً من التعاون المشترك بين سورية ومصر
امام ذلك تغيرت مجريات الحرب بسبب ما أتبعه أنور السادات من سياسة جديدة اذ أرسل رسالة إلى وزير الخارجية الامريكي هنري كيسنجر , كان مضمونها “أننا لا نريد ان نعمق الاشتباكات ولا ان تتوسع مدى المواجهة ” اذ فهم كيسنجر أشياء عديدة من الرسالة تدل على ان مصر تطلب التفاوض وإيقاف الحرب لذلك أخبر السفير الإسرائيلي في واشنطن بذلك وبدوره اخبر سفير القيادة الإسرائيلية بالاستفراد بالسوريين في القتال
أستاء الرئيس حافظ الأسد من سياسة أنور السادات التي كانت تشير إلى أجراء مفاوضات مع إسرائيل بقوله : نحن خضنا الحرب باعتقادنا بأن لا يكون هناك مفاوضات مرضية مع إسرائيل حتى يستعيد العرب بعض أراضيهم السليبة ,كما صرح عبد الحليم خدام من جانبه قائلاً ان سورية ومصر ترفضان المفاوضات المباشرة رفضا باتا اا , فكان خدام يحبذ استمرار القتال وتحريرالأراضي المحتلة وعدم مفاوضة إسرائيل ألا بعد الانتصار عليها ,كما أكد عبد الحليم خدام ان الهدف السياسي للرئيس المصري في حرب تشرين الأول أكثر تواضعاً من هدفه العسكري فقد كان يعمل على تحريك التفاوض مع إسرائيل لذلك سعى الى خوض عملية عسكرية محدودة في تحرير الأرض المحتلة
كان الهدف السياسي لرسالة الرئيس المصري تطغى على هدفه العسكري لأنه كان يريد تحريك المفاوضات مع )إسرائيل( لأنه كان يسعى الى خوض عملية عسكرية محدودة , أستنكرها عبدالحليم خدام قائلاً : أن أنور السادات أطلق مبادرة سلمية كانت وجهة نضرة جزءاا من الحملة السياسية لإحراج إسرائيل أمام الرأي العام الدولي, ولكن سلبيتها ان سورية فوجئت بها من جهة ومن جهة ثانية كان لها تأثير سلبي على معنويات المقاتلين اللذين كانوا يتساءلوا ما دام السلم قادماا فلماذا التضحية حتى الموت
أكد عبد الحليم خدام ومنذُ الأيام الأولى للقتال أن الخطة العسكرية والسياسية المتفق عليها بين قيادتي سورية ومصر كانت تسير بالاتجاه الصحيح, الا أن تعقيدات الوضع الدولي وامور اخرى غيرت مجرياتها الا وهي
- لم يتم تنسيق العمليات وتبادل المعلومات خلال العمليات القتالية وفق الخطة المتفق عليها اذ كانت الخطة العسكرية تقتضي بأن تتقدم القوات المصرية وتجتاز القناة ولا تقف الا بعد الاستيلاء على الممرات وأن تتقدم القوات السورية وتحرر الجولان بالكامل .
- إسراع الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم الدعم العسكري لإسرائيل أضافة إلى الضغط السياسي من أجل تجنب إسرائيل هزيمة كانت محققة.
3-الاتصالات المستمرة بين الولايات المتحدة الأمريكية في محاوله منهما للتوصل الى وقف اطلاق النار بناء على موقف انور السادات الذي يرغب بالتفاوض ووقف اطلاق النار.
4- رغم الاتفاق في الاستمرار في القتال , الا ان الخرق الإسرائيلي للجبهة المصرية واجتياز قناة السويس إلى الضفة الغربية أحدث اضطراب في موقف مصر السياسي والعسكري.
وفي 16 تشرين الأول 1973زادت الأمور سوءاً وبلغت ذروتها عندما بعث الرئيس المصري أنور السادات رسالة إلى الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وتضمنت عدة مطالب تكون مقترحات لوقف أطلاق النار وتحقيق السلام وكانت كالاتي
- انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة منذ عام 1967 وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني .
- إيقاف أطلاق النار وانسحاب إسرائيل فوراّ من جميع الأراضي العربية والاستعداد لحضور مؤتمر دولي.
- تطهير قناة السويس وفتحها أمام الملاحة العالمية وعدم استعداده قبول وعود غامضة .
نتيجة لذلك أستاء الرئيس حافظ الأسد من سياسة الرئيس أنور السادات وذلك لعدم أخباره بمشروعه بوقف أطلاق النار لأنهما كانا مشتركين معاً في الحرب اذ صرح عبد الحليم خدام عن ذلك قائلاً أن التوجه نحو السلم هو توجه عربي ولكن الانفراد بالحل توصلا إلى تسوية منفردة كان العرب بعيدين منه وان قرار الرئيس أنور السادات نحو وقف أطلاق النار يثير تساؤلا لدى الحكومات العربية نحن شركاء أو حلفاء أو ماذا ؟ واذا كنا شركاء فلماذا علينا تحمل أعباء المشاركة ولا يكون لنا نصيب القرار , معلناً رفض سورية للحلول الجزئية ومصرة على الحل الشامل المرتكز على الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية والضمان الأكيد لحقوق الشعب العربي الفلسطيني ,وأكد ان حرب تشرين الأول تعتبر أول نصر عربي وبعد أيام تحول النصر إلى حالة من الخوف والإحباط ثم تحول امل النصر إلى قلق من الهزيمة التي وقعت فعلاً ليس بسبب الخسارة العسكرية لكن بسبب الخسارة في العلاقات المصرية السورية التي اعطت الأمان لإسرائيل وزاد من عدائها على الأمة العربية
رد أنور السادات على رفض الرئيس حافظ الأسد ببرقية في16 تشرين الأول 1973 أخبره فيها بقبوله المساعي السوفيتية الأمريكية لوقف أطلاق النار وذلك ان الولايات المتحدة الأمريكية أمدت إسرائيل بالأسلحة والمعدات مشيراً إنني لا أخشى مواجهة إسرائيل ولكني أرفض مواجهة أميركا وأنني لن أسمح ان تدمر القوات المصرية مرة أخرى وإنني مستعد ان أحاسب أمام شعبي في مصروأمام هذا القرار
, لذلك اعلن عبد الحليم خدام في 17 تشرين الاول 1973من الإذاعة السورية ان أنور السادات لم يستغل عنصر المفاجأة بشكل جيد مع إسرائيل اذ كان يخطط لعمليات محدودة غرضه خوض حرب محدودة هدفها تحريك العملية السلمية وليس تحرير الأرض المحتلة
وفقاً لموقف الرئيس أنور السادات الذي يدل على موافقته على أنهاء الحرب ,اتفقت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي على وضع قرار لوقف أطلاق النار خلال أثني عشر ساعة وبتنفيذ قرار رقم 242 فبدأت المفاوضات السرية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي من أجل ايجاد تسوية بين الطرفين
رافق تلك التطورات تصاعد حدة القتال على الجبهتين السورية والمصرية التي على اثرها وجهت الحكومة الكويتية دعوة لعقد مؤتمر طارئ لوزراء النفط العرب لمناقشة دور النفط في المعركة الذي عقد في 17 تشرين الاول 1973 بحضور وفود عن الدول العربية المصدرة للنفط , فأتخذ المجتمعون قرارات من أهمها خفض انتاج النفط العربي الى نسبة 5% وتزداد بنسبة 5% اخرى لكل شهر ، الى ان يتم الجلاء عن الارض التي احتلتها اسرائيل عام 1967 واستعادة حقوق الشعب الفلسطينية وان يطبق هذا التخفيض على الولايات المتحدة الامريكية في المقام الاول وعلى الدول الصناعية الاخرى التي تساعد اسرائيل ,وعلى غرار ذلك اعلنت كل من السعودية والجزائر قطع النفط نهائيا عن الولايات المتحدة الأمريكية وتبعتها كل من الكويت وقطر والبحرين والامارات العربية المتحدة
اذ كان الهدف المباشر من القرار في حرب تشرين الأول هو تحرير الأراضي العربية المحتلة واستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة واعتبار أميركا المصدر الرئيسي الأول لدعم إسرائيل )65(, لذلك اعلنت رئيسة الوزراء جولد مائيرا ان قرار حظر النفط وضع حدود معينة لتصرفاتنا
أعتبر عبد الحليم خدام قرار حظر النفط على الولايات المتحدة جزءاً أساسياً من الحرب الشاملة التي اطلقتها أمريكا في حرب تشرين الأول ومشاركة شاملة للحكومات العربية التي وضعت نفسها وجهاً لوجه أمام الولايات المتحدة الأميركية ,وان قرار الحظر أربك الاقتصاد العالمي وترجع أهميته انه كان موجه ضد الولايات المتحدة ليصيب هدفها الاستراتيجي وهو النفط اذ أنها على استعداد لمواجهة الاتحاد السوفياتي أو أي قوة اذ تعرض النفط لخطر التوقف
امام قرار حظر النفط ولخشية الولايات المتحدة الأمريكية من التدخل السوفيتي في الحرب أمر الرئيس نيكسون وزير خارجيته كيسنجر ان يكون على أتصال دائم بسفير الاتحاد السوفياتي في واشنطن ومن جهة أخرى أرسل رسالة الى الزعيم السوفيتي ليونيد بريجينيف أقترح فيها موافقته على عقد جلسة لمجلس الأمن في محاولة للتوصل إلى وقف أطلاق النار ,وكذلك أكد وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر بأن الولايات المتحدة الأميركية لاتزال مستعدة لممارسة نفوذها من أجل تسوية النزاع العربي الاسرائيلي عن طريق التفاوض, و في 20 تشرين الأول 1973 توجه إلى موسكو وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار وان تقوم الدولتان بمباحثات السلام
وعـلـى اثـر ذلـك اجـتـمـع مـجـلـس الامـن الدولي فـي 22 تـشـريـن الأول1973 واصـدر قراره المرقم) 338( الـذي دعـا فـيـه الاطـراف كـافـه إلـى وقــف اطـلاق الـنـار وتــنـفيـذ الـقـرار رقـم242 , وقـد نـص الـقـرار على ما يلي
- يطالب مجلس الامن كل الاطراف في المعارك الحالية بوقف اطلاق النار ووضع حد عاجل للنشاط العسكري في ظرف اثنتي عشرة ساعة على الاكثر بعد اصدار هذا القرار وعند المواقع التي تحتلها.
- يطالب الاطراف المعنية بالبدء فورا بعد وقف اطلاق النار بتطبيق القرار رقم242 لعام 1967 بكل بنودة
-
- يقرر أن تجري مفاوضات بين الاطراف المعنية وتحت الاشراف المناسب من اجل إقرار سلام عادل ودائم في الشرق الاوسط.
وافقت مصر على وقف اطلاق النار في نفس اليوم الذي اصدر فيه القرار ,اما سوريه فرفضته فتوقف القتال لمدة اثنا عشر ساعه
عقب عبد الحليم خدام على قرار مجلس الأمن قائلاً : ان الولايات المتحدة الأمريكية حققت أهدافها وساعدها في ذلك موقف القيادة السياسية في مصر الذي تحول نوعيا من مرحلة الأعداد للحرب مباشرة إلى مرحلة الشعور بالعجز عن المتابعة والإعلان ان الحلول هي بأيدي الولايات المتحدة الأمريكية
لذلك عد عبد الحليم خدام ان حرب تشرين الأول 1973 أخطر تحول شهدته الأمة العربية في القرن العشرين لسببين أولهما أنها كانت محصلة التضامن العربي التي ساهم فيها العرب جميعاً بصورة مباشرة وغير مباشرة وبرزت مقدرتهم على الانتقال في مرحلة الدفاع وتلقي الضربات من إسرائيل إلى مرحلة المبادرة العسكرية وهي الحرب الأولى التي شنها العرب ضد العدوان الخارجي ولم يعهدوا مثلها من قبل من خلال أرسال القوات وإيقاف ضخ النفط , وثانيهما ان انفراد حاكم واحد باتخاذ قرارات تمس مصير الأمه كلها كانت لها نتائج خطيرة على العرب جميعاً ولاسيما الشعب الفلسطيني وأدى هذا القرار إلى أغلاق الطريق أمام حالة النهوض والتضامن وساهم في تعزيز قوة إسرائيل وموقفها
بعد ان وافقت مصر على وقف اطلاق النار ومن ثم الموافقة على القرار الدولي الذي فوجئت فيه سورية ,أجرى الرئيس حافظ الأسد أتصالاً بالرئيس المصري والمسؤولين السوفييت لموافقتهما بقرار وقف أطلاق النار معتقد ان موافقتهم عليه تعني الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة وعدم المساس بحقوق الشعب الفلسطيني ,ناهيك عن التريث السوري في قبول القرار معلنه عن خيارها الاستمرار بالحرب
ازاء ذلك اجرت سوريه سلسله من الاتصالات اجراها عبد الحليم خدام مع الحكومات العربية لمعرفة مدى دعمهم ومواقفهم حول صمود سورية واستمرارها بالقتال ,فتبينت مواقفها القلقة على استمرار سوريه في الحرب بعد موافقة مصر على قرار وقف اطلاق النار, لذلك حسم الرئيس حافظ الأسد الامر مع وزير خارجيته عبد الحليم خدام وعدد من المسؤولين ووافقوا على قرار)338 ( في 23 تشرين الاول 1973 , وتفهموه على انه يتركز على الانسحاب الكامل لإسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967 ومن بعده ضمان حقوق الشعب الفلسطيني وفقاً لقرارات منظمة الأمم المتحدة
فعلى الرغم من اعلان اسرائيل الموافقة على وقف اطلاق النار إلا أن قواتها قامت بشن هجمات واسعه النطاق على الجيش المصري في قناة السويس، مما ادى إلى اصدار مجلس الامن قرارة رقم 339 والذي تضمن التأكيد على قراره السابق 338، لكن إسرائيل لم تنفذ قراري مجلس الامن السابقين
- مما ادى إلى دعوة المجلس إلى الانعقاد مرة اخرى للبحث من جديد في امر تمرد إسرائيل على قراراته وانتهت المناقشة بإصدار المجلس قراره رقم) 340( في 25 تشرين الاول 1973 والذي طالب فيه بوقف اطلاق النار وقفا كاملا وفوريا واقامة قوة طوارئ دولية تابعة للأمم المتحدة, وتكليف الامين العام بتشكيلها ونص على مهامها في تنفيذ القرارات 338 و 339 وتنفيذ وقف اطلاق الناروبعد وقف اطلاق النار ظهرت الحاجة إلى عقد مؤتمر قمة عربي للحفاظ على وحدة الموقف العربي المساند لسورية ومصر, ورافق ذلك مطالبة منظمة التحرير الفلسطينية بأن يكون لها الحق في تمثيل الشعب الفلسطيني في مؤتمر السلام
وعلى اثر ذلك وجه كل من الرئيس السوري حافظ الاسد والرئيس المصري انور السادات دعوات للرؤساء والملوك العرب لعقد مؤتمر قمة عربي الذي تم عقده في الجزائر في 26 تشرين الثاني 1973 فحضر عبد الحليم خدام إلى جانب الرئيس حافظ الأسد كما حضره ملوك ورؤساء الدول العربية الاخرى, والذي طرح فيه عدة مقررات من أهمها ان وقف أطلاق النار ليس هو السلام فالسلام يستلزم توفير شرطان هما انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس والثاني استعادة حقوق الشعب الفلسطيني وان تكون منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني – في مؤتمر السلام المقبل في جنيف
وتنفيذاً لقرارات مؤتمر القمة العربي الذي دعى الى قيام وزراء الخارجية العرب بشرح مقررات المؤتمر المذكور, توجه عبد الحليم خدام الى اليابان والفلبين لتنفيذ ذلك, حيث التقى في 7كانون الاول 1973 بالرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس وناقش معه النتائج التي حققتها حرب تشرين على الرأي العام العالمي واكد له ان هذه الحرب أعطت للعرب مكانة تناسب مع حجمهم الطبيعي في واقع السياسة الدولية وأبرزت الأمة العربية كإحدى القوى الرئيسية المؤثرة في السياسة الدولية , شارحاً الأسباب التي أدت إلى قيام حرب تشرين الأول 1973 والتي تعود إلى الأعمال العدوانية التي قامت بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني والأعمال الإجرامية التي قامت بها منذ عام1948 وحتى عام 1967 واحتلالها للأراضي العربية
أما في اليابان فقد أجرى عبد الحليم خدام يوم 14 كانون الاول 1973اجتماعات مع رئيس وزراء الياباني كاكويه تاناكا أوضح خلالها طبيعة النزاع العربي الصهيوني وبين مخاطر إسرائيل على العالم وحضارته نتيجة لتعنتها وتجاهلها لكل مقررات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية وأبدى المسؤولين اليابانيين تأييدا لوجهة نضره وأعلنوا تأييدهم الكامل للموقف العربي في تحرير الأراضي المحتلة التي أحتلت منذ عام 1967, ومن خلال ما تقدم يتضح لنا مساعي ودور عبد الحليم خدام تجاه الحرب في نقل قضية العرب ومظالم العدو الإسرائيلي إلى مختلف أنحاء العالم
ان موقف القيادة السورية ضد إسرائيل خلال الحرب زاد من نفوذها في الداخل والخارج ومنح الرئيس السوري مركز زعيم كبير في العالم العربي وان هذا المركز والقوة العسكرية المتصاعدة رفع سورية إلى درجة ,لا يمكن تجاهل موقفه على الصعيد العربي أو تحييده بسهولة وهذا بدوره رفع من أمكانيات عبد الحليم خدام الذي كان حلقة وصل بين بلاده والبلدان العربية الأخرى لحل القضايا السياسية ونقل قضية بلاده وما يدور على الساحة العربية إلى مختلف أنحاء العالم وإيضاح مظالم إسرائيل إزائها وهذا يتفق مع مسؤوليته في السياسة الخارجية السورية التي اتضح معالمها ازاء مسيرة التسوية للنزاع العربي الاسرائيلي الذي طالب بتحرير الاراضي العربية المحتلة من ايدي الغاصبين واعادة الحقوق للشعب الفلسطيني